سورة النصر

الجمعة ٢٥ - أغسطس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
ما معنى دخول الناس فى دين الله ( افواجا ) ؟ ومن هم الناس فى الاية ؟ وهل كان للنبى ذنوب حتى يستغفر ؟
آحمد صبحي منصور :

قال جل وعلا يخاطب النبى محمدا عليه السلام : ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3) النصر ). ونتدبرها سريعا :

1 ـ النصر والفتح هنا هو فى دخول الناس فى السلام أى الاسلام السلوكى ، وهو ما رآه النبى محمد عليه السلام بعينيه من توافد قبائل العرب عليه تاركين ما إعتادوه من غارات وحروب بينهم . النبى لا يعلم غيب القلوب ولا ما فى السرائر . أى إن الاسلام القلبى بالتسليم للخالق جل وعلا وحده وتقواه لم يره فيهم ، ولم يكن يعلمه فيهم ، وهو حتى لم يكن يعلم الذين مردوا على النفاق من أصحابه أقرب الناس اليه ، من جواسيس قريش الذين هاجروا معه وظلوا الى جانبه ( خلايا نائمة ) . قال له ربه جل وعلا : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)  التوبة ). هم صحابة الفتوحات الكافرة ، وعلى رأسهم الخلفاء الفاسقون . ولأنه عليه السلام لم يكن يعلم الغيب فقد خدعه بعض أصحابه وجعلوه يدافع بالباطل عن مجرم ، بينما لفقوا التهمة لشخص برىء ، ولولا أن الله جل وعلا أظهر الحق ما كان النبى قد علم بالحقيقة . قال جل وعلا له : ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً (105) وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (106) وَلا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً (107) يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108) هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (112) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)  النساء ).

2 ـ ( الناس ) يأتى معناها حسب السياق . قد تعنى  :

2 / 1 : البشر جميعا مثل : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات ) (  رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9) آل عمران )

2 / 2 : البشر من وقت نزول القرآن الكريم الى نهاية الزمان الدنيوى ، كقوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) فاطر ) ،  ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) فاطر )، (   يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)  النساء ). الخطاب هنا ليسس للبشر الموتى قبل نزول القرآن الكريم ، بل لمن عاش وقت نزول القرآن ومن أتى ومن سيأتى بعدهم الى قيام الساعة .

2 / 3 : بعض الناس فى زمان محدد ومكان محدد وظروف محددة ، كقوله جل وعلا : (  قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً )  (41)  آل عمران ) (  وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ (46)  آل عمران )  (  الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)  آل عمران ). فى هذه الآية ترى ( الناس ) الأولى هم المؤمنون أما ( الناس ) الأخرى فهم المشركون الكافرون . وفى سورة النصر : ( وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2)   ) الناس هم وفود العرب فى زمن محدد ومكان محدد إذ جاءوا للنبى محمد أفواجا يعلنون دخولهم فى الاسلام السلوكى .

3 ـ ( أفواجا ) جاءت :

3 / 1 : فى الدنيا وصفا لتوافد الناس على النبى داخلين فى الاسلام السلوكى .

3 / 2 ـ فى الآخرة وصفا للبعث والحشر . قال جل وعلا : ( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً (18) النبأ ) ، ومنه قوله جل وعلا : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) النمل )

4 ـ النبى محمد عليه السلام كان يخطىء ، وينزل القرآن الكريم بعتابه ولومه وبأمره بالاستغفار . قال له ربه جل وعلا فى خطاب مباشر : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ   ) (19) محمد )،  ( وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (106)  النساء )



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1533
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4985
اجمالي القراءات : 53,492,219
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


Woman’s rights: About the right of the woman you said: I pray in a Moroccan mosque here in Wuppertal,...

مسألة ميراث: السل ام عليكم ورحمه الله وبركا ته بارك...

المحرمات فى الزواج: هل بنات الأخ و الأخت من الرضا عة تدخل في...

هنيئا له بجهنم : يوج د عالم شيعي كبير في العرا ق ارتد عن...

الطيور والتطير: تكلمت عن المصط لح القرآ نى ( تطير ) بمعنى...

خطبة الجمعة: لماذا انقطع الدكت ور احمد عن محاضر ات ...

المستبد ولى الشيطان: نرى في دول المست بدين العرب انهم يسعون...

ليلة النكد لا الدخلة: د. أحمد. أرسلت لك رسالت ى هذه من عامين...

نقد للموقع : 4-إسمح لي أن أنتقد الموق ع (على استحي اء)(و ...

يتوبون من قريب: افيدو ني افادك م الله.. انا من 5سنين كدة كنت ف...

الموالد: لماذا تأخذ هذا الموق ف المتش دد فى تحريم...

منبع الشّر والخير .؟: أنا من الذين أومن بالمن هج القرآ ني والله...

عائشة قائدة المعركة: فى بحث لك عن حق المرأ ة فى رئاسة الدول ة ...

ميراث الولد العاق: هل من الجائ ز قرأني ا حرمان الابن العاق من...

يشاق ويشاقق: هل هناك فرق بين الكلم تين القرآ نيتين (...

more