د. جابر عصفور: ٩٠ ألف إمام وخطيب يدعون فى المساجد إلى إغلاق المخ

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٠ - سبتمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


د. جابر عصفور: ٩٠ ألف إمام وخطيب يدعون فى المساجد إلى إغلاق المخ

 

د. جابر عصفور: ٩٠ ألف إمام وخطيب يدعون فى المساجد إلى إغلاق المخ

  حوار   سحر المليجى    ١٠/ ٩/ ٢٠٠٩

تصوير: محمد عبد الوهاب

جابر عصفور

 

على الرغم من أنه صاحب نظرية أن الأدب المصرى والعربى يعيش حاليا عصر الرواية، فإن الناقد الكبير الدكتور جابر عصفور يكشف ربما للمرة الأولى أن الشعر حبه الأول. ولا يجد عصفور حرجا فى أن يعلن انحيازه للتيارات الشعرية الجديدة فى مصر لكنه فى الوقت نفسه يحمل الشعراء مسؤولية تراجع الشعر إلى المرتبة الثانية ولا يغفل أن يحمل المجتمع وحالته الاقتصادية السيئة جزءا كبيرا من المسؤولية.

 

ويقول الدكتور جابر عصفور فى حواره مع «المصرى اليوم» إن المركز القومى للترجمة سيصدر عنه قريبا الكتاب الأول لمؤلف إسرائيلى بعد ترجمته دون التطبيع مع إسرائيل... وإلى نص الحوار

■ كتابك الأخير فى محبة الشعر، ما الرسالة التى كنت تريد أن تبثها من خلاله؟

- الشعر بالنسبة لى حبى الأول، وقد دخلت الأدب من باب الشعر، على الرغم من أننى ألفت كتاب «زمن الرواية» الذى أثار ضجة كبيرة.

■ ما رأيك فى الحالة الشعرية الموجودة حاليا، وهل أثرت القصيدة النثرية سلبا على وجود فن الشعر وعلى تذوق الجمهور الأدبى له؟

- لا، لم يؤثر وجود القصيدة النثرية على تذوق الجمهور للشعر، لأنها أحد أشكال هذا الفن، والشعر شعر مهما اختلفت أشكاله فهو لغة مكثفة إلى أبعد حد، والتى لا تخلو من إيقاع سواء كانت قصيدة نثر أو تفعيلة، فالمهم هو المحتوى الشعورى الذى ينبثق منه الشعر.

■ هل رسخت القصيدة النثرية وجودها فى الذوق الأدبى العام للشعب المصرى؟

- بعض الناس تقول للأسف نعم، ولكنى أقول من حسن الحظ نعم، القصيدة النثرية تفوقت على القصيدة التفعيلية الموجودة لأن الشاعر فيها يكون أكثر حرية رغم كونها أكثر صعوبة.

■ ما الذى أدى إلى تأخر الشعر؟

- المشكلة فى تقديرى هى الشاعر، ولو وجد شاعر متميز وقادر على إحداث تغيير فى جمهور القراء، سواء أكان صاحب قصيدة نثر أو تفعيلة، سيفتح للشعر الآفاق المغلقة، وسيعيده إلى سابق عهده، ولا يمكننى أن أنكر وجود شعراء «كويسين» مثل عبدالمنعم رمضان وحلمى سالم ولكن ليس عندنا محمود درويش.

■ هل ما زلت مقتنعا بأننا نعيش فى زمن الرواية؟

- نعم بالطبع، وكلما تمر الأيام يزداد يقينى بأننا ما زلنا نعيش زمن السرد وخاصة الرواية.

■ ما تقييمك للحالة الثقافية فى المجتمع المصرى الآن؟

- حالة صراع بين تيارات متعددة وإشاعة لغة العنف فى الثقافة على نحو لم يكن موجودا، بالإضافة إلى اختلاط القيم، والدليل على ذلك المسلسلات التى يعرضها التليفزيون المصرى الآن، لو استثنينا ٣ أو ٤ كتاب، سنجد البقية لا علاقة لها بالتأليف أو الكتابة، بل إنها «تجيب تخلف عقلى للمشاهدين»، فالأغلبية لا علاقة لها بالفن الروائى على الإطلاق، نفس الأمر بالنسبة للكتب الفكرية، فلا يوجد محصول فكرى حقيقى، حتى إننى لم أقرأ كتابا فكريا لمؤلف مصرى يهزنى فعلا خلال العام الحالى.

■ ما أسباب هذا التدهور؟

- للعديد من الأسباب فنحن مازلنا فى مراحل انتقالية، وهناك ضغوط من جانب الجماعات الإسلامية السياسية لتضييق حرية الإبداع إلى أبعد حد، بالإضافة إلى تضييق الحريات من جانب الدولة، حتى إن كل الحريات الموجودة فى الوطن العربى لا تكفى مفكرا واحدا كما قال يوسف إدريس من قبل، وحتى يزدهر الأدب والفكر لابد من وجود مناخ يتسم بالحرية الكاملة، السياسية والفكرية الدينية والاجتماعية.

■ متى يمكن أن يحدث ذلك؟

- عندما تكون هناك مؤسسات مدنية ديمقراطية حقيقية، تعترف ديمقراطيتها بحق الآخر فى الاختلاف والمغامرة ووجود تيارات متعددة، وإن وجدت لن نجد اعتراضات عند اختيار شخص ما للحصول على جائزة الدولة التقديرية أو نجد شيخا يرفع دعوى قضائية ضد مؤلف يتهمه بالكفر.

■ التدهور الثقافى المجتمعى يؤكد عدم قيام وزارة الثقافة بدورها؟

- الدور التثقيفى للمجتمع ليس مقصورا على وزارة الثقافة وحدها وإنما على ٥ وزارات منها الثقافة، والإعلام والتعليم، والأوقاف، ولا يمكن أن نغفل ٩٠ ألف خطيب وإمام مسجد يدعون إلى إغلاق المخ، كما أن وزارة الثقافة لا تمتلك أدوات التثقيف لأنها تختلط مع باقى الوزارات الخمس، وحتى تحدث ثورة ثقافية حقيقية، لابد من وجود وعى سياسى ناضج جدا، وقرار سياسى حاسم وإستراتيجية واضحة تنقل الناس من ظلام الفكر إلى إنارة العقول.

■ أيها أكثر استيعابا للحركة الإبداعية، المؤسسات الحكومية أم دور النشر الخاصة؟

- دور النشر الخاصة تتمتع بحرية أكبر من المؤسسات الحكومية، والأعمال الإبداعية التى تنشرها دور النشر الخاصة تتمتع بحرية أكبر بكثير جدا من الحريات المتاحة فى الروايات التى تصدرها الهيئة العامة للكتاب.

■ ننتقل إلى المركز القومى للترجمة.. ما نوعية الكتب التى يترجمها؟

- كل الكتب الإنسانية التى تخدم فكر المواطن ليكون مواطنا عالميا، يعرف ما يحدث حوله فى العالم، لهذا ننشر كتبا فى كل المجالات، التى تتحدث عنا وضدنا، على أن ننشر مقدمة نكشف فيها ما يتكلم عنه الكتاب مثلما حدث فى رواية الإرهابى.

■ كم كتابا تمت ترجمته منذ عام ٢٠٠٧ حتى الآن؟

- ١٥٠٠ كتاب من أكثر من ٣٠ لغة.

■ ماذا عن أعمال المركز؟

- من المقرر صدور ٤٠ كتابا جديدا خلال الشهر المقبل، وخلال الأيام المقبلة سيصدر أول كتاب لمؤلف إسرائيلى تم ترجمته إلى اللغة الإنجليزية ونقلناها عن اللغة الوسيطة بعد ٤ سنوات من الجدل المثار حول كيفية تطبيق اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية، دون التطبيع مع إسرائيل.

■ لكن ترجمة الكتب الإسرائيلية أثارت جدلا واسعا.. ما تقييمكم للجدل المثار؟

- اعتدت على هذا الجدل منذ عملى بالمركز القومى للترجمة، وأنا من المؤمنين بمقولة «من عرف لغة قوم أمن شرهم» كما أننى مؤمن بشعار عبدالناصر بعد هزيمة ٦٧ «اعرف عدوك»، وعلى هذا الأساس تمت ترجمة مجموعة من الكتب لنتعرف على عدونا، وعندما أنشأت المشروع القومى للترجمة ترجمنا مجموعة من الكتب العبرية وساعدنى فيها الدكتور إبراهيم البحراوى من جامعة عين شمس والدكتور محمد خليفة من جامعة القاهرة وكنا ننشرها من خلال مركز الدراسات الملحق بجامعة القاهرة وعين شمس إلى أن وقعت مصر على الاتفاقية الدولية لحماية الملكية الفكرية، ولأننى من الرافضين للتطبيع مع إسرائيل لأنها دولة متوحشة مثلى مثل كل المثقفين، لهذا توقفنا عن الترجمة من العبرية، لأنها تحتاج إلى اتفاق مع ناشرين إسرائيليين، ولجأنا إلى الترجمة من خلال لغة وسيطة، وقدمنا مشروعا لترجمة أفكار المؤرخين الجدد فى إسرائيل وهم مجموعة إسرائيلية تعارض الفكر الإسرائيلى وسيصدر أول كتاب فى هذا المشروع قريبا جدا.

■ ألا تعتقد أن رأيك هذا قد يضر وزير الثقافة ويهدد فوزه برئاسة اليونسكو؟

- هذا القرار ليس قرارى ولا قرار وزير الثقافة وإنما هو سياسة المركز، وهذه الضجة التى أثيرت منذ عام فقط غير مبررة لأننا نسعى لإيجاد حلول لها منذ عام ٢٠٠٥ بعد توقيعنا على اتفاقية حقوق الملكية الفكرية.

■ ماذا عن الكتاب الرافضين ترجمة كتبهم إلى العبرية؟

- أنا معهم، فمازال دم شهداء غزة لم يجف بعد، فلماذا نسمح لإسرائيل بترجمة كتبهم.

■ ماذا تمثل لك جائزة الدولة التقديرية، بعد أن حصلت عليها؟

- كانت أول جائزة كبيرة أحصل عليها من بلدى لذلك سعدت بها كثيرا جدا، خاصة أننى كنت المشرف على جوائز الدولة التقديرية لمدة ١٥ عاما، ولم أكن أقبل أن ترشحنى أى جهة للحصول عليها، وسعادتى الكبرى أننى حصلت على أكبر عدد من الأصوات التى حصل عليها أى فائز بالجائزة من قبل.

■ هل كل حاصل على جائزة الدولة التقديرية يستحقها؟

- الأغلب بالتأكيد، والدليل على ذلك أن أغلب الحاصلين عليها أسماء كبيرة مثل لويس عوض وصلاح عبدالصبور ويوسف إدريس، وجمال الغيطانى وإبراهيم عبدالمجيد.

■ كيف ترى أحوال المثقفين المصريين؟

- يعيشون حالة من العنف، ولو اختلفت مع أى منهم فى الرأى سرعان ما يتحول إلى عدو ومن ثم يحدث صراع، لأننا لا نؤمن بحق الاختلاف، ويبدو أننا انتقلت إلينا عدوى الحكومة والتى تتحدث عن الديمقراطية دون أن تطبقها.

اجمالي القراءات 4499
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق