انا عانس سوداء

الإثنين ١٤ - أغسطس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
اسمح لى يا استاذ افضفض لك باللى جوايا . أنا فتاة عانس سودة . ربنا خلقنى سودة فحمة . إيه ذنبى أن خلقنى ربنا كده ؟ . دى عقدتى النفسية وأتمنى لو كنت بيضة أو حتى سمرا قمحية . ساعات أقول لنفسى اننا مخلوقين مظلومين ، واحيانا استغفر ربنا . بس ده هو إحساسى ..هل انا غلطانة ؟
آحمد صبحي منصور :

أولا :

 1 ـ إختلاف ألوان البشر وألسنتهم من آيات الله جل وعلا ، قال جل وعلا : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ )( 22 ) الروم ) .

2 ـ آيات الله جل وعلا هنا تتجلى فى تنوع وتدرج ألواننا ، فى اللون ليس فقط الأسود والأبيض والأحمر والأصفر بل أيضا فى درجات مختلفة . وايضا فى الألسنة ، هناك لسان اساس ، ثم تتفرع عنه لهجات ، بل وتتفرع اللهجة الواحدة الى لهجات محلية . وهذا معروف على مستوى الدول وفى داخلها .

3 ـ ألوان البشر ضمن حتمية الميلاد . فالله جل وعلا هو الذى يحدد ملامح كل شخص من وقت أن كان جنينا فى رحم أمه ، وهذا يشمل اللون . قال جل وعلا : (  هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) آل عمران ).

4 ـ الانسان ليس مسئولا عن لونه أو شكله أو ملامحه . الحتميات تشمل الميلاد والموت والرزق والمصائب ، وهى أقدار لا مهرب ولا مفرّ منها . وهى مُحدّدة بالوقت الذى يعيشه الفرد وعُمره فى هذه الحياة الدنيا ، وعُمر الانسان مهما طال فهو قصير ، بل يتقاصر بمرور الزمن من طفولته الى موته . والحتميات هذه إختبار وإبتلاء لكل فرد فى تلك الحياة القصيرة. وربُ فتاة شقراء رائعة الجمال وهى شقية بجمالها .

5 ـ ولكن الانسان فى حياته القصيرة له حرية الاختيار فى أن يؤمن بالله جل وعلا وحده إلاها وبالقرآن الكريم وحده حديثا / أو أن يؤمن بالله وأولياء مقدسين وآلهة أخرى معها ، وأن يؤمن بالقرآن ويؤمن بأحاديث أخرى معه . الفرد هو الذى يقرر مصيره فى الآخرة . هو الذى يقرر أن يدخل الجنة إذا شاء ، إذا قرر أن يتقى الله جل وعلا فيؤمن به جل وعلا وحده وأن يؤمن بالقرآن الكريم وحده حديثا وأن يتمسك بهذا متقيا حتى موته فإن الله جل الذى لا يخلف وعده سيدخله الجنة . وإذا قرر صراحة أو ضمنا أن يعيش على هواه عاصيا فاسقا غير آبه بالآخرة فقد ضمن لنفسه الخلود فى الجحيم بإرادته ، وما ظلمه الله جل وعلا بل هو الذى ظلم نفسه .

6 ـ ينعكس هذا على موضوع اللون : فلون الانسان فى هذه الدنيا حتمى ، يحمله طيلة حياته القصيرة . أما لونه فى الآخرة فهو حسب إختياره . إن شاء أن يكون متقيا وعمل صالحا فسيكون وجهه فى الآخرة أبيض منيرا مضئيا وهو خالد فى الجنة . إن شاء الغواية والضلالة فسيكون وجهه مسودا مظلما وهو خالد فى النار . هذا بغضّ النظر عن لون  وجهه الذى كان يحمله فى الدنيا .

6 ـ إقرئى يا ابنتى العزيزة قول ربك جل وعلا :

6 / 1 : ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) آل عمران ).

6 / 2 :(  لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنْ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) يونس ).

6 / 3 : (  وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (61) الزمر ).

6 / 4 : (  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)  القيامة ).

6 / 5 : (  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42) عبس  ).

6 / 6 : (  إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) المطففين ).

6 / 7 : (  هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (6) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10)  الغاشية ).

أخيرا

إبنتى العزيزة :

1 ـ ماذا تريدين أن يكون لون وجهك يوم القيامة ؟

2 ـ أنه قرارك ، وإنه مصيرك ، وإنه مستقبلك الذى سيكون خالدا .!!



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1481
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4985
اجمالي القراءات : 53,499,099
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


إلا وسعها : ما معنى ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها )؟ ...

عن الفرس والروم: يقول ان العلم انيين فى ايران وغيره ا يرون...

أخلاق السنيين .!!: علي عمر سكيف : هل أنت حقير إلى هذه الدرج ة ...

منع المشركين من الحج: ما معنى يا أيها الذين آمنوا إنما المشر كون ...

طالوت وجالوت: ما هى صلة قول الله سبحان ه وتعال ى : (تِلْ َ ...

الماسونية : هل سبق و بحثت أو تساءل ت حضرتك عن الماس ونية ...

الختان والحلاقة: أعجبن ى الفيد يو بتاع حضرتك عن ختان الذكو ر ...

ايمان العوام : كنت أسمع من والدى الدعا ء بأن يموت على إيمان...

الوصية هى الفرض : ختم الله تعالى إحدى آيتى الموا ريث فى...

ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : دكتو ر احمد انا بحثت في...

التوبة هى الحلّ: الحم د لله, وشكرا لك, شيخنا الفاض ل أتأسف...

الله جل وعلا اعلم : لقدد هددني شخص بلقتل وانا في الفند ق بان افعل...

نشر / نشور: هل كلمة ( نشر ) فى القرآ ن الكري م تعنى النشر...

الصلوات الخمس : هل يوجد في القرا ن الكري م عدد الصلو ات ...

لا حول ولا قوة إلا .: ما مدى صحة قول لاحول ولا قوة الا بالله ؟...

more