تدبر في كتاب الله :
النار يوم القيامة على الارض

غسان مغارة Ýí 2023-02-07


جهنم يوم القيامة سوف تكون على الأرض
هذا مجرد اجتهاد، الهدف منه زيادة تدبرنا لكتاب الله وزيادة الوعي بما في هذا الكتاب العظيم من حقائق ومعارف لا حدود لها، فأهل الذكر يهتمون بالقرآن الكريم بأعتباره هو الذكر الذي امرنا الله تعالى بالتمسك به وترك الإفك الذي يلصقه به الأفاكون ،
المزيد مثل هذا المقال :

نحن امة اصبحنا ضحية اساطير سطرت وخرافات ألفت واكاذيب نسجت، منها اكاذيب من اجل افساد عقائد الناس او تشويه الدين الاسلامي الحنيف ومنها اكاذيب واساطير هدفها اما الكذب في حد ذاته او أسباب اخرى غير معلنة، وكأن هذه الامة تفرقت الى مذاهب وفرق وطوائف فقط لكي تكذب على التاريخ وعلى الناس فقصص الانبياء غيروا فيها وافسدوا في مقاصد العبرة منها والاستفادة من احداثها المترابطة ليحولوها الى دراما لاحداث خيالية قد لا تخلوا هذه الاحداث المفبركة والاحاديث المنسوبة للنبي الكريم من روح الفكاهة والطرفة احيانا كثيرة، وفي غالبها كلام غير منطقي وغير مترابط مع بعضه البعض وتشمئز منه نفوس اولوا الالباب والمؤمنين، وها هي اليوم كأمة تسمي نفسها اسلامية ترسم كل يوم طريق الابتعاد عن الحقيقة بشهادة التاريخ وبشهادة كل جزء من جزئيات هذا الدين الحنيف، كما انهم اعلنوا الحرب على كتاب الله عزوجل وما فيه سواء كان تشريع او قصة او علم من علومه المختلفة ٠
اما التدبر في القرآن الكريم فقد اباحه الله عزوجل وذلك من اجل اكتشاف ما فيه من العلوم والمعارف والحقائق وليس ابتداعها وسواء اخطا المتدبر او اصاب فهو لا يتجاوز اطار التدبر والبحث والاستزادة من معارف كتاب الله التي لا تنتهي ، وعليه فكل من يتمسك بكتاب الله لا يضيف لكتاب الله شيء كما يفعل اهل الضلالة والافتراء باعتمادهم على مبررات غير منطقية كصحة النقل او الاجماع ، فأهل الذكر يعتمدون على صلابة ايمانهم الكامل والقوي بكتاب الله كأصلا للدين ولذلك يتدبرونه للاستفادة منه في مسائل الايمان والدعوة ، وكم من حقيقة ومعرفة وعلم جديد وجده آهل الذكر بالتدبر، فالشفاعة مثلا والتي يؤمنون بها في ما يسمى بالسنة يتبين للمتدبر انها مرفوضة في كتاب الله عزوجل شكلا ومضمونا بصريح الآيات الكريمة وان ما يعتقدونه دليلا من الكتاب على شفاعة النبي الكريم يوم القيامة هي في الحقيقة رفضا وانكارا صريحا لها ، تجد ايضا انه وفي ظل رفضهم وانكارهم لحب التعرف على الله بالسؤال عن ذاته وملكوته تجد ان الله سبحانه لم يمنع او يحرم هذا في آيات كتابه العزيز بل ذكر لنا ان هناك من هم خبراء بالله فقال عزوجل ( فسئل بالرحمن خبيرا) وما ايمان ابراهيم عليه السلام بالله الا نتيجة لتساؤلات عفوية وساذجة عن ذات الله وصورته فاوصلته الى قمة التوحيد حتى اصبح رمزا للحنيفية وخليلا لله عزوجل ، قال تعالى عن ابراهيم عليه السلام {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)} [الأنعام : 76-79]
وقال تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء : 125]

، وفي ظل تصوراتهم ومعتقداتهم الراسخة عن الله عزوجل بأنه متجسدا في صورة مشابهة لصورة الانسان كقولهم الكرسي هو موضع القدمين تعالى عما يصفون علوا كبيرا تجد في كتابه سبحانه ان الله ليس كمثله شيء ولذا لن يتصور المؤمن لله صورة ابدا لأن مقياس المقارنة منتفي وليس له وجود ، وبما ان صفات الله عزوجل مطلقة فالحقائق في كتاب الله سبحانه هي ايضا مطلقة ولن تنتهي ولن ينضب كتاب الله من مدنا بالمعارف الى يوم القيامة قال تعالى {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف : 109]
، وعليه فإن التدبر والتفكر في كتاب الله يزيد المؤمن ايمانا بما يلاحظه من حقائق توسع معرفتنا بعظمة الله عزوجل ويرتقي بالوعي عند المؤمن للدرجة التي يعي فيها مواضيع كانت عنده محل شك وكانت تسبب له احباط في مسائل الايمان والعقيدة، وعلى سبيل المثال ومن باب التدبر يرى البعض ان الجنة التي عاش فيها آدم وزوجه عليهما السلام لم تكن جنة الخلد التي في السماء بل كانت جنة او بستان او حديقة على الارض كالتي ذكرت في القرآن مرات كثيرة من الجنان الارضية على سبيل المثال ﴿۞ وَٱضۡرِبۡ لَهُم مثلًا رَّجُلَیۡنِ جَعَلۡنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَیۡنِ مِنۡ أعناب وَحَفَفۡنَـٰهُمَا بنخل وَجَعَلۡنَا بَیۡنَهُمَا زرعًا ﴾ [الكهف ٣٢] وبالطبع كل الدلائل في كتاب الله عزوجل تؤكد ذلك ولكن ليس هذا هو موضوعنا في هذا المقال انما موضوعنا في هذا المقال هو ما يشير اليه كتاب الله عزوجل من ان النار التي وعدها الله عزوجل للكافرين هي على الارض وليست في السماء حيث ستتحول الارض من ذلولها وسلامها وهدوئها الى حال آخر من الرعب والخوف والعذاب قال تعالى {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [ابراهيم : 48]
سوف تتفجر براكينها في البحار وعلى اليابسة وقد تتفتح من خلال هذه البراكين فتحات او فوهات ضخمة تمثل ابواب للنار قال تعالى ﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ﴾ [التكوير ٦.﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ﴾ [الانفطار ٣] وقال جل وعلا ﴿لَهَا سَبۡعَةُ أَبۡوَ ٰبࣲ لِّكُلِّ بَابࣲ مِّنۡهُمۡ جُزۡءࣱ مَّقۡسُومٌ﴾ [الحجر ٤٤]. وكما يعلم الجميع ان مادة البراكين هي حجارة منصهرة ، قال تعالى ﴿فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُوا۟ وَلَن تَفۡعَلُوا۟ فَٱتَّقُوا۟ ٱلنَّارَ ٱلَّتِی وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَـٰفِرِینَ﴾ [البقرة ٢٤] وقال الله عزوجل ايضا ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ قُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِیكُمۡ نَارࣰا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَیۡهَا مَلَـٰۤىِٕكَةٌ غِلَاظࣱ شِدَادࣱ لَّا یَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَاۤ أَمَرَهُمۡ وَیَفۡعَلُونَ مَا یُؤۡمَرُونَ﴾ [التحريم ٦] وهذا دليل على ان مادة النار وحدها بدون الناس الذين سوف يلقون فيها هي من الحجارة المنصهرة وهذه هي مادة البراكين
ولنعلم شيئا آخر مهم هو ان النار يوم القيامة درجات وهذا ما يفسر حديث الناس وحركتهم بين النار وشراب الحميم فليس كل الناس في النار يعذبون في نفس المكان وبنفس الدرجة ومن حيث الدرجات فهناك من هم في الدرك الاسفل من النار مثل المنافقين وهذا يفسر ان في النار اماكن اخرى ليست في الاسفل يعني قد يكون المشهد والله أعلم ان هناك من يعيشون على هذه الارض في اماكن منبسطة وليسوا في وسط البراكين الملتهبة بل يمكن ان تكون اماكن اقل في العذاب بما يتيح لهم الحوار والنقاش والعتاب لبعضهم بعضا قال عزوجل.{قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (97)} [الشعراء
وقال الله سبحانه ايضا ﴿یَطُوفُونَ بَیۡنَهَا وَبَیۡنَ حَمِیمٍ ءَانࣲ﴾ [الرحمن ٤٤] ومن المعلوم ان للبراكين عيون ساخنة مصاحبة لها او قريبة منها، ومن الدلائل الهامة على ان النار يوم القيامة لن تتعدى الارض هو ان الله تعالى لم يذكر في كتابه شيئا يدل على نقل الناس من مكان حسابهم وهي الارض الى جهنم في السماء كما كنا نفهم قال جل وعلا {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الزمر : 69] وقال عزوجل {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ۚ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ (23)} [الفجر.
ولكلمة وجيء يومئذ بجهنم دلالة على عدم الانتقال من الارض او مكان الحساب وقال جل وعلا {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ۗ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [يونس : 54]. وهذه الاية ايضا تدل على وجودهم على الارض فلوا كانوا في السماء لما ذكرت الارض من باب الافتداء من العذاب بهذه الصيغة ، ايضا هذه الاية الكريمة تدل على وجودهم في الارض وقت العذاب قال تعالى {يُبَصَّرُونَهُمْ ۚ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ (14) كَلَّا ۖ إِنَّهَا لَظَىٰ (15) نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ (17)} [المعارج ومن في الارض جميعا جملة تؤكد حسابهم وعقابهم على الارض.
ومن المعلوم علميا ان المناطق البركانية على الارض تكاد تكون محيطة بسكان الارض من كل جانب كما ان هذه البراكين تكاد تكون مستمرة الثوران فهناك البراكين النشطة وهناك براكين اخرى غير نشطة ولكنها تنفث ابخرتها وغازاتها بشكلٍ دائم لتثور احيانا وعلى فترات متفاوتة قال تعالى {يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) )} [العنكبوت .وهنا نجد الاية تتحدث على الكافرين الذين يستعجلون بالعذاب يوم القيامة لعدم ايمانهم بها وتصديقهم للأخرة فكان الرد انها محيطة بكم ايها الكافرون في الدنيا ولكنكم لا تعلمون هذا الامر وما يؤكد ذلك هو قوله تعالى {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ۗ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [الشورى : 18] بل ذكر انه عندما تتم العدالة الربانية والحساب الدقيق على اعمال الناس يتركون فيها جثياً قال تعالى {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} [مريم٠ ولكلمة (واردها) تدل على ان جميع الناس سوف يكونون في ارض المحشر وهي هذه الارض عندما تستعر وتتجهز لتتبدل الى جحيم وحينها سوف ينجي الله عزوجل الفائزين بالخروج من هذه الارض لتتفتح لهم ابواب السماء، وكلمة ( ونذر الظالمين) فيها دلالة اخرى تبين بقائهم المحتوم في الارض وقال جل وعلا {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الزمر : 61]
وعن تطابق صفات البراكين وصفات النار يوم القيامة قال تعالى {انطَلِقُوا إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انطَلِقُوا إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَّا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33)} [المرسلات٠ ونحن نرى بأم اعيننا البراكين الثأرة وهي ترمي بالصخور مختلفة الاحجام والالوان فثورة جهنم لابد انها سوف تكون اكبر بكثير قال تعالى {إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان : 12] ولذلك سوف يكون ثورانها مصحوب بالغيظ والزفير وبالتالي احجام الحجارة الملتهبة كالقصر تصوير مطابق منطقيا لما نراه من ثورات البراكين المختلفة على الارض فالحجم منسوب للقصر عندما تثور البراكين في الاخرة بكل قوتها وغيضها وزفيرها ، واللون الاصفر منسوب للابل او الجمال الصفراء وهذه حقيقة ايضا يمكن لاي شخص مقارنة صورة لالوان صخور البراكين الملتهبة مع الابل ذات اللون الاصفر او الابل الصفراء ، ومن تطابق صفات النار يوم القيامة مع البراكين في الدنيا هو الزفير فقد وصفها الله سبحانه وتعالى بأن لها زفيرا وتماما بشكل متطابق مع الوصف الرباني لها فالبراكين على الارض لها زفير فالزفير نراه واضحا في ثورات البراكين وهي تنفث الغازات والدخان من فوهاتها الملتهبة قال عز وعلا
{إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12)[الفرقان٠ كما ان سورة الزلزلة تؤكد على ان الارض سوف تكون مكان الحساب والعذاب ومن المعلوم ان العلاقة وثيقة بين الزلازل والبراكين وخروج اثقال الارض هو موادها المنصهرة الثقيلة والتي تخرج من باطنها مع البراكين قال تعالى {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة : 1-8]

هذا حال النار يوم القيامة فما هو حال اهل الجنة وكيف ينقذهم الله سبحانه من هذا العذاب العظيم ، يصور لنا القرآن الكريم مشهد الحساب وذلك عندما يقضى الامر ينقذ الله عزوجل الفائزين برفعهم من هذه الارض المتفجرة والملتهبة الى الجنة في السموات، وهذا يعني ان الفائزين والناجين سوف يشاهدون مشاهد مرعبة وهذا ما يفسر قول الله عزوجل {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} [مريم : 71-72]. كما يفسر هذا المشهد القرآني قول الله تعالى
{إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} [الأعراف : 40] اذا فالقرآن الكريم يصور لنا المشهد على ان الكافرين وكل من حق عليهم العذاب سوف يكونوا عالقين في الأرض المشتعلة والمتفجرة والفائزين لازالوا فيها فهم واردوها حتما لكنهم ليسوا في العذاب بل في اماكن آمنة ثم ينجيهم الله عزوجل بأن تفتح لهم ابواب السماء لينتقلوا من الارض التي اصبحت جحيم الى الجنة عند مليك مقتدر قال تعالى{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) النبأ. وقال عزوجل (( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55)} [القمر : 54-55]

وهنا نجد تفتح ابواب السماء مرتبط في القرآن الكريم مع هذا الموقف العصيب وهو تمام الحساب وبداية العذاب، فهذه الجنة في السماء ولذلك وصفها الله عزوجل بالعلو عكس الحياة على الارض والتي وصفها الله عزوجل بالدنيا وهي من الدنو ، قال تعالى
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ (8) لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) } [الغاشية
{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)} [الحاقة : 21-22]
{{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ (15)} [النجم : 13-15]
{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات : 22]
الا ان مع التدبر والتفكر في كتاب الله تعالى قد تفهم انه في مقابل هذه الجنة العالية جنة اخرى ليست في السماء قال تعالى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن : 46]. وقال تعالى ايضا {وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن : 62]. فإذا فهمنا ان هناك جنة اخرى فالقرآن الكريم يؤيد بعضه ذلك بإن هناك جنة اخرى على الارض منفصلة عن النار وبينهما حجاب وهذا الاجتهاد يمكن ان يكون مقبولا منطقيا لأن هذه الحياة التي نعيش فيها على الارض تجد مجتمعات تعيش فيما يمكن ان نسميه الجنة الدنيوية في المقابل مجتمعات اخرى تعيش حياة يمكن ان توصف بالجحيم فالفقر والجوع والكوارث الطبيعية والظلم والقهر والحروب الاهلية احيانا تجدها تلازم شعب كامل سنين طويلة دون ان يتمكنون من العبور الى المجتمع الاخر المنعم الا بعبور المخاطر عبر البحار وغير ذلك وهي ما نشاهده من الهجرات الغير شرعية كما يسمونها فالحواجز ممكنة والحدود الجغرافية حقيقة في الحياة الدنيا التي يحكمها البشر فما بالك بالاخرة والتي تتغير فيها القوانين والنواميس فالملك يومئذ هو الواحد القهار والذين يطبقون القوانين ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما آمرهم، فلم لا تكون الارض يوم القيامة منطقتين منطقة ملتهبة بالبراكين والحمم ومنطقة هادئة ولا تسمع فيها الا ما يسر القلب ولا ترى فيها الا ما يمتع العين ، فالبراكين الثائرة والتفجيرات النووية والحروب المدمرة لا يشعر بها ولا يسمع حسيسها الا من هم بجوارها فحرب روسيا على اوكرانيا لا نسمع من اصواتها شيء الا في الاذاعات المرئية والوسائل الاعلامية الاخرى فالارض واسعة جدا على البشر فالبشر منذ خلق آدم عليه السلام الى الآن على الاقل لا يشكلون 01% من مساحة اليابسة على الارض بل يمكن ان نسمي البشر بالكائنات المجهرية بالنسبة لحجم الارض اذا ممكن من الناحية المنطقية وبقوانين الدنيا ان تقسم الارض الى منطقتين منطقة جنة ومنطقة نار ملتهبة فكيف بقوانين تنتفي فيها قوانين الدنيا وتحل محلها قوانين لا يعلمها الا الله سبحانه ففي سورة الاعراف قال تعالى
{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف : 46] وقال تعالى ايضا {وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأعراف : 48]. وقال الله تعالى {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد : 13]
من خلال هذه الآيات الكريمة نستنتج ان الجنة والنار في مكان واحد فإذا اقتنعنا من خلال التقديم السابق ان النار على الارض فمعنى ذلك ان هناك جنة بجوارها على الارض ايضا ، ومما يدل اكثر على ذلك ان اهل الجنة يذكرون انهم على الارض قال تعالى
{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)} [الزمر : 73-74]
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء : 105]
وقال تعالى ۖ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف : 43] والميراث لا يكون الا في شيء كان مملوكا لغير الوارث اما الجنة العالية التي في السماء لم يملكها احد، او يملكها احد وتنزع منه وتورث لغيره وبالتالي فالآية الكريمة السالفة الذكر والتي ذكرت الجنتان هي تتحدث عن جنة في السماء للسابقون وهي درجات عاليه لا ينالها الا المقربون وهم الانبياء والمرسلين والصالحين والتي نالوها برحمة الله وبدرجاتهم العالية اما جنة الارض فهي لاصحاب اليمين ممن اعمالهم لا تصل الى نفس درجة اعمال السابقون المقربون قال تعالى {وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ (14)} …… الى قوله {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ (29…… الى قوله {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (43)} [الواقعة فالسابقون ذكروا على انهم مقربون ومعنى ذلك انهم كما ذكر الله عزوجل عند مليك مقتدر وكما ذكر جل وعلا انهم في جنة عالية ، وكما ان الآية الكريمة التالية تؤكد تفاوت درجات الجنة قال تعالى {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا} [النساء : 69] ونحن نعلم من كتاب الله ان الشهداء احياء يرزقون عند ربهم وهذه دلالة واضحة تؤكد ان جنة السماء ليست جنة الأرض 🌍


اجمالي القراءات 294

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2013-08-25
مقالات منشورة : 15
اجمالي القراءات : 146,647
تعليقات له : 36
تعليقات عليه : 15
بلد الميلاد : Libya
بلد الاقامة : Libya