الأجل

في الخميس ٢٦ - سبتمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

( أجل ) يعنى الوقت المحدد لموضوع أو شىء ما . وجاء إستعمال مصطلح ( الأجل ) فى موضوعى ( الخلق والأمر ) ، بمعنى الأمر الالهى التشريعى والأمر الالهى بالخلق وما يتبعه من أجل الموت . ونعطى التفاصيل .

أولا : ( الأجل ) فى التشريع :

1 ـ ( الأجل ) بمعنى العدة فى مرحلة الطلاق : يقول جلّ وعلا : (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ  ) (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ .) البقرة 231 ): (فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ  )، أى إنتهت عدتها ، بثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر ، أو الولادة بالحمل . يقول جلّ وعلا :  (وَالَّلائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّلائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ  ) (الطلاق 2 ،  4 ) .

2 ـ ( الأجل ) بمعنى العدة للأرملة ، قبل أن تتزوج ، إذ يجوز التعريض بخطبتها قبل أن تتم عدتها ، ولكن لا يتم عقد الزواج إلا بانتهاء العدة لها ، يقول جلّ وعلا : (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ) ( البقرة 235 ) . يقول جلّ وعلا : (يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ) ، أى إنتهاء العدة . وعدة الأرملة أربعة أشهر وعشرة أيام : (  وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )(234) البقرة ) . يقول جلّ وعلا : (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) .

3 ـ وبمعنى موعد تحصيل الديون : يقول جلّ وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) ... (... وَلاَ تَسْأَمُوْا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ) ( البقرة 282 ). قال جل وعلا : ( إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ) ، ( إِلَى أَجَلِهِ ).

4 ـ ويجب فى تشريع الاسلام الالتزام بالعقود والوفاء بها فى موعدها أو ( أجلها ) ،يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(1)( المائدة ) ، ومنه الالتزام بالمدة المحددة فى عقد الزواج كما حدث فى عقد زواج موسى من بنت الرجل الصالح ؛ إتفقا على أن يعمل موسى عنده أجيرا ثمانى سنوات ، أو عشر سنوات لو أراد :( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ (27) القصص ) والتزم موسى بالشرط  وقال : (قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا ) ( القصص 28 ـ ). يقول جل وعلا عن الموعد المتفق عليه بينهما : ( أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ ) (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ ).

5 ـ ومثل ذلك طلب تحديد موعد ، كما حدث مع فرعون وقومه حين طلبوا رفع عذاب الرجز ، وطلب مهلة للإيمان ، ثم نكثوا بعهدهم ، يقول جل وعلا : (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ  ) ( الاعراف 135 ).

6 ـ ومثله طلب الصحابة الخائفين من تشريع القتال لمهلة أو ( أجل ) قبل تنفيذ التشريع ، يقول جل وعلا :

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) ( النساء 77 ). قالوا (لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ).!

7 ـ وطلب الكافرين وهم فى جهنم مهلة اخرى يعودون فيها للحياة ليعملوا صالحا : ( وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ) ( ابراهيم 44 ) .

ثانيا : ( الأجل ) فى حتمية الميلاد ومدة الحمل :

يقول جل وعلا عن خلق الانسان : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ. )(الحج 5 ). يقول جل وعلا عن مدة بقاء الجنين فى الرحم : ( وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى. )

ثالثا : فى حتمية ( الموت ) للأفراد

1 ـ لكل نفس بشرية موعد محدد سلفا لموتها ، وأصبح يعرف بالأجل ، تظرا لارتباط مصطلح الأجل بوقت الموت المحدد لكل نفس بشرية. وكثيرة هى الآيات الكريمة التى تتحدث عن موعد موت الانسان أو (أجله) الذى لا مجال فيه للتأخير : ( وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا)(المنافقون 11). وطالما أنت حىّ تسعى فى الأرض فموتك الحتمى ( مؤجل ) ولا بد أن تلاقيه فى موعدك ، يقول جل وعلا لنا : ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ) (8) الجمعة ) .  وعندما فزع المسلمون فى موقعة ( أحد ) ظنا أن النبى قد لقى حتفه قال رب العزة يؤكد أن أجل الموت محدد سلفا : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ  وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه كِتَابًا مُّؤَجَّلاً)(آل عمران: 144 : 145 ). أى إن موعد موته عليه السلام مؤجل الى أن تتم مهمته .

2 ـ ولأن موعد الموت محدد لكل إنسان يسعى على الأرض حيا فإن التعبير القرآنى يصفه بالأجل المسمّى ، أى المحدد سلفا . وعن أجل الموت ( المسمى ) يقول جل وعلا عن الفرق بين النوم والموت : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) ( الزمر 42 ). فالنوم هو وفاة موقتة ، تدخل بها النفس الى البرزخ ثم تعود منه باليقظة ، أما عندما تموت النفس فى الأجل المسمى فلا تعود فى هذه الدنيا . وهذه اليقظة من النوم يعبّر عنها رب العزة بالبعث ، أى يتوفانا ربنا مؤقتا بالنوم ثم يبعثنا مؤقتا باليقظة ، وهكذا تمضى حياتنا بين ( نوم أو وفاة مؤقتة ) و ( يقظة أى بعث مؤقت ) الى ان يأتى الموت فى الأجل المسمى ، وبعده يأتى البعث لكل البشر لنرجع الى رب العزّة فيخبرنا بما كنا نعمل ، يقول جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( الانعام 60  ). وعن الموت ( الأجل المسمى ) يقول جل وعلا ايضا : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى ) (غافر 67 ) .

3 ـ ومن هنا يعظ رب العزة أولئك الذين يؤمنون بحديث آخر غير القرآن الكريم أو مع القرآن الكريم ، بأن يتذكروا أن الله جل وعلا صاحب الحديث القرآنى هو خالق السماوات والأرض وخالق كل شىء ، وأنه قد عسى أن يكون قد إقترب أجلهم ، أى الموت الذى يقترب من كل إنسان بسرعة 24 ساعة فى اليوم ، يقول جل وعلا للمؤمنين بالأحاديث والسّنة وسائر من يسير على ملتهم : ( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ )(الاعراف 185 ).

4 ـ ولأن موعد الموت أو ( أجل الموت ) هو محدد سلفا أو ( أجل مسمى ) من لدن الرحمن جل وعلا فإن كل إنسان لا يستطيع أن يتأخر أو أن يتقدم على موعد موته ، ولا عن مكان موته . وحين إحتج بعض المنافقين بالقتلى فى موقعة ( أحد ) قال رب العزّة : ( قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ . )( آل عمران 154 ) فالذى كُتب عليه الموت أو القتل فى مكان لا بد أن يذهب الى هذا المكان وفى الموعد أو ( الأجل ) (المسمى ) أو المحدد سلفا.

رابعا : أجل الموت للأمم أو الأجيال :

ونفس الحال مع كل جيل ، له موعد محدد لامجال فيه للتقديم أو التأخير ، يقول جل وعلا : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ) ( الاعراف 34 ) ،( لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ) ( يونس 49 ). وقد قال نوح عليه السلام لقومه :(  يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) ( نوح 4 ) . وكل الرسل قالوا لقومهم بأن لهم موعدا أو أجلا مسمى عليهم أن يؤمنوا وأن يستغفروا ربهم : (  قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ) ( ابراهيم 10 )، وهكذا توالت الأجيال والقرون جيلا بعد جيل : ( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ )( المؤمنون 42 : 43 ). وجاء جيل النبى محمد عليه السلام ، وجاءهم قول الله جل وعلا : ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى . )( هود 3 ). والله جل وعلا لو يؤاخذ الناس بذنوبهم لأهلكهم جميعا ، ولكن يؤخرهم الى موعد موتهم ليأخذوا فرصتهم كاملة وحريتهم كاملة حتى يكونوا مسئولين أمام الخالق جل وعلا . يقول جل وعلا : ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ) ( النحل 61 )، (  وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا )( فاطر 45 ).

خامسا : أجل الاهلاك للأمم والقرى ( المجتمعات )

1 ـ هناك قوانين لاهلاك القرى أو المجتمعات التى يسيطر عليها المترفون ويعصون أمر الله جل وعلا لهم بالعدل ، فيفسقون فيحل بهم الهلاك:( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16) الاسراء ) أمرهم الله جل وعلا بالعدل ففسقوا ، أو يأتيهم المنذرون يأمرونهم بالعدل فيفسقون فيحل بهم الهلاك وهم ظالمون : (وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) الشعراء ) . وقد حدث هذا الاهلاك بعد قوم نوح :  ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17) ( الاسراء ) ، ( فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) الحج ). وسيستمر الهلاك أو العذاب الى قيام الساعة باستمرار الظلم والفسق والعصيان ووجود طبقة مترفة تتحكم فى السلطة والثروة : ( وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً (58) الاسراء ) .

ونحن نشهد هذا الآن حيث يقتل المسلمون بعضهم بعضا ، وكل منهم يهتف ( الله أكبر ).

ولهذا العذاب أو الاهلاك ( أجل مسمى ) و ( كتاب معلوم ) ، يقول جل وعلا:( وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ)( الحجر 4 : 5 ). وهذا هو العذاب الدنيوى.

2 ـ وهناك عذاب فى الاخرة ، وهو أيضا بأجل مسمى ، وحين إستعجل كفار قريش هذا العذاب قال جل وعلا : ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ .) ( العنكبوت  53 ـ ).

سادسا : الأجل المحدد فى الخلق :

1 ـ واقع الأمر أن كل شىء محدد سلفا فى موضوع خلق الانسان ، من موعد ولادته الى كل دقيقة يحياها ، الى أن يموت ، كل ذلك فى كتاب ، أى مكتوب ومسجل  لكل فرد ، فإنّك بمجرد ولادتك يبدأ العد التنازلى لموتك ، ومدة أجلك ، فإذا مضى على مولدك يوم ، وأنت مقدر عمرك بستين عاما تماما ، فقد بقى لك ستون عاما إلا يوما، وهكذا يبدأ ( العدّاد ) يحسب لك تنازليا ؛ مثلا : بقى لك خمسون عاما وشهران وخمسة أيام وساعتان وعشرون دقيقة وثانيتان ، ثم ..ثم .. وهكذا ، الى أن يقترب موعد أجلك فيكون بقى لك دقيقة ، ثم خمسون ثانية ، ثم ثانية ، ثم الموت . يقول جل وعلا : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ ) ( فاطر 11 )،

2 ـ وهذا التوقيت والموعد المحدد من رب العزة هوالمكتوب سلفا لكل الغيبيات: ( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )(الرعد 38 )، ومنها تحديد وقت المعجزة أو الآية للرسل : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )( الرعد 38 ). ويشمل هذا أيضا مقدار ما نستهلكه من الأنعام المهداة هديا للبيت الحرام ، يقول جل وعلا:(  لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى )(الحج 33  ) .  

3 ـ وحتى عندما نموت وتتحلل أجسادنا ، وتعود الى تراب وعوادم ومعادن تذوب فى الأرض ، وتتحول الى سماد فى الأرض وبخار فى الجو ، يتغذى عليه أحياء آخرون ، فإن الله جل وعلا يعلم ويحسب دوران هذه المعادن والعناصر ، ومقدار ما يتناقص من الأرض بفعل دورة الحياة هذه ، يقول جل وعلا : (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) ) ( ق ). هو كتاب الاهى يحفظ كل شىء ، من بدايته الى نهايته ، للسابقين من الأسلاف والقادمين والمستأخرين : ( وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) ( الحجر ).

4 ـ يرتبط هذا بالأجل ، فلكل واحد ( أجل ) فى الميلاد و( أجل ) فى الموت ، ثم ( أجل ) للجميع فى البعث . وحتى ما يجرى وما يسكن فى البر والبحر من هوام ونبات ورطب ويابس ، كل ذلك خاضع لعلم الله جل وعلا ، فهناك ( أجل ) تنمو فيه الورقة ، وهناك ( أجل ) تسقط فيه هذه الورقة ، يقول ربى جل وعلا : عن علمه بكل ما يحدث فى الأرض ( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) ( الانعام 59 ). ونحن لا نعلم إلا العلم السطحى بما نراه ، ولا نعلم ما تحت السطح ، ولا نعلم الماضى كما لا نعلم المستقبل ، ومنه المستقبل القريب الذى سيحدث لنا غدا ، بينما هو مسجل وله مستقر عند رب العزة جل وعلا : ( لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) ( الانعام 67 )

سابعا : إرتباط ( الأجل ) أو الزمن فى خلق الله جل وعلا الأشياء بالتقدير المُحكم :

1 ـ إن كل شىء قد تم خلقه بأعلى قدر من الاحكام والتدبير والتقدير ، يقول جل وعلا : ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2) ( الفرقان )( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)( القمر ).

وهذا التقدير المُحكم يشمل أجل خروج الجنين من الرحم ومدى بقائه فيه ، وكل شىء عند ربى جل وعلا بمقدار: ( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)( الرعد)

ويقول جل وعلا:(قدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3)( الطلاق ). ويشمل هذا وزن العناصر فى الأرض   وكمية مواردها وما يتنزل من رزق ومعاش ووقته وكميته ، يقول جل وعلا:( وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)( الحجر ). ويشمل أيضا الماء النازل من السماء ، مقداره ، وموعد ومكان نزوله ( وَالَّذِي نَزَّلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً (11)( الزخرف ). وحتى حين ينزل السيل فيملأ الأودية بقدرها : (أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا )(17)( الرعد ). ويشمل هذا التقدير المحكم النظام الكونى للنجوم والكواكب والمجرات والسماوات وسائر الموجودات ، فلا توجد ثغرة ولا خلل : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (4) ) ( الملك ).

2 ـ هذا التقدير والإحكام فى الخلق يستلزم تحديدا زمنيا ، أو( أجلا )، فالزمن هو الضلع غير المرئى من المادة المخلوقة ، ثم إن حركة الأفلاك السماوية ترتبط بزمنها أو أجلها المتغير إثناء هذه الحركة ، ولكل كوكب الزمن الخاص به ، ونحن نحسب المسافات بين الكواكب والنجوم والمجرات بالسنين الضوئية . وهذا لأن كل شىء فى الفلك بحساب دقيق وميزان أو توازن مُحكم : ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)( الرحمن ).  وهذا التوازن الدقيق يحكم حركة الأفلاك وانتظامها وزمن دورانها . وهذه الحركة الموزونة لها تقدير زمنى ينتج عنه أن نعرف الليل والنهار وتداخلهما بسبب دوران الأرض حول نفسها وهى تدورحول الشمس : (وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)  ) ( يس ).

3 ـ ويقول رب العزة : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ )( الانعام 2 ). الأجل الذى قضاه رب العزّة هو ( أجل الموت ) الذى يسرى فينا فى هذه الدنيا كما يسرى على النجوم والمجرات . أما الأجل الآخر المسمى عنده جل وعلا فهو قيام الساعة ومجىء اليوم الآخر. فنحن ننام ( أو نتوفى ) فى ( أجل ) مؤقت للنوم واليقظة، وللأجرام السماوية أيضا ( أجل ) مؤقت أشرنا اليه فى حركتها ودورانها، ومن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس نعرف الليل والنهار وأختلاف المواقيت . وفى النهاية يموت الفرد حين يأتيه ( أجل الموت ) . وكما نموت فى الأجل المحدد  وتترك ( النفس ) جسدها لتعود للبرزخ الذى أتت منه ، فإن نفس الميلاد والموت يحدث للنجوم؛ فالنجوم تولد وتكبر وتتضخم ثم تنفجر وتتلاشى وتتحول الى ثقب أسود أو ابيض ، أى تتحول كتلتها الى  ( شبح ) من الطاقة يبتلع ما يقترب منه . وعندما تنتهى كل نفس من الدخول الى جسدها وتدخل إختبار الحياة تأتى الساعة بموت الجيل الأخير من البشر وبانفجار السماوات والأرض وما بينهما من مجرات ونجوم وكواكب . وهذا هو الأجل النهائى للبشر وللسماوات والأرض . ويأتى اليوم الآخر بالبعث والنشور والحساب يوم الدين .

4 ـ ورب العزة جل وعلا يؤكّد بقاء الشمس تجرى فى الفضاء الكونى تؤدى دورها لنا الى ( أجل مسمى ) ، وهو موعد قيام الساعة . يقول جل وعلا :( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى )(الرعد 2 ) ( فاطر 13 ) ( الزمر 5 ) ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى )( لقمان 29 ) .  

الشمس والقمر والنجوم والمجرات هى التى تقع بين السماوات والأرض ،  أى إن السماوات هى ما بعد النظام الكونى من النجوم والمجرات . والأجل الذى ستنتهى به الشمس والقمر هو نفس الأجل للسماوات ، فالانفجار سيدمر السماوات والأرض وما بينهما من نجوم ومجرات . ولقد خلقها الله جل وعلا بالحق ، والى ( أجل مسمى ) هو تدميرها كلها لينتهى هذا اليوم الدنيوى ويأتى اليوم الآخر بالحساب . هذا هو ( الحق ) الذى به تم ( خلق السماوات والأرض ) وما بينهما ، وهو نفس الحق الذى سيتم به تدميرها كلها عند حلول ( الأجل المسمى ) المحدد سلفا، يقول جل وعلا:( مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ) ( الاحقاف 3 ). ويدعونا رب العزّة جل وعلا للتفكير فى مصيرنا حتى نستعد للقاء رب العزة فى يوم الحساب : ( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ )( الروم 8 ).

5 ـ فى هذا اليوم الرهيب وبعد تدمير السماوات والأرض المؤقتة هذه يتم تبديلها بسماوات وأرض خالدة أبدية تتحمّل تجلى الواحد القهاّر يوم الحساب ، حين يبرز الخلق للقاء الله جل وعلا ليحاسبهم :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)( ابراهيم )، وعندها ترى جبابرة الدنيا ومجرميها موثقين فى الأغلال (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) ) وتراهم فى أسوأ حال : ( سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50)) يومها يكون الحساب بالعدل المطلق . ( لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)) . ولهذا يحذرنا ربنا مقدما بهذا البلاغ القرآنى : ( هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (52) ابراهيم ).  والله جل وعلا فى تحذيره لنا يؤكّد إقتراب هذا اليوم ، وأنه جل وعلا يؤخره ( لأجل معدود ) أى لوقت قصير : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ  ) ( هود 103 : 104 ) .

6 ـ ومن هنا فإن المؤمن هو الذى يستعد للقاء ربه جل وعلا بالعمل الصالح وبالايمان الخالص بالله جل وعلا وحده إلاها وبالقرآن الكريم وحده حديثا ، وهذا هو معنى الذى يرجو لقاء ربه فى الأجل الذى حدده رب العزة : ( مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ )( العنكبوت 5 )، حيث سيكون اليه المصير واليه نرجع يوم الفصل المؤجل الى موعده ووقته : ( لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ)(المرسلات 12 : 13 )، وفيه سيكون الويل كل الويل لأتباع الديانات الأرضية من المسلمين وغيرهم المكذبين بالقرآن الكريم : ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15). جاء هذا فى سورة المرسلات  التى يختمها رب العزة بقوله جل وعلا لمن يؤمن بحديث آخر غير القرآن الكريم: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات ). واليهم أيضا يقول رب العزة يحذرهم من الايمان بالأحاديث والسنة ويدعوهم للإكتفاء بحديث الله جل وعلا فى القرآن : ( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ )(الاعراف 185 ).

يقول جل وعلا لهم : ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) ( الأعراف 185 والمرسلات 50 ) .؟!!

ودائما : صدق الله العظيم .!