ßÊÇÈ مذبحة كربلاء : دراسة بحثية تاريخية ( ترفع ضغط الدم .!! )
الباب الثالث : جدل حول مذبحة كربلاء

في الأربعاء ٢٤ - أبريل - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

الباب الثالث  : جدل حول مذبحة كربلاء   

 

 الفصل الأول 

هل كان من حق الحسين الثورة على ( يزيد ) ؟

 أولا:

1 ـ توفى معاوية فى رجب عام 60 ، وهو فى الثمانين ، بعد أن حكم 19 سنة و8 أشهر . ودُفن فى دمشق ، يقول عنه المؤرخ المسعودى ( وهو شيعى الهوى ) : ( قبره يُزار الى هذا الوقت ( 332عام  )، وعليه مبنى يُفتح كل إثنين وخميس ). وبويع يزيد ، بل وأخذ البيعة لابنه معاوية بن يزيد  .وحكم يزيد 3 سنين و 8 أشهر تقريبا ، ثم مات فى فتوة شبابه ( فجأة ) فى 17 صفر عام 64.

 2 ـ ترك معاوية وصية لابنه يزيد . وهناك روايتان عن هذه الوصية ، أحدهما أن معاوية هو الذى قالها مباشرة لابنه يزيد ، والأخرى أن يزيد كان غائبا يتصيد فترك له معاوية وصية مكتوبة مع الضحاك بن قيس الفهرى والى شرطة دمشق ومسلم بن عقبة .

 تقول الرواية الأولى : ( لما مرض مرضته التي هلك فيها، دعا ابنه يزيد فقال‏:‏ يا بني إني قد كفيتك الرحلة والرجال‏ ووطأت لك الأشياء، ودللت لك الأعزاء، وأخضعت لك أعناق العرب، وإني لا أتخوف أن ينازعك هذا الأمر الذي أسسته إلا أربعة نفر‏:‏ الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر‏.‏. فأما ابن عمر فهو رجل ثقة قد وقدته العبادة، وإذا لم يبق أحد غيره بايعك‏.‏ وأما الحسين فإن أهل العراق لا يدعونه حتى يخرجونه عليك، فإن خرج فظفرت به فاصفح عنه، فإن له رحماً ماسة، وحقاً عظيماً‏.‏ وأما ابن أبي بكر فهو رجل إن رأى أصحابه صنعوا شيئاً صنع مثله، ليست له همة إلا في النساء واللهو‏.‏ وأما الذي يجثم لك جثوم الأسد، ويراوغك روغان الثعلب، وإذا أمكنته فرصة وثب، فذاك ابن الزبير، فإن هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه إرباً إرباً‏.‏ ).

 وتقول الرواية الثانية : ( قال غير واحد‏:‏ فحين حضرت معاوية الوفاة كان يزيد في الصيد، فاستدعى معاوية الضحاك بن قيس الفهري - وكان على شرطة دمشق - ومسلم بن عقبة فأوصى إليهما أن يبلغا يزيد السلام ويقولان له يتوصى بأهل الحجاز، وإن سأله أهل العراق في كل يوم أن يعزل عنهم عاملاً ويولي عليهم عاملاً فليفعل‏.‏ فعزل واحد أحب إليك من أن يُسل عليك مائة سيف، وأن يتوصى بأهل الشام، وأن يجعلهم أنصاره، وأن يعرف لهم حقهم، ولست أخاف عليه من قريش سوى ثلاثة‏:‏ الحسين، وابن عمر، وابن الزبير‏.‏.. فأما ابن عمر فقد وقدته العبادة، وأما الحسين فرجل ضعيف، وأرجو أن يكفيكه الله تعالى بمن قتل أباه وخذل أخاه، وإن له رحماً ماسة، وحقاً عظيماً‏ وقرابة من محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أظن أهل العراق تاركيه حتى يخرجوه، فإن قدرت عليه فافصح عنه فإني لو كنت صاحبته عفوت عنه‏.‏ وأما ابن الزبير‏:‏ فإنه خب ضب فإن شخص لك فانبذ إليه إلا أن يلتمس منك صلحاً، فإن فعل فاقبل منه، واصفح عن دماء قومك ما استطعت‏.‏ ).

يجمع بين الروايتين معرفة معاوية بأن أهل العراق سيحثون الحسين على الثورة ، ووصية معاوية لابنه بأن يستوصى بالحسين خيرا لو حدث هذا . ولقد فعل يزيد عكس هذا.

3 ـ لقد قام معاوية بأسباب الاستحقاق بفرض ابنه خليفة بعده ، أو على حد قوله فى الرواية الأولى : ( يا بني إني قد كفيتك الرحلة والرجال‏ ووطأت لك الأشياء، وذللت لك الأعزاء، وأخضعت لك أعناق العرب . )، ولكنه ترك لابنه مشكلة معلقة تنتظره ، وهى معارضة أربعة أشخاص ( فى الرواية الأولى : ابن ابى بكر وابن عمر وابن الزبير والحسين ) أو ثلاثة اشخاص فى الرواية الثانية ( ابن عمر وابن الزبير والحسين )، وقد أوصاه بالسياسة التى يجب أن يتبعها مع كل منهم . وكان مفروضا على يزيد أن يتبعها ، ولكنه خالف وصية أبيه ، مما ترتب عليه مذبحة كربلاء ، وتوابعها ، ومن توابعها هذا الموت المفاجىء والغامض ليزيد نفسه فى فورة شبابه ، ثم الموت السريع بالسّم لابنه ولى عهده معاوية بعد أن إعتزل الخلافة ، وانتقال الحكم من فرع معاوية الى فرع الحكم بن العاص . أى دفع يزيد الثمن هو وعائلته.

ثانيا:

1 ـ فى ضوء ما نعرفه من شخصية معاوية فإنه لم يكن ليتصرف كابنه يزيد فى مواجهة ثورة الحسين . كان سيستخدم كل مكره وحيله ليتجنب هذه المذبحة المروعة ، كما كان يفعل باستخدام المال وسحره العجيب ، بل حتى لو عجز عن هذا كان سيلجأ الى الاغتيال بالسّم للحسين منعا لمصيبة أكبر . أما يزيد فقد تصرف بالمبادرة الى الحرب ، بالضبط كما كان يفعل ( على ) فى خلافته . وفى الحرب يخسر الخصمان ـ عادة ـ  ولكن بدرجات متفاوتة .  المقارنة هنا بين ( على ) و( يزيد ) موجعة لمن يؤلهون (عليا ) ولكن هذه المقارنة السياسية نراها ضرورية وبلا أى حساسيات ، لكى نجيب على السؤال المُحرج الآخر ، عنوان هذا المقال : (هل كان من حق الحسين الثورة على ( يزيد ) ؟

2 ـ  طبقا للتشريع الاسلامى فإنه من حق الحسين أو أى شخص أن يثور على الحاكم الظالم المستبد رافعا راية العدل ، مطالبا بأن يقوم الناس بالقسط ، كما جاء فى قوله جل وعلا ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) ( الحديد ) وكتبنا فى هذا كثيرا . ولكن هذا يستلزم وعيا بتكاتف الناس جميعا فى إقامة القسط ، وفى الاستحقاق أى النضال فى سبيله بالقوة وبالحديد والنار كملجأ أخير لأن المستبد لن يتنازل طواعية عن سلطانه بالوعظ واللين ، لا بد من إزاحته بالقوة والبأس الشديد . بعدها، يقوم الناس جميعا بتطبيق القسط ، بإقامة نظام حكم اسلامى مؤسّس على الديمقراطية المباشرة والحرية الدينية المطلقة فى الدين والعدل المطلق بين الأفراد والتكافل الاجتماعى. وهذا ما كان مطبقا فى دولة الرسول عليه السلام ، ولكن بدأ تدميره منذ بيعة السقيفة ، ثم بالفتوحات ، ثم بالفتنة الكبرى ، تم الاجهاز عليها تماما ببيعة يزيد وتوارث الحكم بالقوة والمال ، والاستحقاق السياسى  الظالم المُناقض للاسلام.

3 ـ والحسين لو أراد أن يعيد دولة القسط التى أقامها خاتم المرسلين كان سيسلك سُنة جده عليه السلام،  وليس سُنة أبيه (على بن أبى طالب ) . أى كان على ( الحسين ) أن يبدأ بالدعوة الى تغيير ما جاءت به الفتوحات التى أضاعت الاسلام والتى أسّست الحروب الأهلية بين المسلمين ، والتى أدّت فى النهاية الى صعود معاوية ثم بيعة يزيد . لم يكن هذا مستحيلا فى الجيل الثانى بعد الصحابة فى عهد الحسين ، فالذكريات العطرة للدولة الاسلامية لا تزال أصداؤها باقية حيّة ، كما أن جراح الفتنة الكبرى أيضا لا تزال تنزف ، والقرآن مُيسّر للذكر ، والاحتكام اليه بإخلاص ممكن ، وهو فريضة واجبة عند التنازع والاختلاف . ليس مهما الوقت الذى يستغرقه الاعداد ، وليس مهما من يقود . المهم هو أن يقوم الناس بالقسط يدا بيد وكتفا بكتف ، يثورون معا تحت قيادة رشيدة واعية تطلب رضا الله جل وعلا وتؤمن بالآخرة ولا تريد الدنيا وحُطامها . كان هذا مُمكنا . بل كان تحقيقه كفيلا بأن تنعم الأمم المفتوحة بالعدل والمساواة والحرية الدينية والسياسية ، لا فارق بين عربى وعجمى فى الحقوق ، بما يكون تعويضا مناسبا وتكفيرا عما ألحقه جيل صحابة الفتوحات بأغلبية السكان فى دولة الخلفاء . ولكن إستقراء تاريخ الحسين قبل وبعد إغتيال أبيه وفى ثورته على يزيد يؤكّد أن سعيه كان للحكم بنفس طريقة الخلفاء ، على الأقل إن لم يكن على طريقة عثمان فسيكون على طريقة عُمر وعلى وأبى بكر ، فى ظلم الأغلبية العظمى من الخاضعين للخلافة وهم الشعوب المقهورة . ومن يظلم الأغلبية لن يكون ـ غالبا ـ عادلا فى تعامله مع الأقلية ، وسيلقى كيدا وسيعيش صراعا سياسيا ، قائما على الاستحقاق السياسى الظالم فى أن الدولة لمن غلب . طبقا لما أسّسته الشريعة السّنية . وليس هذا فى صالح ( الحسين).!

4 ـ من الناحية الشرعية السّنية والتى تأسست فيما بعد تعترف بالأمر الواقع ، فإن يزيد أصبح خليفة شرعيا ، إذ بايعه ( أهل الحلّ والعقد ) فى بيعة خاصة ثم بموافقة صريحة أو ضمنية من جمهور العرب . كما حدث فى بيعة ابى بكر وعمر وعثمان ، وعلى .  بويع يزيد فى حياة أبيه من القادة ورءوس القبائل ، وبالتبعية جمهور قريش والعرب . الذى رفض البيعة ثلاثة أو أربعة.

هؤلاء الثلاثة أو الأربعة ليسوا بشىء بالمقارنة بمّن عارض خلافة (على ) وثار عليه . فقد عارض عليا رءوس من الصحابة من الزبير وطلحة والسيدة عائشة الى معاوية وعمرو والمئات من الصحابة الأنصار والقرشيين ، ويضاف اليهم مئات الالوف الذين حاربوا عليا فى الجمل وصفين . فأين هؤلاء من أربعة أو ثلاثة فقط عارضوا البيعة ليزيد . ولقد بادر  (على ) معارضية بالحرب ، مع كثرتهم وتنوعهم ، وهكذا فعل يزيد مع ثورة الحسين،أى سار يزيد على سُنّة (على ) فى المبادرة بحرب الثائرين على خلافته الشرعية.

5 ـ على أن التشريع السّنى فى إعترافه بحكم الخليفة المتغلّب على الحكم إنما يُجيز بطريق غير مباشر حق الثورة وحق الخروج على السلطان القائم ، وحين يأخذ هذا الثائر بأسباب النصر أى بالاستحقاق ويتغلّب يحظى بالاعتراف بشرعيته السياسية كمتغلب على الحكم ، فإذا انهزم خسر حق الشرعية السياسية . وبتطبيق هذا على حالة الحسين ، فإنه بغض النظر عن مدى أحقيته فى الخلافة فإن الفيصل هو مدى إستحقاقه ، أى مدى قدرته على تغيير الواقع الجديد الذى خلقه معاوية بجعل يزيد خليفة . والاجابة معروفة ، فقد إنهزم الحسين ، وأظهر فشلا يجعله المسئول الأول عن المذبحة التى تعرض لها هو أهله ومن تطوع للدفاع عنه . وهذا الفشل ينفى عنه الاستحقاق ، وبالتالى فقد أعلن له حقا سياسيا وفشل فى ثورته لأنه لم يأخذ بأسباب النجاح أو أسباب الاستحقاق ، ففقد الحق الذى يزعمه لأنه بلا إستحقاق

6 ـ والمُحبّون للحسين علموا مقدما بعدم قدرته على (الاستحقاق ) ونصحوه ، فلم ينتصح ، بالضبط كما كان يفعل أبوه مع الناصحين . والنتيجة فشل الأب وفشل الابن . ولم يتّعظ بعض ذرية (على ) الذين عادوا للثورة مرات عديدة فى العصرين الأموى والعباسى ، وخسروا ، فى إصرار عجيب على الغباء . ويحتفل الشيعة بهذا الغباء إذ يقدسون الفاشلين ، ويحتفلون بذكريات الفشل ، ويجعلونه من طقوس دينهم الشيعى فى إحتفالات التطبير الدامية التى تستوجب الرثاء.

ثالثا : الحسين يرفض نُصح الناصحين:

1 ـ ونسترجع بمزيد من الألم رفض الحسين نُصح الناصحين فى روايات أخرى  :

بموت معاوية وتملك يزيد خرج الحسين من المدينة إلى مكة ، ليعدّ للخروج على يزيد . شاع هذا وذاع ، فجاء للحسين كثيرون ينصحونه ، ولكن بلا فائدة . بمجرد خروجه من المدينة قاصدا مكة جاء له ناصح أمين ، تقول الرواية : ( خرج الحسين من المدينة إلى مكة ، لقيه عبد الله بن مطيع فقالله‏:‏ جعلت فداك‏!‏ أين تريد؟  قال‏:‏ أما الآن فمكة وأما بعد فإني أستخير الله‏.‏قال‏:‏ خار الله لك وجعلنا فداك‏!‏ فإذا أتيت مكة فإياك أن تقربالكوفة فإنها بلدة مشؤومة.! بها قتل أبوك وخذل أخوك واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه.الزم الحرم. فإنك سيد العرب ، لا يعدل بك أهل الحجاز أحدًا ، ويتداعى إليك الناس من كلجانب. لا تفارق الحرم . فداك عمي وخالي‏!‏ فوالله لئن هلكت لنسترقن بعدك‏.‏). هنا نصيحة هائلة تجعله أملا فى التحرر من ظلم بنى أمية ، وتوضح له سبيل الاستحقاق ، فتحذره مقدما من الذهاب للكوفة ، وتذكّره بما حدث فيها لأبيه وأخيه . وتنصحه بالبقاء فى الحرم ، وتجهيز الاستحقاق ، حيث يتداعى اليه الناس ويقوى بهم على مواجهة الأمويين . ولم يأخذ الحسين بهذه النصيحة الذهبية .بل عمل ضدها وأسرع بارسال ابن عمه مسلم ابن عقيل للكوفة ليمهّد له الأمر فيها.

2 ـ وعلم بهذا إبن عباس وهو فى مكة . وقد رأينا من قبل نصيحة ابن عباس لعلى فى بدء خلافته ، وعصيان (على ) للنصيحة . وبنفس العصيان واجه الحسين نصيحة ابن عباس . ويذكر المؤرخ المسعودى ( وهو شيعى الهوى ) موقف ابن عباس من خروج الحسين . يقول : ( فلمّا همّ الحسين بالخروج من مكة الى العراق أتاه ابن العباس فقال : يا ابن عم ، بلغنى أنك تريد العراق ، وأنهم أهل غدر ، وإنما يدعونك الى الحرب ، فلا تعجل . وإن أبيت إلّا محابة هذا الجبّار وكرهت المقام فى مكة فاشخص الى اليمن ، فإنها فى عُزلة ، ولك فيها أنصار وإخوان ، فأقم بها ، وبث دُعاتك ، واكتب الى أهل الكوفة وانصارك بالعراق فيُخرجوا أميرهم ، فإن قوُوا على ذلك ونفوه عنهم ولم يكن بها أحد يعاديك أتيتهم . وما أنا لغدرهم بآمن .!. وإن لم يفعلوا أقمت بمقامك (باليمن ) الى أن يأتى الله بأمره ، فإن فيها حصونا وشعابا .) . هنا نصيحة ذهبية كبرى . الذهاب الى اليمن والتحصّن بجبالها وأهلها . وعدم الذهاب الى العراق بتاتا إلا بعد أن يطردوا الوالى الأموى وكل أنصار الأمويين ، وحتى لو فعلوا فلا يأمنهم ابن عباس . وردّ الحسين على هذه النصيحة بقوله : ( يا ابن عم ، إنى لأعلم أنك لى ناصح ، وعلىّ شفيق ، ولكن مسلم بن عقيل كتب لى بإجتماع أهل المصر على بيعتى ونُصرتى ، وقد أجمعت على المسير اليهم . ). فقال له ابن عباس يحذّره بقوة من الذهاب الى الكوفة : ( إنهم من خبرت وجرّبت ، وهم أصحاب أبيك وأخيك ، وهم قتلتك غدا مع أميرهم. إنك لو خرجت فبلغ ابن زياد خروجك إستنفرهم اليك ، وكان الذين كتبوا لك أشد  من عدوك . فإن عصيتنى وأبيت إلّا الخروج الى الكوفة فلا  تُخرجنّ نساءك واولادك معك .!. والله إنى لخائف أن تُقتل كما قُتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون اليه .! ) . وهذا بالضبط ما حدث للحسين وآله . وقد رد الحسين على النصيحة بنفس العناد ( العلوى ) الموروث فقال : ( لأن أُقتل والله بمكن كذا أحبُّ الىّ من أن استحل مكة .) . يقول المسعودى : ( فيئس منه ابن عباس ، وخرج من عنده ، فمرّ بعبد الله بن الزبير ، فقال له : قرّت عينك يا ابن الزبير .! . هذا الحسين يخرج الى العراق ويخلّيك والحجاز . وأنشد : مالك من قنبرة بمعمر    خلا لك الجوُّ فبيضى وصفرى   ونقّرى ما شئت أن تنقرى .) وكان ابن الزبير فى طموحه للخلافة يكره وجود الحسين فى مكة ، ويتمنى رحيل الحسين عنها الى العراق ليقتله أهل العراق وليخلو له الجوّ. وهذا فعلا ما حدث.

3 ـ وطبقا لما يذكره المسعودى فقد تطوّع شيخ بنى مخزوم فى مكة وحكيمها أبو بكر بن الحارث بن هشام بنصيحة الحسين . فقال له : ( يا ابن عم ، إن الرحم يظائرنى عليك ، ولا أدرى كيف أنا فى النصيحة لك ؟ !. فقال له الحسين : يا أبا بكر ما أنت ممّن يُستغشّ ولا يُتّهم ، فقل ". فقال أبو بكر : كان أبوك أقدم سابقة وأحسن فى الاسلام أثرا وأشدّ بأسا،والناس له أرجى،  ومنه أسمع ، وعليه أجمع . فسار الى معاوية والناس مجتمعون عليه إلّا أهل الشام ، وهو أعزّ منه (أى من معاوية ) ، فخذلوه (أى شيعته ) وتثاقلوا عنه ، حرصا على الدنيا وضنّا بها ، فجرّعوه الغيظ ، وخالفوه حتى صار الى ما صار اليه ..ثم صنعوا بأخيك بعد أبيك ما صنعوا . وقد شهدت ذلك كله ورأيته . ثم أنت تريد أن تسير الى الذين عدوا على أبيك وأخيك تقاتل بهم أهل الشام وأهل العراق ومن هو أعدّ ( أكثر عُدة واستعدادا ) منك وأقوى ، والناس منه أخوف ، وله أرجى ؟ .! . فلو بلغهم مسيرك لاستطغوا الناس بالأموال ، وهم عبيد الدنيا ، فيقاتلك من وعدك ان ينصرك ، ويخذلك من أنت أحبّ اليه ممّن ينصره . فاذكر الله فى نفسك .! ) ولم يزدد الحسين بهذه النصيحة إلا عنادا ، فقال له : ( جزاك الله خيرا يا ابن عم . فقد اجهدك رأيك ، ومهما يقض الله يكن .) فقال ابو بكر بن الحارث يائسا : ( إنّا لله .! وعند الله نحتسب يا أبا عبد الله .!) . وتركه ، ودخل أبو بكر بن الحارث على ابن عمه الحارث بن خالد المخزومى والى مكة ، وهو يقول شعرا : ( كم نرى ناصحا يقول فيُعصى     وظنين المغيب يلقى نصيحا .) وأخبر ابن عمه بما دار بينه وبين الحسين ، فقال الحارث : نصحت له ورب الكعبة.!) .

وحتى فى الطريق الى الكوفة توالت عليه النصائح والتحذيرات ، وقيل له عن أهل الكوفة : ( إنّ قلوبهم معك وسيوفهم عليك ) ..!! فما إزداد سوى العناد ، ساعيا الى حتفه بظُلفه . وفى النهاية فالحسين هو الذى تسبب فى قتل نفسه وأهله واصحابه . فهل كان الحسين يصلح أصلا للخلافة ؟ وهل كان أصلا من حقه الثورة على ( يزيد ) ؟

الخاتمة:

دعنا نتصور حدوث هذا فى الصين ، حيث يبادر زعيم محبوب طيب القلب بالثورة على حاكم ظالم بلا إعداد ، ويقبل أن يضع مصيره ومصير اهله فى أيدى قوم يعرف خداعهم وغشّهم ، ويرفض نصح الناصحين ويصمم على أن يخرج بأهله فى حركة إنتحارية معروف نتيجتها مقدما . ودعنا نطلب رأى أى شيعى فى هذا الزعيم الصينى .  لا ريب أن الأخّ الشيعى سينهال سبّا وشتما لهذا القائد الصينى الفاشل الغبى الذى تسبّب فى قتل نفسه وأهله وأنصاره، ولا بد أن الأخ الشيعى سيستنكر أن يصلح هذا الزعيم الصينى للقيادة ، لأنه لو كان قائدا لدولة الصين لأورد أهل الصين مورد التهلكة . فإذا قيل لهذا الشيعى إن هذا بالضبط ما فعله الحسين بنفسه وأهله وأنصاره فى كربلاء .. عندها سيثور الشيعى فى وجهك ، وسيتهمك بالكفر ومّناصبة ( اهل البيت ) العداء.

الحسين عندنا ـ وفى الحقيقة ـ هو شخصية تاريخية بشرية إنسانية نحكم عليها بالمكتوب عنها وفق منهج تاريخى صارم موضوعى بارد لا مجال فيه للتقديس. أما الحسين عندهم فهو ( سيد شباب أهل الجنة ) وهو اله مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ، ولا يمكن نقده أو مناقشة ما حدث منه . ولهذا ظل التأريخ للحسين مقصورا على البكاء والعويل لما حدث له ، وتحميل يزيد وحده المسئولية . وفى خضم أنهار الدموع ارتقت شخصية الحسين الى علياء التقديس . ثم جئنا لنهبط به وبغيره الى مستوى البشر نحاسبه ونقيّمه بالروايات المكتوبة فى تاريخه..

وفى النهاية ، وكالعادة ، ننتظر السّب والشتم ممّن يعبد الحسين وآل الحسين ..ولا بأس . نحن نعفو مقدما ونصفح فى سبيل التنوير ..لعلّ وعسى.!!

  

الفصل الثانى

 ردا على تعليقات  على مقال ( هل كان من حق الحسين الثورة على يزيد )  

أولا

  1 ـ كما هو متوقع فقد إنهالت الانتقادات الشيعية فى موقعنا تهاجم بسبب مقال (هل كان من حق الحسين الثورة على يزيد ). هذا المقال البحثى ( مُحكم ) من الناحية العلمية ، وهو ملتزم بالاجابة على السؤال المنصوص عليه فى العنوان (هل كان من حق الحسين الثورة على يزيد ). ولم يترك ثغرة تُتيح لأى معترض أن ينفذ منها ، وبالتالى لن يتبفى له سوى الهجوم علينا ، أى يترك الموضوع ويُمسك بالكاتب تجريحا ، فإذا إنبرى بعض أهل القرآن بتوضيح وجهة نظرهم وفق الحوار الدائر إلتفت اليهم أولئك الشيعة  يتهمونهم بتقديس شخصى الضعيف .  2 ـ وكنت أتوقع هذا منهم ، لذا ختمت المقال السابق بضرب هذا المثل دعوة لهم للتعقل : فقلت : ( دعنا          نتصور حدوث هذا فى الصين ، حيث يبادر زعيم محبوب طيب القلب بالثورة على حاكم ظالم بلا إعداد ، ويقبل أن يضع مصيره ومصير اهله فى أيدى قوم يعرف خداعهم وغشّهم ، ويرفض نصح الناصحين ويصمم على أن يخرج بأهله فى حركة إنتحارية معروف نتيجتها مقدما . ودعنا نطلب رأى أى شيعى فى هذا الزعيم الصينى .  لا ريب أن الأخّ الشيعى سينهال سبّا وشتما لهذا القائد الصينى الفاشل الغبى الذى تسبّب فى قتل نفسه وأهله وأنصاره، ولا بد أن الأخ الشيعى سيستنكر أن يصلح هذا الزعيم الصينى للقيادة ، لأنه لو كان قائدا لدولة الصين لأورد أهل الصين مورد التهلكة . فإذا قيل لهذا الشيعى إن هذا بالضبط ما فعله الحسين بنفسه وأهله وأنصاره فى كربلاء .. عندها سيثور الشيعى فى وجهك ، وسيتهمك بالكفر ومّناصبة ( اهل البيت ) العداء .) . لم يتعقّلوا . ودخلوا فى السبّ والاتهامات الظالمة لنا ، وهذا أيضا توقعته فقلت فى نهاية المقال : ( وفى النهاية ، وكالعادة ، ننتظر السّب والشتم ممّن يعبد الحسين وآل الحسين ..ولا بأس . نحن نعفو مقدما ونصفح فى سبيل التنوير ..لعلّ وعسى.!!  )

ثانيا :ونورد بعض ما قالوه ، وبعض ما قيل فى الرد عليهم

  1 ـ بعضهم إتهمنى بالاستبداد ، وبأن أحبتى من أهل القرآن يقدسوننى . وقدر ردّ عليه الاستاذ عماد بن عبد الكريم فقال له تحت عنوان  : اتق الله :( 1 ـ لا أدري ما هي العلاقة بين تعقيبك و ما جاء بالمقال. 2- لم يفرض عليك أحد رأيه. فالدكتور منصور قال أكثر من مرة:" أحترم حق المخالفين فيما يختارون لأنفسهم ، وأتمنى أن يحترموا حقى ايضا فى أن أكتب ما أومن به". 3- أرجو أن لا تنغص علينا . )).

  2 ـ ولم يتق الله جل وعلا ولم يرتدع بل استمر يتهمنى بالاستبداد ، ويتهم  الأحبة الذين يدافعون عن رأيي بأنهم يقدسوننى، ويقول (من يعبد عليا أو الحسن أو الحسين أو أحمد صبحي سيحاسبه مالك يوم الدين .  ). وقد ردّ عليه الاستاذ عادل بن أحمد فقال : ( كيف تطلب من الدكتور ان ينقد الافعال و يترك الاشخاص . انا مجرد طالب علم متواضع لا اقدس البشر و لا الحجر و لكن اعرف ان نقد الافعال سيؤدى بضرورة الى نقد من قام بهذه الافعال . الدفاع عن افكار الدكتور احمد صبحي منصور لا تعني بضرورة تقديسه . انا لا ازور المكان الذي ولد فيه الدكتور ، و لا احج للمدينة التي ولد فيها ، و لا اقيم مراسيم خاصة بيوم الذي ولد فيه . انا اعتبر الدكتور احمد صبحي منصور انسان مفكر و مصلح  و انا شخصيا معجب بافكاره الاصلاحية و لا اقدس سوى الله سبحانه و تعالي .  ارجو ان تراجع افكارك قبل فوات الاوان . )

  3 ـ واضطررت للرد فقلت : ( قلنا ونؤكد مجددا أن هذا الموقع مدرسة للبحث وتعلم البحث فى التراث والتدبر القرآنى , هو مدرسة للعلم وليس مصطبة للثرثرة والرغى . وقلنا إننا لا نفرض رأينا على أحد ولا نفرض أنفسنا على أحد ، وأننا نرحب بالنقد الموضوعى ونطلب التصحيح لأن الوصول للحق والحقيقة هى غايتنا كباحثين . وبعض رواد الموقع ناقشنا وأظهر أخطاءا لنا فبادرنا بتحيته وإعلان خطئنا ، وهذا مشهور ومتواتر هنا وفى الفتاوى . ونرد الحجة بالحجة كما نفعل فى هذه السلسة من المقالات ، وردودنا موجودة ، ونقتطع من وقتنا الثمين وجهدنا الكليل لنردّ بالحجة على من ينقدنا ، ونرى أن أنه يجانبه الصواب ، ونرد برفق ، نوضح الحقائق من وجهة نظرنا . وهذا كله فى الإطار المسموح به فى هذا الموقع .غير المسموح به هو تضييع وقتنا فى لجاج عبثى لا فائدة منه ، وافظع منه أن يعجز أحدهم عن الرد فيدخل فى الهجوم والغمز واللمز بالإثم والعدوان يتهمنا بالاستبداد وبالتاله . إى إننا معه بين امرين إما أن نسلّم بحجته أو أن نكون مسنبدين متألهين . منطق عجيب وغريب . !!. إن الكثير مما يُنشر على هذا الموقع لا يتفق مع وجهة نظرى ، ومع ذلك أقوم بوضعه مقالا رئيسا لأن من حق قرّاء الموقع معرفة كل الآراء طالما تلتزم بشروط النشر المعروفة . ولا أكتب معلقا عليها موضحا وجهة نظرى ، طالما لا تخدش عقيدة الموقع . مع تسليمى بينى وبين نفسى أن وجهة نظرى هى الأصوب . ولكن بعضهم يعلّق ويحاول فرض وجهة نظره ، ويتهم أهل القرآن بالوقوع فى الشّرك وتأليه ( احمد صبحى منصور ) المستبد برأيه . هذا مع كل ما سبق التنبيه عليه من منهجنا . نحن لا زلنا فى إطار التسامح ..ولكن للتسامح مدى ..وارجو ألا نصل الى نهاية المدى . ).

  4 ـ وإنزعج الاستاذ محمد دندن ، وهو المشرف على التعليقات على الموقع ـ من هذا اللجاج فى الخصومة ومحاولة فرض الرأى علينا والتسليم لهم ومثلهم بتقديس (على ) و ( الحسين ) و(آل بيتهم ) وإلا الاتهام لى بالاستبداد وللأحبة بالكفر وتقديس شخصى الضعيف وعبادتى . و أرهق الاستاذ محمد دندن نفسه ـ جزاه الله جل وعلا الخير فى الرد ، وقد كتب يقول : (دكتور: لا نريد مناوشات مع أحد . لقد أعطيتهم أكثر من فرصة ليعبروا عن رأيهم . حان الوقت أن تقطع دابر "الخرّاصون". من فضلك أبقي على التعليقات السخيفة و لكن، من فضلك كمان مرة ،ألغي صلاحية التعليق ). . )

  5  ـ وكتب د عثمان محمد على : ( .. حقيقة نحن ننادى بالحرية الفكرية وإحترام الفكر الآخر وندافع عنه ،ولكن  حينما يتحول إلى نوع من (الغلاسة ) كما نقول فى مصر ،ومحاولة لرمى كرسى فى الكلوب لإنهاء المؤتمر فلا يمكن أن نقول له  افعل ماشئت وقل ما شئت تحت زعم حرية الرأى .. لالالالا .  فأرجوك أن تقول رأيك بمنطقية وموضوعية وإحترام وإختيار للألفاظ ومرة واحدة أو مرتين على الأكثر إحتراما لوقت القراء وعقليتهم ...كما ارجوك أن تقرأ الخبر المنشور عن عبدة الحسين وما فعلوه فى قرية القصير السورية وتشاهده ، لتتأكد أن أولئك الناس لا يعبدون سوى الحسين وهو إلاههم وربهم ..فيا أخى أكرر لك مرة أخرى : هذا الموقع المبارك موقع نبتغى فيه ومنه أن يُصلح من شأن المسلمين بالقرآن الكريم وحده ،وأن يعيدهم إلى العلم  بأنه لا قدوس إلا الله الواحد الأحد ،ولا قداسة هنا لملك من الملائكة ولا لنبى ولا بشر ولا لحجر .  فإذا كانت سياستنا هذه لا تروق لك فبكل أريحية تستطيع أن تغادرنا وتبحث عن مواقع أخرى تتماشى مع ما تُحب  وتتركنا نُعلن كلمة التوحيد لله الواحد (القدوس )وحده جل جلاله .... وشكرا على سعة صدرك .)

 وقال د عثمان محمد على ردا على شيعى آخر أتى حديثا  ليهاجمنا  : (أهلا بك... نحن لا ندافع عن الدكتور منصور لمجرد الدفاع . نحن ندافع عن العلم ،وعن قول الحق ،وعن عدم التقديس لغبر الله جل جلاله . وقلنا كثيرا لإخواننا نحن مع إحترام حرية الرأى والتعبير والنقد وندافع عنها بحياتنا ،ولكن على ان تكون مرة واحدة أو مرتيين على الأكثر فى الموضوع الواحد ،وليس لإجترار الماضى ومحاولة تعطيل الموقع ومسيرته العلمية . أخى الكريم نحن نركب قطارا يسير بسرعة معتدلة لا نريد كل من يأتى إليه أن يُعطلنا ويعيدنا إلى المحطة الأولى ، وبكل رفق نقول له نرجوك أن تقرأ ما سبق اولا للدكتور وللكتاب الكرام من اهل الموقع ،وسيجد بالتأكيد الإجابة على ما يجول بخاطره .. أخى الكريم لا يمكن أن نُعيد مجهود ثلاثة عقود كل مرة لكل وافد جديد  .. نحن فى سباق مع الزمن فى البحث والقراءة والكتابة والنشر .فلا يوجد لدينا مُتسع أو ترف من الوقت الذى يجعلنا نُعيد ونزيد ونكرر ما قيل عبر ثلاثة عقود وأكثر .. فرجاءا ثم رجاءا من الإخوة الكرام القراء القادمين والمتعرفين على الموقع منذ وقت قصير أن يكون لديهم الصبر على قراءة ما سبق مع متابعة ما يُكتب  ،وسيجدون إجابات لكل ما يريدون معرفته ...مع الوضع فى الإعتبار أن هذا الموقع الكريم لا يُقدس أهله إلا الله الواحد الأحد ..اخى الكريم .. سريعا .ارجو أن تُعيدوا قراءة المقالات من وجهة نظر سياسية بحتة ،لتتعرفوا من خلالها على المضمون ..وشكرا لسعة صدرك ) .

  6 ـ وقال الاستاذ منير الرمضانى: (ألف ألف ألف سلام للاستاد الفاظل احمد منصور.  تمنية لو عرفنا كم من زمان .أود أن أقول انه لا داعي التعليق  على أصحاب المنطق العجيب فإنهم حتى و لو جاءهم البرهان من عند رب العزة لن يتخلو على معتقداتهم . فلا تضيع وقتك الثمين أرجوك . علق فقط على من يناقظك بالحجة أما العوالم فلا داعي للرد عليهم ،فلا وقت لدينا ،فإنني رغم ضعف عقلي استوعبت ،و فهمت منهجك واستغرب لهؤلاء المفكرين وأصحاب الشواهد  كيف لم يستيقظون بعد من نومهم بعد (ناموا ثم ناموا فالشمس لم تشرق بعد) شيخنا الفاظل أنا مغربي مقيم في فرنسا ولقد اكتشفتكم حوالي3أعوام ، و يا له من اكتشاف ، بطوال حياتي كنت أردد لماذا ؟ لماذا؟ ولم اجد الجواب عند العوالم حتى تعرفت على موقعكم المبارك . أن كل من يتابع  هادا الموقع سيجد الجواب لكل سؤال،   فلقد أجبت عل كل الإسئلة التي يمكن لأي مسلم عادي مثلي أن يسألها . لدا عليك أستاذي الفاظل من اليوم فصاعدا و هادا أمر من شخصي الضعيف أن لا تعلق و لا تجاوب  على أصحاب المنطق العجيب لأني استنتجت أنهم لا يريدون الهداية لان كل شئ موضح في موقعكم لمن يقرأ . ان 10 دقائق التي تكلفك للإجابة عليهم اتمنا لو تكتبون فيها مقالا آخر نستفيد منه . أعانكم الله وألف ألف وألف وألف تحية ) .  ثالثا : الفارق بيننا قرآنيا

  1  ـ فى توضيح الفارق بيننا وبينهم قلت فى المقال السابق : ( الحسين عندنا ـ وفى الحقيقة ـ هو شخصية تاريخية بشرية إنسانية نحكم عليها بالمكتوب عنها وفق منهج تاريخى صارم موضوعى بارد لا مجال فيه للتقديس. أما الحسين عندهم فهو ( سيد شباب أهل الجنة ) وهو اله مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ، ولا يمكن نقده أو مناقشة ما حدث منه . ولهذا ظل التأريخ للحسين مقصورا على البكاء والعويل لما حدث له ، وتحميل يزيد وحده المسئولية . وفى خضم أنهار الدموع ارتقت شخصية الحسين الى علياء التقديس . ثم جئنا لنهبط به وبغيره الى مستوى البشر نحاسبه ونقيّمه بالروايات المكتوبة فى تاريخه )

 :  ـ وفى مزيد من التوضيح القرآنى نقول:2

  2 / 1 ـ نحن جميعا بشر متساوون فى الخلق ، فجميعنا من أب واحد وأم واحدة ، وأكرمنا عند الله جل وعلا هو أتقانا ، وهذا هو الذى سيحكم عليه رب العزة يوم القيامة : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)  ( الحجرات ).

 نحن جميعنا متساوون فى أستحقاق الموت وفى المسئولية وفى الحساب يوم القيامة .يقول جل وعلا للنبى محمد عليه السلام عنه وعن خصومه فى عصره (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) ) ( الزمر )، ويقول له عن مسئوليته هو  قومه : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)( الزخرف ) . ويوم القيامة سيؤتى بكل فرد منا للحساب أمام الواحد القهار جل وعلا ، سواء كان نبيا أو مؤمنا أم كافرا : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95)  ( مريم ) . من ناحيتى ، أرجو أن يتوفانى ربى جل وعلا مسلما وأن يُلحقنى بالصالحين بعفوه ، أدعو ربى جل وعلا : (أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)  ( يوسف ). لا أُزكّى نفسى على الله جل وعلا ، بل أرجو مغفرته وعفوه يوم القيامة .وأُمنيتى أن أتزحزح عن النار وأدخل الجنة.

  2 / 2 ـ لا يؤمن الشيعة و أصحاب الديانات الأرضية من ( المسلمين ) بهذه المساواة بين البشر ، فلكل منهم آلهته المقدسين الذين يستحيل فى عقيدتهم أن يتساووا ببقية البشر . عند الشيعة مثلا لا يمكن أن يتساوى أى شيعى مهما بلغت مكانته مع الحسين بن على أو مع (على ) ، وعند السّنيين فلا يمكن لأى بشر من السنيين أن يتساوى مع أبى بكر وعمر وعثمان ..وأبى هريرة . وعند الصوفيىن يستحيل أن تكون أنت مثل السيد البدوى أو عبد القادر الجيلانى أو الغزالى ..الخ . وبالتالى فهم فى عقيدتهم تلك يكفرون بكل الآيات القرآنية التى تؤكد المساواة بين البشر فى عبوديتهم لله جل وعلا ، وفى مسئوليتهم أمامه فرادى يوم القيامة . ومن هنا فإن أبحاثنا عن الصحابة والآلهة المقدسة توجع السنيين والصوفيين وأخيرا الشيعة . يوجعهم أننا نراهم شخصيات تاريخية ، وبشرا مثلنا . ويوجعهم اكثر أننا بالاحتكام للقرآن الكريم نثبت كفرهم السلوكى بما أرتكبوه من قنل وسلب ونهب واسترقاق وإغتصاب لشعوب بأكملها . يوجعهم أكثر أننا نستشهد بكتبهم التاريخية وبالقرآن الكريم . وعندما لا يجد بعضهم حُجة علينا يلجأ الى الهجوم الشخصى علينا ، حتى فى داخل موقعنا ، بلا خجل.

رابعا : الفارق بيننا   تاريخيا

وفى مزيد من التوضيح للمنهج البحثى التاريخى للصحابة والأئمة وسائر الآلهة المقدسين ، نقول :

1 ــ هناك فارق بين المؤرخ والباحث التاريخى الذى يبحث تلك الروايات التاريخية . لقد حفلت الروايات بأساطير وخرافات وأحاديث كاذبة وضعوها على لسان النبى زورا وبهتانا ، وألصقوا له العلم بالغيب وما سيحدث فى المستقبل ويوم القيامة ، ومنها أحاديث تمدح الحسن والحسين وعليا وآل بيته ، ومنها ما يمدح أبا بكر وعمر أو عثمان ومعاوية وعائشة وأباهريرة وابن عباس . بل إن منها ما يمدح الشافعى وأباحنيفة ، ومنا ما يبشّر بالدولة العباسية وخلفائها . ومنها ما يقوم بتحريف معانى الآيات القرآنية لتنطبق على (آل بيت على ) . وقد تأسس على هذه المفتريات تيار كامل من المؤلفات ، هى ( كتب المناقب ) ، ومنها ما يتخصص فى تقديس الأئمة الأربعة للدين السّنى وشريعته الفقهية ، ومنها ما يتخصص فى تمجيد الصحابة ، وخصوصا الخلفاء منهم،ومنها كتب عن مناقب الأئمة من العلويين والشيعة ، ومناقب الأولياء الصوفية . وبمرور القرون تتم إضافة المزيد من الخرافات والأساطير، وكلها لا شأن لها مطلقا بالشخصيات التاريخية التى تتحدث عنها . الباحث التاريخى يلقى بكل هذه الروايات الخرافية فى أقرب مقلب زبالة ، ويعتبرها صادقة فقط فى تصوير عقليات مؤلفيها وعصرهم .

2 ــ على أن بعض الروايات فى الحوليات التاريخية وكتب الطبقات الأولى تحوى بعض الصدق وبعض الكذب ، وهى التى تحتاج الى التمحيص ، سواء فى كل الروايات المتضاربة فى الموضوع الواحد ، أو ما يتداخل منها ، أو حتى فى نفس الرواية الواحدة التى تضم فى أجزائها بعض الحقائق وبعض الأكاذيب . مع ملاحظة أن الحقيقة التاريخية هنا نسبية ، أى هى فى أحسن حالاتها تحتمل الصدق والكذب ، أى هى ظنية مكتوبة بيد البشر ، وليست حقائق إيمانية مطلقة الاهية كحقائق القرآن الكريم . ثم إن ما يصل اليه الباحث مهما بلغت عبقريته البحثية فهى مجرد وجهات نظر تقبل الخطأ والصواب ، لأنها تعتمد على روايات تحتمل الصدق والكذب . والعبرة فى صحة البحث التاريخى هى فى التعامل مع كل الشخصيات على أنها كلها لبشر ، وليست آلهة مقدسة ، وفى مدى صدقيته وموضوعيته وحياديته فى التعامل مع هذه الشخصيات التاريخية ، وتناسق التسلسل فى أحداث الروايات وتمشيها مع ثقافة العصر والفهم لشخصياته ودوافعها ، وجذورها الاجتماعية والعشائرية والقبيلية.   

  3 ـ  كل ما نقرؤه من تاريخ للبشر هو كلام بشر . أمّا الحقائق المطلقة عن كل فرد منا فستكون مُعلنة يوم القيامة بأعماله وأقواله وخطرات قلبه  ، يوم يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ،عندئذ ، فمن عمل مثقال ذرة من خير سيراها  ومن عمل مثال ذرة من شرّ سيراها . (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) ( الزلزلة ). يومها ترى كل أمة عملها فى كتاب الأعمال الجماعى الذى يتم نسخ نسخ فردية منه لكل فرد : (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29) ( الجاثية ). وينظر المجرمون الى كتاب أعمالهم نادمين متعجبين من هذا الكتاب الذى لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وأحضرها ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49) ( الكهف ). وبينما يسجل تاريخ البشر ما يظهر من الأعمال والأقوال، أو ما يُحكى عنها ، ولا يستطيع أن ينفذ الى النوايا وخطرات القلوب فإن يوم العرض على الله جل وعلا لا يخفى فيه منّا شىء : ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)الحاقة ) . هنا يكون ( علم اليقين ) و ( عين اليقين )، وليس الظّن والتخمين .  .

  4   ـ لا يعنى هذا أن نهمل (علم التاريخ  البشرى) ، كما لا يعنى ايضا أن تتحوّل شخصيات التاريخ عندنا الى آلهة مقدسة ، يحرم الاقتراب منها إلا بالتقديس والتحميد والتبجيل .  

  ( علم التاريخ ) و ( العلم بالتاريخ ) ضرورى للتقدم الانسانى ، فالانسان هو ( حيوان تاريخى ) قدم حديثا لهذا الكوكب الأرضى ،  مزودا بعقل وذاكرة تاريخية  ، يستطيع بها التعلم من تجاربه السابقة فلا يكرّر نفس الخطأ . ومن هنا يختلف الانسان عن الحيوان . فالحيوان يعيش الحاضر فقط ، لذا تظل البقرة بقرة والجاموسة جاموسة والأسد اسدا والحمار حمارا ، لا فارق بينها وبين اسلافها من ملايين السنين . أما الانسان الذى جاء متأخرا عن هذه الحيوانات وهو أقل من بعضها قوة فقد استطاع بناء حضارة ، وأن يسخّر هذه الحيوانات لنفسه . إستطاع هذا بذاكرته التاريخية ، بتذكر الماضى ليستفيد منه فى الحاضر والمستقبل .هذه هى فائدة ( علم التاريخ ) أو ( العلم بالتاريخ ). وهذا العلم التاريخى يستخلص الحقائق التاريخية من ركام الأكاذيب ليأخذ منها الموعظة والعبرة

. وبدون ذلك البحث التاريخى الذى يستهدف العظة والعبرة يتحول التاريخ الى أساطير دينية أرضية مقدسة .  وكل الأديان ألأرضية مؤسسة على تاريخ مزيف ، يتحول به التاريخ الى اساطير الأولين ، وتتحول شخصياته التاريخية البشرية الى آلهة مقدسة ، وهذا هو التراث المقدس للكاثولوكية والارثوذكسية والسنة والتشيع والتصوف ..الخ

  5 ـ ويظل الفارق بين مدى سيطرة هذا أو ذاك . فإذا سيطرالعلم التاريخى الذى يستخلص الحقائق التاريخية من ركام الأكاذيب ليأخذ منها الموعظة والعبرة فإن المجتمع يتقدم ويزدهر ولا يكرر أخطاء وخطايا السلف . أما إذا سيطرت الأديان الأرضية وكتبها ( المقدسة ) وأساطيرها وخرافاتها وأكاذيبها وظلت عبادة الأبطال  سائدة ومسيطرة ، فإن المجتمع يظل يجترّ خطايا وأخطاء السلف ( البائس ) ويتخذها دينا.   

وهنا يكمن الفارق بين الغرب الذى تحرّر من سيطرة الكنيسة وبين العرب المسلمين الذين لا يزالون فى الفتنة الكبرى يعمهون ، يقتلون انفسهم شيعة وسُنّة فى نفس الزمان والمكان . لا يزال الشيعة يذهبون الى كربلاء فيتعرضون للقتل من السنّة من العصر العباسى وحتى الآن ، ولا ينزالون يمارسون فى يوم عاشوراء التطبير فيتعرضون للسخرية والتحقير .!. فإذا تصدّى مفكر  ـ مسلم مسالم حريص على الاصلاح وحقن الدماء ـ وبمنهج العلم التاريخى والبحث التاريخ تناوشته السهام من كل جانب .!

 خامسا : الفشل المقدس وآلهة الفشل الشيعى

  1 ـ من ملامح غيظهم هى أننى وصفت عليا والحسين بالفشل ، فى إطار الصراع السياسى والحربى على السّلطة مع معاوية وابنه يزيد . هو صراع انتهى الى منتصر فائز وخاسر فاشل . والوصف للمهزوم العادى أنه فاشل وخاسر ) . ولقد حاولت بكل المُستطاع تخفيف اللهجة حرصا على ( قلوب العذارى ).) .

والحقيقة ، فإن الأمر يستحق فعلا وصفا آخر أشد وقعا وأكثر إيلاما .

هناك من يخسر الحرب لظروف طارئة أو خارجة عن إرادته ، وقد يستحق الشفقة ، ولدينا الكثير من الأمثلة التاريخية . ولكننا هنا أمام حالة إستثنائية ، يصمم فيها القائد ( على بن أبى طالب ) على رفض النصائح ، ويبادر بالحرب ، بل ويتفنّن فى تحويل الأصدقاء الى أعداء ، يثير غضبهم وحقدهم ثم يستعين بهم ليتيح لهم الفرصة لتدميره ، وينتهى الأمر بأن يفقد جزءا كبيرا من أنصاره ، ثم تنهار سلطته ، ويقتله بعض أتباعه . هو بحماقته الذى حمل  خصمه معاوية الى النصر والوصول للحكم على جثث الآلاف ، وهو المسئول عن مصيرهم .  وصف الفشل هنا أقل ممّا يجب ، طالما أننا نتعامل مع شخصية تاريخية ليس لها عندنا أى تقديس أو تأليه .

 أما الحسين الذى عاش وعايش محنة وتجربة أبيه وأخيه ، فهو يكرر نفس الخطأ ، ويرفض النصائح بعناد غريب ، ثم يتجه بلا استعداد لحرب تنتظره مصطحبا اسرته ، وقد جعل مصيره ومصير عائلته معلقا بمن لا يمكن الوثوق بهم . وتأتى الأحداث المأساوية تماما بنفس ما قيل له من قبل من تحذيرات ونصائح . هنا أيضا يكون وصف الفشل أقل مما يجب ، ولو كره المشركون.

  2 ـ أحباؤنا الشيعة المعترضون علينا ، لهم وجهة نظر أخرى ، هى أساس الدين الشيعى ، وهى موالاة (على وآل بيته ) دفاعا وتقديسا ، والتبرؤ من خصومه والهجوم عليهم . ولا توسط  عندهم ، فإذا حاولت الحياد فأنت توالى معاوية ، ومهما كان تقديسك لعلى وآل بيته فهذا لا يكفى عندهم لأنه لا بد أن تتبرأ من أبى بكر وعمر وعثمان ومعاوية ..الخ . والفارق الأساس بين الشيعة وبين السنيين والصوفيين أن السنيين والصوفيين يكتفون بتقديس (على وآل بيته ) بدون تكفير وتبرؤ من أبى بكر وعمر وعثمان ومعاوية ..الخ ، ويريد الشيعة منهم التبرؤ من أولئك الصحابة . وبالتالى فقد كانوا يهللون لنا ونحن ننتقد ابا بكر وعمر وعثمان ونتعامل معهم كشخصيات تاريخية ، فلما بحثنا تاريخ ( على وبنيه ) بنفس المنهج إنتفضوا غيظا ـ ولا يزالون ..

  3 ــ ـ هذه العقيدة الشيعية فى التولّى والتبرى أرست فارقا اساسا بين ثقافة الشيعة وثقافة السّنة . فالسنيون يقدسون آلهة بشرية منتصرة ( أبو بكر وعمر ومعاوية وحتى عثمان وعمرو بن العاص ) بينما يقدس الشيعة آلهة بشرية مهزومة فاشلة . ولهذا يحتفل الشيعة بفشل الحسين فى ذكرى مذبحة كربلاء ، فى المعبد المقدس المقام له هناك ، ويجعلون أرض كربلاء طاهرة مقدسة ، يصنعون منها حصوات يسجدون عليها فى الصلاة .!

هو إحتفال بالفشل وبشخصية فاشلة تاريخيا.!! ، هذا ما يقوله أى عاقل حتى لو كان من الاسكيمو او المكسيك.

أكثر من هذا ، فقد أقام الشيعة مقابر عديدة مقدسة على ( رأس الحسين ) ، أشهرها الموجود فى القاهرة . والمعروف ( تاريخيا ) أنه كان للحسين راس واحدة .! اليس كذلك ؟! ولكن كل رأس من (  رءوس) الحسين تحظى بالتقديس بما يستوجب الضحك حتى البكاء . وقلتّ مرة لبعضهم فى التسعينيات : " إذا كانت لرأس الحسين هذه القدسية فلماذا قطعها السيف يوم كربلاء ؟ ولو كان هناك تقديس لأصبح من حق السيف الذى قطع الرأس وليس للرأس المقطوع" .! ففتح فمه دهشة ، وأخشى أن يظل مفتوحا حتى ألان .! .

هى عبادة الفشل وتقديس الفاشلين المستمرة حتى يومنا ، ضمن شعائر الدين الشيعى من بكاء ونواح وتعذيب للجسد فى مواكب عامة يضحك لها المكتئب الحزين

يضع الدين الشيعى أتباعه دائما فى خانة الضحايا ، الضحايا الذين إختاروا أن يكونوا ضحايا بمحض إرادتهم بنفس ما فعل الاههم على وذريته المقدسون عندهم ( الحسين وزيد بن على زين العابدين وأخوه ) الذين جعلوا أنفسهم ضحايا للأمويين بفشلهم وعنادهم . هذا بينما تجد السنيين الذين يؤلهون آلهة بشرية منتصرة حربيا قد إكتسبوا من آلهتهم البشرية صفات الهيمنة والسيطرة والعنف والقتل ، ولهذا يظل الشيعة دائما صرعى وضحايا للسنيين . ولهذا كان التركيز على كربلاء وذيولها التى لا تزال سائدة حتى يومنا ، حيث إعتاد السنيون قتل الشيعة فى حجّهم لكربلاء ، يستمر الشيعة فى المجىء ، ويستمر السّنة فى قتلهم هناك ، خصوصا فى شهر( محرم ) الحرام ، فإذا تقاعس السنيون عن القيام بهذا الجهاد فإن الشيعة يقومون بتعذيب أنفسهم بالتطبير علنا وعلى رءوس الأشهاد . لا نندهش من عقليات كهذه أن تنتفض علينا غيظا ، لأننا أنتقدنا ( الفشل المقدس ) لديهم فوضعنا أصبعنا على ( جُرح ) نريد لهم الشفاء منه، ويريدون هم الابقاء عليه ، فهو حائط المبكى المقدس لديهم.  سادسا : من ذيول الفشل

 بعض من إعترض علينا وصل الى نقطة خطيرة ، أقول بكل صدق إنها لم تخطر لنا على بال من قبل .

 فقد عقد مقارنة بينى وبين الحسين ، متهما لى أيضا بالفشل ، قال انهم طُردونى من الأزهر وهربت الى أمريكا ، وأننى ـ بزعمه لو اتهمنى أحد بالفشل سأغضب ، فلماذا أتهم الحسين بالفشل . لم يخطر على بالى من قبل أن اضع نفسى فى مقارنة مع الحسين أو أى شخصية تاريخية ممّن أبحثهم . وأعترف أننى فكّرت جدّيا فى موضوع المقارنة هذا طالما هم الذين نبهونى اليه . و أرد عليهم ،  وردى سيكون موجعا كالعادة :  :

  1 ـ ( الحسين بن على )هو بشر . أليس كذلك ؟. و ( أحمد صبحى منصور ) هو بشر كذلك ، وموعد البشر جميعا أما الله جل وعلا ليحكم بينهم فيما هم فيه مختلفون . الحكم على  العقائد والنوايا مرجعه لله جل وعلا وحده . أما الحكم على التصرفات الظاهرة فيمكن للبشر الحكم عليها وفق المسجل فى التاريخ . وبعد موته سيتحول ( احمد صبحى منصور ) الى شخصية تاريخية ، تتعرّض للتحليل والتقييم ، كما يفعل الان ( أحمد صبحى منصور ) الآن مع الشخصيات التاريخية . والباحث التاريخى المُوضوعى فى العصر القادم لو قارن بين شخصيتين تاريخيتين هما ( الحسين بن على ) و ( احمد صبحى منصور )، سيجد الحقائق التاريخية التالية :

ــ (  الحسين بن على ) عاش معظم حياته وهو يأكل من غنائم الفتوحات مما يأتى لأبيه ( على ) واليه  ، وهذا فى حكم القرآن مال ( سُحت )، منهوب من عرق ودماء ملايين السكان من الأمم المفنوحة . ثم شارك فى القتال فى الفتنة الكبرى وقتل كثيرين ، ثم بسبب طموحه السياسى الفاشل تسبب فى قتل نفسه وقتل أهله والمناصرين له.

  ( أحمد صبحى منصور ) : لم يأكل المال السّحُت الذى يأكله الشيوخ ، فلم يشتر بآيات الله جل وعلا ثمنا قليلا ، ولم يكتم الحق ، بل صمّم على قول الحق ، وتحمّل العنت .  وعندما احيل للتحقيق قدم إستقالته من الجامعة فرفضوها ، فأقام عليهم دعوى قضائية لإلزامهم بقبول إستقالته المُسبّبة ، وعندما إقترب اجل الحكم فى القضية بادروا هم بعزله من الجامعة ، أى عزلوا من سبق أن قدّم أستقالته وصمم على تركهم الى درجة رفع قضية عليهم . وسار ( أحمد صبحى منصور ) على السّنة الحقيقية لخاتم المرسلين ـ فدعا بالقرآن دعوة سلمية لاصلاح المسلمين ، وطوال دعوته لم يفرض رأيه على أحد ، ولم يطلب أجرا من احد مع معاناته من الفقر سنين طوالا ، ورفض كل العروض الدنيوية ، وتحمل كل الأذى من السجن والتـشهير والتهديد والملاحقات بالقتل ـ ورفض أى طموح سياسى ، ودافع عن كل المُضطهدين خصوصا الشيعة ،مع أختلافه معهم فى العقيدة . وحين ضاقت به أرض مصر هاجر بدينه كما فعل خاتم النبيين ، فأنقذ حياته وحياة أسرته ، وعاش منعّما مكرما فى دار هجرته ، يسترجع بالحمد والشكر قوله جل وعلا (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)  ( النحل )).

  ( أحمد صبحى منصور ) نجح بامكاناته المحدودة فى أن يُنشى تيار ( اهل القرآن ) على مستوى العالم ،مع أن أعداءه هم أثرى أثرياء العالم . ونجح أهل القرآن فى تدمير الكثير من خرافات السنيين والشيعة والصوفية ، وبجهدهم تجرأ كثيرون على نقد التابوهات الخرافية، وسارت عجلة التفكير والتنوير للمسلمين . ونجح أهل القرآن برغم ضعف إمكاناتهم فى إحداث تغيير نوعى فى تفكير المسلمين ، ليس فقط فى أن تشجع المترددون على مناقشة المسكوت عنه ، وليس فقط فى إنفضاض كثيرين عن معتقداتهم الوهابية ، ولكن بعض أساطين الفكر السّنى  نفسه بدأ فى تغيير الخطاب ليواجه المتغيرات الجديدة التى أحدثها أهل القرآن ، لأنه بعد ظهور أهل القرآن لم يعد المثقف المسلم العادى  يتقبل بسهولة ما كان يتقبله من قبل بلا مناقشة . قبل ظهور أهل القرآن ، كان أقصى ما تصل اليه المناقشات هو عن حديث الذبابة أو حديث اليهودى الذى سحر النبى فى ( صحيح البخارى ) دون مساس بالبخارى نفسه . الآن تجاوزالنقاش هذا ، إنتهى خلال النخبة تقديس البخارى ، ووصل التساؤل والنقد الى هل هناك (سُنة ) أصلا أم لا ، وهل تتفق الشريعة السّنية وأقوال أئمتها مع الاسلام أم تتناقض معه ، وهل يصح تقديس الصحابة الكبار أم لا ، وهل تتفق الفتوحات (الاسلامية ) مع الاسلام أم لا ، وهل بها يكون كبار الصحابة مع الاسلام أم ضد الاسلام .!!. نقلة هائلة فى التفكير ، لم تحدث من قبل . وعجز خصومنا عن الردّ علينا إلا بالاضطهاد الذى ساعدنا أكثر وأكثر ، فالفكر القرآنى الان أصبح منتشرا فى ربوع العالم بالعربية والانجليزية والفرنسية والايطالية والفارسية والأوردية ، والمركز العالمى للقرآن الكريم والذى أسسه ( احمد صبحى منصور ) يقود هذا التيار القرآنى على مستوى العالم . وهناك مراكز أخرى وتجمعات قرآنية أخرى سارت على الطريق بعد أن تمّ تمهيدالطريق  وتعبيده وإزالة الألغام ليصبح سهلا ميسرا لمن يلحق بقافلة التنوير .

 وفى كل هذا لم يرتكب ( احمد صبحى منصور ) بجهاده السلمى أى جريمة قتل ، بل انقذ الكثيرين من الوقوع فى إعتناق ثقافة الارهاب والقتل . فأين ( الحسن بن على ) من ( احمد صبحى منصور ) .. ومن منهما الفاشل القاتل لنفسه وألاخرين ، ومن منهما المُصلح المُسالم الذى أفلح فى إنقاذ نفسه وأسرته ونجح فى مهمته ؟

  ـ ليس هنا غرور أو نرجسية ، بل تقرير لحقائق .  

أكثر من ذلك هى دعوة إسلامية لكل فرد بأن يجعل نفسه ندّا وفى موضع المقارنة بالشخصيات التى جعلوها مقدسة فى تاريخ المسلمين وتراثهم وأديانهم الأرضية . بعد ختم النبوة وموت خاتم النبيين عليهم جميعا السلام ، فكلنا سواسية ، من مات ومن يعيش الآن ، ومن سيولد بعدُ . بإمكان أى فرد أن يتفوق على السابقين فى الهداية ، لو تمسك بعقيدة ( لا اله إلا الله ) مؤمنا باليوم الآخر وبالعمل الصالح النافع للناس ، وظل منحازا للحق وفعّالا للخير ، مبتعدا عن الظلم والفسوق والعصيان . بهذا يضمن فى الآخرة أن الله جل وعلا لن يضيع أجر من أحسن عملا ، لأنه جل وعلا لا يخلف وعده ( وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ  (111)( التوبة )  . كل إنسان يتمتع بحرية الاختيار ، له أن يختار طريق الهداية فيزيده الله جل وعلا هدى ، وله أن يختار الظلم فيعانى عقاب الدنيا والخلود فى النار . وفى كل الأحوال فالمجال مفتوح أمام الجميع فى أن يتفوق فى الخير أو فى الشر، وكل إمرؤ بما كسب رهين .   

أخيرا : لكم دينكم ولى دين

  ـ ( دينيا ) لا يمكن أن نتفق ، فلا يمكن أن نشارككم فى تأليه ( على ) وآل بيته أو تأليه أى مخلوق. نحن نكفر بآلهتكم ، ونؤمن بالله جل وعلا وحده لا شريك له . وآلهتكم البشرية عندنا هى شخصيات تاريخية ،  نبحثها بموضوعية تاريخية . و علميا ، لا يمكن أيضا أن نتفق ، فلن يُرضيكم أن نتعامل مع آلهتكم كشخصيات تاريخية وكبشر من بنى آدم ، ولن نحيد عن منهجنا البحثى العلمى.

  ـ ثم إنّنا نتوجه بخطابنا الى العقول المتحررة الباحثة عن التنوير من الخواص المؤهلين للعلم والفهم من المثقفين . نحن لا نخاطب ( العوام ) . وأقصد بالعوام ، ليس بائع البطاطا على ناصية حارة فى منطقة عشوائية بالقاهرة ، ولكن اقصد تحديدا ( عقلية العوام ).  عقلية العوام هى التى تجعل صاحبها يكفر بقوله جل وعلا (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الاسراء ). فالله جل وعلا فضّل بنى آدم بالعقل ، وأنزل القرآن لعلهم يعقلون (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) ( يوسف ) (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)( الزخرف )، ولكن أصحاب عقلية العوام يركعون ويسجدون أمام أحجار لقبور مقدسة ، نحتوها بأيديهم ، وخلقوها إفكا ، لم يتعقلوا قول ابراهيم عليه السلام لقومه (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً (17) العنكبوت ) (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) الصافات ).

 لا نوجّه خطابنا لقوم يعبدون جيف الموتى ويتبركون بأحجار وقبور وبخرافات وأساطير يتمسكون بها بلا عقل أو وعى . لا فارق فى عقلية العوام بين ( مرجع شيعى ) أو (إمام سّنى ) أو ( ولى صوفى ) أو ( شيخ للأزهر ) أو أى شخص من عوام الناس . كلهم يحمل نفس العقلية وكلهم يعطى عقلة أجازة مفتوحة متمسكا بما وجد عليه آباءه .   

  ـ نحن أيضا لا نفرض أنفسنا عليهم ، لم يحدث أن إقتحمنا عليهم معابدهم أو قنواتهم الفضائية أو مواقعهم الاليكترونية ، وهى بعشرات الألوف . بل لا ننشر مقالاتنا إلا فى موقعنا وفى موقع الحوار المتمدن فقط ، ومن يرغب فى التنوير هو الذى يبحث عنا ويسعى الينا . وبالتالى فإن من يأتى الينا فى موقعنا لا بد أن يعى أنه مدرسة علمية للتدبر القرآنى والاجتهاد الدينى ، أى تستلزم درجة عالية من التعقل والفهم ، وليس مؤهلا لها مطلقا من ينتمى الى عقلية العوام ، لأنه سيتعبنا وسنتعبه ، ولذا ننصحه أن يُريح وأن يستريح .

 

 

الفصل  الثالث : هذا الشيعى ( عبد الحسين )

جاءنا هذا الانذار الهام الحاسم من الاستاذ عبد الحسين ،  يقول : (  بالنسبة الى موضوع احمد صبحي منصور وتهجمه على الامام الحسين الذي ثار على الطاغية يزيد بن معاوية، فليعلم احمد صبحي ان الحسين سيبقى الثائر في وجه الطغاة ورفض بيعة يزيد . اما انت وامثالك فاسأل الله لكم الهداية او فليحشركم مع يزيد في جهنم وبئس المصير ، لانك اما ان تكون مع الحسين او تكون مع يزيد المجرم ).

 انتهى الانذار الهام الحاسم ، وأرد عليه :

أولا : هذا الشيعى ( عبد الحسين ) وتقديس البشر

1 ـ فى الأديان الأرضية يتم تقديس البشر . فى المسيحية هناك ( عبد المسيح ) وفى الدين السنى : ( عبد النبى ) و ( عبد الرسول ) ، وفى التصوف ( عبد الصالحين ) ..وفى التشيع ( عبد الزهراء ) و ( عبد على ) و ( عبد الحسين ).

2 ـ الاستاذ الشيعى ( عبد الحسين ) يعتبر تحليلنا التاريخى للشخصية التاريخية المعروفة باسم ( الحسين بن على بن أبى طالب )  تهجما ، ويعتبر هذا التهجم كفرا ، ويبعث بإنذار شديد اللهجة بالتوبة والهداية وإلا فالحشر فى جهنم مع يزيد ..وبئس المصير .

3 ـ نحن نعتبر الحسين وأباه وأمه وكل الصحابة المذكورين بالاسم فى كتب التاريخ شخصيات تاريخية ، لنا حق بحثها وتقييمها تاريخيا ، ونحن مؤهلون لذلك علميا ، ولنا حق تقييمهم دينيا طالما يعتبرهم البعض رموزا ( إسلامية ) يقدسونها ويؤلهونها ويربطونا بالاسلام . نحن لا نقدس الشخصيات التاريخية ولا نعتبرها جُزءا من عقيدتنا الاسلامية ، ولو أنكر شخص تاريخ الخلفاء الراشدين وغير الراشدين ولو أنكر وجود الحسين ووالديه وإخوته فلن يؤثر هذا فى إيمانه شيئا ، سيكون فقط جاهلا بالتاريخ . والله جل وعلا لن يحاسبنا على علمنا أو جهلنا بالتاريخ ، ولكن سيحاسبنا على مدى تمسكنا بالتقوى فى ( لا إله إلا الله ) وفى العبادة و المعاملات .

ثانيا : مشاكل ( إما ...وإما )

1 ـ ولأن الاستاذ الشيعى ( عبد الحسين ) يؤمن بالحسين فهو يتعامل معنا بمنطق ( إما ..وإما )، فليس فى عقيدته الايمانية سوى (الحسين ) ، وعنده فالايمان محوره (الحسين )، يعنى أنه على جميع البشر من سان فرانسيسكو الى ( الصين ) أن يختاروا واحدا من (إثنين ): إما أن يكونوا مع يزيد أو مع  (الحسين ). إما أن يكونوا ( من الأبرار ) وإما أن يكونوا مع يزيد ( فى النار ) .

2 ـ المشكلة الكبرى أن الاستاذ الشيعى ( عبد الحسين ) ينذرنا كما لو كان يملك الجنة والنار ، لو دخلنا فى حزب الحسين سيدخلنا الجنة ولو إتبعنا يزيد فسيدخلنا النار . الاستاذ الشيعى ( عبد الحسين ) لم يقدر الله جل وعلا حق قدره وهو جل وعلا مالك يوم الدين ، يقول رب العزة : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) الزمر )

3 ـ  هناك مشكلة أخرى مع الأغلبية الساحقة من بنى آدم من بدء الخليقة وحتى  نهاية العالم الذين لا يعرفون الحسين ولا يعرفون يزيد. ومن حقنا أن نتساءل بقلق فظيع عن مصير الأمم السابقة التى عاشت وماتت قبل ولادة الحسين ودون أن يعرفوا شيئا عن الحسين ، وهل مصيرهم الجنة أو النار أو ( منزلة بين المنزلتين ) ؟

 4 ـ ولو قيل لأمريكى عن هذا الجدل حول الحسين ويزيد لأعتقد أنهما مرشحان يتنافسان فى الإنتخابات   الرئاسية العربية (على فرض وجودها اصلا) . فإذا قيل له ان الحسين ويزيد ماتا من 14 قرنا فإن دهشته ستجعله يعطى حركة بذيئة بأصبعه الوسطى يقشعرُّ منها الأمين العام للأمم المتحدة ( قرفا ) ، أو ربما يطلق صوتا بذيئا تحمرّ منه وجنتا أم المؤمنين السيدة الفاضلة فيفى عبده (خجلا )، أو يقول  كلمة بذيئة يرقص لها الشيخ وجدى غنيم ( طربا ).!! .

5 ـ مشكلة أخرى يواجهها الاستاذ الشيعى ( عبد الحسين ) : أن الكتب المقدسة لأهل الكتاب والقرآن الكريم لا تعترف بالحسين ، وأنه حين هبط آدم وزوجه للأرض لم يقل لهما ولذريتهما رب العزة شيئا عن الحسين ولم يحذرهما وذريتهما من يزيد . 

6 ــ وهكذا أوقف الاستاذ الشيعى ( عبد الحسين ) البشرية فى محنة الاختيار بين الجنة أو النار ، بين الحسين أو يزيد . كان نزار قبانى أكثر ليبرالية ورحمة بحبيبته حين قال لها : إنى خيرتك فإختارى بين الموت على صدرى أو بين دفاتر أشعارى .. إختيار إستبدادى صعب ، حين لا يكون هناك بديل ثالث ، وهو أصعب حين يتحدد الاختيار ، بين الجنة أو النار .

7 ـ إن البدائل واسعة ومكتظة ومزدحمة وأكثر إزدحاما من اتوبيسات القاهرة . ولكن ليس فى عقيدة الاستاذ الشيعى ( عبد الحسين ) أدنى إحتمال لإختيار البديل الثالث . ولأنه يوجه لى خطابا مباشرا أو إنذارا مباشرا ، فأقول إن مجالات الاختيارات أمامى مفتوحة ، وليست مقصورة على الحسين ويزيد ، بل أقول : لن أختار الحسين ولا يزيد ، سأختار من أشاء من البشر ، سأختار المطرب شعبان عبد الرحيم ، وسأختار معه على سبيل تحسين النسل المطربة هيفاء وهبى ، وربما ساضيف لهم رغبة فى المتعة العقلية بالاستماع الى فيلسوف العصر المفكر اللوذعى توفيق عكاشة ، وربما لتحسين المستوى الأخلاقى أضيف الاستاذ المهذب مرتضى منصور ..( أنا حُرُّ يا أخى ..وانت مال أهلك ؟!! ).   

ثالثا : ( إما ..وإما ) فى الدين الحق والأديان الأرضية

1 ـ  ليس فى إعتقاد الاستاذ الشيعى ( عبد الحسين ) سوى ( إما وإما : إما الحسين وإما يزيد )، شأن الحسم الدينى فى دين الله جل وعلا أو فى الأديان الأرضية .

2 ــ فى دين الله جل وعلا إما أن تؤمن بالله جل وعلا وحده إلاها لاشريك له ، وإما أن تكون كافرا به جل وعلا . (الله لا إله إلا هو ) هذه هى الحقيقة المطلقة ، وما عداها باطل ( فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ )(32) يونس ). فى دين الله جل وعلا  يجب على المؤمن الايمان بحديث واحد هو حديث الله جل وعلا فى القرآن ، ولا يؤمن بحديث آخر : (  فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات ، (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الاعراف ) (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية).

2 ــ ( أما وإما ) تجدها ايضا فى الأديان الأرضية . فى الدين المسيحى الأرضى إما أن تؤلّه المسيح وإما أن تكون كافرا . فى الدين الأرضى السنى إما أن تؤمن بالبخارى وإما أن تكون كافرا ، وفى الدين الصوفى الأرضى إما أن تؤمن بالغزالى ( حجة الاسلام ) وإما أن تكون كافرا ، وفى الدين الشيعى الأرضى لا بد أن تؤمن بالحسين وتلعن يزيد أو تكون كافرا .

3 ــ الدين الحق قائم على تكفير من يؤمن بغير الله جل وعلا الاها ، ( لا إله إلا الله ) تتضمن إيمانا بالله جل وعلا وحده الاها وكفرا بأى تأليه أو تقديس للبشر.  وكذلك الأديان الأرضية تحكم بتكفير من لا يؤمن بمقدساتها . وفى كل منها هناك شخصية الاهية محورية لا بد من الايمان بها ، وإلا فالاتهام بالكفر ..وإزدراء الدين ( الأرضى ).!.

4 ــ نحن فى منهجنا القرآنى ـ نحتكم الى رب العزة فى أقوال وأفعال المحمديين ، ونقارنها بما قاله رب العزة عن أقوال وأفعال الكافرين المشركين ، ونحكم بتكفير الأقوال والأفعال أملا فى إصلاح القائلين والفاعلين ، ثم ننتظر الحكم علينا وعليهم يوم الحساب ، ليحكم بيننا ربنا جل وعلا فيما نحن فيه مختلفون ، لأنه جل وعلا هو صاحب الدين وهو مالك يوم الدين ، وهو جل وعلا مالك الجنة والنار . أما أرباب الدين الأرضى فهم الذين يخترعونه وهم الذين يملكونه ، وإذا كان رب العزة يتعامل مع البشر بمنطق ( إما وإما ) فهم أيضا يتعاملون مع البشر بنفس المنطق ( إما وإما ).

رابعا : ولكن ( إما ..وإما ) حق للخالق جل وعلا وحده

1 ـ  ( الدين الحق ) والأديان الأرضية فيها ( إما وإما ). ولكن هذا حق لرب العزة وحده جل وعلا .

2 ــ  ومن الطريف أن كلمة ( يعدلون ) فى القرآن الكريم لها معنيان متناقضان : أحدهما ( يعدلون ) بمعنى العدل فى التعامل بين البشر،كقوله جل وعلا:( وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) الاعراف )، و ( يعدلون ) بمعنى الظلم الهائل فى تعامل البشر الكافرين مع رب العزة ، يقول جل وعلا : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150) الانعام ), أى هناك ( عدل ) مفروض واجب مأمور به فى الاسلام ، وهو العدل بين البشر (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل ). ولكن حين يصل الأمر الى أن ( تعدل ) بين الله جل وعلا والبشر ، فهذا هو (العدل المرفوض الممقوت ) ،   فكيف تساوى وتُعادل بين الخالق والمخلوق ؟ كيف ( يتعادل ) الذى خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور مع بعض مخلوقاته ؟ يقول ربى جل وعلا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) الانعام )، لا إله مع الخالق جل وعلا ، خالق السماوات والأرض ، فكيف تجعل من مخلوقاته  ( عدلا مُعادلا له )؟ يقول ربى جل وعلا : (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)  النمل ).

3 ــ أرتعش حين أتذكر صورة رأيتها فى الفيس بوك إلتقطتها مركبة الفضاء ( فويجر ) بعد أن غادرت المجموعة الشمسية منطلقة خارجها على أعتاب مجرة درب اللبانة ، المركبة فويجر التقطت تلك الصورة للمجموعة الشمسية وتبدو غمامة ضئيلة ، وفيها ذرة لامعة هى كوكب الأرض .. سبحان الخلاق العظيم . كوكبنا الأرضى أقل من حبة رمل يتبع نجما ( هو الشمس ) تتبع مجرة فيها ملايين البلايين من النجوم ، وهذه المجرة هى واحدة من آلاف البلايين من المجرات .! أين الحسين من هذا ؟ أين محمد والمسيح والأنبياء وكل البشر من هذا ؟ . ألا يجب أن يرتعش المؤمن حين يقرأ قوله جل وعلا : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) المائدة ). وصدق الله العظيم القائل : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) الحج )

4 ــ ( إمّا ...وإمّا ) هى حق لرب العزة جل وعلا وحده لأنه الخالق وحده . لذا فإن إستعمالها عند أرباب الديانات الأرضية ظلم للخالق جل وعلا.  هى قسمة جائرة وظالمة ، فكما أنه ( لا إله إلا الله ) فهو أيضا ( لاخالق إلا الله ) . وهنا نسأل الاستاذ الشيعى ( عبد الحسين )  هذه الأسئلة القرآنية:

4 / 1 : يقول جل وعلا : (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ )(3) فاطر). سيقول : لا خالق إلا الله .

4 / 2 :  يقول جل وعلا : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ ) 17 النحل ) سيقول : من يخلق لا يتساوى بمن يخلق ، يأتى قوله جل وعلا بعدها : ( أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17) النحل )

4 / 3 : يقول جل وعلا : (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) 11 لقمان ) هل خلق الحسين شيئا ؟ سيرد : لا . يأتى بعدها قوله جل وعلا : (  بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (11)  لقمان )

4 / 4 : يقول جل وعلا : (  قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِأَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ )40 فاطر ) السؤال : ارونا ماذا خلق الحسين من الأرض ؟ أم له ملكية فى السماوات . سيرد بالنفى . يأتى بعدها قوله جل وعلا :  ( بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (40)  فاطر ) .

 4 / 5 : يقول جل وعلا : ( أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ) 16 الرعد ) . يعنى هل خلق الحسين مخلوقات مثلنا تعيش بيننا وتتشابه بنا فلا نتعرف من هى مخلوقات الله ومن هى مخلوقات الحسين ؟ الاجابة بالقطع : لا . يأتى بعدها قوله جل وعلا :   ( قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) الرعد )

خامسا : الحسين مخلوق وليس خالقا

1 ـ مع التسليم العقلى المنطقى بأن الحسين  مخلوق شأن كل البشر من أنبياء ومتقين وبررة وفجرة ، فإن قلب المشرك يرتعش إذا تخيل حقيقة الاله البشرى الذى يعبده ، وأنه بشر فى الميلاد وفى النشأة وفى الحياة والممات .

2 ـ يرتعش قلب الاستاذ الشيعى عبد الحسين إذا قيل له عن مولد الحسين : أن البداية كانت فى رغبة جنسية إشتعلت فى جسد ( على بن أبى طالب ) فأكبّ على جسد ( فاطمة بنت محمد ) ، ودخل قضيب ( على ) فى مهبل ( فاطمة )، وأنزل ( على ) ملايين الحيوانات المنوية فى مهبل ( فاطمة ) وتنافست فى الوصول الى البويضة فى رحم (فاطمة ) ووصل واحد منها قام بتلقيح البويضة فتكونت أول خلية من ( جسد الحسين ) ( زيجوت ) وتكاثرت ( علقة ) ثم ( مضغة ) وتوالى التكاثر الى أن تم نفخ نفس الحسين فى هذا الجنين ، ثم نزل من مهبل فاطمة طفلا يصرخ ، وظل بعدها ملتصقا بأمه فاطمة يصرخ طلبا للرضاع وطلبا للتبول والخراء،ومحتاجا للتنظيف ، ثم إنفصل ، وتعلم كيف ينظف نفسه من البول والخراء ، ثم استوى صبيا ، ثم شابا تشتعل الرغبة الجنسية فى جوانحه فيتزوج (وقد إشتهر تاريخيا بكثرة الزيجات والإماء ) ، وكان كأى بشر يمارس الجنس بحيوانية لذيذة ، وكأى بشر يحتاج الى الطعام ، فى الحصول عليه وفى مضغه وهضمه وفى إخراجه ريحا وخراءا ، ثم أتاه الأجل ، فتركت نفسه جسدها وعادت الى البرزخ الذى أتت منه ـ مثل كل البشر ـ وتركت جسدها جثة ميتة ، تنتفخ ثم تنفجر ثم تتعفن ويأكلها الدود وتنطلق منها الغازات الكريهة وبخار الماء وتتحلل شأن أى جيفة بشرية أو حيوانية ، وفى النهاية تعود ترابا . هذا هو الحسين واسلاف الحسين وذرية الحسين وكل البشر من آدم الى أن يرث الله جل وعلا الأرض ومن عليها .

3 ـ هذا هو الحسين المخلوق بشرا من طين ومن ماء مهين . ولكن من يعبد الحسين يرفض (هذا) ، ويشمئز من (هذا )، وسيلعننا لأننا قلنا (هذا) . ( فلماذا ) ؟

4 ـ لأننا نتحدث عن الحسين البشر المخلوق ، تلك الشخصية التاريخية . وهو يؤمن بشخصية إلاهية أخرى للحسين مصنوعة من أساطير واوهام . وبالتالى فلدينا شخصيتان للحسين : الحسين المخلوق البشرى ، والحسين الأسطورة المخلوقة . وشأن المشركين فى كل عصر ان يخلقوا أساطير شيطانية يؤلهون بها البشر والحجر ، وقد قالها ابراهيم عليه السلام من قبل لقومة : (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً ) (17) العنكبوت ).

الله جل وعلا خالق كل شىء عدا شىء واحد هو ( الإفك ) ، هذا الإفك خلقه الشيطان ، وتقديس الأنصاب أو القبور المقدسة هو صناعة شيطانية خالصة ، أو بتعبير القرآن الكريم : من عمل الشيطان : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة ). وهذا الإفك الشيطانى المخلوق المصنوع يجعل الاله الشيطانى المزيف فى ضريحه إختلاقا  مخلوقا فى قلوب أتباعه فقط ، يقول جل وعلا عن تلك الآلهة الموتى : ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) النحل). ولهذا فمهما قلنا للأستاذ عبد الحسين الشيعى عن بشرية الحسين وأنه مجرد شخصية بشرية فلن يسمع ، لأننا فى وادى وسيادته فى واد آخر يسبح فيه بتقديس تلك الشخصية الالهية الوهمية التى تم رسمها للحسين .  ولذا يقول جل وعلا فى الآية التالية : ( إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22)  النحل ) .

سادسا : الحسين بين الحق والاستحقاق

1 ـ الحسين كشخصية تاريخية هو إنسان صاحب طموح سياسى ،ويعتقد أنه صاحب الحق فى الحكم ، وأنه الأفضل من يزيد بن معاوية . لنتفق على هذا . ولكن ( الحق ) وحده لا يكفى فى دنيا السياسة والواقع . المعيار فى دنيا الواقع ليس الحق بل ( الاستحقاق )، يسرى هذا على قصص (الأنبياء) كما يسرى على حاضر العرب (الأغبياء ). الاستحقاق هو القوة على الأرض بغض النظر إذا كان صاحبها على حق أو على باطل . والتشريع الالهى يتعامل مع هذا الاستحقاق بصورة واقعية . موسى عليه السلام كان على الحق ، وفرعون كان على الباطل ، ومع أن موسى كان مؤيدا برب العزة إلا إن رب العزة أمره أن يقول لفرعون صاحب الاستحقاق قولا لينا : (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) طه  ). خاتم النبيين عليه وعليهم السلام كان على الحق ، والملأ القرشى كان على الباطل ، ولكن كانت معهم القوة أى الاستحقاق ، لذا أخرجتهم قريش من ديارهم وأموالهم ، وظلت قريش تتابع المؤمنين بالغارات وهم فى المدينة وقت ضعفهم حين كانوا يخافون أن يتخطفهم الناس (الانفال 26) ، وقتها كان التعامل مع الاستحقاق القرشى بقوله  جل وعلا للمؤمنين (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) 77 النساء ). وأمرهم الله جل وعلا بالأخذ بأسباب الاستحقاق أى القوة لارهاب الكافرين المعتدين وردعهم عن العدوان : (الانفال 60 )، ثم جاءهم الإذن بالقتال الدفاعى ( الحج 39 : 40 ،  البقرة 190 ).

كان واجبا على ( الحسين ) أن يستكمل أسباب القوة بحيث يغلب بها يزيد وجيوشه . ولكن الحسين لم يفعل ، بل وأعرض عن النصائح المتكررة وسار الى حتفه ومعه أسرته . لم يكن على قدر المسئولية ، وهو مسئول عن أهله فأوردهم مورد التهلكة . فكيف يكون مسئولا عن أُمّة ؟

2 ـ هذا التحليل التاريخى لا جدال فى صُدقيته وواقعيته ، إلا إنه لا يُعجب من يعبد الحسين ، لأنه فى الحقيقة لا يعبد الحسين تلك الشخصية التاريخية التى نتحدث عنها ، هو يعبد وهما مخلوقا لا صلة له أبدا بالشخصية التاريخية ( للحسين )، ولم يعرفها  أبدا فى حياته ـ ( الحسين )!.

سابعا : تأليه الحسين مسخرة يتعجب منها العقل:

1 ـ ظلت جثة الحسين بلا رأس فى العراء  جسدا مجهول الهوية ضمن عشرات القتلى الى أن مرّت قافلة من الأعراب فدفنوا القتلى ( الحسين وآله وأتباعه) فى ناحية غير معروفة فى منطقة كربلاء  . ودخل المسلمون بعدها مباشرة فى توابع زلزال مقتل الحسين وآله: إقتحام المدينة وإستباحتها قتلا وسلبا ونهبا وإغتصابا ، ثم أنتهاك مكة وحصار الحرم ووضرب الكعبة بالمجانيق فى فتنة ابن الزبير ، ثم موت يزيد وتنازل ابنه معاوية عن الحكم وصعود أمر عبد الله بن الزبير وتقويض مُلك الأمويين ، والانتقام من قتلة الحسين ، وظل الاضطراب قائما فى العراق وغيره حتى بعد أن إستعاد عبد الملك بن مروان السُّلطة الأموية كاملة ، فقد ظلت المعارك هادرة قام بها الأمويون فى الفتوحات و فى مواجهة الثورات المتتابعة فى العراق ومصر وشمال أفريقيا وخراسان والحجاز. سقطت الدولة الأموية فى عنفوانها وجاءت الدولة العباسية ودخلت المنطقة فى مرحلة إضطراب أخرى الى ان تم التوطيد والتمكين فى خلافة المهدى ثالث الخلفاء العباسيين  المتوفى عام 169 هجرية .

2 ـ  طيلة قرن كامل بعد مذبحة كربلاء ( 62 : 169 ) لم يلتفت أحد الى المكان الذى تم فيه دفن جُثث معركة كربلاء ، سواء من الحسين وصحبه أو الجيش الأموى . بدأ الاهتمام بكربلاء فى العصر العباسى الثانى فأقيم ضريح للحسين على ذكراه ، وما لبث أن دمره الخليفة المتوكل . ولكن الثابت أن أى ضريح أقيم فى كربلاء  ــ فى العصر العباسى وما تلاه ــ لا صلة له على الاطلاق بالمكان المجهول الذى تم فيه دفن الحسين وغيره . أى إن ضريح الحسين الموجود فى كربلاء اليوم هو وهم كبير . وحتى لو اقيم بالفعل على رُفات الحسين فما جدوى هذا ؟ بل لو كان الحسين حيا بيننا ما جدوى حياته لنا ؟ ألا يكفى أن الله جل وعلا قال لخاتم النبييين (  لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ ) (128) آل عمران ). وإذا كان الحسين قد عجز عن حماية نفسه وأهله فى حياته فهل نطلب المدد من رُفاته ؟

2 ـ ثم هذه المسخرة : رءوس الحسين .!!، حيث تُقام أنصاب وقبور مقدسة على رءوس الحسين ، مع المعروف أن له رأسا واحدة ؟ ثم على فرض أنه ضريح واحد لرأس واحدة وحيدة فإن تقديسها مسخرة . لو كان هناك تقديس فهو للسيف الذى قطعها لأنه الأقوى منها .!! .

3 ـ ثم هذه الجنازات السنوية الخالدة للحسين يوم عاشوراء ، وحفلات العزاء الباكية التى لا تنقطع كما لو كان الوحيد الذى مات من ذرية آدم ، ومظاهرات التطبير وسفك الدماء، أليس هذا خبلا تهمل منه العيون ؟ يتلقى الشيعة الضربات من السُنة فى حجهم لكربلاء ، ولا يقيمون مظاهرات إحتجاج بنفس الاخلاص الذى يمارسونه فى التطبير ، ويتحملون الاستبداد والاضطهاد والقتل من عصر الحجاج بن يوسف الى عصر صدام بن حسين ، ولا يؤرقهم إلا موت الحسين من 14 قرنا . اليست هذه مسخرة المساخر ؟

وتعجبون من سقمى ؟   صحتى هى العجب .!!

أخيرا :

يقول جل وعلا :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِاِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6)الاحقاف ).

ودائما : صدق الله العظيم .!!