هناك فارق بين دين الإسلام وتدين الإسلام
ßÊÇÈ حق المرأة فى رئاسة الدولة الإسلامية :
التمهيد

في الخميس ٢٨ - مارس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

حق المرأة فى رئاسة الدولة الإسلامية : لمحة أصولية تاريخية:

ملاحظة :

سبق نشر هذا المبحث فى دورية (  رواق عربى ) التى يصدرها مركز القاهرة لحقوق الانسان ، وكان العدد بعنوان ( حقوق المرأة بين الدينى و المدنى )( عدد 15 & 16 ) عام 1999 . ( ص 64 : 99 ). وأعيد نشر البحث فى دوريات أخرى ، وتمت ترجمته الى الانجليزية . ومنشورة ترجمته على موقعنا (أهل القرآن ).

ونعيد نشر الأصل العربى للبحث على حلقات . مع إضافة بعض الهوامش .

 

الفصل الأول:         التمهيد 

  • هناك فارق بين دين الإسلام وتدين الإسلام

دين الإسلام نزل كتابا سماويا صاحبه هو الله تعالى ، وعلى أساسه سيحاسب الله تعالى الناس يوم الدين أو يوم الحساب .

أما تدين المسلمين فهو طريقة تعاملهم مع الدين ,وهذه الطريقة تشمل السلوك والأفكار، ومن الطبيعى أن يتأثر تدين المسلمين بظروفهم الاجتماعية والنفسية والجغرافية والتاريخية ، ولهذا يكتسب التدين السلوكى والفكرى الطابع السائد لدى كل شعب ولدى كل ثقافة . ولذلك يختلف التدين المصرى عن التدين الإيرانى عن التدين الصحراوى. وقد لا يكون فى ذلك مشكلة طالما نعتبر ذلك التدين بشريا يقبل الخطأ  والصواب والتصحيح ، ولكن تأتى المشكلة حين نجعل ذلك التدين البشرى ديناً  ونضفى  عليه قدسية بأن ننسبه للنبى ( كما يفعل أهل السنة ) أو ننسبه لأقارب النبى ( كما يفعل الشيعة ) أو ننسبه لأشخاص مقدسين (كما يفعل الصوفية ) عندها يتحول الى دين أرضى منسوب كذبا للوحى الالهى..

الخطورة هنا أن الدين البشرى الأرضى يكتسب قدسية الدين نفسه عبر تلك النسبة المزيفة لله تعالى ولرسوله . وهنا يصبح النقاش معه ـ إذا ساد وتحكم ـ مرفوضا وموصوما بالكفر والعصيان، بل يصبح أعمدة ذلك الدين الأرضى آلهة أو أنصاف آلهة لا يستطيع أن يقترب منها أحد إلا بالتقديس والتبجيل . وذلك ما يحدث فعلا فى التعامل مع البخارى والشافعى مثلا عند أهل السنة أو مع جعفر الصادق أو موسى الكاظم عند الشيعة ، أو مع الغزالى أو السيد البدوى عند الصوفية . هذا مع أنه لا عصمة إلا لله تعالى وللنبى والرسول فى أمور الوحى !!

وهذه المشكلة الخطيرة كانت عادة لدى القرون الوسطى ، حيث كان الاحتراف الدينى سائدا ، وحيث كانت الأنشطة البشرية يتم تغليفها بالدين الأرضى السائد المنسوب ظلما لله تعالى ورسوله ، ، لذلك كانت الحروب دينية ، وكانت الاضطهادات المذهبية دينية ، وكانت التعاملات الاجتماعية كلها تبحث فى كل تفصيلاتها عن فتاوى دينية .

ومن الطبيعى أن يتعاظم دور محترفى الدين الأرضى من الرهبان والشيوخ والأحبار ، وأن يكتسبوا  قداسة ، وهذا ما كان عليه تاريخ العصور الوسطى فى بلاد المسلمين وفى الغرب. ومن الطبيعى أيضا أن يعمل رجال أو علماء الدين هنا وهناك على نسبة فكرهم البشرى إلى الله تعالى أو الرسول ليضفوا المزيد من القداسة على أشخاصهم وعلى أفكارهم.

وفى النهاية يتقبل المجتمع إحدى العادات الاجتماعية الدينية التى ينصاع لها الجميع ، وخصوصا إذا كانت تحقق فائدة ما لإحدى طوائف المجتمع أو أحد عناصره القوية.

2 ـ وهنا ندخل على قضية المرأة فى الدين

فالتشريع الإلهى فى القرآن أو فى غيره من الكتب السماوية لا يمكن أن ينحاز للرجل ضد المرأة ، لأنهما معا خلق الله  المعروف بالإنسان ، ولكن الرجل الذى تسيد العصور الوسطى واخترع الأديان الأرضية استغلها فى فرض سيطرته على المرأة من خلال تلك الأديان ، أوبمعنى آخر استمرت وتأكدت بها سيطرته علي المرأة فأصبحت من خلال تلك الأديان الأرضية أو الشعبية أقل درجة من الرجل ، ولذا تحتاج إلى اجتهاد دينى  لتجلية حقوقها الإنسانية والاجتماعية .

وهذا ما نحاوله فى هذا البحث عن حق المرأة فى رئاسة الدولة الإسلامية .

إن بحثا بهذا العنوان  يصعد بحق المرأة فى الإسلام إلى قمة السلطة التنفيذية لابد أن يثير الكثير من علامات الاستفهام ، خصوصا فى عصرنا الراهن الذى سيطر فيه الفكر الحنبلى المتشدد، والذى قام بتعبئة المرأة فى النقاب وفرض عليها حظر التجول داخل أسوار البيت ، وحشى عقلها بخرافات الأديان الأرضية التى تنتمى الى العصور الوسطى .

إلا إن منهج البحث نفسه هو الكفيل بالإجابة على كثير من علامات ، وقد وضح المنهج منذ البداية فى التفريق بين الاسلام وهو القرآن وبين التدين أو أديان المسلمين الأرضية وما يتبعه من فكر المسلمين وممارستهم .

وعليه فإن هذا البحث يسير مع حق المرأة فى رئاسة الدولة الإسلامية من خلال القرآن الكريم ، وهو دين الإسلام والذى كان يتبعه النبى عليه السلام فى سنته وحياته حيث كان خلقه القرآن . ثم بعدها يسير مع الواقع التاريخى الحركى للمرأة فى الصراع السياسى نحو السلطة ، وكيف اقتربت منها أو بلغتها وفق قوانين الصراع السياسى ومعطياته فى القرون الوسطى .

وبين الواقع القرآنى ( فى التشريع والقصص) والواقع التاريخى ( بين ساحات المعارك ومكائد القصور) تتوارى خجلا ، أو يجب أن تتوارى خجلا فتاوى الفقه السلفى التى كان أغلبها ثمرة ظروف اجتماعية وسياسية ونفسية أوقعت بأصحابها اضطهاداً فلم يجدوا غير المرأة وسيلة لتنفيس غضبهم المكبوت .

والعادة أن الرجل المقهور فى عصور الاستبداد ينفس عن طموحاته المكبوتة و الضائعة فى تعامله مع المرأة وفى نظرته لها ، فإذاكان ذلك الرجل المقهور  صاحب فكر دينى فالويل للمرأة من فتاويه ، وتلك حقيقة تحتاج بحثا مستقلا آخر.

 

المبحث الأول

القرآن وحق المرأة فى رئاسة الدولة الإسلامية

مفهوم الدولة الإسلامية :

فى البداية نحن نقول بأن الإسلام دين ودولة . ولكن تصوراتنا عن الإسلام دين ودولة تخالف الحركة الأصولية بنفس ما تخالف به الفكر العلمانى . فكما تخالف الفكر العلمانى الذى يفصل تماما بين الدين والدولة تخالف  الأصولية التى تؤسس الدولة الدينية على التصورات الدينية للعصور الوسطى ، سواء كانت تلك التصورات سنية أو شيعية .

نحن نقول إن الدولة فى الإسلام  هى دولة مدنية تقوم على الديمقراطية المباشرة وليس من وظيفتها إدخال الناس إلى الجنة ، لأن تلك مسؤلية شخصية ، بل وظيفتها إقرار العدل فى الدنيا ، وضمان حقوق المواطنة للجميع بالتساوى ، إلا أن المساواة المطلقة قد تتضمن إخلالا بالعدل ، لذلك فإن الحقوق المطلقة للفرد تتضمن حقه المطلق فى العدل و حقه المطلق فى  العقيدة والفكر وفى المشاركة السياسية وفى الأمن . وإلى جانب ذلك فله حقوق نسبية فى الثروة حسب نشاطه وقدراته. وفى هذه الحقوق النسبية يكمن التوازن بين الفرد ومصلحة المجتمع بحيث لا يستأثر فرد وحيد بالثروة أو بالسلطة ، وهما معا حق أصيل للمجتمع وليس للفرد وذلك موضوع شرحه يطول ، وقد سبق التعرض له فى مقال:(موجز التناقض بين الدولة الاسلامية و الدولة الدينية )

http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=13

  و نكتفى هنا بحق المرأة فى تولى رئاسة الدولة الإسلامية.

 اختلاف مفهوم الدولة فى الإسلام عن الدولة فى العصور الوسطى :

الفكرةالسائدة عن تولى المرأة رئاسة الدولة تأخذ ملامحها من المتوارث لدينا عن السلطة السياسية فى العصور الوسطى ، حيث كان الخليفة أو السلطان أو الملك يملك الأرض ومن عليها ويحكم مستبداً لا معقب لكلمته،وهذا ما كان سائداً فى الشرق المسلم والغرب المسيحى ، ولا زلنا نتمتع ببعض مظاهره حتى الآن . وبالتالى فإن تصور امرأة فى مقعد السلطان يجعلنا نترفق بعض الشىء مع مثقفى وفقهاء العصور الوسطى المقهورين ، فإذا تحملوا قهر السلطان الرجل فكيف لهم أن يتحملوا قهر السلطانة المرأة ؟

إلا إن القصة مختلفة تماما ، بنفس اختلاف الحكم بالشورى (أو الديمقراطية المباشرة ) الذى كان فى دولة الإسلام فى عصر النبوة عن حكم الاستبداد الذى عرفه المسلمون منذ الدولة الأموية ، ولا يزالون تحت أوزاره حتى الآن.

إذن لا بد أن نتعرف على حقائق الحكم السياسى لدولة الإسلام من خلال تشريع القرآن لنتعرف على إمكانية أن تتولى المرأة فيها سلطة الرئاسة.

لمحة عن المساواة بين الرجل والمرأة فى تشريع القرآن

وحتى نفهم القرآن وتشريع القرآن علينا فى البداية أن نفهم لغة القرآن بالقرآن نفسه . فاللغة العربية ( شأن كل اللغات) كائن حى يتطور ويتبدل . ولذلك تطورت اللغة العربية زمنيا ومكانيا . بل أصبحت هناك مصطلحات عربية خاصة بالفقهاء ، وأخرى بالصوفية ، وأخرى بالفلاسفة .. وهكذا ..

وللقرآن أيضا مفاهيمه ومصطلحاته ، ولا يمكن أن نفهم القرآن إلا من خلال مفاهيمه ومصطلحاته ، وهذا أيضا موضوع شرحه يطول ، ولكن كالعادة – نقتصر منه على ما يخص موضوعنا .

وهناك بحث منشور لنا على موقعنا أهل القرآن بعنوان " هذه اللغة العربية .. العجوز المتصابية " ورابطه

.http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=945

 

وهنا نلفت النظر سريعا إلى بعض الحقائق القرآنية التى تؤكد المساواة بين الرجل والمرأة.

إذا كان الزوج المقصود فى الآية القرآنية هو الرجل أم هو المرأة ( راجع كلمة زوج ومشتقاتها فى المعجم المفهرس ).

وكلمة ( الوالدين "أو" آباؤكم" تدل على الرجل والمرأة ،إلا إذا جاء فى الآية  القرآنية والسياق ما يؤكد اقتصار الخطاب على الرجل . فالقرآن مثلا حين يأمر بالصيام يأمر الذين آمنوا بالصيام وكذلك حين يأمر بالصلاة . ومعروف أن الأمر يشمل الجنسين. وكذلك فإن حديث القرآن عن الشورى ، وهى الملمح الأساسى لدولة الإسلام يشمل المرأة مع الرجل . وهنا ندخل على الشورى .. ودور المرأة فيها ..

الشورى فى الدولة الإسلامية ودور المرأة فيها :

الديمقراطية مجرد نظام للحكم ، يقوم على اختيار الشعب ممثلين عنه يقومون بتصريف سياسته . ولكن الشورى فى القرآن فريضة دينية ( أصبحت غائبة ) يقوم على أساسها نظام الأسرة وبنيان المجتمع ومؤسساته السياسية والعسكرية . وذلك أيضا موضوع شرحه يطول ولكن نعرض له سريعا على النحو التالى :

فأمر الشورى نزل فرضا دينيا على المسلمين فى مكة قبل أن تقوم لهم دولة ، وذلك ضمن آيات وصفت ملامح المجتمع المسلم فى سورة الشورى آيات: 39:36

وكان من الملامح إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وجاءت الشورى بين الصلاة والزكاة ، وهى المرة الوحيدة فى القرآن التى يأتى فيها فاصل بين الصلاة والزكاة . والمعنى المراد أن الشورى فريضة كالصلاة ، وكما لا يصح الاستنابة فى الصلاة فكذلك لا يصح الاستتابة فى تأدية الشورى . أى إنها فريضة كل إنسان ، رجلا كان أم امرأة فى البيت ، والمصنع والشارع والمجتمع وفى السياسة والاقتصاد وشتى مناحى الحياة.

وقد طبق المسلمون فريضة الشورى فى مكة ثم طبقوها فى المدينة حيث كان المسجد مقر الصلاة والشورى والحكم . وحيث كان يجتمع المسلمون جميعا رجالا ونساءا إذا جد ما يستدعى الشورى ، وحينئذ ينادى المؤذن " الصلاة جامعة" فيجتمعون ، ويتكون مجلس للشورى كل أعضائه جميع المسلمين من رجال ونساء يمارسون الديمقراطية المباشرة يتداولون الرأى .

وفى البداية لم يكن أهل المدينة من الأنصار قد تعودوا على هذه الفريضة ، لذلك كان بعضهم يتخلف عن حضور المجلس بدون عذر ، وبعضهم يأتى ويعتذر للنبى ويخرج ، وبعضهم بعد أن يحضر يتسلل من المجلس . لذلك نزلت الآيات الأخيرة من سورة النور أولى السور المدنية تستنكر ذلك وتجعل حضور هذه المجالس فريضة دينية وتحذر من يتخلف عن حضورها من الأنتقام الإلهى (النور 62 :64 ) .

بالمناسبة فقد كان حضور النساء للمساجد فريضة دينية . وقد تحدث القرآن عن فريضة الأعتكاف فى المسجد فى ليالى رمضان ، ونهى عن مباشرة الزوجة أثناء الأعتكاف فى المسجد (البقرة: 187 ) مما يدل على مشاركة النساء للرجال فى كل الفرائض والأنشطة حتى ما يتعلق منها بالمساجد .

وحتى تنطبق فريضة الشورى على النبى محمد نفسه نزل قوله تعالى له (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)(آل عمران 159 ) أى إنه بسبب رحمة من الله جعلك يا محمد هينا  لينا معهم ، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك وتركوك . وإذا تركوك وانفضوا من حولك فلن تكون لك دولة ولن تكون حاكما ، لأنه بأجتماعهم حولك صار لك السلطان ، فأنت تستمد سلطتك السياسية منهم ، أى أن الأمة هى مصدر السلطات ، وليس الله ، كما تقول الدولة الدينية وكما يقول أصحاب الحق الملكى المقدس" "The Divine Right Of KINGS "ولأنك تستمد سلطتك السياسية منهم فاعف عنهم إذا أساءوا إليك واستغفر لهم إذا أذنبوا فى حقك ، وشاورهم فى الأمر لأنهم أصحاب الأمر فإذا عزمت على التنفيذ باعتبارك سلطة تنفيذية فتوكل واعتمد على الله .

والمستفاد مما سبق أن النبى وهو الذى يوحى إليه كان مأمورا بالشورى ، وكان كحاكم يستمد سلطته السياسية من الشعب.فإذا كان ذلك حال النبى فإن من يستنكف عن المساءلة من شأنه إن يضع نفسه فوق النبى ، أى –يكون دون أن يدرى – مدعيا للألوهية . ويعزز ذلك حديث القرآن المتكرر عن فرعون موسى الذى وصل به الأستبداد إلى إدعاء الألوهية وإلى تدمير نفسه ودولته.وقد جعله القرآن عبرة لكل مستبد .. ومع ذلك فلم يتعظ به أحد .. لأن خمر السلطة يذهب بالعقول ..

وقد وازن القرآن بين الشورى وطاعة أولى الأمر .وأولو الأمر ليس الحكام فى مصطلح القرآن ، ولكنهم أصحاب الشأن أو أصحاب الخبرة فى الموضوع المطروح . وتكون طاعتهم فى إطار طاعة الله ورسوله .أى فيما يحقق العدل والقسط ، لأن تشريعات القرآن وهى بضع صفحات – كلها بأحكامها وقواعدها وتفصيلاتها تهدف لتحقيق القسط والعدل . وما تركة تشريع القرآن ، تكون فيه الشورى وخبرة أصحاب الشأن أو أولي الأمربشرط تحقيق مقاصد التشريع القرآني ، وهي التيسير ورفع الحرج ومراعاة التوسط والاعتدال..والالتزام بالعدل والقسط . إن عمل أولي الأمر أو أولي الاختصاص يكون في مجالين ، تطبيق النصوص القرآنية، ثم إنشاء تشريعات جديدة وتطبيقها في ضوء المقاصد التشريعية القرآنية سالفة الذكر ويتم تعضيد أولي الخبرة بالشورى أو الديموقراطية المباشرة لكل أفراد المجتمع رجالا  ونساء ، ومن الطبيعى أن تتغير تشريعات وتطبيقات أولى الأمر بتغيير ظروف المجتمع .. وبهذا تحقق الشورى وطاعة أولى الأختصاص صلاحية التشريع القرآنى لكل زمان ومكان .

والشورى الإسلامية بهذا المعنى تجعل الشعب وليس الحاكم – مصدر السلطات ، أى أن الشعب هو القوة الكبرى،ولذلك فإن الشورى الإسلامية فى حقيقتها هى فن ممارسة القوة يقوم بها الشعب وليس للرئيس التنفيذى  إلا طاعة الأمة أو الشعب .  أى أنه مجرد موظف بعقد مؤقت لدى الشعب إذا أحسن فقد فعل المطلوب منه وإذا أخفق استحق العزل وأذا أساء استحق العقاب شأن أى موظف عام لدى الشعب.

 وبذلك فإن الحاكم يستوى فيه أن يكون رجلا أو امرأة . المهم أن يكون كفئا فى خدمة الأمة وبعد أن تنتهى مدته يصبح شخصا عاديا يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق كما كان يفعل النبى والخلفاء الراشدين.

أى أن تشريع القرآن لا يمنع أن تكون المرأة على رأس الدولة طالما كانت كفؤا أو من أهل الكفاءة والاختصاص وفى إطار نظام الشورى الذى لا يمكن تطبيقه إلا إذا كانت القوة كلها فى أيدى الشعب أو الأمة.

أما إذا كان الشعب ضعيفا مستكينا إنفرد الحاكم دونه بالقوة ليقتسمها مع جيشه وأتباعه . وعلى قدر قوة الحاكم تكون درجة شوراه لمن حوله ، وتكون نظرته للشعب الذى يحكمه .

وفى العادة ينظر الحاكم المستبد لهذا الشعب على أنه قطيع من الأغنام يملكه ويستغله ، يذبح منهم ما يشاء ويستبقى ما يشاء . وذلك منطق الراعى والرعية فى العصور الوسطى ومنطق الفتوى الفقهية التى تقول أن للحاكم أن يقتل ثلث الأمة أو ثلث الرعية لأصلاح حال الثلثين .!!