عقدة من ليلة الدخلة.

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٩ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
تزوجت بصديق اخي . سافرت من بلدى العربى اليه فى بلده الأوربى الذى اكتسب جنسيته ، كنت فتاة يافعة كلي طموح وطائرة فرحا لانني ساكتشف عالم الزواج الذي احن اليه مثلي مثل بقية خلق الله تعالى ، ولكن زوجي لم يحتفل بدخلتنا حتى لم يكلف نفسه شراء كعكة حلوي للزفاف ، وتجهم فى وجهى ولم يكن سعيدا لانه لم يكن يتوقع انني نحيفة وهو كان يتمنى ان اكون امرآة مكتنزة وممتلئة .وكانت صدمة بالنسبة لي . خصوصا ماحدث ليلة الدخلة قلب حياتي راسا على عقب الى هذا اليوم . كنت وحيدة ليلتها معه بلا اهل ولا اصدقاء ، ولقد قتلني الرعب لحد الصياح مما اثار اعصابه واراد صفعي . ومن الغد سالني سؤال رجل جاهل وليس خريج جامعة بيروت ويعيش في أوربا قائلا- هل شعرت بما تشعر به النساء-فقلت له لا-فصاح في وجهي-يتهمنى بالبرود الجنسى ، ويقول لولا أننى تأكدت من أنك عذراء لقلت أنك مجربة للرجال حتى اصابك البرود الجنسى . وعندما نطق هذه الجملة احسست ان احدا قد طعنني بسكين فانا لا اتذكر ابدا انني سمعت عن هذه المواضيع من قبل ابدا- بعدها صرت اكذب عليه انني اشعر معه ولم يعرف الحقيقة لانه في الاصل الجماع عنده قرص ياخذه لينام ولا يتجه لي ولا يقبلني -لا كلمة ولا حب ولا رومنسية ولا مداعبة لاشيئ . وعندما سالته عن السبب قال لي ان هذه الاشياء يفعلها اثنان قد تحابا وعاشا فترة خطوبة . كانت اجوبته تنزل علي مثل الصواعق . ومات عندي الاحساس من يوم الصباحية . واشتكيت للدكتور الذي قال لي سوف تمرضين لانني اصبحت اشكو من وجع الراس الدائم من كثر التفكير -لانه يستحيل اطلق بعد أن خلفت ابني الاول من السنة الاولى معه ، ومرضت بعد الولادة بمرض النفاس ، ثم أصابنى الاكتئاب ، وبعد 3 سنوات صارحت اختي التي بكت بحرارة عني وصارحته هو. ثم ادخلوني اهلي في عالم السحر والحسد والشعوذة . وانا اصبحت اخاف من زوجي وبيتي وكل شيئ وكنت اذا ما ركبت وسيلة المواصلات يغمى علي. اهلي صمموا ان ارجع لانه ليس لدي مستقبل فى الغربة ، وملاحظ خلال هذه الفترة لم افكر بخيانته او التعرف على غيره لانني بالاساس صدقت انه لدي برود جنسي رغم انني اتذكر جيدا عندما كنت صبية فانا كنت نارا متقدة---اين ذهب كل ذالك الاحساس الطبيعي لا اعلم . وحتى لا اطيل فقد طلقت بعدما نصح الدكتور اهلي انه لو لم اطلق فانه سينتهي بي الامر في مستشفى المجانين . بعد 5 سنوات طلبت منه تسريحي باحسان فقال لي : انا مبسوط معك ،إن الذي يحصل لك معي سيحصل لك مع غيري- قلت له انا لا افكر بالزواج . وكان يسبني ويهينني ويسب الساعة التي التقى فيها بي اول مرة . وبعد 7سنوات من الزواج طلقت وخرجت انسانة معاقة لانني فقدت اهم شيئ ، فقدت انوثتي ، هذا ما اشعر به رغم انني جميلة وذات قوام رشيق وكل من يراني يتمناني ، وانا اتحسر على نفسي . ومن سنة 1995 وانا اخذ دواء الاكتئاب ، واحاول قدر الامكان ان اخف من الادوية . وخلال سنوات الطلاق جربت حظي بزواج اسلامي ولكن بلا فائدة. ووجدت ذريعة للانفصال ، حتى لقيت رجلا مطلقا عربى أيضا تزوجته رسميا اي مدنيا ،ولانه يؤمن بالمساواة بين المرأة والرجل فلم اخجل وصارحته انني كنت مطلقة ، لان العربي عموما لو قلت له انني مطلقة واعيش في الغرب لا يصدق مشكلتي ، فكنت اكتم معاناتي. زوجى الحالى ساعدني لكي اشعر بمتعة الجماع التي اصلها بصعوبة لانني تعودت سنينا طويلة انه ليس الرجل هو من يجعلني اشعر بذالك بل اكتشفتها بالصدفة ولوحدي-واصبح علي ان اتذكر انا واركز كثيرا حتى اصل الى مرحلة المتعة لاننى تعودت على عدم الاحساس لمدة 7سنوات. وبما انني الان عمري 48 سنة اشعر انني لم تعد لدي الرغبة في الجماع اطلاقا -ربما السبب سن الياس ولكن انا اعرف نفسي جيدا ما فقدته سنة 1988 في شهر نوفمبر لم استطع استرجاعه ابدا ودائما احس بالحسرة على شبابي وجمالي ، وكلما وقعت عيني على لقطة من فلم اباحي اتالم كثيرا ، ولا اتجمل ولا افكر بشراء الثياب والماكياج والعطور لا شيئ ، فقط اعتني بالبيت وابني ، ويغلب علي طابع السكوت فانا لا اشتكي وليس لي طلبات كالذهب والفلوس ، انا اعيش لان الله يريد ذلك – الشيئ الوحيد الذي يشعرني بالسعادة هو تحضين ابي الذي يبلغ 12 سنة ، ولو انني بعيدة عن ابني البكر الذي يعيش مع ابوه بعيدا عنى وهو يعانى من مرض عضال. د. احمد : استحلفك بالله ان تنصحني ماذا افعل حتى انسى هذه الحسرة التي تنتابني كلما ناداني زوجي او شاهدت الاخرين . انني دائما على اتصال بدكتوري الخاص الذي يخفف من معاناتي بقوله ان هناك كثيرا مثلي. وانا ابذل قصارى جهدي لكي اخفف من المهدئات لانني اكتئب فجأة ولا اتحمل الخصام والمشاكل ومجرد تذكر ابني المريض اشعر انني سانهار --- انا اعرف ان الله على كل شيئ قدير ، ولكن الوقت قد فات وانا اطلب منك النصيحة من مؤمن لاخته المؤمنة كيف لي ان انسى
آحمد صبحي منصور


أولا : لك خالص الشكر و التقدير على مصارحتك لى بهمومك الخاصة.
ثانيا : قرأت رسالتك أكثر من مرة ، ورأيت الآتى :
1 ـ حالتك فى جانبها الأنثوى ـ حق الزوجة فى التمتع الجنسى مع زوجها ـ لا تفترق كثيرا عن معاناة السواد الأعظم من النساء المسلمات و العربيات . الفارق انهن تربين على الاحساس بأنه من العيب التصريح بالشكوى لأنه ليس من حقهن هذه المتعة ، لأنها حق أصيل للرجل وحده ، طبقا لثقافة المجتمع الذكورى ، الذى أنجب زوجك الأول ، وهو ـ كعادة كل زوج شرقى أنانى ـ يدارى ضعف فحولته الجنسية باتهام الزوجة بالبرود . أعتقد إنه كان يعانى مشكلة جنسيةمثل سرعة القذف ، ودارى ذلك بشغلك باتهامه لك وجعلك تدفعين ثمن تقصيره وعجزه .

2 ـ فى مجتمع غربى مفتوح وصريح شعرت بالمشكلة لأنك عرفت أن لك حقا فى المتعة الجنسية ، وأن لك الحق فى المطالبة و الشكوى ، عكس معظم الزوجات المكبوتات فى الشرق ، ولذلك تنتشر حفلات الرقص النسائى المعروف بالزار ، وهذا ( الزار ) النسائى هو فرصة لانطلاق الغضب المكتوم الذى يمنع العرف و التقاليد والآداب من التصريح العلنى به. وتجد أولئك النساء فرصة أخرى فى مناسبات المآتم و العزاء ، حيث ينطلقن فى الصراخ ، حتى لو لم يكن الميت قريبا لهن ، إنهن يبكين حالهن ، ويجدن العلاج والراحة بعد إطلاق شحنات الكبت هذه بطريقة يسمح بها المجتمع الذكورى .
هن يشاركنك فى هذه المحنة ، ولكنهن لا يشاركنك فى أمور أخرى تتمتعين أنت بها دونهم .أنت تعيشين فى أوربا فى وضع لا يحلمن به ، بحيث لا يبقى لك من المعاناة إلا تذكر معاناة قديمة من ليلة الدخلة وحياة تعسة مع زوج متخلف . لو حكيت قصتك هذه لأخت لك فى تونس او مصر أو فى الجزيرة العربية أو الصومال أو افغانستان أو الهند لتعجبن من حالك ، فأنت متزوجة و لا تبدو حياتك الزوجية الحالية غير سعيدة ، بل هى على الأقل حياة مستقرة وعادية ، وما تشكين منه يرجع للماضى أى يحسن نسيانه ، ولا يصح استرجاعه لينغص الحاضر ، ثم إن موضوع الجنس يصبح مؤرقا لكل من تقترب من الخمسين ، حتى لو كانت أسعد إمرأة فى الدنيا ، فمعروف معاناة المرأة فى تلك الفترة .
خلاصة الأمر أنه ليست هناك أزمة أو مشكلة حقيقية ، بل هو استدعاء لمشكلة مضت بلا داعى .

3 ـ كل انسان له كوب من القضاء و القدر ، فيه المنحة والمحنة ، فيه النعمة و النقمة ، لا يمتلىء الكوب بالمنح والنعم ، ولكن يظل هناك نقص يحتاجه الانسان ويتمناه . المؤمن يرضى بالجانب الملىء من الكوب ، ويحمد الله جل وعلا عليه ، ولا ينظر الى الجانب الفارغ لأن هناك جانبا فارغا فى كل كوب لكل انسان.

4 ـ ولو أراد الانسان الاعتبار و حسن التقدير فليقارن حاله بالآخرين ممن هم أسوأ حالا منه.
ضعى نفسك محل النساء فى العراق و فلسطين و افغانستان و الصومال ..تخيللى نفسك فى هاييتى وغيرها حيث الزلازل
والبراكين . لا بد أن تفكرى فى معاناة الآخرين فى نشرات الأخبار اليومية ، ثم لا بد أن تفكرى فى مستقبل حياتك ، ونحن الآن ندخل المرحلة الأخيرة من الحياة نسعى سيرا نحو القبر .
ماذا أعددنا للقاء الله جل وعلا ؟
خالص مودتى .


اجمالي القراءات 29644