أهلا بك ، وكان الله جل وعلا فى عونك أنت وأختك .
مشكلتك من الناحية الشرعية لها جانبان:
الأول : الطاعة : يقول تعالى ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ) ( العنكبوت 8 ) فالاحسان للوالدين أو أحدهما لا يعنى طاعتهما فى المعصية .
الثانى : إن الاحسان لهما وللأقارب لا يعنى الارتباط الدائم بهما إذ يجوز الابتعاد عنهم ابتغاءرحمة الله جل وعلا ، ولكن مع قول الكلام اللين لهم ، يقول تعالى فى الاحسان ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) ويقول عن الأقارب ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ) ثم يأتى التأكيد على أنه يجوز الابتعاد عنهم بالحسنى لو تطلب الأمر ذلك : ( وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا ) ( الاسراء 23 ـ ، 26 ، 28 ).
بناءا على ما سبق أنصح بالصبر الجميل على الوالد مهما فعل ، فما تبقى له من عمر هو قليل ، و لتجعل شكواك لله جلا وعلا ، وليكن صبرك ابتغاء مرضاة الله جل وعلا ، فلن يضيع أجرك ،وسيجزيك وأختك الصابرة خيرا ، وسيتحمل أبوك عاقبة عمله فى الدنيا قبل الآخرة ، وأنصحك لو جاء عقابه فى الدنيا أن تكون به شفوقا حانيا .
أرجو أن تخاطب فى أبيك الجانب الخيّر فيه ، فهو لا يخلو من خير ، ولا داعى لأن تنصحه لأنه سيتكبر على النصح إن جاء من إبنه ، ولكن إجعل مكان النصح الحنان والاهتمام به والخوف عليه ، وأن ترد على غلظته بالتسامح والعطف ، وبذلك قد يتعلم منك بدون أن تتكلم له بالوعظ و النصح . ولتتاكد إنه مهما كانت غلظته فهو يحبك ويحب ابنته ،لأنه لا يوجد أب يكره أولاده ، ولكن سوء الخلق قد يتغلب على عاطفة الأبوة . و العلاج ليس بأن ينصح الابن أباه ،بل أن يتحمل أباه و يقابل غلظته بالبر و الاحسان والعطف والحنان .
وفى كل هذا عليك أن تجعل هذا الاحسان له ابتغاء مرضاة الله جل وعلا ، وسيرزقك الله جل وعلا خيرا فى صحتك وفى أولادك ، وسيحفظونك كما حفظت أباك وتحملت أذاه .
أعانك الله تعالى و رعاك .
عمك أحمد