آحمد صبحي منصور
في
الثلاثاء ٠٩ - أبريل - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
الإجابة :
أولا : يوجد تشابه فى المعنى .
1 / 1 : ( رقيم ) جاءت فى قصة أصحاب الكهف ، إسما للكهف . قال جل وعلا : ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً (9) الكهف ). ( واو العطف ) فى ( أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ) تفيد البيان . أى إن الرقيم مرادف للكهف . والترادف أساس فى التدبر القرآنى ، ولنا مقال منشور فى هذا . بعد العثور على أصحاب الكهف أصبح الكهف مشهورا و ( مرقوما ) و ( مزارا ) مقصودا ، إذ بنوا عليه مسجدا . قال جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (21) الكهف ).
1 / 2 : ( مرقوم ) يعنى معلوم ومحدّد بالرقم الخاصّ به . وجاء هذا عن كتاب الأعمال لأهل الجنة ولأهل النار. قال جل وعلا : ( كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (13) كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) المطففين ) .
2 ـ تدبرا فى الآيات الكريمة السابقة نقول :
2 / 1 : يأتى بيان معنى ( سجين ) وأصحاب السجين تاليا بالترادف : ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (13) كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17). هو كتاب مرقوم بأرقام ، وهو الويل لأصحابه ؛ للمكذبين بيوم الدين ، والمكذبين بالكتاب الإلهى ، وسيكونون محجوبين عن رحمة رب العالمين ، لأن أعمالهم السيئة من الاعتداء والإثم جعلت أنفسهم ( قلوبهم ) صدئة مسودة . لذا سيكونون فى أسفل سافلين ، وسيتم تقريعهم : ( ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17).
2 / 2 ـ على النقيض من ذلك المتقون أصحاب الجنة . كتابهم سيكون فى أعلى عليين . وهو أيضا مرقوم بأعمالهم التى تتحول نورا ، يشهدونه فى أنفسهم وحولهم ، وهم فى أعلى عليين ، وهم الأبرار المقربون من رب العالمين . قال جل وعلا : ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) فاطر ).
ثانيا : عن كتاب الأعمال فى الدنيا وفى الآخرة
1 ـ عن الميزان يوم الحساب قال جل وعلا : ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) الأعراف ). المُساءلة للجميع ، للمرسلين والأقوام من كل البشر . وكتاب الأعمال لكل فرد سيقصُّ أعمالهم بالعلم الالهى الذى لم يكن غائبا . والوزن سيكون بالحق . وللميزان الالهى كفتان : واحدة لكتاب العمل الفردى ، والأخرى للكتاب الالهى الذى أنزله الله جل وعلا ميزانا . قال جل وعلا :
1 / 1 : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) (25) الحديد ). هذا عن الكتب الالهية عموما ، وأنها معيار القيام بالقسط .
1 / 2 : ( اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) الشورى ). هذا عن القرآن الكريم الذى أنزله الله جل وعلا كتابا خاتما فى آخر الزمان ، وقبيل قيام الساعة .
2 ـ بمجرد مولد كل فرد ينزل معه كتابان أو وعاءان . كتاب عُمره وكتاب عمله . وكل ثانية تمرُّ عليه من وعاء عُمره تنزلق الى وعاء عمله ، حيث يتم تسجيلها مُحمّلة بعمله . وبمرور الزمن المُحدّد عمرا له يتم تسجيل عمله فى وعاء العمل أو كتاب العمل . فإذا إنتهى عمره تم قفل كتاب عمله ، لا يقبل بعدها إضافة أو نقصا ، ويرى عند الاحتضار ملائكة تسجيل الأعمال وقد تجولت الى ملائكة قبض النفس أو ملائكة الموت ، وتدخل نفسه البرزخ تنتظر موعد البعث . قال جل وعلا :
2 / 1 : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) فاطر ). العمر المحدد لكل فرد يتناقص بمرور الزمن ويتم تسجيله بالثانية والدقيقة فى كتاب العمل .
2 / 2 : ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس ). تتم كتابة العمل ، وهى الآثار المتخلفة عن كل فرد مات ، ويتم إحصاؤها لتكون كتابا مبينا واضحا .
2 / 3 : ( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14) مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) (15) الاسراء ). التعبير عن كتاب الأعمال هنا بقوله جل وعلا ( طَائِرَهُ ) ، أى ما يطير عنه من أعمال ، تنتقل من العالم المادى الى عالم البرزخ حيث تسجيل العمل فى كتاب العمل . وسيكون مُلزما به ( فِي عُنُقِهِ )، وسيأتى به يوم القيامة ليقرأه بنفسه ، ليكون حسيبا وحكما على نفسه ، وليعلم أن من إهتدى فلنفسه ومن ضلّ فعلى نفسه .
2 / 4 : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) النجم ). ليس لكل فرد سوى سعيه فقط ، وليس مسئولا عن شىء تركه وسعى غيره فيه إصلاحا أو إفسادا .
2 / 5 : ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) الزلزلة ). كل منهم يرى عمله .
3 ـ هناك نوعان من كتاب الأعمال : كتاب الأعمال الجماعى لكل فرد مع مجتمعه ، ومنه يتم نسخ كتاب عمله الفردى مضافا له أعماله التى لم يشاركه فيها غيره . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29) الجاثية ). كل مجتمع ( أُمّة ) تكون جاثية تنتظر موعد حسابها حيث كتاب أعمالها الجماعى الذى ينطق عليهم بما كانوا يعملون ، ومنه يتم نسخ كتاب العمل الفردى لكل فرد .
3 / 2 : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49) الكهف ). هذا عن كتاب العمل الجماعى الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها وأحضرها مسجّلة.
3 / 3 : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6) المجادلة ). نحن ننسى ، ولكن رب العزة جل وعلا ـ الشهيد على كل شىء ـ لا ينسى. قال جل وعلا : (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً (64) مريم ).
4 ـ من الآيات الكريمة السابقة نلاحظ مصطلح الإحصاء . وهو إحصاء رقمى ( مرقوم ) او( عددى) . قال جل وعلا :
4 / 1 : ( وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (28) الجن ) .
4 / 2 : ( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ( 93 ) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ( 94 ) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ( 95 ) مريم ).
أخيرا : أحسن الحديث . قال جل وعلا :
( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ) ( 3 ) الأنبياء ).