هات م الآخر

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢١ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
أحسست فى مقالك عن ابن خلدون أنك حين كتبته ونشرته فى جريدة العالم اليوم كنت تخاف من التصريح بالهجوم على الظلم وانغماس عائلة الحاكم فى التجارة .. وتعاطفت معك ، وأتعاطف معك الآن وانت تقول ما تريد بشجاعة بعد هجرتك من مصر.
آحمد صبحي منصور
بالعكس ياعزيزى ..
الأمر كان متوقفا على شجاعة أو خوف من ينشر لى ، وليس متوقفا على شجاعتى ، فقد كنت أكتب بكل ما لدى من شجاعة ، ولكن جريدة العالم اليوم كان للسعودية تاثير فيها ، ولم يسكتوا إلا بعد أن فصلونى من العمل فيها، بأن أرغموهم على إالغاء الصفحة التى كنت أكتب فيها وأديرها ، وهى صفحة معاملات اسلامية ، وتراث. وقبلاها كانت تنشر لى الأحرار مقالات ملتهبة ، وكان رئيس تحريرها وحيد غازى صامدا فى الدفاع عنى ضد أذناب الاخوان المسلمين فى حزب الأحرار الذى كان يصدر الجريدة ، و وكان حزب الحرار متحالفا مع الاخوان . وللأمانة فقد كان رئس الحزب الاستاذ الراحل مصطفى كامل مراد متعاطفا معى وقارئا جيدا لما أكتب . وظلت جريدة الأحرار تنشر الى أن تولى قيادتها مصطفى بكرى فتركتها.
وأدعوك لقراءة هذا المقال :
قال الراوي
بقلم د.أحمد صبحي منصور


مـنـبـع الفســـاد
الأحرار7 /3/1994
( يبدو أن المواعظ لم تعد تجدي، والأفضل أن نجتهد في توضيح أسباب الفساد وجذوره .
الأصل في الدولة أن وظيفتها محددة بإقامة العدل وتوفير الأمن ،ومن مستلزمات العدل والأمن حراسة الوطن من الخارج والداخل، أى بالجيش والشرطة والعلاقات الدولية وإنشاء جهاز قضائي مستقل عن الدولة وظيفته تحري العدل التام ،ثم قيام جهاز مالي يجعل للضرائب وظيفة اجتماعية تأخذ من الغني لتعطي للفقير ما يعيش به حياة كريمة ، يتعلم ويتداوى..
وفيما عدا ذلك تترك الدولة الأفراد ليعملوا وينتجوا ويبدعوا وفق منطق السوق وما يستلزمه من ضوابط تتدخل فيها الدولة لإصلاح الميزان خصوصا في أوقات الأزمات تبعاً للاحتكار والسيطرة الأجنبية ..
تلك هى فلسفة الدولة الحديثة، وأقول أنها أيضا فلسفة الدولة الإسلامية التي عرفها عصر الرسول عليه السلام والخلافة الراشدة ، قبل أن تتحول إلى دولة دينية مستبدة تحكم بغير ما أنزل الله تعالى ،ويريد التيار المتطرف إرجاعها دون أن يعرف ماهية الإسلام الحقيقي.. والعادة أن الدولة الدينية أو الدولة التي يحكمها فرد أو حزب أو يحكمها العسكر تحاول أن تتدخل في كل شيء لأنها تعتقد أنها تملك كل شيء ،وأن الناس أو الجماهير مجرد رعايا يملكهم الحاكم وينفق عليهم، ولكي تدس الدولة أنفها في كل شيء فإنها تحتاج إلى جيوش من الموظفين ، وأولئك يكونون بحكم العادة أصحاب مرتبات هزيلة ونفوذ قوي، ومن هنا ينبع الفساد ، فصاحب النفوذ يحتاج للنقود ، وصاحب النقود يحتاج للنفوذ ، ويتحالف الإثنين معاً(الموظف والمقاول مثلا) يكون الفساد ..
ومهما قلنا من قصائد وعظ تحث على مكارم الأخلاق وتدعو للطهارة فإنها لا تجدى مع موظف لا يكفيه مرتبه الشهري عدة أيام . ولكن معه صلاحيات يمكن أن تجعله من أصحاب الملايين ، كما أن من العبث المطالبة بزيادة المرتبات، فالخزانة العامة تعجز، ثم إن زيادة المرتب عشرة جنيهات ستضيع في حمأة التضخم والغلاء ولن تجدي أمام عمليات فساد مضمونة ويربح منها عشرات الألوف في أقل وقت ..
إن الحل في تغيير فلسفة الحكم .. بتقليص دور الدولة ورجوعها إلى وظيفتها الطبيعية في إقامة القسط وتوفير الأمن ..
صحيح أن ذلك يستلزم وقتاً، فالدولة المصرية عمرها في البيروقراطية والاستبداد الحكومي سبعون قرنا من الزمان ومن المستحيل تغيير ذلك في يوم وليلة .
ويقال إن هناك خطوات عملية في الإصلاح ولكن فضائح الفساد تغطي عليها أو تصاحبها .. ولكني أعتقد أن البداية المثلي تبدأ بالصيغة التشريعية القانونية،أى بمراجعة عشرات الألوف من القوانين بعد أن عشنا سنوات من الإسهال التشريعي ، إننا نحتاج إلى لجنة من القمم القانونية في مصر لتكون في حالة انعقاد تام ، وتخرج لنا في النهاية بدستور جديد محدد البنود صارم في أحكامه لا يعطي الحرية باليمين ثم يسمح للقوانين بأن تقيد الحرية إذا شاءت.
ونحتاج من هذه اللجنة إلى تنقية القوانين المصرية المتضاربة والمتعارضة والمتداخلة في شتى الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية،وبعدها نتعلم احترام القانون، ويتعلم المسئول أنه خادم للقانون وأنه يطبق القانون اليوم وهو في السلطة، ثم بعد أن يخرج من السلطة ويصير فرداً يعيش في حماية ذلك القانون ..
وبذلك يعيش الحاكم في أمن حتى بعد أن يترك المسئولية..
إن الإصلاح التشريعي والقانوني هو البداية الحقيقة للدخول في الدولة العصرية، وهو البداية الحقيقة للخروج من سرداب الفساد .. )
أخى
هذا ما قلته بقوة فى عصر مبارك منذ 15 عاما .
وقلت أكثر منه ولم تنشره الأحرار .
ماقلته منذ 15 عاما لا يختلف عما أقوله الآن .
والله جل وعلا هو المستعان .



اجمالي القراءات 11700