زلفى

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٤ - نوفمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ما معنى ( زلفى ) فى القرآن ؟
آحمد صبحي منصور

  تقول ( تزلف فلان الى فلان ) أى تقرّب منه ، أو نافقه . أى إن ( زلفى ) من القُرب ، والتقرب .

  وتنوعت إستعمالاتها فى القرآن الكريم كالآتى :

1 ـ المقربون من رب العزة جل وعلا ، وهم السابقون بأعمالهم الصالحة . ومعروف وصف السابقين بالمقربين فى قوله جل وعلا : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)  الواقعة ). وهذا جاء بتعبير ( زلفى ) عن بعض الأنبياء بعد موتهم .

قال جل وعلا عن :

1/ 1  ـ داود : ( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25)  ص )

1 / 2 ـ سليمان : ( وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40) ص  )

2 ـ زلفى إيمانية فى الدنيا ، بمعنى التقرب الدينى ، ويأتى فيه مصطلح زلفى مقترنا بمصطلح التقرب .

2 / 1 : فالمشركون لا يخلصون لله جل وعلا دينهم ولا عبادتهم ، بل يتخذون وسائط ( أولياء ) ( تقربهم الى الله جل وعلا زلفى ) . قال جل وعلا :( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر )

2 / 2 : وبعض الناس يظن أن أمواله وأولاده ( الثروة والسلطة ) تؤهله للتقرب من الله جل وعلا ( زلفى ) مهما إرتكب من كفر وظلم . ويأتى الردُّ فى قوله جل وعلا : ( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37) سبأ )

3 ـ زلفى  قريبة ( زمنيا فى الدنيا )

قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ )(114) هود ).

ليس هذا عن مواقيت الصلاة ، إنما هو كما جاء فى صريح الآية عن ( إقامة الصلاة ) ، يعنى الابتعاد عن الفحشاء والمنكر ، كما أوضع رب العزة جل وعلا فى قوله جل وعلا : (  وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ  (45) العنكبوت ). وإقامة الصلاة تعنى المحافظة عليها بالتقوى والسلوك القويم، وجاء هذا المعنى فى صفات المؤمنين المفلحين فى قوله جل وعلا : (  قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)   المؤمنون ). بالتالى فإن ( إقامة الصلاة ) طرفى النهار و ( زلفى من الليل ) تعنى الابتعاد عن المعاصى طيلة يقظة الانسان حيث يتم تسجيل كتاب أعماله وما فعلته جوارحه . قال جل وعلا :( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60) الأنعام )، وللنهار طرفان أوله وآخره ، ثم هناك عتمة الليل ، وهى البداية القريبة ( الزلفى ). وهذا وقت اليقظة للناس .

3 / 2 : زلفى لاقتراب زمنى فى الدنيا الى قيام الساعة 

  قال جل وعلا :( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) الملك )

4 ـ زلفى قريبة : ( مكانيا فى الدنيا )

عن إغراق فرعون وقومه . قال جل وعلا : ( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ (66) الشعراء ). إنفلق البحر قسمين بينهما طريق يابس سار فيه موسى وقومه فنجوا ، بينما إنزلف فرعون وقومه الى نفس الطريق فإنطبق عليهم البحر وغرقوا . هنا تصوير حركى للزلفى المكانية فى الدنيا .

5 ـ صورة حركية مكانية للاقتراب فى الآخرة

إقتراب الجنة سعيا لأصحابها . قال جل وعلا : ( وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) الشعراء )( وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) ق )( وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) التكوير ).

اجمالي القراءات 1221