غمام / غمة / غمّ

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٠٩ - سبتمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
تأملت عبارة "من غم" الواقعة بين ((أن يخرجوا منها ..... اعيدوا فيها...)) حيث أثار اهتمامي وجود هذه اللفظة في سورة الحح، بينما لا أثر لهذا الفاصل "الاعجازي" في السجدة.. ما السبب؟؟ لماذا وماذا يدور بين سطور الآيات التي تحكي قصة هؤلاء "المغمومين" ما بين الدنيا و الآخرة. وهل في الآخرة غموم؟؟
آحمد صبحي منصور

أولا : غم / غمام ( بالغين المفتوحة  ) وتعنى الغطاء ، ومنها  ( الغيوم )

1 ـ جاء هذا فى الدنيا فى قصة بنى إسرائيل وهم مع موسى عليه السلام بعد خروجهم من مصر . قال جل وعلا :

1 / 1 : ( وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ )  57 ) البقرة )

1 / 2 : (  وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ ) 160 ) الاعراف )

2 ـ جاء فى نزول الملائكة يوم القيامة : ( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلا  )  25) الفرقان )

3 ـ فى مجىء الرحمن يوم القيامة ، وهذا مذكور فى قوله جل وعلا : ( كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ  دَكًّا دَكًّا ( 21 ) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ( 22 )   الفجر ). قال جل وعلا عن صفة مجيئه جل وعلا بظلل من الغمام،و لا نعرف ماهية هذا الغمام : (  هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ) 210 ) البقرة ). الله جل وعلا لا يُرى فى الدنيا ولا فى الآخرة ، ولنا بحث منشور فى هذا . ويكفى قوله جل وعلا : ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) 103 ) الانعام ).  .

ثانيا :( غُمّة ) بمعنى أمر فيه خلاف وشقاق . قال جل وعلا :(  وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ  ) 71 ) يونس ). أى لا يكن أمركم فى اختلاف وغيوم وعدم وضوح  .

ثالثا : الغمّ ( بالغين المفتوحة ) معناه مركب من الهموم والقلق والحزن

1 ـ جاء هذا فى الدنيا

1 / 1 : فى قصة يونس عليه السلام : ( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ( 87 ) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ) 88 ) الأنبياء )

1 / 2 : فى قصة موسى عليه السلام : (  وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ  ) 40 ) طه )

1 / 3 : عن هزيمة الصحابة فى موقعة ( أُحُد ) : ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 153 ) ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِّنكُمْ )  154) آل عمران )

2 ـ فى الاخرة عن محاولة أهل النار الخروج بسبب معاناتهم من ( الغم ) . قال جل وعلا : ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ  ) 22  )  الحج). ( من غمّ ) هنا جملة إعتراضية شديدة الدلالة.

رابعا :

1 ـ ( غم ) الدنيا وقتى ولا بد أن ينتهى ، ولا يشترط فيه أن يكون مصحوبا بعذاب جسدى . ( غم ) الآخرة خالد مرتبط بعذاب أبدى .

2 ـ المعنى الذى جاء فى سورة الحج آية 22 تكرر فى سورة السجدة ، قال جل وعلا : ( وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ  ) 20 ) السجدة ). الآيات المتشابهة فيها تفصيلات . يتضح هذا بين مقارنة الآيتين . سورة السجدة مكية ، وتكرر المعنى فى سورة الحج المدنية وفيه إضافات .

 

اجمالي القراءات 1415