عجوز مكتئب

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٨ - أكتوبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
عندى 75 سنة ، وحققت كل آمالى ، ومعى رصيد هائل فى البنك ، وأولادى ناجحين فى عملهم وزوجتى الباقية معى ست محترمة ، وصحتى ساعة فوق وساعة تحت بس انا أحسن من غيرى فى نفس عمرى . يعنى مفروض أعيش سعيد ومبسوط. ولكن على العكس ، انا مكتئب وقرفان ، بقيت أخرج وأقعد فى النادى مع أصحابى واللى على المعاش زييى ، ألاقى كل الكلام عن الدوا والمرض وفلان من أصحابنا مات ، وخلال شهرين بس مات تلاتة من شلة الأصحاب ، وبقينا نبص لبعضنا وكل واحد فينا يسأل نفسه يا ترى الدور فى الموت على مين .. قاطعت النادى وحبست نفسى فى البيت ، ونفس المشكلة ، يعنى بعد كل النجاح ده ما بقاش الا الموت ؟ واللى عملته فى عمرى انتهى وما بقاش الا الموت ؟ كنت زمان عايش بالأمل ، أدخل فى موضوع وعندى أمل أكسبه وأكسبه ، وأدخل بعده فى موضوع تانى وعندى أمل أكسبه وأكسبه ، وساعات كنت بأخسر وخسارة كبيرة لكن عمرى ما فقدت الأمل . أنا دلوقتى فقدت الأمل ، والحياة بقت كئيبة وباردة ومجرد إنتظار للموت . قعدت أقرأ على النت لقيت موقعكم ، وعجبنى ردودك على الفتاوى و انك شيخ عصرى ، طبعا فيه لك كلام كتير ما بأفهموش ، لكن كلامك فى الفتاوى مختلف عن المشايخ ، وبتتكلم فى كل شىء . هل ممكن تشرح لى ليه أنا مكتئب ؟
آحمد صبحي منصور

أولا : سبب إكتئابك:

1 ـ أنك غفلت طول حياتك عن الآخرة ، وركزت على الدنيا الفانية فقط . مثل الذى لديه سلتان ووضع كل البيض فى سلة واحدة وترك الأخرى خالية ، فوقع وتكسّر كل البيض ، والسلة الآخرة خالية فخسر كل شىء .

2 ـ أنك غفلت طول حياتك عن حتمية الموت ، وانه لا مهرب منه ، وبالتالى فهناك حياة أبدية تكون فيها إما خالدا فى الجنة أو خالدا فى النار .

ثانيا : هناك من يؤمن بالآخرة ويعمل الصالحات مخلصا لله جل وعلا دينه . هو يعتبر الدنيا رحلة يتزود فيها بالتقوى ، لا يهمل السعى للرزق ولكنه فى سعيه للرزق يتقى الله جل وعلا ، ولديه أمل لا ينقطع فى أن الله جل وعلا سيجزيه على عمله الصالح فى الدنيا وفى الآخرة . إذا إبتلاه الله جل وعلا بالشر صبر وشكر ، وإذا إبتلاه بالخير صبر وشكر ، لأنه يعرف ان حياته الدنيا قصيرة مؤقتة  وتنتهى بالموت وأن رزق الآخرة فى الجنة خير وأبقى .

ثالثا : هناك من غرّته الدنيا فسعى للفوز بأكبر قسط من متاعها ، وهو لن ينال من الرزق سوى المقدر له سلفا ، لكنه لا يعلم هذا لذا يظل يكافح ويتصارع ويتنافس ، قد يقع فى الموت فجأة فى غمرة الصراع ، وقد يصل الى أرذل العمر ويقعد ينتظر الموت ، وقد إضمحلت من حوله الدنيا وفقدت بريقها ، وفى عجزه ومرضه وقلة حيلته لم يعد قادرا على التمتع بما لديه حتى لو إمتلك البلايين . يفقد الأمل ويشعر أنه أضاع فرصة عمره هباءا . حارب من أجل الدنيا فما أغنت عنه الدنيا ، وهو حتما مفارق للدنيا . ولم يبق له من حياته أو مما تبقى من حياته سوى الحسرة ، او ( الإكتئاب ) .

أخيرا : تبقى العبرة من قصتك للشباب ليصلحوا أمرهم قبل فوات الأوان .

اجمالي القراءات 3016