إبتلاء المؤمنين

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٢ - أكتوبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السلام عليكم أنا من اشد معجبيك ، أحبك في الله ، وأسال الله لك الأجر على هذا الجهد غير المسبوق ، أنا رجل ابلغ ٣٢ عام من عائلة متوسطة مهاجر من بلدي أعيش في احد دول الخليج ، مع عائلتي ، كنت شاب مترف اصرف أموالي على الملذات ، منذ ثلاث سنوات أو اكثر بقليل تعرفت على موقعكم وكانت صدمة رهيبة ، هداني الله وكسرت اصنام أسلافي الاحناف . هجرت .من بلدي بعد مطاردتي كالأرنب الطريد من غلاة ومجرمي القاعدة ، كتب الله لي عمر بالهرب قبل يوم وبعدها تم اقتحام منزلي وسرقته وكل مانملك أخرجوني من الإسلام واباحو دمي ومالي ، منذ عام ٢٠٠٦ وإنا مهاجر .. . حتى لا اطيل انا أعاني معاناة لايعلم بها الا الله . ..أعاني من ضائقه ماليه شديده ، لا أستطيع الزواج دخلي ضعيف لا أستطيع الارتباط بغير مسلمة أو شيعية وحتى سنية نفسي ترفضهم بعدما خرجت من هذا المستنقع ، ولاتستقبلني اَي دولة للهجرة الا سبيل ركوب البحر والانتحاروالموت ربما وحبط أعمالي ،المناخ مسمم في المنزل اريد الخلاص ، هجرت كل أصحابي الا رجل وصديق بعمر والدي المتوفى أتواصل معه ، انا أعاني بعد التزامي بكتاب الله ، تركت الكحول وتركت اللهث وراء النساء كنت في ضياع تام ،بسبب رفقة السوء انا عالق. بين عائلتي التي أتمنى الهرب منها كالمراهقة من منزل أبويها ، حاجتي الجنسية تؤثر علي اسجد لله وإذ بي يشرد ذهني بصعقه كهربائية خفيفة كالوخزه. مع ارتجاج جسدي اشعر بها اثناء الصلاة بمخيلات وصور جنسية تغيبني تماما عن الصلاة واظطر ان الغي صلاتي بسبب حاجتي وفراغي الذي أعيشه ، انا أعيش في مدينة تتوفر. فيها كل أنواع المرح والملذات وأقفُ صامد !, وفي بعض الأحيان انهار وافقد التوازن وأكون كالحبل الذي يشد من جانبيين ، طريقي صعب على مايبدو ، اشعر بتأنيب الضمير لعيشي مع هذه العائلة ، أرجو النصح ولو برد مختصر يكفي لجرعة تخفف الألم الذي أعيشه ،وأرجو ان تبقى الرسالة خاصه ولاتنشرها ارجوك والسلام عليكم ورحمة الله.
آحمد صبحي منصور

1 ـ  أكرمك الله جل وعلا إبنى الحبيب، وحفظك من كل سوء ، ورزقك من فضله ورحمته ، وأعانك على ما أنت فيه من إبتلاء .

2 ـ وعذرا إذ لا بد من نشر بعض رسالتك لأنها تعبر عن حال كثيرين .

3 ـ فهى حالة عامة تواجه من يهتدى الى الحق ، وقد يعتقد أنه بوصوله الى الهدى ستتنزل عليه بركات من السماء ومن الأرض ، ولكن يُفاجأ بالابتلاءات . أنا فى السابعة والعشرين من العمر إعتقدت أن وصولى الى الحق فيما كتبته فى موضوع رسالتى  للدكتوراة عن التصوف سيجعل الشيوخ يصفقون لى ، وبها بدأت المعاناة واستمرت مع كل صنم أدمّره . وتعلمت من القرآن الكريم أن الوصول للإيمان الحق يعنى التعرض للإبتلاء والإختبار والتمحيص . بدأت أفهم قوله جل وعلا :

3 / 1 : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّـهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ ﴿٢١٤﴾   ) البقرة )

3 / 2 : ( وَلِيُمَحِّصَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴿١٤١﴾ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّـهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴿١٤٢﴾ آل عمران )

3 / 3 : ( الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿٢﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿٣﴾ العنكبوت )

4 ـ إعتصمت بالقرآن أطهّر به قلبى من شوائب الشرك المتوارث ، وإعتصمت بربى جل وعلا ، ولا زلت أكرر فى صلاتى وفى حياتى : ( حَسْبِيَ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴿١٢٩﴾ التوبة ) ( حَسْبِيَ اللَّـهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿٣٨﴾ الزمر ) ، وفى كل الأزمات أتّعظ بقوله جل وعلا : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴿٣﴾ الطلاق )

5 ـ إبنى الحبيب :

5 / 1 : ما تواجهه متوقع ، والتغلب عليه هو فى إطار الممكن وليس المتعذر أو المستحيل . تفكر فى نفسك وفيما أنعم الله جل وعلا عليك ، فأنت فى شبابك وصحتك ، وفى النفس البشرية وفى الجسد إمكانات هائلة، ولكن تعوّد الانسان على ألا يستفيد منها كسلا . عليك أن تكتشف ما فى نفسك من قوة عزيمة وما فى جسدك من قوة تحمل ، وهذا فى إطار إيمانك بالخالق جل وعلا ، وأنه جل وعلا قد تذكرك فأدخلك فى إختبار لتتعلم منه مدى صدق إيمانك .

5 / 2 : الحياة مزيج من إبتلاء النعمة والنقمة ، وإبتلاء النعمة والمنحة أشد من إبتلاء النقمة والمحنة ، ولنا كتاب منشور عن الابتلاء أرجو أن تقرأه . ولكن سيأتى الوقت ــ إن شاء الله جل وعلا ـ الذى تتذكر فيه أيام محنتك وصبرك فيها وتعتبر أنها أروع أيام حياتك .

5 / 3 : ليكن  أهم سلاح لك  الصبر والصلاة ، لتسمو بنفسك فوق غرائز النصف الأسف . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴿البقرة:  153 )  (  وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴿البقرة: ٤٥﴾

6 ـ الإختبار ميسور فى وقت الشباب ، وهو عسير وفظيع وقت الشيخوحة .. بل ربما يكون نجاحك فى إلإبتلاء فى شبابك سبيلا للراحة فى الكهولة والشيخوخة .

7 ـ فى كل الأحوال لا يمكن أن تهرب من الابتلاء ، ولكن يمكن أن تنجح فيه .

اجمالي القراءات 2836