آحمد صبحي منصور
في
الثلاثاء ٢٦ - مايو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
فى البداية أعترف بأن كلامى يصدم الناس ويصطدم بما وجدوا عليه آباءهم . ومهما بلغ غضب أحدهم ومهما علا صوته بالسب والشتم فإنه بعد أن يقرأ ويسمع يصبح شخصا آخر ، لا ينسى صدمته ، ويتغير داخله شىء ، . فالحق يتسلل الى قلبه مهما جحد الحق ،وهذا معنى قوله جل وعلا عن الحق القرآنى : (كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (201 الشعراء ) (كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (13) ) الحجر )الحق القرآنى يستقر فى قلبه مهما كفر به .
قلت هذا كثيرا ، واؤكده تاليا :
1 ـ لست زعيما سياسيا أو مشتغلا أو منشغلا بالسياسة حتى أسعى لإرضاء الناس على حساب رب الناس جل وعلا الذى سأمثل أمامه يوم الحساب أُجادل عن نفسى . لو صفق لى كل الناس فلا يهمنى ذلك ، ولو لعننى كل الناس لايهمنى ذلك . الذى يهمنى رضا رب العزة جل وعلا ، بأن أقول ما اعتقده حقا ، ولا تأخذنى فى حق الرحمن جل وعلا لومة لائم .
2 ــ إن المُشتغل بالعلم فى الدين وضعه خطير . هناك من يقول الحق ولا تأخذه فى الحق لومة لائم . هناك من يتاجر بالدين يشترى بآيات الله ثمنا قليلا ، وأولئك هم خصوم الله جل وعلا يوم القيامة لا يكلمهم يوم القيامة ولا يزكيهم ، وما اصبرهم على النار . (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) البقرة ) وهناك درجة أقل هم من يعرف الحق ولكن يكتمه حرصا على مكسبه الدنيوى ، وهذا مستحق للعن رب العزة إلا إذا تاب وأصلح وقام بتبيين الحق القرآنى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة ).
أى فى مجال الدعوة الدينية لا مجال للتوسط : إما أن تعلن الحق وتصدع به مع الاعراض عن المشركين الجاهلين : (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (94) الحجر )ولا تداهن (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) ) القلم ) فتنجو بنفسك من عذاب يوم عقيم ، وإما أن تكتم الحق فتكون ملعونا ومن أصحاب النار أو تشترى بآيات الله ثمنا قليلا فبئس العذاب يوم القيامة .
3 ــ ولنفرض أننى إصطنعت اسلوبا هادئا لآرضى أرباب الديانات الأرضية ؟ فهل سأرضيهم ؟ لن يرضيهم إلا أن أتبع دينهم . أحد دُعاة الاسلوب الهادىء فى الدعوة بدأ يكتب فى هدوء كلاما عائما لم يفهمه أحد . قلت له إنه بمجرد أن تصرح بالحق سيتناولونك بالشتم . وفعلا كتب مجرد عبارة بين السطور وفهموها فانهالوا عليه سبا وتكفيرا برغم منزلته العالية بينهم .
4 ـ هم يأبون إلا أن تتبع دينهم . والله جل وعلا يأبى إلا أن يتم نوره ولوكره الكافرون المشركون . ماذا أقول عن قبر النبى المزعوم الذى يحجون اليه ويقدسونه أكثر من تقديسهم للكعبة ـ لوسكتّ عن هذا أصبحت ملعونا لأننى كتمت الحق . لو شجعت على زيارته سأكون فى عذاب بئيس . سانال إعجاب الناس ، ولكن يوم القيامة لن يغنوا عنى من الله شيئا . أما لوقلت إن هذا القبر رجس من عمل الشيطان وبرهنت على ذلك قرآنيا وتاريخيا فسيلعنوننى بلا شك ، وهم كذلك يفعلون ، لكننى أكون قد أرضيت ربى جل وعلا ..ولا يهمنى غضبهم أو رضاهم
5. ليس بينى وبينهم خصومة شخصية أو خلاف على ميراث أو صراع حول ثروة أو سٌلطة .
نحن خصمان إختصمنا فى ربنا جل وعلا. أنا أومن انه لا اله إلا هو جل وعلا، ما لنا من دونه من ولى ولا شفيع وهو جل وعلا لا يشرك فى حكمه أحدا، وأن كتابه الكريم يكفينا فى الدين ، وهم يؤمنون بإله منزوع السلطات يتحكم فى مُلكه إله أقوى منه أسموه محمدا ، يحجون الى قبره معتقدين فى شفاعته وانه مالك يوم الدين ومعتقدين أن أعمالهم تُعرض عليه ، وأن أحاديثه تُلغى أحكام القرآن وتفسر غموضه وتكمل نقصه وتشرح المُبهم منه . موعدنا يوم القيامة أمام صاحب الشأن ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون ، وعندها سنعرف من الكافر المستحق للعذاب والمؤمن المستحق للجنة : ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)) الحج )