عفواً.. نحن غير مسئولين عن فقر موهبتكم

خالد منتصر في الجمعة ١٠ - أغسطس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

المنتمون إلى تنظيمات دينية تمارس السياسة غالباً ما يفتقرون إلى الموهبة والإبداع الفنى بكافة أشكاله بما فيها موهبة الكتابة الصحفية والإعلام، وعندما تتحول الأيدلوجية إلى دين وعقيدة ينطبق على معتنقيها نفس المعايير فى نضوب وجفاف الموهبة الفنية، فالشيوعية والنازية والفاشية مثلها مثل التنظيمات الإسلامية والمسيحية واليهودية المتطرفة لا تجد بين معتنقيها فناناً تشكيلياً موهوباً أو شاعراً عبقرياً أو كاتباً صحفياً صاحب شأن ووزن فى عالم الصحافة والإعلام، والإخوان المسلمون للأسف لا يريدون فهم هذه النقطة ولا تصيبهم الدهشة من خلو طابورهم الطويل خلال تلك السنوات الطويلة من أى فنان موهوب حقيقى، فعندما يتصدون للمسرح تراه مسرحاً مدرسياً مملاً بلا طعم أو لون، وعندما يكتبون شعراً، تراه نظماً بارداً ثلجياً يفتقر إلى سحر الفن، وكذلك عندما يكتبون صحافة فهى صحافة تقريرية مثلها مثل مجلات الحائط المدرسية أو نشرات المحافظات وشركات المقاولات!

سبب فقر الموهبة وفشل الإبداع بديهى جداً، لا بد أن يحتفظ الفنان والإعلامى برحابة الرؤية وليبرالية الفكر وانفتاحه على الجميع وطرحه لكل علامات الاستفهام بدون توجس أو رعشة أو خوف، لا ينفع صاحب العقل المقيد أو المحنط فى أن ينتج حياة والفن بطبيعته أجمل وأرقى أنواع الحياة؛ لذلك سيفشل الإخوان والسلفيون فى إنتاج فن جيد أو إعلام حقيقى، الكارثة أنهم لا يقتنعون بأن مشاريعهم الفنية والإعلامية فاشلة؛ لأن الموهبة غير موجودة، متبخرة، وللأسف لا يمكن ولادتها قيصرياً بالعافية، الفن هو الشىء الوحيد الذى لا أستطيع إجبار إنسان على تذوقه بالعافية، لا أستطيع إجبار الشعب العربى على أن يعشق أشعار القرضاوى ويترك أشعار نزار قبانى تحت شعار أن الأول إخوان والثانى فلتان!، وما حدث مع جريدة الحرية والعدالة التى لا يقرؤها إلا محرروها، وقناة الإخوان الفضائية التى تشاهدها بنجاح منقطع الجماهير، لم يقنع الإخوان بذلك بل ظلوا يصرخون «الإعلام المضاد هو السبب»، الإعلاميون الخونة هم أصحاب الثورة المضادة، وأغفلوا نقطة فى منتهى الأهمية وهى أن الإعلاميين والصحفيين الذين يتهمونهم هم فقط أكثر موهبة وحرفية، وليس ذنبهم أن الجماعة تفتقر إلى أصحاب الموهبة؛ لأن نظام السمع والطاعة لا يمكن أن يفرز موهوباً، فديستوفيسكى كان لا يمكن أن يظهر مع ستالين، وجوته لا يمكن أن يبدع مع هتلر، وكذلك لا يمكن أن يكون من بين الإخوان أحمد بهاء الدين أو هيكل أو إحسان عبدالقدوس أو صلاح حافظ.. إلخ.

ليس من الحصافة أن نعالج فقر الموهبة الفنية والصحفية والإعلامية بالتكويش على الصحافة ووضع اليد على الإعلام، انزلوا يا إخوان إلى ساحة المنافسة الشريفة وأظهروا لنا مواهبكم الدفينة بعيداً عن ميليشيات الجهاد الإلكترونية التى تعمل فقط على الاغتيال المعنوى بالكذب والتدليس!، لو جئتم بألف رئيس تحرير إخوانجى، فلن تصنعوا إعلاماً جيداً، ولو عينتم ألف وزير إعلام إخوانجى لن تخلقوا مناخاً يفرز مواهب إعلامية حقيقية.

عفواً يا إخوان، نحن غير مسئولين عن فقر موهبتكم وجدب فنكم وتصحر إبداعاتكم.

اجمالي القراءات 8927