" تطهير" رئاسة الجمهورية .. أولا

حمدى البصير في الثلاثاء ١٧ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

تطهير مؤسات الدولة ، فى عهد الجمهورية الثانية ، يجب أن يبدأ أولا بتطهير ديوان رئاسة الجمهورية أومؤسسة الرئاسة  ، وذلك قبل أن يبدأ الرئيس مرسى خطوات جادة فى تطهير باقى مؤسسات الدولة مثل القضاء والإعلام ، لإن كل وزير فى الوزارة الجديدة التى أوشك على تشكيلها يجب أن تكون مهمته الأولى تطهير وزارته ، خاصة وزراء العدل والداخلية والإعلام وغيرها ، بينما تطهير ديوان رئيس الجمهورية من الداخل يجب أن تكون أولى مهمات الرئيس ، لأنه سيواجه العديد من التحديات من أجل إعادة ترتيب البيت من الداخل وإصلاح مطبخ إتخاذ القرا وتطهير الديوان الذى حوله زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية سابقا والمحبوس حاليا إلى دولة داخل الدولة ، وإلى وكر للفساد ، ومكتب كبير لتلقى الرشاوى والإتاوات من الداخل والخارج تحت بند " الهدايا " ، حتى أصبح الفساد داخل للرئاسة " للركب " ، بل جعل عزمى ديوان الرئاسة فى الإيام الأخيرة للرئيس المخلوع مبارك ، مقرا لطرح أسماء الوزراء والمحافظين ، وإدارة كبيرة للتوصية بمنح إمتيازات لرجال أعمال ، وإعطاء موافقات على تخصيص أراضى للمحاسيب ، بل وإلى مكتب إستشارت كبير لطرح أسماء تستحق جوائز الدولة فى العلوم المختلفة ، مما جعل مؤسسة الرئاسة أيضا إلى " قبلة " للمنافقين ، وهذا أدى فى النهاية إلى الحكم على البرلمانى السابف وكاتم الأسرارزكريا عزمى بالسجن سبع7 سنوات .

بالطبع ستكون أولى التحديات أمام الرئيس مرسى هى مواجهة رموز نظام مبارك البائد داخل رئاسة الجمهورية، وكيفية إدارة ديوان الرئاسة، الذى مازال حتى الآن يسير على خطى زكريا عزمى رجل مبارك الأول ومسئول الديوان فى عهده على مدار 25 عاماً كاملة، استغل خلالها سلطة رئيس الجمهورية، فى تطويع كافة الوزارات والهيئات لصالحها، بالإضافة إلى الحرس الخاص بالرئيس السابق ومسئولى المراسم والسكرتارية الخاصة وضباط الاتصال ، ومعرفة ميزانية " الرئاسة " خاصة المصروفات السرية ، ومعرفة كيف تنفق ، وكشف قضايا فساد إذا كانت تتلك المصروفات نفق فى السابق ، على أسرة الرئيس وحاشيته ، وتستخدم فى ممارسات تضر أمن البلاد ، وتعصف بمعارضى النظام .

فرئاسة الجمهورية تسير على نفس خطى الرئيس السابق حتى الآن ، من ناحية الغموض والتعتيم على المعلومات الخاصة بالرئيس الجديد، فيما يتعلق بمخصصاته المالية، وبدلاته ومرتبه الشهرى، والسيارات الموجودة تحت خدمته، وكيفية التعامل مع الهدايا والعطايا القادمة من رؤساء الدول، بالإضافة إلى الحسابات البنكية الموجودة باسم رئاسة الجمهورية والمخصصات الحقيقية المرصودة لها والصناديق الخاصة الموجودة بالرئاسة وحجم الأموال الموجود بها، لأن هذه الصناديق لا تخضع لرقابة أى جهة فى الدولة، نظراً لغياب الفحص على رئاسة الجمهورية من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات طوال السنوات الماضية  وعلى مدى ربع قرن ، أى منذ عام 1987حتى الآن ، أى منذ تولى عزمى المسؤلية.

وهناك الكثير من المخصصات المالية الضخمة والصلاحيات الواسعة للمسئولين بذلك الديوان، الذى ينقسم العاملين به العاملين إلى قسمين رئيسيين، الأول المدنيون والموظفون العاديون، والثانى عسكريون سابقون وضباط اتصال ومسئولين عن المراسم والعلاقات عامة، ولكن العاملون فى القسم الثانى يحصلون على جزء كبير من الأموال المخصصة للرئاسة .

فعلى سبيل المثال فإن مكتب الرئيس به أكثر من 55 سكرتيراً خاصاً، يحصلون على حوافز ومكافآت شهرية ضخمة ، إضافة إلى بدلات السفر والمكافآت التى يقدرها رئيس الديوان شخصياً، ورواتب حراسات الرئيس وضباط التأمين والاتصال الذين يتجاوز عددهم 200 ضابط يتناوبون على حراسة الرئيس بشكل منتظم، ولا تدخل هذه المرتبات أو المكافآت ضمن ميزانية الرئاسة المعلنة بالموازنة العامة للدولة، التى لا تتجاوز 254 مليون جنيه سنوياً، يتم الصرف منها على كافة أنشطة الرئاسة بما فيها مرتب الرئيس نفسه والموظفين وكافة الأعمال التى تقوم بها مؤسسة الرئاسة  .

كما أن الجهازالمركزى للمحاسبات لم يكن يراجع سوى مستندات الصرف المتعلقة بالحسابات المدرجة فى الموازنة العامة للدولة فقط، دون أن يتم مراجعة أى نشاط يتعلق بالرئيس، من سفريات وانتقالات وبدلات وهدايا ورحلات علاجية أو نفقات أسرة الرئيس التى كانت تعبث بمخصصات الرئاسة كما تشاء، وأيضا فأن المخصصات المتعلقة برئاسة الجمهورية أمر لا علاقة له بما يحصل عليه الرئيس أو حتى راتب الرئيس المعلن فى الموازنة، نظراً لوجود حسابات مصرفية وودائع بنكية يتم الصرف منها بشكل مباشر على أنشطة الرئيس وأعمال الرئاسة، هذه الأرقام والحسابات لا يعرفها أحد، وتعد أحد أهم الأسرار الموجودة بالدولة مرتب الرئيس الذى لا يعرفه سوى رئيس الديوان وبعض السكرتارية الخاصة بالرئيس وكبار معاونيه، كما لا تخرج تلك الأرقام للجهات الإدارية أو الرقابية على مختلف أنواعها، ويتم التعامل معها بحساسية شديدة، ولا تخرج لها أوراق أو مستندات تدل عليها أو تحمل أرقاما لها.

ونظرا لعدم معرفة الإنفاق الحقيقى لمؤسسة الرئاسة ، والغموض الذى يحيط بنفقاتها وزيادة مصروفاتها السرية ، فقد أصدر المشير حسين طنطاوى، القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قراراً مؤخرا – وقبل تولى الرئيس مرسى المسؤلية -  بتعيين اللواء أركان حرب عبد المؤمن فودة رئيساً للجنة تتولى الشئون المالية والإدارية برئاسة الجمهورية، بمعاونة 4 من مسئولى الديوان السابقين، حيث كان فودة يشغل منصب كبير الياوران برئاسة الجمهورية.

لابد من الشفافية المطلقة عند الحديث عن مصروفات الرئاسة فى عهد الرئيس محمد مرسى ، وألا تتحول الي إحدي المحرمات الغامضة التي لا يعرف عنها أحد شيئا وكذلك خضوع ذمة الرئيس وأسرته ومعاونيه الي المبدأ نفسه.

ولابد أيضا ترشيد المميزات التي بلا حدود والهدايا غير المنظورة والمجاملات وتوزيع أراضي الدولة بلا حساب

 ويجب أن تقتصر وظيفة رئيس الديوان علي الجوانب التنظيمية والمراسمية والإدارية فقط ، حتى لانصنع زكريا عزمى جديد ، وأن يختص الامناء بالبروتوكول والياوران باتجاهات سير الرئيس إما الحرس الجمهوري فهو قوات الرئيس الخاصة بحمايته وقائده بمثابة مستشاره العسكري ، وقد يصبح رئيس قوات الحرس الجمهورى الحالى رئيسا للديوان.

ولابد أيضا أن يقوم الرئيس مرسى بتصفية مراكز القوي داخل القصر الجمهورى أولا بأول ، خصوصا في الدائرة الضيقة حول الرئيس لأنها كانت دائما مصدر الشرور, والقضاء علي المركزية خاصة في فروع الرئاسة المتعددة ولابد من تشكيل مجموعة استشارية متخصصة من كل الاتجاهات السياسية وأن يعتمد في ذلك علي الخبرة والكفاءة وحدهما .

وقد طلب الرئيس من وزارة الخارجية مؤخرا بترشيح دبلوماسى كفء ليكون متحدثا رسميا باسم الرئاسة ، وسفيرا ليكون مستشارا للرئيس للشؤن الخارجية ، أى أنه بدأ بالفعل فى إختيار كبار موظفى ديوان الرئاسة ، وقبل أن يختار نواب الرئيس أو رئيس الحكومة ، لإنه يعلم إن نجاحه أو فشله يتوقف على حسن إختيار معاونيه المقربين ، لإن رئاسة الجمهورية هى أهم الأدوات التلى يستطيع أن ينفذ بها الرئيس قرارته ، بل هى " المطبخ " الذى تعد فيه تلك القرارات.

حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com

 

 

 

اجمالي القراءات 10088