الممطالب الفئوية و"عصا مرسى "السحرية

حمدى البصير في الأحد ٠٨ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أمام بوابة رقم 3 بقصر العروبة فى شارع الأهرام بمنطقة مصر الجديدة ، يتجمع يوميا مئات المواطنين من أصحاب الشكاوى والمطالب الفئوية ، رافعين لافتات توضح مطالبهم تارة ، وحاملين شكاوى عامة وخاصة تارة أخرى ، وهؤلاء لديهم أمل كبير ، فى لقاء الرئيس محمد مرسى ، لعرض مطالبهم وشكواهم ، أو حتى على الأقل توصيل مطالبهم العامة والشخصية إليه ، من أجل حلها ، بعد أن ضاقت بهم السبل ، ولم يستجب أحد لمطالبهم ، فوجدوا فى رئيس الجمهورية الجديد ، الأمل المنشود فى الإستجابة للمطالب المشروعة ، والمستحيلة أيضا ، ، رغم إن رئيس الجمهورية لم يدخل قصر الرئاسة إلا منذ أسبوع فقط  ، ولايملك الوقت الكافى أوصلاحيات واسعة ، من أجل حل كل المشكلات المتراكمة للمواطنين منذ سنوات ، ولاسيما أن حل معظم تلك المشكلات يحتاج إلى تدبير موارد مالية فورية ، وأموالا كثيرة .

المطالب الفئوية لهؤلاء تتمحور حول ، تعيين العمالة المؤقته وزيادة المرتبات ، ورعاية ضحايا الخصخصة من أصحاب المعاش المبكر ، أو إنصاف العمالة التى أقتنص الكثير من حقوقها عندما بيعت شركاتهم إلى رجال أعمال أو شركاء أجانب ، كما أن الشكاوى والمطالب الشخصية تتراوح بين الإفراج عن معتقلين فى الداخل والخارج ، وإيجاد فرص عمل لعاطلين ، أو عودة مفصولين إلى عملهم ، أوالحصول على قرارات علاج على نفقة الدولة لمرضى محتاجين ، أوإسقاط ديون شخصية على غارمين .

أى أن معظم أصحاب الشكاوى والمطالب الفئوية ، نقلوا إعتصاماتهم ووقفاتهم الإحتجاجية من أمام الوزارات والشركات المختلفة ومقر مجلس الوزراء ، إلى القصر الجمهورى بالعروبة ، من أجل أن يستجيب الرئيس لمطالبهم ، ويستجيب لشكواهم ، ويحل لهم مشاكلهم فورا ، رغم إن معظم هؤلاء المواطنين يعلمون ، إن مهمة الرئيس الأساسية ليست التفرغ لحل المشكلات الشخصية والمطالب الفئوية ، وإن هناك جهات تنفيذية وقضائية متعددة ، تستطيع البت فى تلك المطالب ، وبحث المشكلات وحلها ، فى إطار قانونى ، يضمن تحقيق العدالة الإجتماعية ، ورد المظالم ، وإنصاف المظلومين .

صحيح رئيس الجمهورية ، هو على قمة السلطة التنفيذية من الناحية القانونية ، وهو الحاكم المسؤول عن الرعية من الناحية الشرعية ، بل أنه أعلنها صراحة فى خطابه الأول بأنه خادم للشعب ، وإن أبوابه مفتوحة دائما للجميع ، ولكن ليس معنى ذلك إن تنقل الإعتصامات والوقفات الإحتجاجية إلى أسوار القصر الجمهورى ، أو أن يتسلق بعض أصحاب المطالب الفئوية أسوار القصر ، أو يطرق أصحاب المظالم والشكاوى الخاصة بابه بعنف ، أو تقوم قلة قليلة – بحسن أو سؤ نية – بقطع الطريق مؤقتا وتعطيل المرور أمام القصر .

عناصر المشهد أمام قصر العروبة تبدأ فى الظهور منذ الصباح الباكر، حيث يتوافد عدد من أصحاب المطالب الفئوية والذى يتزايد عددهم بمرور الوقت، يحدوهم الأمل فى لقاءالدكتور مرسى والذى يمتلك على حد اعتقادهم عصا  "مرسى " السحرية ، لتحقيق المطالب الفئوية ، وعندما لايستجاب لمطلبهم فورا ، يبداون فى إحداث صخب وبلبلة وفوضى وقطع الطريق أمام قصر العروبة ، فى مشهد لم يعتده سكان تلك المنطقة الهادئة ، والى كانت محرم على المارة السير فيها ، فى عهد المخلوع مبارك ، إلا للضرورة القصوى ، وبعد إجراءات أمنية معقدة ، من الحرس الجمهورى ، كانت تسرى على السكان المجاورين للقصر أنفسهم ، ولكن بعد الثورة وإنتخاب مرسى رئيسا ، سبقته الشكاوى والوقفات الإحتجاجية قبل وصوله إلى القصر الجمهورى ، ولكنه قام بتشكيل ديوان أو جهاز للمظالم لتلقى الشكاوى والبت ، بعد أن تعددت المشاحنات بين أصحاب المطالب الفئوية والشكاوى  وقوات الأمن ، والتى ترفض فتح بوابة قصر العروبة، وتكتفى فقط بفتح باب صغير تتلقى منه أوراق المواطنين وتنظم صفوفهم، كما تسمح فقط بدخول 5 أفراد لمقابلة العاملين بمكتب شكاوى مؤسسة الرئاسة، والذين يكتفون بتلقى أوراق المتظاهرين مع وعدهم بفحصها، بالإضافة إلى إعطائهم رقم الهاتف الأرضى ليتصل به صاحب الشكوى للاستفسار عن طلبه، وسوف يتولى جهاز المظالم حاليا بحث تلك المشاكل وعرضها على الرئيس لحل المعقول والملح منها ، وفى حدود إختصاصات رئيس الجمهورية ، ووفقا للموارد المالية المتاحة .

لابد أن نعلم جميعا أن المطالب الفئوية فى مجملها مطالب مشروعة ، وإن من حق كل مواطن أن يلجأ إلى أعلى سلطة فى الدولة من أجل حل مشكلته ، ورفع الظلم عنه والإستجابه لمطالبه ، خاصة إذا أغلقت فى وجهه الأبواب ، ولاسيما أننا ودعنا عهدا شاع فيه الظلم وانتشر فيه الفساد ، وزاد فيه إستغلال النفوذ ، وكثرت فيه المحسوبيات وأهدرت فيه الحقوق ، وأصبحنا فى عهد جديد بعد الثورة ، ولدينا رئيس مدنى منتخب ، ذو شخصية متسامحة ، كما أن أخلاقه وتواضعه يشجع المظلومين وأصحاب الحاجات على اللجؤ إليه ، ولكن لابد أن نعطى الرئيس الفرصة ، لترتيب البيت من الداخل ، فهو لايملك فى أيام قليلة حل ألاف المشاكل وتحقيق المطالب المشروعة ، والمتراكمة منذ سنوات ، لأن الأمر يرتبط بإمتلاك الرئيس لصلاحيات واسعة ، وتشكيل فريق رئاسى متعاون ومستشارين على درجة عالية من الكفاءة ، وإختيار حكومة قوية وقادرة على حل مشاكل المواطنيين ، وتدبير الألاف من فرص العمل وزيادة الموارد ، لإن تحقيق المطالب وحل المشكللات يتطلب أموالا طائلة ، ونحن نعانى حاليا من أمراض إقتصادية مزمنة ، خاصة بعد عام ونصف من الثورة ، وأخطر تلك الأمراض هى قلة الإنتاج ، وتراجع ساعات العمل ، والمطالبة بحقوق لايقابلها واجبات ، وفى أوقات غير مناسبة إطلاقا .

 حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com

اجمالي القراءات 7531