الحلف بالله جل وعلا كذبا:(9 )
:(9 ) مساجد الكفر محورالتشابه بين معظم المسلمين ومشركى الصحابة

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٨ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

هو خصم لله جل وعلا من يستخدم الدين فى طموحه الدنيوى

مقدمة : فى توضيح المفاهيم قرآنيا :

1 ـ الصاحب من يصحبك فى نفس الزمان والمكان ، فالزوجة صاحبة زوجها:(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً)(الجن 3)(يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ)(المعارج 11ـ).وكان خاتم النبيين صاحبا للمشركين فى زمنه(مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى)(النجم2(مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)( سبأ 46  ) وكان مصاحبالصاحبه فى الغار( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)( التوبة 40).الصحبة لا تعنى الاتفاق فى الدين ولكن الاتفاق فى نفس الزمان والمكان . وبالتالى فالصحابة هم الذين عاشوا مع خاتم النبيين والتقوا به وتعاملوا معه ، سواء من كان منهم مؤمنا أو كافرا أو منافقا.كلهم صحابة طبقا لمفاهيم القرآن المخالفة لمفاهيم الدين السّنى .

2 ـ المسجد هوموضع السجود للعبادة، يقول جل وعلا( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)( الاعراف 29 ). إقامة الوجه تعنى الاتجاه لله جل وعلا وحده فى العبادة فى كل مسجد وموضع للسجود،والمؤمن يوجّه وجهه لله جل وعلا وحده : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(الأنعام 79)، وهو على صراط مستقيم بعكس المشرك الذى تتعدد آلهته وهو يسجد لله ولمختلف الآلهة والأولياء المقدسة وفى مساجد مختلفة.يقول جل وعلا يقارن بين المؤمن الحنيف والمشرك:(أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)(الملك  22). والمسجد بمعنى موضع السجود للعبادة جاء أيضا فى قوله جل وعلا:(يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)(الأعراف31 ). وبالتالى تتعدد أنواع المساجد من حيث الأسماء ومن حيث الاخلاص فى العقيدة لله جل وعلا وحده ، أوالعبادة والسجود لله ولغيره  فى نفس المسجد .

ثانيا : أنواع المساجد:

1ـ  طالما أن المسجد هو موضع السجود للعبادة فهناك أنواع مختلفة من المساجد . فى البداية تنقسم المساجد الى نوعين : مساجد دينية ومساجد ( ضرار) يستغلها أصحابها فى أغراض دنيوية سياسية وأيدلوجية . وسنعرض لمساجد الضرار فى الحلقة القادمة قرآنيا وتاريخيا. نقتصر هنا على المساجد الدينية .

2 ـ التقسيم الأول للمساجد :

2 / 1 : قد يطلق كلمة ( بيت) على المسجد مثل البيت الحرام (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ)(المائدة 97 )،ومثل قوله جل وعلا:( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)(النور 36 )،( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ )(يونس 87).

2/ 2 : ومن بين المساجد جميعا فالبيت الحرام يقف وحده فريدا بين المساجد مثابة للناس وأمنا ومن دخله كان آمنا، فهو البيت العتيق، وأول بيت وضعه الله جل وعلا للناس،وأوجب على الناس جميعا الحج اليه خلال الأشهر الأربعة الحرم،وجعله قبلة   فى الصلاة وحرّم القتال فيه إلا دفاعا:( البقرة 150،191: 192 ،196: 203)(آل عمران 96 : 99 )(المائدة 2 ، 94 : 97) ( الحج 26 : 29). أى هناك بيت واحد لله جل وعلا الواحد ،وهو الحرم المكانى لرب العزة فى الأرض الذى يجب أن يحج اليه الناس أثناء الحرم الزمانى أى الأشهر الحرم الأربعة:ذو الحجة ومحرم وصفر وربيع الأول. ولكن المشركين قبل وبعد نزول القرآن انتهكوا كل هذا سواء بتعدد المساجد التى يحجون اليها ويجعلون لها موالد أو فى انتهاك حرمة البيت الحرام والأشهر الحرم أو التلاعب فى تشريعات الحج،وسنعرض لهذافى كتاب عن الحج .  

2/ 3 : وتنقسم المساجد أيضا من حيث نوعية العبادة فيها؛الأقلية منها تكون فيها العبادة لله جل وعلا خالصة بلا تقديس لقبر أو شخص داخل المسجد إمتثالا لقوله جل وعلا :(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)،(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)،(الاعراف29)( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)(النور 36 ـ ).ولكن الأغلبية الساحقة منها تتنفس الشرك وتنطق به.

2/ 4 :هذه المساجد الشركية الكافرة أنواع :

2/ 4/ 1 :مسجد يضاف اليه قبر مقدس:وقد انتشر هذا فى مكة،ووقف خاتم النبيين عليهم السلام يدعو الى تطهير بيوت الله من عبادة غيره والتوسل بغيره ، فكادت قريش أن تفتك به ، وهو ما يمكن أن يحدث الآن لمن يرفع صوته معترضا على صيغة الأذان وتقديس البشر فى المساجد ، يقول جل وعلا :( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا)( الجن 18 ـ ).أفظعها ذلك القبر المقدس أو الرجس المقدس الذى تحميه الوهابية السعودية وتنسبه قبرا للنبى محمد عليه السلام. وهو برىء منه ومنهم .

 

2 / 4/ 2 : قبر يقام عليه مسجد: مثل المسجد الذى أقامه الملأ الأعيان على قبر الفتية من أهل الكهف:(وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا)(الكهف 21 ).ومثل هذا النوع كثير فى المساجد باسم الحسين والسيدة زينب والأولياء الصوفية مثل البدوى والشاذلى وأبى العباس المرسى و ابراهيم الدسوقى ، وقبلهم الشافعى والليث وأبى حنيفة.  بل توجد مساجد متعددة للشخص الواحد.وهذا شرحه يطول .

ثالثا : تشريعات المساجد :

1 ـ حصانة كل بيوت العبادة كإحدى مقاصد القتال الدفاعى فى الاسلام ،لتشمل بيوت العبادة لليهود والنصارى والمسلمين وأى بيوت للصلاة واى مسجد طالما يذكر فيها اسم الله كثيرا : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحج 40).

2 ـ ترتبط هذه الحصانة بتشريع الحرية المطلقة فى الدين عقيدة ودعوة وعبادة داخل وخارج المساجد وسائر بيوت العبادة . وكل البشر ينادون رب العزة بصيغ مختلفة ولغات مختلفة على انه الخالق ،ولكن يختلفون ويختصمون فيما بينهم فى طبيعة الخالق جل وعلا. يقول رب العزة عن نوعى الناس يوم القيامة وخصومتهم فى طبيعة الخالق هل هو واحد لاشريك له ولا ابن ولا ولى ،أم له : (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) والفصل بينهم يوم القيامة:(هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ )(الحج 19 ـ ). فالحرية المطلقة فى العقيدة والعبادة فى الدنيا مقابل مسئولية الحساب يوم القيامة وما يترتب عليه من نعيم الجنة أو عذاب فى النار:(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا)(الكهف 29 ـ ). ونزلت هذه التشريعات لأول مرة فى جزيرة العرب حيث تتزعم قريش فى مكة الحياة الدينية الشركية بعد ان غيّرت ملة أبيهم ابراهيم عليه السلام . وبعد موت خاتم النبيين عاد المسلمون الى نفس الكفر والشرك وانعكس هذا على دور المساجد كما سنعرض فى المقال التالى عن مساجد الضرار فى تراث المسلمين وحاضرهم.

ثالثا : قريش والمساجد

كان نظام قريش أقرب الى النظام العلمانى الذى يجيد استخدام الدين الأرضى لمصالحه، وكان الأمويون أبرز من يعبّر عن هذه العلمانية. ورثت قريش تحريف ملة ابراهيم وتكسبت بهذا التحريف وحافظت عليه من أداء شكلى للصلاة المتوارثة مع العبادة والتقديس لله جل وعلا وللأولياء على انها تقربهم لله تعالى زلفى ، مع استخدام البيت الحرام لأغراضهم الدنيوية. ونعطى ملامح سريعة :

1ـ إدراة قريش لشئونها السياسية كانت فى ( النادى ) ، وبينما كان قوم لوط يمارسون الشذوذ فى ناديهم :(أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ)(العنكبوت 29) كانت قريش تخطط فى ناديها للمكر بالنبى والمؤمنين

(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(الأنفال 30)، وبعض قادتهم لم يعجبه ان خاتم النبيين أصبح يصلى ويسجد لله جل وعلا وحده دون تقديس للقبور المقدسة فى المسجد، فنهى النبى عن ذلك مستطيلا بجاهه ونادى قريش ، فقال جل وعلا:(فَلْيَدْعُ نَادِيَه سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)(العلق 17 :19 ).

2ـ كانوا يؤدون الصلاة حركيا مع استغفار باللسان وليس باخلاص القلب والجنان ، هذا مع استمرارهم فى العصيان وفى الصّد عن المسجد الحرام والتحكم فى فريضة الحج بنفس ما يفعله آل سعود من تدينهم السطحى وظلمهم وصدّهم عن سبيل الله والمسجد الحرام الآن ، يقول جل وعلا :(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ)(الأنفال 33 ـ ). وبعد الهجرة صدّت قريش النبى والمؤمنين عن الحج فقال جل وعلا:(هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)(الفتح 25).

3ـ ومثلما يفعل آل سعود الآن فى التعمير المادى للبيت الحرام والمبالغة فى تشييد المساجد كانت تفعل قريش تتصور أن هذا سبيل الرشاد فاعتبره رب العزة شاهدا على الكفر لأنه يغطى عصيانهم ويبرر لهم فسوقهم وظلمهم ، فالتعمير الحقيقى فى القلب وليس بزخرفة المساجد ، حتى لو كان المسجد الحرام، ومثلما يفخر آل سعود برعاية الحجيج كانت تفعل قريش، فقال جل وعلا يرد على هؤلاء وأولئك:(مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللَّه شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )(التوبة17 : 19 ).

 4ـ وسبقت الاشارة الى رفضهم تطهير مساجدهم من رجس القبور المقدسة ، وأنهم كادوا يفتكون بالنبى حين دعاهم لهذا :( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا)( الجن 18 ـ ). وبعد الهجرة بقى مؤمنون فى مكة ، وازداد الاقتناع بين أهل مكة بدعوة القرآن،وعانى هؤلاء المسلمون القرآنيون فى مكة الاضطهاد فمنعتهم قريش من الصلاة فى المساجد وارهبتهم وأرعبتهم فقا جل وعلا:( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )(البقرة 114 ).وارتكب مبارك نفس الشىء فى مصر مع القرآنيين فحقت عليه لعنة الخزى فى الدنيا ، ويتطلع اليه العالم وهو يتصنع المرض محمولا فى سرير فى محاكمته. وننتظر نفس المصير لآل سعود بعونه جلّ وعلا الذى لا يخلف وعده .

5ـ وكان قوم نوح من قبل يهددون نوحا بغضب أوليائهم(وَدًّ وَسُوَاعً وَيَغُوثَ وَيَعُوقَ ونَسْر ) فتحداهم نوح وتحدى آلهتهم المزعومة:(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ)(يونس 71). وجاءت قريش تهدد خاتم النبيين بغضب أوليائها (اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ)، فقال جل وعلا لخاتم النبيين إنه كاف بعبده وعبيده مهما خوّفه المشركون من غضب آلهتهم المزعومة:(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ )(الزمر 36)، وأمره رب العزة أن يتحدى آلهتهم الموتى المقبورة :( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ)(الأعراف 194 :197)

واستخدمت قريش سلطتها فى أمر النبى محمد بعبادة أوليائها فأمره ربه جل وعلا أن يقول لهم(قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونَنِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ)(الزمر 64: 66)

رابعا :منهج القرآن فى الدعوة لاصلاح الناس والمساجد

1 ـ إستخدام الحوار المنطقى العاقل فى إيمانهم بالله الخالق المنعم العليم فى أن هذه الأولياء الميتة زعومة لا تخلق:( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ )( النحل 17ـ )وأنهالا تنفع ولا تضر:(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)( الزمر 38)ولا تسمع من يتوسل بها ولا تملك شيئا فى ملك الله جل وعلا: ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍإِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (فاطر14). وهذا ينطبق على كل الأولياء المعبودة والمقدسة لدى الوهابيين من أئمة السّنة من البخارى الى ابن تيمية وابن عبد الوهاب كما تنطبق على أئمة الشيعةوالصوفية .

2 ـ تقرير حريتهم فى الكفر وارجاء الحكم عليهم الى يوم القيامة ، يقول جل وعلا لخاتم المرسلين :(إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)( الزمر 2 : 3). ثم يقول للكفرة فى كل زمان ومكان إنه لا يرضى لهم الكفر وهو غنى عنهم لو كفروا ، ومرجعهم اليه يوم القيامة :( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (الزمر 7). وأمر رسوله عليه السلام أن يعلن عقيدته فى اخلاص الدين لله جل وعلا وأن لهم مشيئتهم فى الكفر وعليهم مسئولية الخسران يوم القيامة :( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ )( الزمر11 ـ ). قال لهم (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ )وأكّد هذا فى نفس السورة :( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ )(الزمر39: 41 ).وقال له فى سورة لقمان: (وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ )( لقمان 23 ـ ) .

أخيرا

كل ما سبق من وصف للضلال فى استخدام المساجد لحرب الله جل وعلا وقع فيه المسلمون فى أديانهم الأرضية . وكل الوعظ واساليب الحوار والاصلاح كأنما نزلت الآن لاصلاح المسلمين . والأغلبية العظمى من بيوت العبادة للمسلمين تنطق بالكفر والعصيان . وهذه الأغلبية العظمى تخلط الكفر بايدلوجيات سياسية كما تفعل مساجد السلفيين والاخوان المسلمين على أوسع نطاق . ونختم بالتذكيربالحقائق التالية :

1 ـ عموم حديث القرآن عن المشركين ليشمل كل زمان ومكان مع نزوله يعلّق على مشركى قريش والعرب. لم يقل كفار مكة أو مشركى العرب ،با استخدم الصفات التى تنطبق على كل زمان ومكان .

2 ـ عدم الاكراه فى الدين حتى فى التعامل مع مسجد الضرار ، فلم يأمر رب العزة بتدميره بل نهى فقط خاتم النبيين عن الاقامة فيه .

3 ـ برغم الحاجة الى إصلاح المسلمين فى عقائدهم وأخلاقياتهم سلميا وثقافيا بالقرآن وبالاحتكام اليه فإن الوهابيين يصدّون عن هذه الدعوة القرآنية لأنها تقوم على الدعوة للعدل والحرية.والوهابية كما يبدو فى دولتها السعودية تقف بصرامة وقوة ضد العدل والحرية . والاخوان المسلمون يتجاهلون هذا الاصلاح السلمى لأنه يعطلهم عن غرضهم الأسمى وهو الوصول الى الحكم. بل إن أول طلب تقدم به نائب  حزب الوسط الوهابى فى مجلس الشعب المصرى هو عن انتهاك اسرائيل لحرمة أحد القبور المقدسة ( للمسلمين).يعنى لا تهمه مذابح المجلس العسكرى للمصريين ، ولا تهمه مذابح السّنة والشيعة فى العراق ولا مذابح بشّار فى سوريا ولا مذابح الطالبان فى افغانستنان وباكستان ..كل هذا يهون ولا بأس به. المهم هو التراب المقدس للضريح المقدس فى فلسطين .

4 ـ هذا الأضرحة وتلك الأنصاب أو القبور المقدسة المنصوبة للعبادة والنقديس يعتبرها رب العزة رجسا من عمل الشيطان يأمر المؤمنين باجتنابها ويحرّم الأكل من ذبائحها(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ)(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(المائدة 3، 90) .ولم يفلحوا ، لأنهم يعبدون رجسا من عمل الشيطان .

اجمالي القراءات 13013