مطلوب قناة تنوير

خالد منتصر في السبت ١٧ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

معركة التيار الليبرالى معركة تغيير وعى قبل أن تكون معركة تصويت فى صناديق انتخابية، صندوق العقل قبل صندوق الانتخاب، أعرف أنها معركة طويلة النفس، تحتاج وقتاً وجهداً ومثابرة وقدرة على تحمل الهجوم الطائش والتكفير القاتل، لكنها معركة لابد من خوضها إذا كنا نريد لهذا الوطن رفعة وتقدماً وحداثة وتحضراً.

التيار الليبرالى يدخل هذه المعركة بعصا مقشة فى مقابل دبابة !!، فتيار التجهيل والتعتيم وتزييف الوعى المتستر برداء الدين يمتلك المنابر والزوايا وفضائيات التطرف، يعرف أن ثقافة المصريين مازالت ثقافة سمعية شفاهية، ولذلك يلعب على هذا الوتر الحساس ويعزف عليه سيمفونياته العنصرية الفاشية، مازال التيار الليبرالى العقلانى يعتمد على القلم والورق كأداة تغيير، والتى للأسف بات صوتها همساً فى زمن ضجيج الفضائيات والأقمار الصناعية.

إنها دعوة لتكاتف القوى الليبرالية لإنشاء قناة فضائية تنويرية فى اتجاه واحد ودون خوف من اتهامها بالانحياز، قناة تعرف الناس وتعلم الناس وتنور الناس، لا توجد بها برامج صراع ديوك أو توك شو أو ما يطلق عليه «كروس فاير»، فالمشكلة لدى المشاهد المصرى هى نقص المعرفة، فهو لا يحتاج الجدل حول العلمانية على سبيل المثال، لأنه بداية لا يعرف ما هى العلمانية؟، هو لا يحتاج خناقة فضائية حول تطبيق الشريعة، لأنه يتخيل أن هناك شيئاً اسمه شريعة جاهزاً على الرف للتطبيق فور الإشارة، ولو سأل تيار الإسلام السياسى: أى شريعة تقصد؟ فسيكون الرد كلاماً مطاطاً مبهماً شديد العمومية؟، المشاهد لا يحتاج الشجار حول منهج التفكير العلمى، لأنه لم يعرف أصلاً ما هو العلم وما هى أياديه البيضاء على حياته؟، هو يعرف منجزاته، لكنه لا يعرف آلياته أو منهجه الذى وصل به إلى هذه المنجزات!

لا مفر من إنشاء قناة فضائية للتنوير، برامجها تتبنى قضية واحدة هى تعويد وتدريب الناس على التفكير النقدى الإبداعى وليس تفكير التلقين والحفظ، قناة تطرح الأسئلة وتوقظ الذهن، قناة لا تخاف من سؤال: لماذا لم تستضيفوا الداعية السلفى فلان؟، لأن الرد بسيط وسهل، وهو عندما تستضيف قناتا «الناس» و«الحكمة»… إلخ مراد وهبة أو جابر عصفور يكون طرح السؤال منطقياً!!، لن تكون قناة متجهمة بمفهومنا السائد عن كلام المثقفين، فالكلام عن العلم والتنوير متعة عقلية، من يشاهد الأفلام الوثائقية العلمية على سبيل المثال يعرف ويدرك هذه المتعة، واسألوا قناة «ديسكفرى» التى توضع كأغلى باقة فضائية واشتراكها أعلى اشتراك.

إنها كارثة ألا يستطيع الليبراليون فى مصر أن يقدموا قناة تنوير مصرية تخاطب كل المصريين؟!، كارثة أن تتكاثر قنوات التطرف بطريقة سرطانية على «نايل سات»، وأن يفشل الليبراليون فى إنشاء قناة واحدة للتنوير ونشر قيم الحداثة والتحضر، إن الاقتصار على شرنقة الورقة والقلم يجعل تيار العقل دائماً ظهره إلى الحائط يتلقى اللكمات تلو اللكمات، ودائماً يبدأ من خانة رد الفعل لا خانة الفعل، هذه القناة ستكون أول خطوة حقيقية على درب تغيير الوعى الزائف للمصريين دون التخندق فى خانة المدافع طول الوقت عن درجة إيمانه وإثبات تدينه للتيار المتأسلم، ليضع كل هذه الاتهامات على جنب ولا يلقى لها بالاً ويبدأ معركة تغيير الوعى برؤية ثاقبة ووعى يقظ، لنبدأ من الآن.

اجمالي القراءات 9935