لطالما كتبت من قبل في السياسية و الفن و الإبداع و كان لي تأملات في الحياة، إلا أنني أكاد أكون لأول مرة أكتب فيها عن الحب من رؤية شخصية، لعلي أستطيع توصيف أسمى أيات الوجود، و سأطرح رؤيتي عبر الإجابة عن عدة أسئلة، و بداية أنا لا أقتنع إلا بما أدركه بأحد حواسي الخمس، و بناء عليه فإنني سأطرح رؤيتي لكل من المرأة و الرجل في الحب.
هل حقاً المرأة إذا أحبت فإنها تعطي كل شئ بينما الرجل إذا أحب فإنه لا يعطي كل شئ ! فهل هي مقولة صحيحة أم غير صحيحة ؟
أنني أؤكد المقولة التي تقول أن المرأة إذا أحبت فإنها تعطي كل شئ، فهذه طبيعة المرأة بالفطرة التي خلقت عليها، فقد تفعل أي شئ من أجل أن تحافظ على حبها، ففي مصر على سبيل المثال نجد أن حالات من إنتقلوا من المسيحية إلى الإسلام أو من الإسلام إلى المسيحية لم تكن تلك الحالات جميعها قناعة أبداً بالدين بل كانت من أجل الحب! نظراً لأن المجتمع المصري كان يعيش قبل ثورة 25 يناير في ظل تطرف ديني و مغالاة من الجانبين الإسلامي و المسيحي ! و كان النظام الحاكم يغذي التطرف من أجل بقاءه في الحكم، فلم يكن المجتمع يقبل بالزواج المدني، على سبيل المثال و لا يرضى إلا أن تتزوج المرأة ممن هو من نفس عقيدتها، و الواقع أن هذا الأمر كان فيه ظلم شديد لكلا الطرفين سواء المراة أم الرجل، نظراً لصعوبة تغير العقيدة مع أنها حق أصيل من حقوق الإنسان، ، إلا أن مثل تلك التجارب تثبت لنا أن المرأة بالفعل إذا أحبت فإنها من الممكن أن تفعل أي شئ من أجل حبها حتى و إن ضحت بحياتها من أجل من تحب !
أما الرجل إذا أحب فإنه قد يعطي أكثر من عطاء المرأة أي أنني غير مؤمن بمقولة أن الرجل إذا أحب لا يعطي كل شئ، و أسباب قناعتي بأن عطاء الرجل يفوق عطاء المرأة هو أن عطاء المرأة في الحب قد يصل إلى التضحية بالحياة و لكن هذا قبل أن تصبح المراة أم و لها أبناء ! فشعور الأمومة يقلص من حب المرأة لمن تحب فهي و إن كانت مستعدة للتضحية بحياتها قبل الأمومة ! ستصبح حياتها ضرورة من أجل أبناءها فيما بعد، بينما الرجل إذا أحب فإنه مستعد لفعل أي شئ حتى و لو كان لديه أبناء.
كيف يكون شكل الحب عند الرجل و المرأة ؟
شكل الحب عند المرأة يعني إستمرار العلاقة بأي شكل كان حتى و لو كان عن طريق الزواج العرفي! فهي لا تريد إلا أن يظل من تحبه معها لا يفارقها و لا تهتم بالتفاصيل الشكلية المجتمعية، و لا تلقى لها أي إهتمام طالما ظل من تحبه معها، بينما شكل الحب عند الرجل هو الزواج المعلن للصغير قبل الكبير ! فالرجل إذا أحب فإنه يبحث عن الإطار الشرعي للعلاقة فوراً و دون أي تفكير، و كما تفخر المرأة بحبيبها أمام الناس، فكذلك أيضاً الرجل إذ أنه يكون أكثر إصراراً و فخراً على تقديم من يحب إلى الناس و العالم.
ما هو الحب و كيف يكون الشعور به ؟
هناك أمران الأمر الأول .. علينا أن نفرق بين الإعجاب و الحب فكلاهما شئ مختلف، فقد تعجب المرأة برجل و قد تعتقد أنها تحبه بينما المسألة ليست إلا مجرد إعجاب فقط، فالمرأة التي قد تؤذي الرجل إذا لم يبادلها الإعجاب أو الحب من وجهة نظرها عليها أن تعلم أنها لا تحبه، و كذلك الحال بالرجل الذي قد يؤذي المرأة إذا لم تبادله الإعجاب عليه أن يعلم أنه لا يحبها ! فمن يحب من المستحيل أن يؤذي حبيبه بل إنه يبحث عن سعادته حتى و لو كان على حساب نفسه، الأمر الثاني .. هو أن الحب يكون شعور متبادل بين الطرفين و ليس من طرف واحد فقط، فالحب حالة تنتاب الطرفين من أول لقاء و من أول نظرة فالأرواح تتلاقى قبل أن تتلاقى العيون، الحب حالة تزداد إشتعالاً من الطرفين كلما وجد طرف الطرف الآخر يعرف نهاية طموحاته و يعرف ماذا يحب و ماذا يكره كما لو أنه يقرأ أفكاره ! إنه حالة تجعل كل طرف يغوص في أفكار الآخر و يعيش في مشاكله و همومه، هو حالة أيضاً من التسابق بين الطرفين في محاولات لبذل كل ما يمكن عمله لإسعاد الطرف الآخر، هو عشق للروح قبل الجسد و شعور بالطمأنينة و السكينة، و هو دافع قوي للإجتهاد والعمل و الحرص على النجاح من أجل إسعاد الطرف الآخر، هو حالة قد لا تتكرر في العمر إلا مرة واحدة .
هل الحب حلال أم حرام ؟
إن الحب هو أسمى آيات الوجود و لو قدر لمجتمع أن يحظى فيه كل شخص بمن يحب، سيتحول إلى مجتمع فاضل، و من الأنبياء كثير منهم قد أحبوا، و من الصالحين من أحبوا، الحب منة من الله و ليس عقاب، فإستقراره يزيد من قوة الإيمان بالله سبحانه و تعالى.
أمثلة للحب ؟
من أمثلة الحب ما هو خيالي و ما هو واقعي، إلا أن الواقع قد يكون أكثر في الإثارة من الخيال مثل روميو و جوليت اللذين قررا إما الحياة معاً أو الموت معاً! و شمشون و دليدا التي تسببت في إصابة شمشون بالعمى عن غير قصد إلا أنه ظل على عهده و حبه لها! و أنور السادات و جيهان السادات و هي التي إرضت به و هو يفوقها في السن بما يزيد عن 16 عاماً و عاطل عن العمل و خريج سجون و متزوج و لديه أطفال ! و كانت جيهان فتاة صارخة الجمال في ريعان أنوثتها، تزوجته و لم يكن شيئاً إلا أنه أصبح شيئاً فيما بعد! و سعد زغلول و صفية زغلول اللذين لم ينجبا أطفالاً إلا أنهما ظلا محافظين على العلاقة لعدم قدرة أي منهما الإستغناء عن الآخر و كان لعلاقتهما أثر جعل كليهما يدخل التاريخ!
ما مدى التسامح في الحب ؟
الحب إحترام متبادل بين الطرفين و ما هو خلاف ذلك لا يكون حباً، فالثقة بين الطرفين تكون موجودة و لا يمكن أن تهتز أبداً، أنه إحترام للعقيدة و زيادة في الإيمان إذا كان الطرفين متفقين في العقيدة أو حتى إختلفا فيها! هو إحترام متبادل للعادات و التقاليد المجتمعية، إن الحب تسامح و مفخرة للإنسانية ، و هو التاج الذي وضعه الله على رأس الإنسان، إنه البذرة لذرية صالحة يمكن أن تخدم الإنسانية فيما بعد.
في النهاية :
الحب لا يتكرر كثيراً و قد يكون لمرة واحدة، و هو حالة قد تأتي من أول لقاء، و هو تضحية من الطرفين، و تسامح ليس له حدود، هو حالة ترفع من القيم الإنسانية و الروحية و المجتمعية، و لكن يلزمه الإصرار على إتمام الزواج مهما كانت الظروف المحيطة.
أقول قولي هذا و أستغفرو الله لي و لكم
شادي طلعت