القرآن و الصلاة
القرآن و الصلاة

زيد علي المهدي في الأحد ٠٣ - يوليو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

القرآن و الصلاة

بقلم: زيدعلي المهدي

 

يعتبر موضوع الصلاة و أوقات اقامة الصلاة من القضايا الخلافيه الكبيرة التي توارثها المسلمون على مر مئات السنين. كُلٌ متمسك بما ذكرت طائفته في كتبها. فهناك من يجعلها خمس اوقات وهناك من يجعلها ثلاث اوقات ويجمع الصلوات, كل حسب منهجه وكتبه.

في هذا البحث سنتجرد من الموروث ونعتمد على كتاب الله وآياته للتعرف على بعض تفاصيل الصلاة ونحاول ان نوضح وجهة نظرنا التي تعتمد على القرآن كأساس للتعريف بتفاصيلها.

ينطلق هذا البحث من الاعتماد على آيتين رئيسيتين ذكرت اوقات اقامة الصلاة وهما:

"أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)" ألاسراء

"وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)" هود

 

في هذا البحث سنتعرف على الصلاة المفروضة على المسلمين وهل ان هناك صلاة اخرى غيرها. ثم سنوضح اوقات الصلاة المفروضة والمذكوره في القران و يخلص كل موضوع بايجاد معانٍ ونتائج قد تكون غابت طويلا مستندين على الايات القرانية والاستدلال بها في كل مكان لتأكيد وايضاح المعاني وتفسير ايات القران ببعضها.

 

فما هي الصلاة المطلوبه و المفروضة, ما هي اوقاتها وما هي كيفيتها؟

 

1- الصلاة المفروضه:

فرضت الصلاة على المسلمين في القرآن كما فرضت على من سبقهم. الصلاة المفروضه في القرآن التي أمر بها المُشرع هي التي يشير لها دائما بالصلاة التي تقام وهي نفسها التي اُمِر بها اهل الكتاب. ادناه سأذكر آيات تبين ان الصلاة المفروضه هي التي يجب ان تقام:

 

"إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)" طه

"وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)" ألنور

"وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)" ألبينه

"اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)" ألعنكبوت

"يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)"

"الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3)" البقره

"وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)" البقره

"وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مَُّعْرِضُونَ (83)" البقره

"وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)" البقره

 

وغيرها الكثير من الايات والتي تؤكد جميعها على امر أقامة الصلاة. ولكن لماذا محاولة الربط بين الصلاة المفروضة و"أقامة الصلاة"؟ فقد يقول قائل ان هذا من المسلمات والبديهيات. ألجواب يكون انه هناك نوع اخر من الصلاة فهل هي فرض ايضا وهل من الممكن ان تساعدنا على معرفة اوقات الصلاة المفروضة؟

المكان الاخر الذي قد يشير الى وجود صلاة اخرى هو في سورة الاسراء وسورة المزمل و لمن يتمعن فيها يجد فيها ان الاشاره لهذه الصلاة تخص الرسول فقط وشاركه فيها طائفه ممن معه وليس الجميع:

"أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)" ألاسراء

"يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3)" ألمزمل

"إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (20)" ألمزمل

يلاحظ قوله تعالى "اقم الصلاة" ثم قوله "ومن الليل فتهجد به نافلة لك" وهنا تم الفصل بين اقامة الصلاة في اوقات معينه و بين اقامة الصلاة للتهجُد من الليل نافلة للنبي.

نلاحظ ان  "من الليل فتهجد به نافلة لك" تطابق وتؤكد "قم الليل الا قليلا" وكلاهما يوجه فيه الكلام الى الرسول "نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا", فهي تخص الرسول بدلالة (نافلة لك) و (يبعثك ربك) ويزداد التأكيد على ان تهجد الليل ليس هو الصلاة المفروضة وانما صلاة تخص النبي وشاركه فيها طائفة من الذين معه عندما ننظر الى "...انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه و طائفة من الذين معك", حيث انه يقول (ادنى من ثلثي الليل) والتي تطابق امر قيام الليل للرسول "قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا".

نلاحظ ان قيام الليل لأوقات متأخرة ليس للجميع ولكن للرسول وشاركه طائفة من اللذين معه ولو كان للجميع لما ذكر طائفة من الذين معه ولألتحق به الجميع لاقامة الصلاة المفروضة.

فيتبين لنا:

من الليل فتهجد به نافلة لك = قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا = انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه

اذاً كخلاصة لهذه المقدمه:

أ-    هناك اقامة صلاة وهناك تهجد بالليل ويختلفون عن بعضهم حسب الايات (78) و (79) من سورة الاسراء

ب-  تهجد الليل وقيام الليل الا قليلا وقيام ادنى من ثلثي الليل كلها تعود على الرسول وشاركه فيها طائفة من الذين معه.

 

بعد هذه المقدمه فان اقتناعنا بان الصلاة المفروضه هي التي أمر بها الله ان تقام في اوقات معينه وليست هي صلاة التهجد في الليل التي خُص بها الرسول وشاركه طائفة من الذين معه, اقتناعنا سيساعدنا في المضي قدما و معرفة مواقيت الصلاة المفروضة التي اُمرنا الله أن نقيمها. مما سيأخذنا الى القسم الثاني من البحث.

                                    --------------------------------------------------------

 

2- أوقات أقامة الصلاة:

كما ذكرنا, يعتبر موضوع أوقات اقامة الصلاة من القضايا الخلافيه الكبيرة التي توارثها المسلمون على مر العصور. فهناك من يجعلها خمس اوقات وهناك من يجعلها ثلاث اوقات...الخ.

مجددا, سنتجرد من الموروث المختلف فيه بشكل كبير ونحاول اثبات أوقات اقامة الصلاة من القرآن نفسه منطلقين بالاعتماد على الاية (78) من سورة الاسراء والاية (114) من سورة هود.

ألاية الاولى:

"أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)" ألاسراء

نلاحظ "اقم الصلاة", فهنا الحديث عن الصلاة المفروضة و موعدها.

هناك من قال ان الدلوك هو زوال الشمس عن خط الوسط (او منتصف النهار) وهناك من قال ان الدلوك هو دلك العين من شدة اضاءة الشمس في منتصف النهار وهناك من قال الغروب...الخ. ولكن كما ذكرنا, سنتجرد من الموروث.

فما هو دلوك الشمس؟ وما هو غسق الليل؟ و ما هو قرآن الفجر؟

الجواب قد لا يأتي مباشرة من الاية المذكوره اعلاه ولكن المتتبع لسياقات القرآن ومنهجه يعلم بدون شك ان ما لا يمكن فهمه في مكان معين قد يعاد في مكان اخر بصيغه اخرى توضح وتبين المعنى المقصود من الايه المماثله في المكان الاول.

ننظر الى الاية الثانية:

 

"وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)" هود

مجددا نجد "أقم الصلاة" فهنا حديث اخر عن الصلاة المفروضة.

بلغة القرآن, فان اليوم الواحد يتكون من قسمين فقط - النهار و الليل,  سأورد بعض الايات التي تؤكد على ذلك:

"وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)" ألفرقان

"يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)" ألحديد

"يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)" ألانبياء

"يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ (44)" ألنور

"وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً (12)" الاسراء

"أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)" ألنمل

"وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)" ألنبأ

"وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)" ألشمس

"وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)" الليل

"وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60)" ألانعام

"إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)" ألاعراف

 

وغيرها الكثير من الايات التي تبين ان النهار يدخل في الليل والليل يدخل في النهار ولا يوجد غير النهار والليل كأوقات شامله مهيمنه ومغطيه لليوم كله وما الفجر والابكار والغداة والظهر والمساء والغروب والعشي الا اجزاء واوقات من الليل والنهار.

 

نعود الى الاية:

"وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)" هود

 

طرفا الشئ هما بدايته و نهايته, فطرفا الخيط هما بدايته ونهايته ولا يمكن ان يكونا في وسطه او في ثلثه.

وبهذا حسب الاية اعلاه فان طرفي النهار هو بداية النهار ونهايته اي طرف عندما يبدأ النهار بالولوج والتميز عن الليل والطرف الاخر عندما يبدأ النهار بالانتهاء ويبدأ الليل بالولوج والدخول في النهار اي بمعنى اخر فان طرفي النهار هما (الفجر والمغرب).

ولتوضيح اوقات اطراف النهار اكثر, هناك:

أ- ولوج ألنهار (وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ)وهو دخول النهار على الليل وهو الفترة التي يبدأ فيها وضوح الخيط الابيض من الخيط الاسود والمعروف باسم الفجر وهذا هو الطرف الاول.

ب- تجلي النهار (وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى)وهو اختفاء آثار الليل بصورة كاملة من الافاق

ج- ولوج الليل (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ) وهو دخول الليل على النهار وهو الفترة التي تبدأ فيه اثار الليل بالظهور في الافاق ويبدأ النهار بالانتهاء والمعروف باسم الغروب وهذا هو طرف النهار الثاني.

د- تغشّي الليل (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) وهو اختفاء اثار النهار بصورة كاملة من الافاق.

 

من سورة هود الاية (114) أعلاه يتبين لنا ان اوقات الصلاة هي طرف النهار الاول (الفجر) حيث يبدأ الخيط الابيض بالتباين عن الخيط الاسود وكذلك الطرف الثاني (غروب الشمس) حيث تكون نهاية النهار وبداية دخول الليل. ولو نلاحظ وقت بداية النهار أو طرفه الاول (الفجر) نجده مشابهة الى حد بعيد مع وقت نهايته او طرفه الثاني (المغرب) وهما وقتان لا يستمران طويلا فقد تكون الفترة لا تتجاوز ال30 دقيقه بين دخول النهار و بين تجليه ومثلها بين دخول الليل وبين تغشيه. أما الوقت الثالث فهو زلفا من الليل والذي سنبين معناه لاحقا.

 حسب هذه الاية لايوجد هناك صلاة في ضحى النهار او منتصفه او قبل غروب الشمس. انما فقط فجر ومغرب وزلفا من الليل. اذأ حسب هذه الاية تكون اوقات الصلوات المفروضة هي (فجر و مغرب و زلفا من الليل).

 

ننظر الى الادلة القرانيه التي تدل على هذا المفهوم في الايات التاليه:

(أ) "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)" المزمل

الله سبحانه يقول للمُزّمل ان يقوم الليل الا قليلا وكما أوضحنا في المقدمه فهذه صلاة خاصة بالرسول. نلاحظ هنا ان الكلام عن الصلاة فيقول الله سبحانه لنبيه ان يصلي ما يقارب نصف الليل ثم يخبره ويذكره بان له في النهار سبحا طويلا "إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا".

ان لك في النهار ,ككل وبدون استثناء, وقت طويل بدون صلاة بعد ان صليت ما يقارب نصف الليل. وكما ذكرنا اعلاه فلا يوجد غير النهار والليل كأوقات شامله مهيمنه ومغطيه لليوم كله.

 

فَذِكره للنهار في "إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا" شمله كله ولم يخص به اي جزء.

فلا يوجد خلال النهار صلاة لارتباط النهار بالحركة والعمل الدائم والتجارة والتواصل وما شابه, أي المعاش الذي يعيشه الانسان ويقضي اغلب حوائجه في هذا الوقت من النهار والذي تؤكده الايات:

 "وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)" ألنبأ

"...وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً (12)" الاسراء

"وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)" ألفرقان

" وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)" ألقصص

 

(ب)"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)" ألنور

نلاحظ ان المُشرع استخدم اوقات الصلاة لتحديد مواعيد الاستئذان والملاحظ ايضا ان الاستئذان يحصل قبل "صلاة" الفجر و بعد "صلاة" العشاء ولكن لا وجود لصلاة في الظهيرة. فلم يذكر او يستدل قبل او بعد صلاة الظهر ولا حتى قبل او بعد صلاة العصر ولكن استدل ب"حين تضعون ثيابكم" وسياق القرآن واضح في هذه الاية باستعمال اوقات الصلاة كدلالة على اوقات الاستئذان ولما لم يكن هناك صلاة خلال النهار فلم يتم الاستناد على اي صلاة خلال النهار لعدم وجودها.

 

ألايتان (أ) و (ب) تؤكد معنى (طرفي النهار) بعدم وجود صلاة خلال النهار:

طرفي النهار >--<  في النهار سبحا طويلا

طرفي النهار >--<  حين تضعون ثيابكم من الظهيره

 

من الاية (ب) يتأكد ويثبت لدينا وقت الفجر كصلاة و وقت العشاء كوقت اخر للصلاة.

فما هو العشاء؟

العشاء هو وقت من اوقات الليل بدلالة:

"إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18)" ص

"كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)" ألنازعات

"فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)" مريم

"...وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (41)" ال عمران

"وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ...(52)" ألانعام

"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ...(28)" ألكهف

"لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)" مريم

"وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)" ألروم

نثبت اولا أن بكرة تعني وقت من النهار:

"وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ (38)" ألقمر

وبهذا يكون مؤكدا حسب الايات اعلاه ان العشاء هو الجهة المقابلة الاخرى للابكار وبهذا يكون وقت من الليل.

 

لدينا الان صلاة سميّت قرآنيا ب"صلاة العشاء" وعرفنا ان العشاء هو وقت من اوقات الليل. فما هو وقت هذه الصلاة بالتحديد؟

كما ذكرنا في المقدمة ان هناك صلاة للنبي يتهجد بالليل نافلة له لاوقات طويلة, ولذا فان صلاة العشاء والتي هي احدى الصلوات المفروضة على الجميع يجب ان تكون قبل صلاة تهجد النبي الخاصة لانه بالتأكيد سيكون النبي هو من يقيم صلاة العشاء لهم وبهذا تحدث صلاة العشاء قبل تفرغه لصلاته صلاة التهجد النافله.

فتكون صلاة العشاء في الليل بعد ان يتغشى وفي اوقات بدايته لكي لا تتعارض مع اوقات صلاة التهجد النافلة الخاصة بالرسول.

هنا يظهر لنا معنى (زلفا من الليل), وهو الوقت الاول القريب من بعد تغشي الليل بصورته الكامله.

الازلاف هو ظهور وبيان مع قرب. وللتأكيد على هذا المعنى نستدل من الايات التاليه:

"وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)" ق

ظهرت وبانَت وقُرِّبَت. "غير بعيد" هنا تؤكد على معنى القرب والتقريب المصاحب للازلاف.

 

"فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ (27)" ألملك

ظهر وبان لهم واقترب منهم. "رأوه" هنا تؤكد على الظهور المصاحب للازلاف.

 

"وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13)" ألتكوير

ظهرت بانت وقُرِّبَت

 

"فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66)"الشعراء

اظهرنا وبيّنا وقرّبنا الاخرين (فرعون وجنده) على موسى وجمعه.

 

فتصبح ألاية التي تأمر بأقامة الصلاة:

"وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)" هود

الوقت الاول: طرف النهار الاول وهو الفجر وهي الصلاة التي ذُكِرت بالاسم "صَلَاةِ الْفَجْرِ" في سورة النور الاية (58)

الوقت الثاني: طرف النهار الثاني وهو المغرب وهي الصلاة الوسطى التي تتوسط صلاتين

الوقت الثالث: زلفا من الليل في العشاء وهي صلاة العشاء وهي الصلاة التي يكون وقتها بعد تغشي الليل بصورة تامة وفي بدايات هذا الليل المظلم وليس في اوقاته المتأخرة بحيث لا تتعارض مع صلاة التهجد الخاصة بالرسول وهذه الصلاة ايضا مذكورة بالاسم في سورة النور الاية (58) "صَلَاةِ الْعِشَاء"

 

نعود من جديد الى الاية الاولى:
"أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)" ألاسراء

بما ان هذه الاية تعنى باقامة الصلاة وتحديد وقت لهذه الصلاة فأن قرآن الفجر يطابق صلاة الفجر في النور (58) ويطابق طرف من اطراف النهار في هود (114)  واستعمال كلمة قرآن هنا اما كتعبير على دليل و وضوح الفجر او كقراءة فعليه قد يكون متعارف عليها مصاحبة لصلاة الفجر

دلوك الشمس هو صلاة المغرب ويطابق طرف النهار الاخر في هود (114) والدلوك هنا هو النزول أي نزول الشمس وحصول الغروب.

غسق الليل يطابق صلاة العشاء في النور (58) ويطابق زلفا من الليل في هود (114)

 

يمكن الرجوع الى كثير من مصادر اللغه وهناك اكثر من دليل على ان الدلوك هو الغروب ولكن يتمسك الكثير بمفهوم زوال الشمس عن كبد السماء او خط الوسط وهنا نتسائل لماذا يتم تجاهل معنى النزول والغروب والتمسك بمعنى الزوال عن خط الوسط و كيف يمكن التأكد من هذا الوقت (زوال عن خط الوسط) بصورة دقيقه؟

 

حسب القرآن فأن اوقات الصلاة هي:

الفجر و المغرب والعشاء

وذلك بحسب ما تؤكد عليه (طرفي النهار) و (لك في النهار سبحا طويلا) و (زلفا من الليل) و ( دلوك الشمس) و (حين تضعون ثيابكم من الظهيره) و (صلاة الفجر) و ( صلاة العشاء)

أما كيف تم تحويلها الى خمس أوقات متباعده او ثلاث اوقات بخمس صلوات يندمج فيها وقتان فهذا نتركه كله لاهل التاريخ لفك رموزه وشفراته.

                                    --------------------------------------------------------

 

3- صلاة الجمعة:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)" ألجمعة

 

نلاحظ من الايات اعلاه من سورة الجمعة ان النداء الى الصلاة يكون خلال النهار ونستدل على ذلك ب (ذروا البيع) و كذلك عند انتهاء الصلاة (فاذا قضيت فانتشروا في الارض) وكذلك (اذا رأوا تجارة او لهوا انفضوا اليها وتركوك قائما). كل ذلك يدل ويشير بوضوح ان النداء الى صلاة الجمعة يحصل خلال وقت من النهار.

هنا ايضا نلاحظ (ذروا البيع) وكذلك نلاحظ (انفضوا اليها وتركوك قائما)...لو كان النداء الى صلاة الجمعة هو نداء الى اقامة صلاة يومية مفروضة مع الصلوات الاخرى وموقوتة وبتوقيت معين لاقامتها:

كيف يخبرهم ان يذروا البيع وهم متعودون على اداء الصلاة بشكل يومي والكلام في الاية موجه الى الذين آمنوا؟

كيف انهم لم يتحضروا لهذه الصلاة ويتجمعون لها قبل وقتها المعلوم والكلام في الاية موجه الى الذين آمنوا؟

كيف ينفضون الى تجارة او لهو ويتركون النبي قائما؟ وكيف ينفضون ان كانت الصلاة مفروضة ولم يكملوها والنبي ما زال يصلي؟

 

كلها اسئلة تدل على ان صلاة الجمعة هي صلاة استثنائية يتم النداء اليها و تحدث في اي وقت من اوقات نهار يوم الجمعة (ان حدثت) وعلى من يسمع النداء ان يذر البيع ويحضر للصلاة ويصلي ويستمع لما لدى النبي ليقوله ولكن يبدو ان الكثيرين كانوا يتركونه قائما اما يصلي وحده او قائما يلقي عليهم ما عنده من اخبار الرسالة.

 

صلاة الجمعة تؤكد على عفوية النداء خلال النهار وبدون وقت محدد وتزيد من تأكيد ان النهار في الايام العادية لا توجد فيه صلاة و انما حياة يومية تشمل العمل والتجارة واللهو وكل ما في النهار من معاش "وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)" ألنبأ

                                    --------------------------------------------------------

 

4- التسبيح:

هناك من قد يتسائل ويقول ان اوقات الصلاة المتعارفة (فجر-ظهر-عصر-مغرب-عشاء) قد ذكرت كاملة في الاية التاليه:

"فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)" ألروم

فيقول اِن "تمسون" هي صلاة العصر و"تصبحون" هي صلاة الفجر و"عشيا" هي صلاة العشاء وربما المغرب معها و"تظهرون" هي صلاة الظهر. فكيف نغض النظر عن هذه الاية؟

ألجواب يكون ان هناك خلط واستعمال لمعاني كلمات في غير مكانها.

من قال ان التسبيح هو الصلاة؟ التسبيح ليس هو الصلاة والصلاة ليست هي التسبيح و بدليل:

"كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ"الوارده في:

"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)" ألنور

فَصَل وبكل وضوح بين التسبيح والصلاة وان لكل منهما معناه الخاص وعمله المحدد. فالتسبيح ليس بالصلاة والصلاة ليست بالتسبيح.

وبهذا تكون الايات (17) و (18) في سورة الروم ايات تدل على التسبيح (لا الصلاة) في اوقات معينه. ولزيادة التأكيد:

"فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)" ق

"وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)" ألطور

"وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)"

"فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)" ألانبياء

كلها تدل على استقلالية التسبيح كمعنى عن الصلاة فيأتي التسبيح خلال النهار وخلال الليل وبعد السجود وهنا فصل اخر عن الصلاة. و يستطيع القارئ ,بالنظر الى آيات التسبيح اعلاه, التمييز بين معنى التسبيح وفرقه عن الصلاة.

                                    --------------------------------------------------------

 

5- قصر الصلاة:

"وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا (101) وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)" ألنساء

 

معنى القصر في الصلاة, هناك من يقول هو تقليل من عدد الركعات وهناك من يقول هو استباق الوقت قبل حصول الوقت الاصلي للصلاة و لكن بأي حال من الاحوال ,سواء كان المقصود هو تقليل عدد الركعات او استباق الوقت او اي معنى اخر, المهم هو شرط القصر ومتى يحدث.

لو نلاحظ الاية (101) من سورة النساء, تبدأ ب(اذا ضربتم) اي اذا ابتعدتم في الارض وهنا مجرد وصف لحالة معينة تعني عندما تضربون في الارض. ثم يقول:

(فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) هذا جواب لشرط ولكن الشرط ليس هو الضرب في الارض وانما الشرط هو (ان خفتم ان يفتنكم الاعداء).

فيكون المعنى انه اذا ابتعدتم في الارض و خلال ابتعادكم هذا خفتم ان يفتنكم الاعداء فيمكنكم ان تقصروا من الصلاة. ماذا يحدث لو انتفى شرط الخوف من الاعداء وما زالوا مبتعدين في الارض؟ هل يستلزم القصر؟

يأتي الجواب مباشرة بعدها في الاية (103) حيث يقول "فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)"

نلاحظ انهم ما زالوا ضاربين في الارض وقد انتهوا من الصلاة (قضيتم) وقصروها بسبب الخوف ثم يقول لهم (فأذا اطمأننتم) اي اذا زال شرط الخوف (ان خفتم) ,مع بقاء حالة الضرب في الارض, فاذا زال الخوف واطمأننتم فأقيموا الصلاة من جديد مع بقاء الحالة الاولى -الغير شرطيه- قائمة (اذا ضربتم) فما زالوا مبتعدين في الارض ولكنهم الان مبتعدين بدون خوف ومع ذلك طالبهم باقامة الصلاة من جديد بصورتها او وقتها الصحيح.

الضرب في الارض ليس شرطا لقصر الصلاة ولكنه قد يكون مصاحبا لحالة معينة تستلزم قصر الصلاة وشرط هذه الحالة هو الخوف من فتنة الاعداء فاذا زال الخوف وحصل الاطمئنان مع بقاء حالة الضرب في الارض فيجب ان تقام الصلاة كاملة أوفي وقتها لانها كانت كتابا موقوتا.

                                    --------------------------------------------------------

 

6- شكل الصلاة:

من اشكال الصلاة وطرقها هو اتخاذ السبيل الوسط بين الجهر والخفت اثناء القراءة في الصلاة:

"قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110)" ألاسراء

فقوله (بصلاتك) شاملة لجميع الصلوات ولذلك فان السبيل الوسط يُطَبّق على الصلوات المفروضة بكل اوقاتها والنافلة بدون استثناء.

 

كذلك وصف القرآن حركات كثيره اهمها السجود وارتباطه المباشر بالصلاة:

"وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ...(102)" ألنساء

وذكر الركوع والقنوت والقيام وعلاقته بالسجود:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)" الحج

"يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)" ال عمران

"وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26)" الحج

"وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)" الفرقان

وغيرها مما قد يكون له علاقة بحركات الصلاة.

مع هذا نحب ان نَذكُر رأينا بان اهمية الصلاة تكمن باوقات اقامتها والمحافظة والالتزام بتلك الاوقات, فلو كانت الحركات اهم من الوقت لما كان التركيز في الاية التاليه على اوقات الصلوات اكثر من شكل وحركات الصلاة:

"حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ (238) فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (239)" ألبقرة

ولا ينسى القارئ ان ينتبه الى (فان خفتم) و (فاذا امنتم) في الايه اعلاه.

 

 

زيد علي المهدي

zaid.almahdi@yahoo.com

==================================================================

اجمالي القراءات 69546