وصمة عارنا .. حكامنا !

فؤاد راشد في الجمعة ٠٣ - يونيو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

تبرأت عائلة مذيعة قناة الجزيرة رولا ابراهيم من ابنتهم المذيعة بقناة الجزيرة لعدم تركها الجزيرة الحاقدة علي فخامة الرئيس ” الأسد ” وقبلها تبرأت عائلة الناشطة السورية طل الملوحي من ابنتهم لانتقاد فخامته  , تماما كما  تبرأت والدة السيد أبو العربي من ابنها  قبل أن يجف دمه بعد أن قتله حراس مبارك , وهكذا تكون النذالة والا فلا , نذالة الحكام أعني  ودونيتهم وجهلهم  , باختصار لأنه لارولا ولا طل الملوحي  ولا أبو العربي فعلوا  مايدعو الي تبرؤ  , ولن يصدق عاقل ولا معتوه أن التبرؤ تم طوعا لاكرها .

لا أخفي كراهيتي لأكثر الحكام  العرب رموز الذل بوجهيه يمارسونه في دور الفاعل مع الشعوب وفي دور المفعول به أمام العدو  , فأنت تري الواحد منهم محوطا بمظاهر الأبهة ومن حوله  من يرجون الأرض رجا  احتفاء بطلعته البهية بينما هو في أعماقه أذل من فأر , وكلما تبدي أسدا علي شعبه كلما عكس مدي هوان وذل الفار في أعماقه فالفأر هو الفأر سواء كان اسمه مبارك أو كان اسمه الأسد !

دأبت اسرائيل علي اهانة (  الغضنفر السوري ) فراحت مرة تلو مرة تضرب ضربة هنا وضربة هناك وبعضها  قرب مخدع نومه , وهو يبدي حكمة عظيمة تليق بفأر ولا تليق بأسد ,  ومنذ نحو أربعين عاما وسوريا تنظر اللحظة المناسبة لكي تطهر الجولان من عار الاحتلال  , وقد هرمنا حقا في انتظار دخول الدبابات السورية الي الجولان  فلم تدخل , ولكنها وجدت أن الطريق الي درعا أكثر أمنا فدخلت واحتلت وقتلت وروعت بينما بوق الاعلام يمارس مهامه بسذاجة مقززة عن الحاقدين علي سوريا والمتآمرين ضدها رغم علم سكان زحل  أن اسرائيل واقعة في غرام أسدنا الهصور الي حد التدله وتعتبر بقاءه ضمان بقائها في الجولان حتي يشيب الغراب  أو يرحل أسدنا الذي يذكرنا بمجد الأسد الأب الذي   قصف  حماة جوا وبرا ودمرها تدميرا ” تاريخيا ” في  ربيع العام الف وتسمائة واثنين وثمانين , وارتكب مجزرة في كل حي مخلفا نحو ثلاثين  الف شهيد  ومثلهم من  المفقودين ليومنا  ووصف الصحفي  ” شارل بوبت ” مراسل صحيفة”  الليبيراسيون  ”وقائع المذبحة كأنما  يصف بعض أهوال  يوم القيامة , حتي  أن مئات من السكان احتموا بمسجد حي الشرقية فتم تفجيره وقتلهم جميعا ناهيك عن التمثيل بالجثث وبقر بطون النساء الحوامل , ويكفي أن نعدد القوات المشتركة في المجزرة لنعرف أنها كانت حربا , فقد اشتركت الفرقة الثالثة ولواء مدرعات ولواء دبابات وفوج انزال جوي وفوج مدفعية ميدان وعشرات الطائرات وقوات الأمن العسكري والأمن السياسي وأمن الدولة والقوات الخاصة ! , وختم المشهد بكلمات كتبت علي أنقاض بناء  تقول ” لا اله الا الوطن ولانبي الا البعث!

وأما   القذافي فهودرة تاج عصره الفريدة , بدءا بملابسه  التي تليق  ببهلوان لا برئيس دولة ومرورا بحرسه النسائي من العذاري  وخيمته التي يحملها أينما حل كأنها تميمته  وبتصريحاته الفكاهية حتي أنه عتب علي بطرس غالي أن يكون أمينا عاما للأمم المتحدة وتساءل عن راتبه الشهري عارضا أن يعطيه اياه ليترك عمله !

والقذافي عميد الدمويين العرب وعميد  المضحكين   أيضا , ومن درر ابداعاته وصفه للثوار , فقد قال ان الواحد منهم يكون عبدا من عباد الله الأسوياء لا له ولاعليه  وفجأة يناوله أحد الأشرار الحاقدين  عقار هلوسة فيجري في الشوارع صارخا كمن مسه جن  هاتفا ضد الزعيم الذي هو التاريخ والمجد كما يقول عن نفسه معددا أفضاله ومنها زوال الخلط  بين ليبيا وليبريا ولبنان   !  ومن فكاهات الزعيم المناضل  لفت انتباه اسرائيل الي أن الثورة في ليبيا تضرها !  , ولفت انتباه أمريكا أن الثورة تأتي  بتنظيم القاعدة , ثم أعلانه  حربا  جهادية علي الغرب الكافر , وبلغت قمة الملهاة ذروتها لما أتي بأحد السحرة عبر التليفزيون  ليقول كلاما من نوع ( حاكش باكش فرنتاكش ) منتهيا الي تهديد أعداء الزعيم  بالموت الزؤام علي يد ” شمهورش و سنجهير وسكان القبور والمردة التائهين  ” ولا أدري لم أغفل التهديد ” بأبي رجل مسلوخة ” زيادة في ترويع أمريكا وحلف الأطلسي بما يطير النوم من عيونهم !

كلما شاهدت  شين العابدين  بن علي ( بالشين ) ومخلوعنا ومن يحل دورهم تذكرت  مشهدا عاينته في طفولي فرحا واليوم أعاينه أشد فرحا , ولكن أكثر من جسد  المشهد الممتع هو علي صالح بجحوظ عينيه عند الغضب ولمعانهما وقدحهما الشرر ,  وتحشرج صوته واحتقان وجهه كأنه يلفظ آخر أنفاسه  , كنت بطفولتي أري  الأسماك بعد صيدها بقليل توضع حية  في الفرن لتشوي   , كانت  تتقافز بشدة  ثم تبدأ في الخمود الي أن تنتهي حركتها تماما مستسلمة لقدرها ولسان حالها يقول  ” فهمتكم ” !

وبرغم المي الشديد علي أنهار الدم الجاري فاني أستمتع  بمشاهد حيتاننا المتوحشة  , وكل حوت منها يقدم فقراته المتتالية بدءا من تعييرنا بافضاله  ومرورا “بفهمتكم ” وانتهاء بفراره مذعورا     وبكسر مليون زير من خلفه ثم التفرغ لحصر منهوباته في  أرجاء المعمورة !

لكن الوحيد الذي لم أتمتع – بعد – بفقراته هو الأسد ابن الأسد , فلازال قادرا علي القتل والضحك معا , وهو يكيدني  ليس فقط لأنه يضحك والدماء أنهار بل لأن طريقته في الضحك تستفزني  ,ولازلت  أمني نفسي بمتعة  تقافزات  ” الأسد ” والكلمة الرائعة منه ومن باقي  حكام العار    ” فهمتكم ” !!

اجمالي القراءات 10263