من أسماء القرآن الكريم -1- النعمة.

عثمان محمد علي في السبت ٠١ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

من أسماء القرآن الكريم

1- النعمة .

خلق الله جل جلاله آدم ليستخلفه فى الأرض (اني جاعل في الارض خليفة). البقرة -30 .وخلق منه زوجه ،وذريته ، ومن قبله الجن والإنس ليعبدوه سبحانه (وما خلقت الجن والانس الاليعبدون)  الذاريات 56. وأرسل لهم  لهم رسلا  وكتبا مبشرين  ، منهم من قصهم القرآن فى قصصه ومنهم من لم يقصص (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما) النساء 164. ومن كتبه سبحانه من عرفنا إسمه وصفاته ومنها مالم نعرفه .فعرفنا صحف إبراهيم ،والتوراة والإنجيل ،والزابور .وقد سماهم ،ووصفهم  ربهم بأوصاف ذات دلالات ومعان .منها قوله تعالى عن التوراة   فى سورة الأنبياء 48 (ولقد اتينا موسى وهارون الفرقا ن وضياء وذكرا للمتقين)... كما وصفهما بالهدى والنور  . حتى جاءت الرسالة الخاتمة ، رسالة  الله جل جلاله  إلى محمد بن عبدالله –عليه الصلاة والسلام – وأنزل عليه فيها  القرآن . فجاء كغيره من الكتب السماوية بأسماء وصفات عديدة . إشترك بعضها مع  مسميات  لمدلولات أخرى  من خلق الله وهباته لخلقه ،وإقتصر بعضها ( على القرآن) وحده .كإسمه (القرآن) لا يشاركه فيها نظير ولا مثيل فى الكتب أو الكون ، فليس هناك قرآناً آخر سواه ،على عكس إسم (الكتاب) فقد يكون له أو لغيره من الكتب..ومن هذه التسميات التى أطلقها ربنا سبحانه وتعالى على كتابه تسميته بالنعمة ..

فقد ورد مصطلح النعمة فى القرآن الكريم فى صور متعددة منها .النعمة بمعنى الفضل من الله .( يايها الذين امنوا اذكروا نعمت الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم فكف ايديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) المائدة 11

(يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمةالله عليكم اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا)..الاحزاب 9

-وجاءت بمعنى  النعمة المادية والرزق فى المال والولد (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت ايمانهم فهم فيه سواء افبنعمة الله يجحدون). النحل 71. وقوله تعالى (فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمتالله ان كنتم اياه تعبدون )..النحل 114

ومنها ما هو إسم للقرآن  .

ولقد قال ربنا سبحانه وتعالى عن كتابه الكريم بانه النعمة .فى قوله تعالى (  ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ(2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)  وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)..

وقوله جل وعلا –( فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31)  الطور.

ففى الآيات الكريمات السابقات أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى عن رفض مشركى مكة  للنعمة التى التى نزلت على محمد بن عبدالله  ،وكفرهم بها ،وتقولهم عليه ووصفهم له بالكهانة والجنون ، فرد الله عليهم ،وتثبيتا له بقوله سبحانه ( ما أنت بنعمة ربك بمجنون ) ....و قوله (فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون) ..وفى هاتين الآيتين دلالة واضحة على تسمية القرآن بالنعمة .

-- وقد جاءت  بنفس المعنى واللفظ فى قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ  (3)) المائدة .

فإكتمال الدين هنا هو إكتمال نزول القرآن ،وتمام نعمة الله عليهم هى   لتمام نعمة الله عليهم بتمام نزول القرآن ، إذن النعمة هنا هى (القرآن) ،وليست النعمة المادية فى  الرزق والأموال والأولاد .لأنها نعمة متواصل ومستمر  نزولها إلى يوم القيامة  . أما تمام نعمة نزول القرآن فتمت فى حياة المُنزل عليه وهو محمد بن عبدالله – وإنتهى تنزيلها قُبيل وفاته ،وأصبحت  تامة ومكتملة ومحفوظة بحفظ الله بين أيدينا إلى يوم القيامة  لا زيادة عليها ولا نقصان فيها ...

وعن وجوب  الإيمان بنعمة القرآن يقول ربنا سبحانه وتعالى ((اولم يروا انا جعلنا حرما امنا ويتخطف الناس من حولهم افبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون) العنكبوت 67

وهنا جاء الإيمان بالقرآن بإسم  الإيمان بنعمة الله .

ومن هنا جاء إعادة فهمنا لقول الله تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ 11). الضحى -- بانها نعمة القرآن ،وليست نعمة الأموال كما يعتقد كثير  من المسلمين . وأيضا  لأنها من أوائل آيات القرآن الكريم نزولا .وتحديدا فهى من السورة الحادية عشر نزولا طبقا لترتيب نزول الجزء المكى من القرآن .ولم يك للنبى محمد عليه السلام  آنذاك مالا، ولا بيوتا  ،وإنما  أصبح له ذلك بعد أن هاجر للمدينة وإكتسابه  حقه من بمقدار خمس الفىء والغنائم والصدقات .

ولأن الحديث عن النعمة المادية يكون بالحث على إنفاقها والتصدق بها وإيتائها الفقراء ،وليس بمجرد  الحديث عنها  ،فلا يعقل أن يخرج المرأ على قومه ليقول لهم إنظروا ما عندى، وما لدى، وما أمتلك من ألوف أو ملايين أو مليارات أو ضيع وقطاع ،وسيارات وطائرات وووو .

ويبررون ذلك بفهمهم الخاطىء لقول الله (وأما بنعمة ربك فحدث) ..ففى هذه الحالة يكون مثلما فعل  قارون عندما خرج على قومه فى زينته ، ومثل  صاحب سورة الكهف الذى كانت له جنة وكفر بربه بسببها ،وقال لصاحبه لا أظن ان تبيد هذه أبدا .  .

ولا يعقل أن يخرج من انعم الله عليه بالصحة مثلا ، ويقول للناس إنظروا لصحتى فأنا استطيع أن أهدم عليكم بيوتكم ،أو أقطع اشجاركم ،ويرعبهم بها ... ولا يعقل ان يخرج من له عصبة من الولد على قومه ويقول لهم إنظرواكثرة عدد أولادى واحفادى ،ويرهبهم بها ،ويرسل لهم رسالة بأنه  قادر على أن يبطش بمن يعترضه أو يطالبه بتقوى الله  منهم ... وكل هذا تحت زعم الحديث عن نعمة الله وفهمهم الخاطىء لقوله (وأما بنعمة ربك فحدث) ...

إذا ومن وجهة نظرى وكما أفهمه فى قول الله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث) أن النعمة هنا هى القرآن وليست النعمة المادية ..

النتيجة

فى النهاية نقول  أن (النعمة )  من اسماء القرآن الكريم ،وصفاته ... وإستخدام  كثير من الناس  لمعنى النعمة  فى  سورة الضحى على أنها النعمة المادية  هو  إستخدام خاطىء.

ولنُذكر أصدقاءنا ونقول لهم --هل يعقل أن تكون نعمة الله نقمة على عباده؟؟

بالطبع لا .

.إذن فما المبرر  فى أن قال  أئمة  الدين السنى بآن آية السيف  قد نسخت كل أيات الصفح والسلام فى القرآن ، وقتلوا ولا زالوا يقتلون بها عباد الله فى أرض الله  منذ أبو بكر وحتى ورثة الظواهرى وإبن لادن ؟؟؟ هل هم بذلك يتبعون نعمة الله أم فى خصومة ،ومحاربة لها .

اللهم إرزقنا نعمة العمل بنعمتك علينا .

اجمالي القراءات 29463