حوار مع صديق متدين .

عثمان محمد علي في الخميس ٢٨ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

حوار مع صديق متدين .

عقب إسقاط مروحيتين أمريكيتين فى سماء العراق بايدى المقاومة العراقية قال لى صديق متدين ، هل رأيت ما فعلته المقاومة السنية فى العراق ؟ فطلبت منه إعادة السؤال لعلى لم اسمعه واضحاً.فأعاده كما هو ،فقلت تقصد المقاومة العراقية؟ قال لا ،بل السنية فقط ، فالشيعة والأكراد والمسيحيون لا يفعلون شيئ. فقلت له هذا منطق غريب . وعلى اية حال  لا أتمنى أن تذهب قوات التحالف قبل أن يصبح للعراق حكومة وجيش وشرطة أقوياء يعيدون له الأمن والنظام ، وإلا سالت الدماء أنهارا أكثر مما نراه . فعاد بسؤال لئيم ، وقال فيه ، هل تتوقع أن يحدث هذا السيناريو فى أى بلد عربى آخر ؟؟ فقلت له أفصح عما تريد مباشرة ،فقال ، فى مصر مثلا؟؟ فقلت له أعوذ بالله من سؤالك هذا يا أخى . ويجب أن تعلم ان لمصر وضع مختلف ،وطبيعة شعبها مختلفة .فلسنا هنا نتقاتل كسنة وشيعة . فقال لا . لكن هنا أقباط  يزيدون عن خمسة ملايين ، فقلت له أنت مخطىء ،ففى مصر أكثر من سبعين مليون   قبطى ، لأن القبطى تطلق على المسلم والمسيحى المصرى .فأنت تقصد خمسة ملايين مسيحى .فقال نعم .ثم إستطرد فى قوله ،بأنهم ينتظرون يوم الجهاد الأكبر ،يوم نخرجهم من مصر ، أو أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وأن ما حدث فى الماضى من أحداث الُكشح والزاوية الحمراء وغيرهما  غير كاف ،وما هما إلا إنذارات لهم فقط . وهنا قاطعته ،وثارت ثورتى عليه ،وقلت له أنت تدعى أنك مُتدين ،ولكنك تسىء إلى الدين الحق ،فليس فى الإسلام ما تقوله . ونسأل الله ألا تتمكن دولتكم الدينية المزعومة  من أن تتحكم فى مصائر البلاد والعباد .فهى لن تتسامح مع مخالفيها فى  المنهج والعقيدة  .و هل لا زلتم تؤمنون بأنكم ستلزمونهم بلباس معين ،ولون معين ، والا تعلوا أبنيتهم عن أبنية المسلمين ،والا يجاهروا بشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير ،والا ترتفع اصوات أجراسهم  ، والا يظهروا صلبانهم ، وأن يخفوا دفن موتاهم ،وأن يدفونهم ليلا وسرا .. ثم يُدعو إلى الإسلام ،فإن أبوا فهم  أهل حرب  وعدوان ،ولا مفر من قتالهم ،او دفعهم للجزية ،وأخذ نساءهم وبناتهم سبايا ؟  فقال نعم .. فنحن لدينا خطة واضحة مُقسمة فيها نساءهم  علينا …. فأنهيت الحوار معه  بحجة أنى سأتصل بإحدى شركات الدواء لعمل طلبية أدوية قبل أن تُغلق  فحان وقت نهاية دوام عملها اليوم .  ومن هنا تيقنت أن تحت الرماد نار مشتعلة  فلنحاول المشاركة فى إطفائها .

بداية هناك فعهم خاطىء لوضعية النصارى فى مصر ، فهم أصحاب الأرض ،وأن المسلمين هم الوافدون ،فدخل فى الإسلام من دخل عن قناعة أو إكراه ،وبقى من بقى على ديانته المسيحية أو اليهودية ،إذن فهم اصحاب ارض ،وليسوا زوارا أو ضيوفاً عليها . ولا ينطبق عليهم مبدأ إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون لأنهم لم يبدأوكم بالعدوان ،ولم يحطموا دياركم ،ولم يفسدوا  امتعتكم ،لكى يحق عليهم (الجزية ) التى يقال عنها الآن (التعويض) ،وليست كما تفهمون من أنها نيابة وبديلاً عن الدخول فى الإسلام . ثم إن مرجعيتكم تستند على روايات منسوبة زورا وبهتانا للنبى عليه الصلاة والسلام ،او لعمر  بن الخطاب ، او لعلى بن أبى طالب  (يرحمهما الله ) ،والتى تقول .لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ،، أو --- لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام  وإضطروهم إلى أضيق الطريق… ومنها --- لئن بقيت إلى العام القادم لنصارى تغلب لأقتلن المقاتلة ولأسبين الذرية ..

وبسبب هذه الروايات وقع  أصحاب الفكر المتطرف فى إنفصام شخصية  بين الإيمان الكلى بشريعة القرآن ،وبين تلك الروايات . فأخذوا بالروايات لأنها تتفق مع مصالحهم الدنيوية  وفرقوا بين اوامر الله جل جلاله فى العبادات ،والمعاملات. وبذلك فهم كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعضه .وفعلوا مثلما فعل إبليس فى عصيانه لأمر الله فى السجود لأدم عليه السلام . ونسوا ان الأمر بالتعامل مع أهل الكتاب بالحسنى يساوى الأمر بالصلاة ،لأن الآمر واحد وهو الله جل جلاله .ولنذكرهم ببعض من آيات القرآن فى الحديث عن أهل الكتاب من النصارى .فيقول ربنا (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى  ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) . ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن ) .وكثير من الآيات التى تحث المسلمين على  المعاملة بالحسنى  … وهناك من الآيات التى تبيح لنا الأكل معهم من طعامهم ،والزواج منهم .وأن آيات القرآن الكريم فى الزكاة والصدقات لم تُفرق فى توزيعها فيما بين المسلمين وغيرهم . ولنترك الفصل فى الدين إلى الله يوم القيامة ،ولنعيش سويا على أرض الكنانة  التى وصفها الله بالأمن  فى أمن وآمان فيما بيننا .والا نحولها إلى ارض فزع ورعب وإرهاب  لأهلها . كما نرجو إتاحة فرصة أكبر للمسيحين المصريين  لنشر فكرهم من خلال حرية الرأى والتعبير والعقيدة  التى كفلها الإسلام  للجميع .ولا نخشى نحن المسلمون من هذا ولا نعتبره تبشيرا مخيفاً كما يظن البعض ،ولنترك  للناس حرية إختيار رأيهم ومسئوليتهم عنه يوم الدين .فأهلا بفكرهم ،ولنناقشهم فيه إن احبوا ذلك .وأن نجتمع على ما يجمعنا فيه ،ونبتعد عما يُفرقنا . ولنناقش القضايا قبل أن تُصبح مشاكل مُعقدة لا نستطيع الإقتراب منها فيما بعد .وأن نحاول إطفاء النار التى تحت الرماد ، وأن نأخذ الموضوع مأخذ الجد .

(فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد ) . صدق الله العظيم .

-------

نشرت بمجلة المجتمع المدنى  بعدد نوفمبر 2003

  • فهل  تغيرت نظرة أصحاب الدولة الدينية ،والإسلام السياسى  إلى  المسيحين المصريين ،وأصحاب العقائد الأخرى المختلفة معهم ؟؟؟؟
  • هل سيسمحون لهم  بالترشح  لرئاسة الدولة؟؟؟
  • الله أعلم !!!!!
اجمالي القراءات 14513