دراسة لمجموعة من الآحاديث تبين الكذب فيه

خالد حسن في السبت ١٨ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

السلام عليكم

لقد اشتقت لكم و لمنبركم الحر 



نخوض من جديد مع الآحاديث التي ألفها الوضاعون و نسبوها الى النبي محمد لنرى الإشكالية التي تنم عن الكذب في الحديث كيف تتصادم مع آحاديث أخرى : 

لنقرأ الحديث : 

أخرج البخاري في صحيحه عن جار بن سمرة قال : سمعت رسول الله يقول : (( يكون أثنا عشرة أميرا )) فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي أنه قال : كلهم من قريش )) 

صحيح البخار ي / كتاب ا&aaave; الأحكام / باب الاستخلاف .

http://hadith.al-islam.com/Page.aspx?pageid=192&TOCID=3975&BookID=24&PID=6907


و يتساءل البعض  مالذي خطر على بال النبي أن يقول مثل هذا الحديث ؟!!

لماذا لا يروي لنا البخاري السياق الذي ورد فيه الحديث و ما السبب الذي جعل النبي يرويه و يتنبأ به ؟!!

هل يمكن لنبي أن يلقي بمقولات مقطوعة السياق مبتورة  المعنى ؟ فلا يوجد ذكر للزمان و لا المكان الذي تتحقق فيه النبوءة و لا اسم للأشخاص الأمراء و لا فائدة ترجى من هذا الحديث  أبدا سوى أنه نص ديني معلق بالهواء مما يدعونا لمراجعة شاملة للحديث النبوي و عمليات الجرح و التعديل التي تحدث للسند و كيفية قبولهم مما يثير الشك في المنظومة لحديثية كاملة  و لأن هذا الحديث جاء على شكل قالب غير معروف أسباب  ذكره أو سياقه و ما الداعي لقوله  شعر أهل السنة بخطره على في الصراع المذهبي ضد الشيعة مما جعلهم يذهبون في تأويله كل مذهب و يضربون الحابل بالنابل من أجل التخلص من إيحاءاته التي يستفيد منها الشيعة من جهة و لإخراج محمد من وصفه بالكاذب من جهة اخرى ...

فيقول إبن بطال كما ذكر ابن حجر في كتابه فتح الباري (( لم ألق أحدا يقطع بهذا الحديث , فقوم يقولون بتوالي إماراتهم , وقوم قالوا يكونون في زمن واحد كلهم يدعي الإمارة , و الذي يغلب عليه الظن أنه عليه السلام أخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن حتى يفترق الناس  في وقت واحد على إثنا عشر أميرا , و لو أراد غير هذا لقال يكون إثنا عشر أميرا يفعلون كذا و كذا , فلما أعراهم من الخبر عرفنا أنه أراد أنهم يكونون في زمن واحد )) 

ولكن عارضه ابن حجر حيث قال أن ابن البطال خرج بما قاله فقط من خلال رواية واحدة و لم يجمع بقية الآحاديث و بدأ ابن حجر بذكر الروايات الأخرى من المصادر الغير بخارية فزاد الطين بلة من دون ان يدري فذكر رواية مسلم : 

 (( إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة . قال : ثم تكلم بكلام خفي علي . قال فقلت لأبي : ما قال ؟ قال : كلهم من قريش ))
الراوي: جابر بن سمرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - لصفحة أو الرقم: 1821
خلاصة حكم المحدث: صحيح 

ورواية لأبي داوود و مذكورة في صحيح مسلم أيضا 

 ((  لا يزال هذا الدين عزيزا ، إلى اثني عشر خليفة . قال : فكبر الناس وضجوا ، ثم قال كلمة خفية ، قلت لأبي : يا أبة ما قال ؟ قال : كلهم من قريش )) 
الراوي: جابر بن سمرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - لصفحة أو الرقم: 4280
خلاصة حكم المحدث: صحيح 

و راوية أخرى لأبي داود
(( لا يزال هذا الدين قائما  ، حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلهم تجتمع عليه الأمة . فسمعت كلاما من النبي صلى الله عليه وسلم لم أفهمه ، قلت لأبي : ما يقول ؟ قال : كلهم من قريش .)) 
 الراوي: جابر بن سمرة المحدث: الألباني  - المصدر: صحيح أبي داود - لصفحة أو الرقم: 4279
خلاصة حكم المحدث: صحيح 

و لكن للأسف فهذه الأحاديث النبوية الغير شريفة تتناقض مع أبسط حقائق التاريخ الثابت حيث أنه تولّى الخلافة أكثر من هذا العدد كما هو معروف  و مشهور في التاريخ .. 

ويتعارض مع أحاديث أخرى صحيحة مذكورة في السنن حيث تذكر أن الخلافة ثلاثون :

الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم يكون ملكا ثم قال : أمسك : خلافة أبي بكر سنتان ، وعمر عشر ، وعثمان اثنتا عشر ، وعلي ست
 
الراوي: سفينة مولى رسول الله:  المحدث: الإمام أحمد - المصدر: جامع بيان العلم - لصفحة أو الرقم: 2/1169: خلاصة حكم المحدث : صحيح 


فإذا كانت الخلافة محصورة فقط في ثلاثين سنة ( مع العلم أنها لم تبلغ الثلاثين سنة فعليا بل كانت 29 و بضعة أشهر وهذه سقطة أخرى )  فلقد تناوب عليها فقط 4 خلفاء فكيف يقول في الأحاديث الماضية أن 12 عشر خليفة سيتولون الحكم ؟!!!  إذن فمصطلح الخليفة بناء على الحديث الأخير الذي رواه سفينة مولى محمد المذكور في مسند الامام أحمد كان مقصورا على 4 خلفاء فقط بينما الحديث الذي يرويه مسلم يقول أن الدين ماضي حتى يحكمه 12 خليفة ؟!!! 
و يتضارب مع حديث ابي داود حيث قال أنهم 12 خليفة تجتمع عليهم الأمة  !!!!
فأين هم ال 12 خليفة الذين أجتمعت عليهم الأمة جمعاء ؟!!

و قد لمح هذا الخطأ و هذه النقطة القاضي عياض حيث قال : 

((توجه على هذا العدد ( 12 خليفة ) سؤالان : أحدهما أنه يعارض ظاهر قوله في حديث سفينة ( حديث الخلافة 30 الذي أشرنا اليه )  

و السؤال الثاني هو : أنه قد تولى الخلافة أكثر من هذا العدد 
))

و مع هذه الفوضى التي أحدثها حديث واحد رواه البخاري بدأ القاضي عياض يضرب أخماسا بأسداس ليحاول المراوغة من السؤالين اللذان طرحهما 

فقال عن جواب السؤال الأول : (( و الجواب الأول أنه أراد في حديث سفينة ( الخلافة 30 سنة ) أنه لم يقيده في حديث جابر بن سمرة بذلك )) أي أن حديث الخلافة 30 سنة صحيح و لا يتعارض مع الـ 12 خليفة ولكنه يتعارض مع رواية مسلم حيث ذكر أن الدين سيكون عزيزا و قائما في 12 خليفة و يتعارض مع حديث ابي دواد حيث قال  تجتمع عليهم الأمة .. و الأمة لا تجتمع على ضلال 

فكيف تكون الخلافة 30 سنة و قد حكم في هذه المدة فقط  4 خلفاء !!! و من ثم تكون ملكا أي ليسوا خلفاء بل ملوكا ... كما يقول الحديث ويصفهم  بالملوك لا الخلفاء !!! أي بعد 30 سنة لا يمكن وصفهم بالخلفاء بل بالملوك بناء على لفظ الحديث  ولكنه في حديث آخر يقول أنهم  12 خليفة  ؟!! و إن كانوا 12 خليفة فلقد مضى أكثر من 30 سنة على حكمهم ؟!!!!!!!
تضارب شديد بل كذب واضح  ممن ألف الآحاديث وللقارىء الخيار . 

و يكمل القاضي عياض  إجابته عن السؤال الثاني الذي طرحه بشأن عدد الخلفاء فيتلاعب بالألفاظ كعادتهم الأزلية عندما يواجهون مشكلة فيقول : " النبي لم يقل أنه لا يلي إلا اثنا عشر خليفة بل قال " يكون " اثنا عشر خليفة  و يكمل القاضي بقوله : (( وقد ولي هذا العدد و لا يمنع ذلك الزيادة عليه )) 

و أقول أنا هل يستغبينا القاضي عياض أم يظن أن الجميع خراف فبمجرد صف الحروف يظن انه رد على السؤال!!!!  فبجوابه هذا كأنه يقول لنا أن حديث 12 خليفة لا معنى له , فإذا كان يمكن الإضافة الى الرقم 12 خلفاء آخرين فما فائدة الرقم 12 من أصله و ما دلالته و ما فائدة النص بذاته ؟ 

فهو سحب صفة الخلافة عن الــ 30 سنة التي ذكرها الحديث السابق و عممها على الخلفاء الآخرين و عندما شعر أنه بهذا الفعل قد أدخل خلفاء آخرين من خارج الــ 30 سنة  فلا يمكنه التوقف عند 12 خليفة فقط و يحذف الباقيين الآخرين لأنه كما قبل بدخول بعضهم فيجب عليه قبول الجميع ..لذلك قال أنه لا يمنع من الزيادة على العدد 12 .  

إذن و ما فائدة العدد 12 أصلا يا قاضينا إذا كان يمكن الإضافة عليه ؟!!! 

لا بل يزيد الطين بلة بعد أن بلغ من الحيرة ما بلغ حيث قال يريد أن يفتح بابا آخر و لكنه باب من نار فيقول 

(( يحتمل أن أن يكون المراد أن من يستحق الخلافة هو من أئمة العدل . فقد مضى أربعة , و لا بد من تمام العدة قبل قيام الساعة )) 


فمرة أخرى يتعارض مع حديث أن الخلافة فقط تكون في 30 سنة و من ثم تكون ملكا أي لا خلافة ... 
ومن دون أن يدري يهدي الشيعة حجة لطالما انتظروها  من أهل السنة حيث يكون هذا تأويلا مناسبا لنظرية الشيعة حيث أنهم ينتظرون أمامهم الثاني عشر منذ غيبته الكبرى ليكتمل عدد الأئمة آخر الزمان . 

و عندما يأس القاضي عياض من هذا الحديث قال " و قد يحتمل وجوها أخرى للحديث و الله أعلم بمراد نبيه " 

وهكذا رفع القاضي عياض راية الاستسلام أمام الآحاديث النبوية الرائعة التي جلبت لنا و له الصداع .

و بعد هذا نرى الآحاديث النبوية كيف جلبت الفتنة و الفرقة المذهبية و كيف فشل واضع الحديث مرة أخرى بالتنبؤ نبوءة صحيحة من دون أن يتعارض مع أحاديث أخرى ...

و التساؤل هنا هل حقا هذه الأحاديث قالها محمد أم أن الرواة الكذبة لفقوها على النبي محمد و إمامهم الكذاب الأكبر البخاري لا قدس الله لحيته ؟!! 

وهل فعلا ما يسمى العمليات الجراحية للسند كانت صحيحة ؟ أم من يخترع المتن لا يعجز عن اختراع السند بكل سهولة .!!! فالتضارب الواضح لا يمكن أن يكون قد خرج من رجل صحيح العقل أو يتلقى وحيا من إله .. فهو إما مجنون أو ان الأحاديث كانت هي السلاح الوحيد بين ايدي الفرق المتناحرة لكي يظهر موقفه و ينصر فئته ؟!!

فالآحاديث  تعرض نبوئتين متعارضتين  :

1- أن الخلافة مدتها 30 سنة و من بعد ذلك يكون الحكم ملكي . ولكن عدد الخلفاء في الـ 30 سنة كانوا فقط أربعة . حيث تتعارض مع النبوءة الثانية : 
 
 2- و أنه سيكون 12 خليفا كلهم من قريش تجتمع عليهم الأمة . حيث جعل عدد الخلفاء 12 حيث أن عدد الحكام في الثلاثين سنة المفروض أن تكون للخلفاء فقط كانوا اربعة !


 
و الى اللقاء مع حديث آخر يبين  كذب الرواة .

تحياتي 

اجمالي القراءات 16249