حمى عبادة الحاكم عند المصريين
حمى عبادة الحاكم عند المصريين

رمضان عبد الرحمن في الخميس ١٧ - يونيو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

حمى عبادة الحاكم عند المصريين

 

أن خضوع الشعب المصري بهذا الشكل منذ أكثر من نصف قرن من الزمان هذا ليس له تفسير أخر غير أن  الشعب أدمن على حمى عبادة الحاكم مهما فعل بهم من ظلم وتعذيب وتجويع، ومن منظور الخالق أي الله هو الذي لا يسأل عما يفعل أما المخلوق أي الإنسان هو الذي سوف يسأل عن أفعاله من الله يوم الدين، ونحن ليس في يوم الدين نحن في الحياة الدنيا، فحين ينفرد شخص بحكم دولة أو أمة يحكم  ويتحكم في كل شيء ويصبح هو المسيطر على الجيش والشرطة والمسيطر على اقتصاد الدولة والمسيطر على ماذا يقال وماذا لا يقال وتخضع أغلبية الشعب على هذا المنوال دون أن يسأله أحد عن أفعاله وعن سياسته، سواء كانت على خطأ أو على صواب لابد أن يسأل، أم يظل الشعب خاضع وخانع وساكت على الفقر والجوع والذل أكثر من نصف قرن منذ أن جاء الإله الأول جمال عبد الناصر ومن ثم السادات.

ونتمنى أن يكون أخر إله يعبد من أغلبية المصريين حسني مبارك، وقد يقول قائل هذا كلام غير صحيح أقول طالما أن النخبة على حد قولهم يقدمون الطاعة والولاء، يركعون ويسجدون دون جدل، وتختلف الطاعة والولاء من شخص إلى أخر، كل منهم على حسب مصلحته يسجد ويقترب من الحاكم، وليس هناك خلاف على طبيعة الأشخاص الذين يسجدون ويركعون سواء أكانوا من رجال الدين أو السياسيين، فلماذا ينظر العامة من المصريين إلى الحاكم على أنه إله يعبد، طالما لا يسأله أحد ولم يحاسبه أحد خربت الدولة أو عمرت، وهذا أمر مشكوك فيه أن تعمر الدولة طالما أن الحاكم خط أسود لا يجب الاقتراب منه، ومن يحاول من النخبة الحقيقيين الذين رفضوا السجود والركوع لغير الله داخل مصر وخارجها الذين رفضوا الطاعة والولاء وهم داخل مصر ويتعرضون للاعتقالات والاضطهاد، والذين هم خارج مصر يتهموا بالعمالة والخيانة على نقدهم الخط الأسود المتمثل في الحاكم المعبود من أغلبية المصريين مع الأسف وحتى لا نظلم هذا الحاكم الإنسان هو إنسان مثله مثل غيره من الناس بداخله الخير والشر، أي لا نحمله وحده الظلم، الشعب أيضا مشترك معه في الظلم، وخاصة النخبة التي جعلت من الرئيس خط أسود لا يحاسبه أحد وهو يحاسب كل أحد، أي أن الشعب هو الذي جعل الحاكم بهذه الصورة إلى أن أصبح الرئيس عند أغلبية المصريين إله لا يسأل، أي إذا أراد الشعب التغيير يتعامل مع الحاكم على أنه إنسان يخطئ ويصيب، يحاسب ويتحاسب إذا أخطأ، ثم من العار على شعب مثل الشعب المصري أو دولة مثل مصر غيرت وجه العالم في الحضارة في الماضي ولم تستطيع الآن أن تغير وجه الرئيس في هذا العصر، والغريب في وضع أغلبية المصريين أنهم اتفقوا على عبادة الحاكم واختلفوا على عبادة الله، وما يحدث على أرض الواقع ليس له تفسير آخر، المصريين يقتلون في بعض معتقلين ومضطهدين ومجوعين ومعذبين في بعضهم البعض من مسلمين ومسيحيين وعلى كل لون من أجل الحاكم، وضاعت حقوق أجيال بأكملها، وسوف تظل تضيع حقوق أجيال أخرى إذا لم يتخلصوا من هذا المرض المزمن المسمى الصراع الديني، والذي بسببه يموت المصريين جوعاً ومرضاً وقهراً.

وفي الحقيقة ليس في مصر صراع ديني بمعنى صراع ديني ولكن هو صراع من أجل المصالح، وان الحاكم وزبانيته هم من يؤججون الصراع بين أبناء المجتمع ليقتلوا بعضهم البعض، والحاكم عليهم من المتفرجين، هل هذا يليق بشعب مثل الشعب المصري أو يليق بدولة مثل مصر أن يكون الذي يتحكم في كل شيء شخص، ماذا نسمي هذا غير أنه عند الأغلبية من المصريين إله يعبد من دون الله، ولذلك خضعت الناس للجوع والفقر والتعذيب دون أن يسأله أحد، وأنا هنا لا أسخر من الحاكم ولا من الشعب ولكن أذكر الاثنين معا والله لو سأل الحاكم نفسه في يوم من الأيام عن السبب الذي يجعل المسؤولين لا يكسرون له أمراً لترك لهم الجمل بما حمل خوفاً على نفسه من يوم لن ينفع فيه سلطة ولا مال ولا أولاد وهو يوم القيمة، وعلى الجانب الآخر من الشعب أن يصحوا من غيبوبة حمى عبادة الحاكم ولا يستمعوا إلى وعظ السلاطين الذين يسعون إلى إلغاء عقول المصريين من أجل الحاكم، كما طالب بذلك أحد الوعاظ ويدعي خالد الجندي والذي أنشأ قناة من دم المصريين وقالها صراحة على قناة (أزفري الزفرة)، أي يريد هذا المأجور من الناس أن تصبح بلا عقل ليبقى الحال كما هو عليه، ومن المفترض على شخص مثل هذا يسعى إلي ثقافة القطيع عليه أولاً أن يكون قدوة للقطيع بما تحمله الكلمة.

 

 

اجمالي القراءات 10877