لا نبتغى الجاهلين !!

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٠٧ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة:
منذ بدأت الطريق الوعر فى اصلاح المسلمين بالقرآن وعواصف الاتهامات والسباب والتساؤلات والاستفهامات تلاحقنى . لو تفرغت للرد عليها كلها ما تبقى لى وقت للنوم او العمل أو الراحة.
العلاج دائما فى القرآن الكريم . اتجهت اليه – كالعادة - احتكم اليه فيما أفعل ، وبناء عليه وضعت قاعدة لنفسى تحكم مسيرتى فى التعامل مع الآخرين : ما ينطبق عليهم وصف القرآن الكريم بالجاهلين وأصحاب لهو الحديث واللغو أتمسك بالاعراض عنهم وألا أرد عليهم ، لأن الله تعالى يقول:"( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)( القصص55 )(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ )(: المؤمنون"3")( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا )( "الفرقان" 63"-).
وهذا يستلزم ايضاحا.

الجهل بمعنى الكفر والشرك :
طبقا لمصطلحات القرآن فان وصف الجهل يلحق بالمشركين الذين يقدسون البشر والحجر ، وهكذا كانت قريش ، وكان كبراؤها يجادلون خاتم النبيين عليه وعليهم السلام فى مبررات تقديسهم لأوثانهم فأمره الله جل وعلا بالاعراض عنهم قائلا له "(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )("الأعراف 199 ) ، وأمره فى آية أخرى أن يقول لهم : ( قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ )(.الزمر 64 )، ولذلك حذر الله تعالى بعض الانبياء من أن يكونوا من الجاهلين (الانعام 35) (هود 46).

العلم بمعنى الرسالة السماوية ( القرآن الكريم )
وفى نفس الوقت فان العلم الحقيقى فى مصطلح القرن هو الرسالة السماوية التى يتلقاها كل نبى ، وقد قال تعالى لخاتم النبيين عن الوحى القرآنى الخاتم : ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا )( طه 114 )،وألآية الكريمة هنا تتحدث عن نزول القرآن متفرقا على قلب النبى محمد عليه وعلى الانبياء السلام ، أى أن ألاية الكريمة تصف القرآن بالعلم ،ورقم الآية 114 تشير باعجاز خفى الى أن القرآن الكريم سيكتمل 114 سورة فيما بعد . وتكرر قوله تعالى للنبى " بعد الذى جاءك من العلم "-" من بعد ما جاءك من العلم" والمقصود بالعلم هنا هو القرآن الكريم.

العلم بمعنى الايمان :
ومصطلح العلم فى القرآن يأتى احيانا مرادفا للايمان مؤكدا معناه كنقيض للجهل والشرك والكفر، اقرأ فى ذلك قوله تعالى :" يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ. " المجادلة 11" ويقول عن جدالهم يوم البعث مع المشركين "وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ )( الروم 55-56 )".
ولذلك قال عن المشركين أنه لا علم لديهم ( آل عمران66 ) (النساء 157)( الانعام 100 – 108-119- 140- 143-148 .. مجرد أمثلة ) لا علم لديهم أى جهلاء . ولذلك جرى وصف الشرك بأنه "عصر الجاهلية ".

المشركون والاضلال بدون علم
وأفظع هؤلاء الجهلاء الذين لا علم لديهم – بالمفهوم القرآنى – هم من قال عنهم ربى جل وعلا إنهم يضلون الناس بغير علم ، بالكذب على الله جل وعلا وعلى رسوله ، وبالتكذيب بالرسالة السماوية التى هى العلم الالهى ، يقول جل وعلا : ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) "الانعام 144 " أى أنه يقرن جهله الدينى بالكذب على الله تعالى بقصد اضلال الناس.

الجدال بالباطل والجهل :
وهذا الصنف من البشر حدد القرآن العزيز صفاته لتنطبق فى كل زمان ومكان ، ومنها مثلا : أنه مدمن للجدال بالباطل ليحارب الشك الذى يأكل قلبه بأن يثبت لنفسه أنه على الحق بأى وسيلة ، قال تعالى عن هذا الصنف :( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)( الحج 8) ( لقمان 20 ).
ولأنه لا حظ له فى العلم القرآنى فلا بد أن يتسلح بالوحى الشيطانى الكاذب ، يقول تعالى " ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ ) .( الحج 4) .

استمرارية الجدل بالباطل والجهل فى كل زكان ومكان :
وحين يقول رب العزة" ومن الناس " فالمعنى ان ذلك يتكرر فى كل زمان ومكان طالما يوجد على هذا الكوكب "ناس" فمنهم من يقول كذا أو يفعل كذا.
ومن إعجاز القرآن التاريخى أن ما اعتاد كفار قريش عمله فى تكذيب القرآن الكريم والنهى عن الاستماع لهدايته ومجىء بعضهم للجدال فى آياته رأيته بعينى فى تصرفات المكذبين بالقرآن المؤمنين بالوحى الشيطانى المسمى بالسنة والأحاديث ( النبوية ) ، وأتأمل قوله جل وعلا بكل إكبار وخشوع : ( وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) ( الأنعام 25 : 26 ). لقد مات خاتم المرسلين ، ولكن لا يزال القرآن الكريم أو الرسالة محفوظة ، ولا يزال أعداؤها يتصرفون بنفس الطريقة التى كانت قريش تتصرف بها مع القرآن الكريم . هم فى عصرنا يندفعون لجدالنا يفرضون أنفسهم علينا ، برغم إعراضنا عنهم ، وفى كل الأحوال فموقفهم من القرآن الكريم ثابت ؛ ينهون عنه وينأون عنه ، ويجادلون فى آياته بغير علم ويتبعون كل شيطان مريد .

الجدل بالأحاديث الشيطانية
ولكن كيف يضلهم الشيطان ؟
يضلهم بالأحاديث الضاله ، او بتعبير القرآن الكريم "لهو الحديث ". فهذا الصنف – فى كل زمان ومكان – يدمن لهو الحديث ليصرف الناس عن (أحسن الحديث ) أو العلم القرآنى ، أو بتعبير القرآن الحكيم :" وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ( لقمان 6-7 ).

أتباع الوحى الشيطانى ( السنيون السلفيون )هم أعداء خاتم النبيين
1 ـ هناك نوعان من الوحى: الوحى الالهى الحق والوحى الشيطانى :(الشعراء 192 -196&210 – 212 & 221 -224).
2 ـ أصحاب الوحى الشيطانى هم أعداء الأنبياء،يقول تعالى(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً )( الأنعام -114 ) لاحظ هنا أيضا رقم الآية الأخيرة(114 ) ومدلوله.
ويقول تعالى عن نفس الصنف من أعداء الانبياء"( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا)( الفرقان 30-31 ").
الايمان بالحديث الشيطانى ( لهو الحديث ) هو كفر بالقرآن الكريم
هذا الوحى الشيطانى ينتج أحاديث ضالة منسوبة بالزور والبهتان لله تعالى ورسوله لتعمل على هجر القرآن وتحريف رسالته . وعليه تجد نوعين من الحديث فى مجال التدين ؛ حديث الله تعالى وهوالحديث الحق القرآنى الذى يجب الايمان به وحده تبعا للايمان بالله تعالى وحده ، ثم ( لهو الحديث ) أو حديث الشيطان الذى يجب الاعراض عنه. يقول تعالى عن الحديث القرآنى : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) فالحديث الوحيد المطلوب الايمان به هو حديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم . وأى حديث غيره يدخل فى دائرة الايمان هو (لهو الحديث ) الذى يقدسه المشركون ويؤمنون به ، ومن أجله يهجرون القرآن الكريم وينأون عنه ، تقول الآية التالية : (وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )( الجاثية 6-7 ).
لقد جعل الله تعالى أشد الظالمين ظلما لله تعالى ورسوله ذلك الذى يشترى لهو الحديث الشيطانى المنسوب افتراء لله تعالى ولرسوله وفى سبيله يكذب بآيات الله تعالى السابقة، لذا تكرر فى القرآن العزيز معنى قوله تعالى " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أوكذب بآياته". وفى مقابل هذا الصنف الظالم لله تعالى ورسوله هناك صنف مؤمن متمسك بالقرآن وهو "أحسن الحديث " . ولا نجد أروع من قوله تعالى فى وصف القرآن والمؤمنين به : "( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) ( الزمر 23 ).

بين الجدال و النقاش
1 ـ فى ضوء هذا الهدى القرآنى أنظر فيمن يقوم بالرد على مقالاتى، فاذا كان مكذبا للقرآن وآياته الحكيمة التى استشهد بها فلا أرد عليه ، ومهما صرخ مطالبا الجدال لا آبه به ولا أعيره التفاتا، أعرض عنه تنفيذا لأوامر رب العزة جل وعلا مكتفيا بانتظار حكم الله تعالى علينا يوم الدين.
ان الجدال فى آيات القرآن الحكيم من صفات المشركين الذين لا يؤمنون بآيات الله (غافر 4-35 -56)( الشورى16 ،35). الجدال عناد وتكذيب للآيات البينات وسفسطة وتهرب من الحق الواضح باللجاج والتلاعب،وقد يصل فى النهاية الى الانتقاص من حق الله تعالى أو سبه جل وعلا . لذا فان الجدال مع من يكذب بآيات الله تعالى محرم ، ومنع الله تعالى خاتم النبيين من الجدال مع المشركين :"( وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) ( الحج 68- ). بالنسبة لنا فالنهى أشد ، يقول تعالى عن اتباع الشيطان ووحيه الكاذب ومحاولتهم الجدال: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) (الأنعام 121 )".
2 ـ ولكن قد يثير المجادل قضية تستحق النقاش ،أو يكون الرد عليه فى جزئية ما مفيدا لتجلية حقيقة قرآنية أو فضح أكذوبة اكتسبت مصداقية زائفة بسبب السكوت عن مناقشتها.
هنا لا بد من أظهار الحق القرآنى ، ليس ردا على المجادل المنكر للقرآن ولكن توضيحا لمن يهمه الأمر .
3 ـ وعموما يختلف الجدل عن الاستفهام ومحاولة الفهم بالنقاش . النقاش يكون فيما يتعذر على السائل فهمه ، وحين يتبين له الحق بالقرآن يزداد به ايمانا. المؤمن الحق حين يقال له الحق القرآنى يسارع بالسجود والايمان والتصديق قائلا: صدق الله العظيم ، لأن من صفات المؤمنين أنهم اذا تليت عليهم آيات القرآن ازدادوا ايمانا ( الأنفال 2 ).
ولذلك أقضى ساعات – يوميا – فى الرد على رسائل تسأل وتناقش وتستوضح . فلقد أيقظت كتاباتى ملايين العقول وأثارت عواصف من الأسئلة، ولا بد من الرد عليها. وربما يطول الرد ليصبح كالمقال أكتبه خصوصا لقارىء واحد مع كثرة مشاغلى وهمومى لأنه يستحق .
أما المشركون المجادلون فى آيات الله الذين لا يؤمنون بها فالحق القرآنى أعز وأكرم من ألقيه اليهم وهم لا يأبهون به.
كراهيتهم للقرآن الكريم
والقرآن يكشف عقيدتهم الحقيقية، فاذا تليت عليهم الآيات ازدادوا كراهية لمن يقرؤها أو يستشهد بها ، وربما يهم أحدهم بالتعدى على من يستشهد بالقرآن (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا )( الحج 72 ) (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ )( القلم 51-) .
وأشهد ـ والله جل وعلا على ما أقول شهيد ـ أننى فى مواجهتى لهم بالقرآن كانوا يتصرفون بنفس الطريقة معى ، يظهر الانكار على وجوههم ويكادون يهجمون علىّ ، وينظرون لى بكراهية ، ويتهموننى بالجنون . مع أن الذى أتلوه عليهم هو القرآن الكريم الذى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام 20)
سبب الكراهية
ولعجزهم عن اعلان كفرهم بالقرآن صراحة فان غضبهم يتجه لمن يستشهد بالقرآن ، ينهمكون فى سبّه وتجريحه مع انه ليس بينهم وبينه عداء شخصى أو نزاع عائلى أو منافسة او صراع دنيوى أومصاهرة أو أى علاقة شخصية. السبب الوحيد هى كراهيتهم للقرآن ، تلك الكراهية التى تكمن فى أغوار قلوبهم الممتلئة بتقديس خرافات الأحاديث وأكاذيب الدين الأرضى ، وتظل كامنة إلى أن يتضح تناقض القرآن مع عقائدهم الضالة ، وحين يتأكد لهم التناقض بين القرآن وأحاديثهم الشيطانية لا يجرءون على التصريح بالكفر بالقرآن أو بكراهيتهم للقرآن ، وبدلا من ذلك تتوجه كراهيتهم الى الذى فضح عقائدهم ، والذى لا تربطه بهم علاقة شخصية .
المؤمن يزداد بالقرآن ايمانا والكافر يزداد بالقرآن طغيانا

بدلا من أن يزدادوا بالقرآن ايمانا يزدادون بالقرآن كفرا وسبا وشتما ، وهذا ليس من أخلاق المسلمين فى شىء،بل من أخلاق المشركين الذين يزيدهم الاستشهاد بالقرآن الكريم طغيانا وكفرا. وهذا كان حال المشركين من أهل الكتاب فى عصر خاتم المرسلين : (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) ( المائدة 64 ، 68 ) ، وهو أيضا حال المنافقين الذين أظهروا الايمان وأبطنوا الكفر :(وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) ( التوبة 124 : 125).
ومعظم المتمسكين بالتدين الأرضى تنطبق عليهم صفات المنافقين المرائين . ولأن تيار النفاق سيستمر بعد موت خاتم المرسلين فان الله جل وعلا شرح أحوال المنافقين فى عشرات الآيات . وتعتقد بعض الحيوانات الأليفة أن المنافقين انقطع وجودهم بانتهاء عصر النبى محمد عليه السلام طالما أن تاريخ المسلمين لم يتكلم عنهم . ولكن الاعجاز القرآنى الذى فضح سرائرهم ومكائدهم حين نزول الوحى فى المدينة ـ لا يزال يواصل إعجازه بفضح منافقى اليوم وكل يوم ، وهم يظهرون الايمان بالقرآن طالما لا يظهر لهم تناقضه مع عقائدهم ، فإذا جاء الاستشهاد بالقرآن الكريم يفضحهم إزدادوا رجسا الى رجسهم .
لو كانوا مؤمنين حقا لانكبوا ساجدين حين تتلى عليهم الآيات طبقا لقوله تعالى:( فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ ) وتشرح الآيات التالية وتفضح حقيقتهم : ( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )(الانشقاق 20- 21") . تراهم ينطلقون فى السب والشتم البذىء لتتحول القضية الى لعن شخصى ، وهنا يجب على المسلم الاعراض عنهم والغفران لهم اذا استطاع .
مشركو اليوم والوقوع فى سبّ الله جل وعلا :
اننى استشهد بآيات قرآنية تنفى عن الاسلام كل التراث البشرى للمسلمين، وتجعل ذلك التراث منسوبا لأصحابه ومؤلفيه فقط ، ولا علاقة له بالاسلام الذى اكتمل بالقرآن، وانه لا حديث يجب الايمان به سوى حديث الله تعالى فقط فى القرآن.
والنتيجة هى اعراضهم عن هذه الآيات وتكذيبها بحجة انها تخاطب المشركين فى عهد نزول القرآن فقط !! أى اتهام لآيات القرآن بأنها لا تصلح لعصرنا ، وأن المسلمين مهما رددوا أفعال وأقاويل السمشركين فليسوا معذبين !! فهل يليق هذا بعدل الله تعالى وقدسية شرعه وكتابه ؟.
أى أن النتيجة لهذا الجدال ان أعداء القرآن الذين يزدادون بالاستشهاد بالقرآن طغيانا وكفرا سيردون بسب وشتم القرآن – بقصد ودون قصد، ولذلك أمر الله تعالى عدم التعرض بسوء لأئمة المشركين حتى لا يرد المشركون بسب الله تعالى :( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (الأنعام 108 )ٍٍ
انهم باصرارهم على جعل الأحاديث والسنن جزءا من الاسلام فانهم يتهمون الله تعالى بأنه أنزل الدين ناقصا وظل ناقصا حتى جاء أئمة العصر العباسى ليكملوه.وهم أيضا يتهمون النبى محمدا أنه لم يبلغ الرسالة كاملة، اذ بلغ القرآن فقط وترك جزءا آخر نهى عن كتابته – حسب قولهم هم – وظل غير مكتوب الى ان جاء علماء العصرالعباسى فكتبوه بدافع شخصى فردى دون أن يكلفهم أحد بذلك، ولو لم يفعلوا ذلك لظل الاسلام ناقصا حتى الآن وفقا لهذ الافتراء الذى يجعل الأحاديث والسنن جزءا من دين الاسلام.
ولهذا فان التردى فى الجدال معهم سيؤدى للمشاركة فى جريمة سب الله تعالى ودينه.

وقد يقال: ولكنك تقوم أحيانا بالرد عليهم.
أقول فعلا اننى – أحيانا – أقوم بالرد ، وليس بالجدال. أقوم بالرد الموضوعى لتوضيح حقائق الاسلام حرصا على الاسلام وعلى من يبغى معرفة حقائقه حتى لا يقع ضحية لهذه الأكاذيب. أركز عادة على الموضوع دون اهتمام بالشخص الذى يهاجم ويتجنى ويسب ويشتم . عادة ما يكون التركيز على تحليل للمنهج الذى يتبعه والعقلية التى يفكر بها حتى يكون الرد موضوعيا فى خدمة الحق ورد الباطل.

وقد يقال : انك أحيانا ترد بعنف على من يتعرض لك بالاتهامات الشخصية ؟
وأقول، فى الأغلب لا أرد ، ولكن بعضهم يزايد فى الكذب والافتراء فاضطر لتوضيح الحقائق ، وقد أكون عنيفا اذا زاد الافتراء والسب. وهذا من حقى بالطبع.

وقد يقال: انك تسب الأئمة فكيف يستقيم هذا مع طاعتك لقوله تعالى :( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ..
أقول : فيما يخص الكتب المقدسة فى أديانهم الأرضية فلا يهمنى الشخص بل الكتاب ذاته ، فالبخارى عندى هو كتاب البخارى و ليس ابن برزويه الفارسى المعروف بالبخارى ، وكذلك كتاب (مسلم ) وبقية كتب الأديان الأرضية.
بالنسبة للشخصيات التاريخية فهى باختصار مجرد شخصيات تاريخية بشرية و ليست جزءا من الدين السماوى. المكتوب عنها ـ لو صح وصدق ـ فهو حقائق تارخية نسبية ، يجوز عليها الصدق و الكذب ، ورفضها أو إثباتها لا شأن له بالايمان أو الكفر.
شأن أى باحث حقيقى اعتبرهم بشرا يخطئون ويصيبون، ولكن مشكلة أتباع الأديان الأرضية أنهم يعتبرون أئمتهم آلهة معصومة من الخطأ ، لذا يعتبرون نقاشى لأولئك الأئمة سبا فى حقهم وانتقاصا من حقوقهم الالهية . هذا مع أننى اناقشهم من داخل مؤلفاتهم والمكتوب عنهم فى الفكر السنى نفسه. أى أكتب عن عمر بن الخطاب – ليس مما كتب الشيعة فى تكفيره وذمه – ولكن من خلال تاريخه المكتوب فى المصادر السنية التى يعتمد علبها الجميع فى التمجيد لعمر. الخلاف بيننا أننى أوضح الجانب الآخر المسكوت عنه عمدا. بينما هم يكتبون الجانب المضىء وحده حتى يظل عمر الاها لا يجوز نقده.
النقد لأعمال البشرالسياسية والعلمية والفكرية واجب علمى تتقدم به الحضارة الانسانية ، وليس سبا لتلك الشخصيات على الاطلاق .
التحليل للشخصيات التاريخية ليس ذما أو قذفا ، إلا إن المشركين الذين يقدسون الشخصيات التاريخية يعتبرون ذلك ذما ويتهمون المؤرخ المنصف والعالم المحقق بالكفر لأنه لا يؤمن مثلهم بتلك الشخصيات .

قد يقال أيضا: ان السؤال لا يزال مطروحا لم تجب عليه. اذا كانوا كما تقول يقدسون تلك الشخصيات ويعتبرون بحثها ذما وسبا فلماذا تصمم على بحثهم أى تصمم على سب آلهتهم من وجهة نظرهم ؟
أقول : ان عبادة البشر والحجر ليست قاصرة على المسلمين ، القبور المقدسة أوالأنصاب والكتب البشرية المقدسة موجودة بين أتباع كل الأديان الأرضية والضالين من أتباع الرسالات السماوية.
لقد قرأت التوراة والانجيل قراءة نقدية بحثية ، وكتبت عليها تعليقات لنفسى ، لكن لا أجيز لنفسى نشرها لأن مهمتى ليس إصلاح أهل الكتاب ،بل اصلاح المسلمين .
وبالتالى فلو أن خصومى المتمسكين بالأحاديث والسنن نسبوا انفسهم لدين آخر غير الاسلام فلن يكون لى شأن معهم ولن تكون بينى وبينهم علاقة أو مشكلة.
المشكلة انهم ينسبون اباطيلهم للاسلام ، ويستخدمون تلك الأحاديث والسنن المناقضة للاسلام فى الصد عن سبيل الله تعالى، وبهم أصبح الاسلام متهما بالعنف والارهاب والتخلف والتزمت والتعصب .وحيث يزعمون انهم مسلمون فلا بد من ان نحتكم الى القرآن فيما ينسبونه لله تعالى ورسوله .
هنا يكون الجهاد السلمى لتبرئة الاسلام واصلاح المسلمين .
هنا أيضا يظهر الحق ويزهق الباطل وتتحدد المواقف، اما لنصرة الله تعالى ورسوله، واما لنصرة البخارى والشافعى وابن حنبل وابن تيمية وغيرهم ممن افتروا على الله تعالى كذبا وبهتانا وعدوانا.
لا يمكن هنا التلاعب بالمواقف، فالحق القرآنى واضح ، وأقوال اعداء الحق واضحة مكتوبة فى كتبهم ، فاما أن تناصر الله تعالى واما أن تنصرهم على الله تعالى. وانت وما تختاره لنفسك ومستقبلك يوم الدين .
ولأن القضية تقوم على الاختيار الحر الواضح فان الذين اختاروا الوقوف مع أئمة الشيطان لن يستطيعوا إعلان التبرؤ من الاسلام أو اعلان تكذيبهم للقرآن ، خصوصا وأن أغلبهم يستخدم اسم الاسلام للوصول الحكم.
هى محنة حقيقية أوقعتهم- أنا - فيها ، اذ أثبت جهلهم بالاسلام وعداءهم له فى الوقت الذى يستخدمون اسمه فى طموحهم السياسى والجاه الدنيوى. لذا يوارون عورة موقفهم بالهجوم الوقح على من أثار الموضوع طيلة ربع قرن ونجح فى عرضه على الرأى العام ليثير اهتمام المثقفين والمتعلمين ويجعلهم يعيدون تصحيح مفاهيمهم بعد قرون من الضلال والاضلال.

قد يقال : انك هنا تتهم أئمة كبارا فى تاريخ المسلمين بالكفر ، مع أنك ترفض التكفير.

1 ـ أقول : طالما وصلنا الى الاحتكام للقرآن فان المسألة قد خرجت عن نطاق الأحكام التاريخية النسبية . الأحكام النسبية التى تحتمل الصدق والكذب هى مجال الحكم فى التاريخ لأنه أحداث ووقائع مختلف فى تفاصيلها وجاءت بها روايات تاريخية متعددة متباينة. والشك هو الأصل تاريخ البشر المكتوب بيد البشر. لذلك فان تاريخ المسلمين البشرى ليس جزءا من الاسلام ولن يكون ، حتى ما كان منه سيرة للنبى محمد عليه وعلى الانبياء السلام.
اذا تركنا التاريخ ودخلنا فى القرآن وما يخالفه من أقاويل فالأمر هنا قطعى يخص الايمان أو الكفر، الحق أو الباطل ،أن تكون مع الله ضد أعدائه ، أو أن تكون معهم ضد الله تعالى ، وليست هنا منطقة وسطى.

2 ـ نحن هنا بالأساس نتحدث عن أقوال تناقض القرآن وتنتسب ظلما لله تعالى أو لرسوله فيما يسمى بالأحاديث النبوية أو القدسية أو العلم اللدنى أو الوحى الالهى للأئمة والأولياء .
التكفير هنا ينصب أساسا على نسبة هذه الأقوال البشرية لله تعالى ورسوله ودينه ، اذ اكتمل الاسلام بانتهاء القرآن نزولا، وتأكيد الله تعالى على أن أشد الناس ظلما لله تعالى هو من افترى على الله تعالى كذبا وكذّب بآياته.ثم يلحق التكفير من قام بتأليف هذه الكتب وظل متمسكا بها الى موته دون توبة.
هنا أقوال كتبها اصحابها فى كتبهم وزعموا انها جاءت وحيا من السماء أو نسبوا تلك الأقاويل للنبى بعد وفاته بقرون. هذا التراث موجود ومقدس حتى الآن ، ولا سبيل الى انكاره ، ويزعم أصحابه أن تلك الأكاذيب هى الاسلام ، أو أنها هى التى تكمل الاسلام ،أى ظل الاسلام ناقصا ومات النبى ولم يبلغ الرسالة كاملة ، وقام عنه الاستاذ ابو هريرة واتباعه باكمال الرسالة .
هى تخريفات وتحريفات من آمن بها وضع نفسه فى خندق العداء لله جل وعلا ورسوله .
فى الناحية المناقضة يوجد الاسلام الحق فى كلام رب العزة فى القرآن فقط ، وقد نبأ مسبقا بما يفعله الشيطان بوحيه وأتباعه ، واستمرار تلاعب الشيطان بهم الى قيام الساعة ، مع تفاصيل تصف ملامح العقلية المشركة و أفعالها وعقائدها.
اذا احتكمنا الى القرآن الكريم فى تلك الأقاويل فالنتيجة حاسمة ، القرآن يحكم بأنها عداء لله تعالى ورسوله.

3 ـ ولكن بالاحتكام الى القرآن تكون قد أقحمت نفسك فى مشكلة عويصة يترتب عليها ان تحدد موقفك : اما أن توالى أولئك الأئمة فى افترائهم على الله تعالى تدافع عنهم وتبرر اقوالهم وتؤولها وبذلك تكون مواليا لهم معاديا لرب العزة الذى يملك يوم الدين ، واما أن توالى الله تعالى وتنصره على أعدائه الذين افتروا عليه كذبا وكذبوا بآياته، وما يستوجبه ذلك عليك من اعلان تناقضهم مع الاسلام الذى يزعمون الحديث باسمه.
الأختيار هنا حاسم يترتب عليه مستقبلك عند الله تعالى يوم القيامة، وهو وحده جل وعلا مالك يوم الدين، هو وحده جل وعلا الذى سيحاسبك وسيحاسبهم وسيحاسب الجميع.
لن يحاسبك البخارى أو مسلم أو الشافعى أو ابن حنبل .. الخ ..هم لن يغنوا عنك من الله تعالى شيئا فى هذا اليوم العظيم الذى يعنى خلودا فى الجنة أو خلودا فى الجحيم ، هذا اذا كنت فعلا تؤمن بيوم الدين كما جاء فى القرآن وليس كما جاء فى أكاذيب التراث!!
لك حق الاختيار وانت مسئول عن اختيارك . لكن لا محل فى هذا الاختيار الحاسم للهروب أو التمويه أو أنصاف الحلول ، فالذى يفعل ذلك لا يخدع سوى نفسه ، وسيتم تصنيفه عند الله تعالى بموالاة اعدائه ، لأن القضية هنا هى قضية خصومة ، اعتدى فيها أولئك البشر على الله تعالى ونسبوا له ولوحيه الالهى مالم يقله، اتهموا دينه بأنه لم يكتمل وأنه بحاجة لهم ليكملوه ويفسروه وليكونوا حكما عليه.
4 ـ قضية الخصومة هذه تستلزم من المؤمن الحقيقى اعلان الموالاة لله تعالى ضد أعدائه وبكل الصراحة ، بل أن الذى يكتم الحق القرآنى مصيره اللعنة – الا اذا تاب وأصلح وقام باعلان الحق : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )(البقرة 159- 160 ).
5 ـ التكفير هنا اعلان براءة من هذا الظلم الذى يشوه الاسلام ويدمره من الداخل ، لذا فالتكفير هنا للأئمة الموتى ليس هدفا فى حد ذاته ولكن حتى لا يتحمل الاسلام أوزار ما فعلوه وما قالوه مما يناقض القرآن الكريم .
التكفير هنا لتوضيح حقيقتهم بالأدلة من كتبهم وتراثهم لانقاذ الأحياء المخدوعين فيهم . التكفير هنا لتحقيق هدف محدد هو توعية المسلمين الأحياء ممن لا تزال لديهم فرصة للتوبة وتصحيح العقائد واسلام الوجه لله تعالى دون تقديس لبشر أو حجر.
التكفير هنا للعظة للأحياء أملا فى الهداية.
التكفير هنا لتصحيح أكاذيب تم التغاضى عنها قرونا طوية ، وفيها تم ظلم الله تعالى وتم تزييف الوعى بحقائق الاسلام.
التكفير هنا يحترم حرية كل انسان فى أن يؤمن أو أن يكفر كيف شاء ، لكن من حق كل باحث مسلم ان يدافع عن دينه وأن يثبت الحقائق ليختاركل قارىء ما يشاء، فمن حق كل مؤمن باحث عن الحق أن يعرف ماهيةالاسلام واختلافه عن (الاسلام المغشوش) الذى قام بتصنيعه أولئك الأئمة.
التكفير هنا لا يؤدى الى الحكم بقتل من يتمسك بالباطل أو الى قتاله جهادا ، لكن التكفير هنا يعنى الجهاد السلمى بتوضيح الحق ثم بالاعراض عن المخالف اذا أساء ، والاستغفار له اذا سب وشتم وأفحش فى القول ، والانتظار الى يوم الدين ليحكم بيننا رب العالمين فيما نحن فيه مختلفون..
وفى النهاية أقول :انهم الذين سبقوا بتكفيرى لأننى أومن بالله تعالى وحده الاها .

الحقيقة أنه لا يمكن أن نتفق فى الدين.
فما يؤمنون به أكفر أنا به؛ فهم يؤمنون بالأحاديث والتراث وتقديس البشر والحجر، وأنا أكفر بكل تلك الآلهة المزورة وأرفض اعتبارها جزءا من الاسلام .
وما أومن أنا به هم يكفرون به؛ أنا أومن بالله وحده الاها لا اله غيره ولا اله معه ، وأنا أومن بالقرآن وحده كتابا، ووحده حديثا، ،. وهم لا يؤمنون بالله تعالى الا اذا كان معه فى عقيدتهم ثلة من البشر المقدسين ، من الأنبياء و الصحابة والأئمة والأولياء ،أى كما قال تعالى (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ )(يوسف 106 )، وهم لا يكتفون بالقرآن مصدرا للاسلام ، ولا يؤمنون بالقرآن إلا إذا كانت معه كتب مقدسة أخرى (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ) ( العنكبوت 51)( وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا )(الاسراء 46)، ويوم القيامة سيقول تعالى لهم وهم فى الجحيم : ( ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا)( غافر12 ).

لا يمكن أن نتفق.

أنا أدافع عن دينى المظلوم المفترى عليه، وأدعولانصافه بالحكمة والموعظة الحسنة، لا أطلب أجرا من أحد , وأحترم حرية كل انسان فيما يعتقد، وأعتبر كل انسان مسالم مسلما وأخا فى الانسانية طالما لا يرغمنى ولا يضطهدنى فى الدين . وحتى من يسبنى ويضطهدنى أجتهد فى العفو عنه - ما استطعت - أملا فى رضى ربى جل وعلا ، وأتحمل الأذى والافتراء والاتهامات فقد أخبر بها رب العزة سلفا حين قال للمؤمنين : ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ )(آل عمران186 ).( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ )( محمد 31 )
وهم يحكمون بكفرى ويستحلون دمى ودم أهلى وعشيرتى وأخوانى فى الدين والمعتقد ، ويواصلون إضطهادهم وتشويه سيرتهم ظلما وعدوانا .وهم يمارسون ما يعرف باغتيال الشخصية، أى المبالغة فى اللعن والسّب والتكفير والاتهامات والأكاذيب والافتراء لحث الارهابيين على قتلى وقتل من يقول مقالتى من المسلمين . ولا أملك الا أن أنتظر حكم الله تعالى علىّ وعليهم يوم الدين لينصف المظلوم منا ويأخذ الظالم أخذ عزيز مقتدر.
وسيستمر العراك بيننا لسبب بسيط ، هو أن الشيطان لم ولن يقدم استقالته . ألم يقل ابليس لرب العزة متحديا: ( لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ )( الأعراف 16 – ).
ودائما ..صدق الله العظيم !!

اجمالي القراءات 30875