بنو اسرائيل وموسى(ص)وغيره

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٠٨ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بنو إسرائيل
حال بنو إسرائيل فى عهد فرعون :
عاش القوم فى مصر منذ عهد يوسف (ص) حتى وصلوا لعهد حاكم يسمى فرعون الذى رسم سياسة قائمة على الأتى :
1-تقسيم أهل البلاد لشيع والمراد قسم البلاد لقبائل حتى تتنافس على إرضائه ومن أجل أن يضرب بعضها ببعض إذا رأى أن إحداها تريد الخروج عن طوعه .
2-استضعاف إحدى القبائل وهى بنى إسرائيل وقد قال تعالى بسورة القصص "إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم "وقد قام الاستضعاف على التالى :
-استعباد الرجال - ذبح صبيان الرج&Cc;ال - استحياء النساء وهو اتخاذهن خدم .
وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم " .
ولادة موسى (ص):
كانت ولادة موسى (ص)تنفيذ لإرادة الله التى أرادت المن وهو الإنعام على بنى إسرائيل وهو جعلهم الحكام الصالحين الذين يرثون أى يحكمون الأرض بالعدل وهو ما يسمى التمكين لهم فى الأرض وأن يرى فرعون وهامان وأتباعهم ما كانوا يحذرون أى يخافون وقوعه من بنى إسرائيل وهو القضاء عليهم بسببهم وقد كان السبب فى استضعاف بنى إسرائيل هو الخوف منهم لأنهم كما جاء فى التأويلات والنبوءات سبب زوال ملك فرعون وقومه وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون "وولد موسى (ص)ومثلت ولادته مشكلة لوالدته لأن فرعون كان يذبح كل طفل إسرائيلى خوفا من ولادة رسول الهلاك الإسرائيلى له ولقومه ولذا فقد ألهم الله أم موسى (ص )أن تسقيه لبنها حتى يأخذ كفايته وأن تضعه فى النهر إذا خشيت عليه من جنود فرعون وأن لا يدخل قلبها الخوف عليه وأن لا تهتم ولا تغتم لفراقه لأنه سيعود بأمر خالقه لها وسيكون رسولا من عند الله وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم ولا تخافى ولا تحزنى إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ".
قذف موسى (ص)فى اليم :
لما خافت أم موسى (ص)من انتشار خبر ولادتها لطفل تذكرت ما أوحى الله إليه به وهو أن تضعه فى الصندوق – أى التابوت – ثم تلقيه فى البحر وتذكرت أن الله أوحى إليها أن البحر أى النهر سيقذف التابوت للساحل من أجل أن يأخذه عدوه وعدو الله وفى هذا قال تعالى بسورة طه"ولقد مننا عليك مرة أخرى إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه فى التابوت فاقذفيه فى اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لى وعدو له "وحدث فى نفس أم موسى (ص)صراع عنيف بين تنفيذ أمر الرمى فى النهر وبين الإبقاء عليه فى البيت ووجدت أم موسى (ص)أن معنى الإبقاء عليه فى البيت هو الموت المحتم وأن رميه فى البحر قد ينقذ حياته لذا سارعت بقذف التابوت فى النهر عندما أحست بقرب الخطر وسار التابوت فى النهر حاملا الوليد حتى رسا على الشاطىء فأخذه أهل فرعون ليكون هو عدوهم المنتظر وسبب هلاكهم وطبعا لم يتصرف الحرس فى الوليد وإنما ذهبوا به لكبيرهم فرعون حتى يروا أمره فيه وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ".
جدال فرعون وزوجه حول موسى (ص):
أتى الحرس بالوليد لفرعون وزوجه معه فلما استقر أمامه أصدر أمرا بقتله فقالت زوجته :هذا الطفل سكن قلبى لى ولك ،لأنهما لم ينجبا ثم قالت :لا تذبحوه عسى أن يفيدنا فى الكبر أو نتبناه ولدا لنا يرث الملك ،قالت هذا ووافق هو عليه بعد تردد وهم لا يعرفون أن هذا الطفل هو الطفل المنتظر وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وقالت امرأة فرعون قرة عين لى ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ".
رفض موسى (ص)للمراضع:
لما غاب موسى (ص)عن أمه أصبح قلبها خاليا والمراد أن نفسها أصبحت لا تفكر سوى فى استرداده حتى أن تفكيرها قادها للإعلان عن كون الولد فى قصر فوعون ولدها ولكنها لم تنفذ هذا نتيجة تذكرها وعد الله لها بإرجاع الولد ونتيجة أنها عرفت أن نتيجة الإعلان هى ذبح الولد وكان التذكر والمعرفة هما الرباط على قلبها وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين "وهداها تفكيرها لإرسال ابنتها – وأخت موسى(ص)- لمعرفة ما حدث له فقالت لها :تتبعيه من بعيد ولا يعرفن أحد بأمركم ونفذت البنت الأمر وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون "ولما تتبعت الأخت أخيها فى القصر وجدت أنه رفض الرضاعة من كل المرضعات التى أحضروهن له فطلبت زوجة فرعون إحضار مرضعات أخريات فقالت البنت هل أرشدكم إلى أهل بيت يربونه لكم وهم له مخلصون؟فطلبوا منها إحضار المرضعة التى تقول عنها فذهبت وأحضرت أمها فرده الله لها كى يسكن قلبها ولا تخاف ولتعرف أن قول الله واقع وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ".
تربية موسى (ص)فى بيت فرعون :
تربى موسى (ص)فى قصر فرعون وهو وليد ومكث سنوات طويلة فيها وفى هذا قال تعالى على لسان فرعون ممتنا على موسى (ص)بسورة الشعراء "قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنينا "وقد شارك فى تربيته أمه وامرأة فرعون وأخته وأخيه هارون(ص)وقد أعطاه الله الحكم وهو العلم عندما وصل أشده وهو شبابه وفى هذا هذا قال تعالى بسورة القصص "ولما بلغ أشده واستوى أتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين ".
قتل موسى (ص)لرجل من قوم فرعون :
فى يوم من الأيام دخل موسى (ص)المدينة وأهلها فى غفلة أى فى وقت نوم وهذا يعنى أن الوقت كان ليلا فلقى رجلين يتضاربان أحدهما من قبيلته بنى إسرائيل وأحدهما من قبيلة فرعون عدو موسى (ص)فاستنجد الإسرائيلى بموسى (ص)قائلا اغثنى يا موسى فتقدم موسى من الرجل الفرعونى فضربه موسى (ص)فقتله ولما عرف أنه مات قال موسى (ص):هذا من عمل الهوى الضال إنه كاره مضل عظيم وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "ودخل المدينةعلى حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين "ثم طلب موسى (ص)من الله أن يغفر له ذنب القتل لأنه ظلم نفسه بهذا الذنب فتاب الله عليه غافرا له ذنبه وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "قال رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى فغفر له "ولما عرف موسى (ص)غفران الله ذنبه قال إلهى بما وهبتنى فلن أكون معينا للظالمين وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين "ومن ثم أصبح موسى (ص)يتوقع حدوث شىء ضار له بسبب ما فعله من قوم فرعون فإذا بالإسرائيلى الذى كان يتقاتل البارحة مع القتيل يتقاتل مع أخر من آل فرعون يريد قتله فصرخ قائلا :أنقذنى يا موسى فقال له إنك رجل لضال ظاهر الضلالة وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فأصبح فى المدينة خائفا يترقب فإذا الذى استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوى مبين "وهنا دفع موسى (ص)خوفه للإنتقام فكأنه قال لنفسه سأقتل مرة واحدة ولذا ليس مهما أن أقتل أخر منهم وبذا يكون واحد مقابل اثنين وعندما هم بضرب الرجل من قوم فرعون قال له الرجل أتريد أن تقتلنى كما قتلت الرجل بالبارحة إنك تريد أن تكون طاغية فى الأرض ولا تريد أن تكون عادلا وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فلما أن أراد ان يبطش بالذى هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا فى الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين ".
هروب موسى (ص):
لما ترك موسى (ص)الفرعونى الثانى عرف أنه خبره قد انتشر وأنهم سيأتون لقتله وفعلا كان قد اجتمع كبار القوم لتدارس كيفية قتل موسى (ص)ومن ثم أسرع واحد من محبيه كان حاضرا لإجتماعهم فى الجانب البعيد من المدينة وقال له :إن القوم يدبرون لقتلك فإهرب إنى لك من المحبين وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنى لك من الناصحين "وعلى الفور خرج موسى (ص)من المدينة دون أن يتزود لسفره وهو يتوقع خروجهم فى اثره لقتله وحاول أن يقتل خوفه فلم يقدر فدعا الله قائلا رب أنقذنى من القوم الكافرين وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجنى من القوم الظالمين " ولما خرج عرف أنه لابد أن يكون خارج أرض فرعون كلها فتوجه ناحية مدين قال :عسى أن يرشدنى إلهى استقامة الصراط وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "ولما توجه تلقاء مدين قال عسى أن يهدينى ربى سواء السبيل ".
اللقاء مع البنتين:
لما وصل موسى (ص)لماء مدين شاهد طائفة من الناس يسقون دوابهم كما شاهد امرأتين تدفعان ما معهما من الأنعام بعيدا عن أنعام الناس فاقترب منهما وقال ماذا تريدان ؟فقالتا نريد أن نسقى أنعامنا ولكننا لا نفعل إلا بعد أن يذهب الرعاة ووالدنا شيخ عجوز وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير "وأخذ موسى (ص)الأنعام وسقاها كما يجب وسلمها لهما ثم ذهب لمكان ظليل وقال خالقى إنى للذى أعطيتنى من الخير محتاج وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير "ولما ذهبت الفتاتان للبيت تعجب الأب من عودتهما مبكرا فسألهما عما حدث فحدثتاه بأمر موسى (ص)فبعث إحداهما وهى تسير فى حياء فلما وصلت مكانه قالت له :إن والدى يريدك فى البيت ليعطيك أجرا على سقيك لأنعامنا وكان هذا الطلب استجابة من الله لدعاء موسى (ص)بحاجته للخير وهو الرزق وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا "
حديث موسى والشيخ :
وصل موسى (ص)بصحبة البنت للبيت فسلم على الرجل فسأله الرجل عن حكايته فقص عليه حكاياته مع قوم فرعون فقال الرجل :لا تخشى أذى أنقذت من الناس الظالمين وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين "،وبعد هذا قالت إحدى البنات لأبيها :يا والدى اتخذه أجيرا إن أفضل الأجراء القوى المتين الراعى للعهد وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين "وفكر الرجل فى عرض ابنته ثم وجد أن أفضل الحلول هو أن يستأجره مقابل تزويجه إحدى بنتيه ليتقى بهذا الوساوس الناتجة من وجود رجل غريب فى البيت معهما فقال لموسى (ص)إنى أريد أن أزوجك واحدة من ابنتى هاتين على أن تكون أجيرا لمدة ثمانى سنوات فإن أكملت عشر سنوات فمن كرمك وما أريد أن أتعبك وستجد منى ما يريحك فقال موسى (ص)ستلقانى إن أراد الله تعالى من العادلين وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "قال إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أن تأجرنى ثمانى حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدنى إن شاء الله من الصالحين "فقال الرجل هذا عهد بينى وبينك أى مدة أمضيت فلا اعتداء على حقى والله على ما نقول شهيد وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "قال ذلك بينى وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان على والله على ما نقول وكيل ".
عودة موسى (ص)لمصر :
لما انتهت العشر سنوات وهو الأجل الأطول سار موسى (ص) بأهله لمصر وفى طريقه لها اقترب من جبل الطور فشاهد نارا فقال أهله - وهم زوجته وعياله- :أقيموا هنا إنى رأيت نارا سأذهب لمكانها لعلى أعود من هناك بنبأ أو أعود بقطعة من النار لعلكم تستدفئون ،وكانت ليلة باردة وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال أهله امكثوا إنى آنست نارا لعلى أتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون "فقعد الأهل مكانهم وسار موسى (ص)باتجاه مكان النار وكل ما فى عقله هو الحصول على معلومات تفيده فى العودة من الناس عند النار أو الرجوع بقطعة من الخشب الموقد بها النار لأهله حتى يستدفئوا بها فى تلك الليلة الباردة .
دخول طوى :
لما اقترب موسى (ص) من النار دخل منطقة الوادى المقدس بين جبلى الطور وهى الوادى المسمى طوى فى مكة فناداه الله قائلا :يا موسى أنا إلهك فاخلع نعليك من رجليك فإنك فى الوادى الطاهر طوى فأطاع موسى (ص)الأمر فخلع نعليه فقال له الرب :وأنا اصطفيتك فأطع ما ينزل عليك إننى أنا الله الذى لا رب سواى فأطعنى وأقم الصلاة لشكرى إن يوم القيامة آت ،أهم أن أخفيه لتحاسب كل نفس حسبما تعمل فلا يردنك عن العمل له من لا يصدق به وأطاع هواه الضال فخسر أخرته وفى هذا قال تعالى بسورة طه"فلما أتاها نودى يا موسى إنى أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إننى أنا الله لا إله أنا فاعبدنى وأقم الصلاة لذكرى إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى "وعندما اقترب موسى (ص)من الشجرة التى تشتعل نارا ناداه الله من الجانب الأيمن من الوادى فقال :تطهر من فى النار ومن حول النار وسبحان الله خالق الكل ثم قال الله يا موسى إن أنا الله خالق الكل يا موسى إنه أنا الله صاحب العزة والحكمة وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فلما آتاها نودى من شاطىء الواد الأيمن فى البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إنى أنا الله رب العالمين "وقال بسورة النمل "فلما جاءها نودى أن بورك من فى النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم "وشاطىء الواد الأيمن هو الجانب الغربى أى الجبل الغربى وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وما كنت بجانب الغربى إذ قضينا إلى موسى الأمر "وبعد أن عرف الله موسى (ص)نفسه سأله فقال ما التى فى يدك اليمنى يا موسى ؟وفى هذا قال تعالى بسورة طه "وما تلك بيمينك يا موسى "فأجاب موسى (ص)هذه عصاى أستند إليها فى المشى وأجمع بها غنمى ولى فيها فوائد أخرى وفى هذا قال تعالى بسورة طه "قال هى عصاى أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمى ولى فيها مآرب أخرى "والمآرب الأخرى قيل فيها أقوال منها أنها كانت تجمع له الغنم إذا نام وهو يرعاها ولكن الصحيح هو أنه كان يستخدمها استخدامات عملية فى بيته وفى ممشاه كحمل طعامه فى طرفها بعد ربطه فيه فقال الله :ارمها يا موسى أو كما فى المعنى الاخر ارم عصاك وفى هذا قال بسورة طه"قال ألقها يا موسى "وقال بسورة النمل "وألق عصاك "فرمى موسى (ص)العصا فإذا هى ثعبان ضخم يتحرك وفى هذا قال تعالى بسورة طه"فألقاها فإذا هى حية تسعى "ولما رمى موسى (ص)العصا اهتزت اهتزازا شديدا كما يهتز الجان فلما رأى موسى(ص)ذلك خاف أن يمسه الثعبان بسوء فجرى بأقصى سرعته ولم يلتفت خلفه فقال الله تعالى له :لا ترتعب يا موسى إنه لا يرتعب عندى الأنبياء إلا من كفر ثم بدل إسلاما من بعد كفر فإنى ستار أختص المسلمين برحمتى وفى هذا قال تعالى بسورة النمل "وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إنى لا يخاف لدى المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإنى غفور رحيم "وقال الله له أيضا :تعال إنك من الآمنين وفى هذا قال بسورة القصص "يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين " ثم قال الله له خذ العصا ولا تخشى أذى سنردها لحالتها الأولى فمد موسى (ص)يده فعادت العصا كما كانت وفى هذا قال بسورة طه "قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى "ثم قال الله له :يا موسى ضع يدك فى فتحة ثوبك تخرج بيضاء مشرقة من غير سوء وضع يدك إليك إذا خفت فهذان دليلان من عندى لفرعون وقومه الكافرين وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "اسلك يدك فى جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه إنهم كانوا قوما فاسقين "وقال الله له يا موسى اذهب لفرعون إنه كفر وفى هذا قال بسورة طه "اذهب إلى فرعون إنه طغى "فقال موسى (ص)رب إنى سفكت دم أحدهم فأهاب أن يقتلونى وفى هذا قال بسورة القصص "قال رب أنى قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون "ثم قال وأخى هارون هو أبين للكلام منى فابعثه معى يشد من أزرى إنى أخشى أن يكذبونى وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وأخى هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معى ردءا يصدقنى إنى أخاف أن يكذبون "ثم دعا موسى (ص)فطلب من الله أن يشرح له صدره ويسهل له أمره ويذهب عقدة من لسانه حتى يفهموا كلامه وأن يكون أخاه هارون (ص)وزيرا له ينصره ويصبح له شريكا فى الرسالة وذلك كى يسبح موسى (ص)معه ويذكر الله كثيرا وفى هذا قال بسورة طه "قال رب اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى واجعل لى وزيرا من أهلى أخى أشدد به أزرى وأشركه فى أمرى كى نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا "أجاب الله طلبات موسى (ص)وفى هذا قال بسورة طه"قال قد أوتيت سؤلك يا موسى " ثم فصل الله الإجابة فقال له :سننصرك بهارون ونجعل لكما سلطانا أى قوة تحميكم منهم فلا يقدرون على إيذاءكم إنكما ومن معكما الغالبون وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون "والسلطان الحامى لموسى (ص)وهارون(ص)هو الآيات المرعبة الثعبان واليد البيضاء ثم ذكر الله موسى (ص)بنعمه عليه وهو صغير فقال له لقد تفضلنا عليك مرة أخرى عندما قلنا لأمك ضعيه فى الصندوق فضعى الصندوق فى البحر فليذهب به موج البحر للشاطىء يأخذه عدو لى وله وجعلت الناس يحبونك ولتنمو تحت رعايتى حين تسير أختك فتقول لآل فرعون هل أرشدكم إلى من يضمن لكم حسن التربية فأعدناك لأمك كى يسكن قلبها ولا تغتم وقتلت إنسانا فأنقذناك من الغم وأنقذناك إنقاذات فمكثت فى أهل مدين عدة سنين ثم أتيت فى الموعد المقدر واصطفيتك لنفسى وفى هذا قال تعالى بسورة طه "ولقد مننا عليك مرة أخرى إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى أن أقذفيه فى التابوت فاقذفيه فى اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لى وعدو له وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عينى إذ تمشى أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كى تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا وفتناك فتونا فلبثت سنين فى أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى واصطنعتك لنفسى ".
ذهاب موسى (ص)لفرعون :
كلم الله موسى (ص)ومعه هارون(ص)بعد ما كان من أمر الوادى المقدس فقال لهما اذهبا إلى فرعون الذى ظلم فأحسنا الكلام إليه لعله يفكر أى يخاف عذابى فقال الرسولان خالقنا إننا نخشى أن يبطش بنا أو أن يظلمنا فقال الله لهما لا تخشيا منه إننى أدافع عنكما فأسمع وأشاهد اذهبا إليه فقولا له إنا مبعوثا خالقك فابعث معنا بنى إسرائيل ولا تظلمهم قد أتيناك بآية من خالقك والرحمة لمن اتبع الهدى إنا قد أنزل علينا أن الغضب على من كفر وعصى وفى هذا قال تعالى بسورة طه"اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قالا لا تخافا إننى معكما أسمع وأرى فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بنى إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى إنا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى "أطاع الرسولان(ص)الأمر فذهبا لفرعون فقالا له :إنا رسولان من عند خالق الكل فابعث معنا بنى إسرائيل وفى هذا قال بسورة الشعراء "فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بنى إسرائيل "لما رأى فرعون موسى (ص)تذكره فقال له :ألم نربك فينا طفلا ومكثت فى بيتنا عدة سنوات ثم فعلت الفعلة الشنعاء وأنت من الكافرين ؟فقال له موسى :عملتها وأنا من الكافرين فهربت منكم لما خشيتكم فأعطانى الله وحيا وجعلنى نبيا مرسلا وتلك حسنة تمتن على بها مع أنك استعبدت كل بنى إسرائيل وهذه أعظم من الأولى فسأل فرعون وما إله الكل ؟فقال موسى (ص)خالق السموات والأرض وما بينهما إن كنتم مفكرين فقال فرعون للحاضرين معه ألا تضحكون مما يقول؟فقال موسى (ص)خالقك وخالق أبائكم السابقين فقال فرعون للحاضرين إن مبعوثكم الذى بعث إليكم لمجنون فقال له موسى (ص)خالق المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تفهمون وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسرائيل قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب أبائكم الأولين قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون"وفى حوار أخر سأل فرعون الرسولان (ص)فقال من إلهكما الذى تعبدانه يا موسى ؟فقال موسى (ص)خالقنا الذى وهب كل شىء الحياة ثم علمه الطريقين طريق الخير وطريق الشر فقال فرعون فلماذا عبدت الأقوام الأولى غيره معه ؟قال موسى (ص)معرفتها عند خالقى فى كتاب لا يجهل ربى ولا يغفل الذى خلق لكم الأرض بساطا ومهد لكم فيها طرقا وأسقط من السحاب ماء فأنبت به من كل نوع زوجين اطعموا وربوا أنعامكم إن فى هذا لآيات لأولى العقول وفى هذا قال تعالى بسورة طه "قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى الذى جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى "وقد قال موسى (ص)للقوم تعالوا يا عباد الله نعبد الله إنى لكم رسول صادق وأن لا تستكبروا على حكم الله إنى أجيئكم بسلطان ظاهر وإنى احتميت بخالقى وخالقكم أن تقتلونى فإن لم تصدقونى فاعتزلونى وفى هذا قال تعالى بسورة الدخان "ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم أن أدوا إلى عباد الله إنى لكم رسول أمين وأن لا تعلوا على الله إنى أتيكم بسلطان مبين وإنى عذت بربى وربكم أن ترجمون وإن لم تؤمنوا لى فاعتزلون ".
طلب فرعون للآيات :
لما وجد فرعون أن موسى (ص)قد غلبه بالبراهين فى الحوار لجأ للتهديد قائلا:لئن عبدت إلها غيرى لأضعنك فى السجن ؟وهذا يعرفنا أن فرعون كان يدعى الألوهية وكانت طوائف الناس تصدق أنه إله فتعبده كما تعبد الأصنام وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "قال لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين "فقال له موسى (ص)أو لو أتيتك بما يدل على صحة حديثى ؟وفى هذا قال بسورة الشعراء "قال أو لو جئتك بشىء مبين "وقال له أيضا :واجب على أن لا أقول على الله إلا الصدق قد أتيتك وقومك بآية من خالقكم فعليك أن تبعث معى بنى إسرائيل وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معى بنى إسرائيل "فقال فرعون له :إن كنت أتيت بدليل فهاته إن كنت ممن يطابق قولهم الصدق وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "قال إن كنت جئت بآية فآت بها إن كنت من الصادقين "وقال بسورة الشعراء "قال فأت به إن كنت من الصادقين "رمى موسى (ص)عصاه فتحولت لثعبان عظيم وأخرج يده من فتحة ثوبه فإذا هى منيرة لمن يراها وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين ونزع يده فإذا هى بيضاء للناظرين "فقال فرعون لقومه إن موسى ساحر خبير يريد أن يطردكم من بلادكم بسحره فبماذا تشيرون ؟وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "قال للملأ من حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون "فقال كبار قوم فرعون :اطلب منه ومن أخاه البقاء وأرسل فى البلاد جامعين يجمعون منها كل خبير بفن السحر وفى هذا قال بسورة الشعراء "قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم " فقال فرعون لموسى (ص)أأتيتنا لتطردنا من بلادنا بسحرك فلنجيئك بسحر مثله فاجعل لنا ولك ميعادا لا نخلفه نحن ولا أنت فى مكان معلوم فقال له موسى (ص)ميعادنا يوم الزينة – وهو يوم عيد عندهم يجتمعون فيه الناس وقد قصده موسى (ص)ليرى الناس الحق- وأن يجمع الناس فى الصباح وفى هذا قال تعالى بسورة طه "قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى " فقال موسى (ص)لهم :أتطلقون على الصدق لما أتاكم سحرا ولا ينتصر الساحرون ؟فقالوا له :أأتيتنا لتصرفنا عما وجدنا الأباء عليه ؟وتريد أن يكون لك ولأخيك الحكم فى الأرض فما نحن لك بمصدقين وفى هذا قال تعالى بسورة يونس "قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه أباءنا وتكون لكما الكبرياء فى الأرض وما نحن لكما بمؤمنين " وهذا كان قبل تحديد يوم الزينة .
اجتماع السحرة مع فرعون :
أرسل فرعون فى البلاد أناسا يجمعون السحرة الخبراء من كل بلد فى مصر فجمعوا له عددا كبيرا من السحرة وفى هذا قال تعالى بسورة طه "فتولى فرعون فجمع كيده
"وفى نفس الوقت كان كبار قومه يقولون للناس – وهم يعتقدون فوز السحرة على موسى (ص)- :هل أنتم آتون فى يوم الزينة لعلنا نكون تبعا للسحرة إن كانوا هم الفائزين ؟وفى هذا قال بسورة الشعراء "وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين "ولما جاء السحرة من كل بلد للمدينة قالوا لفرعون :هل لنا أجر إذا فزنا على موسى ؟وفى هذا قال بسورة الأعراف "وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين "فقال لهم فرعون :نعم وإنكم عندنا لمن المقربين والتقريب يشمل إعطاءهم أموال ومناصب وفى هذا تعالى بسورة الأعراف "قال نعم وإنكم لمن المقربين ".
يوم الزينة :
فى يوم الزينة جمع فرعون السحرة ثم أتى فى المكان المحدد وفى هذا قال تعالى بسورة طه "فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى "وجاء موسى (ص)وهارون(ص)فكلم موسى (ص)السحرة فقال لهم :الهلاك لكم لا تختلقوا على الله كلاما كاذبا فينتقم منكم بعذاب وقد خسر من اختلق على الله كذبا وفى هذا قال بسورة طه "قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى "وعلى أثر هذا الكلام انقسم السحرة فريقين الأول صدق كلام موسى (ص)والثانى كذب كلام موسى (ص)وتكلم الفريقان مع بعضهما بصوت منخفض حتى لا يسمعهم أحد وفى هذا قال بسورة طه "فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى "وقال الفريق المكذب :إن موسى وهارون ساحران يريدان طردكم من بلادكم بسحرهما ويفنيا طريقتكم العليا ثم قالوا للفريق الأخر اصنعوا مكركم ثم تعالوا جميعا وقد فاز اليوم من طلب العلا وفى هذا قال بسورة طه "قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى "وافق الفريق المصدق على قول الفريق المكذب وقد طمعوا فيما وعدهم به فرعون ثم قال السحرة لموسى (ص)إما أن ترمى سحرك وإما أن نكون أول من رمى وفى هذا قال بسورة الأعراف "قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون نحن الملقين "فقال لهم موسى (ص)ارموا الذى أنتم رامون وفى هذا قال بسورة الشعراء "قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون "فألقى السحرة ما صنعوا من حبال وعصى تفننوا فى صناعتها حتى تظهر للناس وكأنها تسير وقالوا بقوة فرعون إنا نحن الفائزون وفى هذا قال بسورة الشعراء "فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون وإنا لنحن الغالبون "خيل للناس أن الحبال والعصى تمشى من دقة صناعتها فخافوا من السحرة وفى هذا بسورة طه "فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى "وقال بسورة الأعراف "فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم وخيل لموسى (ص)أن العصى والحبال تسير فدخل فى نفسه الخوف وفى هذا قال بسورة طه"يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس فى نفسه خيفة موسى "فقال الله له :لا تخشى شىء إنك أنت الفائز وارم ما فى يدك اليمنى تبتلع ما فعلوا مكر ساحر ولا يفوز الساحر حيث أتى وفى هذا قال تعالى بسورة طه "قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى "فرمى الفائز عصاه فإذا هى تبتلع ما صنع السحرة وفى هذا قال بسورة الشعراء "فألقى موسى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون "غلب فرعون قومه وتضاءلت مكانتهم عند أنفسهم وأنفس الناس الذين يشاهدون وفى هذا قال بسورة الأعراف "فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين "عند هذا أمن السحرة برب العالمين وقال صدقنا بخالق الكل خالق موسى وهارون وفى هذا قال بسورة الأعراف "وألقى السحرة ساجدين قالوا أمنا برب العالمين رب موسى وهارون " فقال لهم فرعون صدقتم به قبل أن أسمح لكم إن هذا لكيد صنعتموه مع موسى (ص)كبيركم الذى عرفكم السحر لتطردوا من المدينة أهلها فسوف تعرفون ماذا أفعل بكم وفى هذا قال بسورة الأعراف "قال فرعون أمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكرتموه فى المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون "وقال بسورة طه "قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر "ثم قال لهم لأقطعن أيديكم وأقدامكم من خلاف ولأعلقنكم على جذوع النخل ولتعرفن من هو الأشد إيلاما والأبقى فينا ؟فقالوا له لا ضرر إنا إلى ربنا عائدون وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون "وقال بسورة طه "فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم فى جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى "فقال السحرة له لن نخصك على الذى آتانا من الآيات والذى خلقنا فافعل ما تريد إنما تريد فى الحياة الدنيا إنا صدقنا بخالقنا ليستر لنا ذنوبنا وما جعلتنا نتعلمه بالإكراه من السحر والله أفضل وأبقى إنه من يأت خالقه كافرا فإن لهم النار يعذب فيها ومن يأته مسلما قد عمل الخيرات فأولئك يدخل الجنة جزاء من تطهر من الذنوب والسيئات وفى هذا قال تعالى بسورة طه "قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذى فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا إنا أمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى "والسحرة هم أول المؤمنين من قوم فرعون بدليل قولهم "إنا نطمع أن يغفر ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين "وهم قد تعلموا السحر بأمر من فرعون ولم يكونوا راضين عن هذا .
اتخاذ البيوت قبلة :
أمر الله موسى (ص)أن يختار لقومه فى مصر بيوتا أى مساكنا تجمعهم بمكان واحد وأن يجعلوا بيوتهم قبلة أى مصليات أى مساجد يؤدون فيها الصلاة وفى هذا قال تعالى بسورة يونس "وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة ".
نزول العذاب على فرعون :
نتيجة أذى فرعون وقومه لبنى إسرائيل أرسل الله لهم عذاب هو السنين وهو الأمراض ونقص من الثمرات فى المحاصيل وغيرها لعلهم يؤمنون وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون "ولكن هذا العذاب بدلا من أن يردعهم جعلهم يزيدون من طغيانهم فكونوا إذا أتتهم الحسنة وهى النعمة النافعة من الله قالوا هذه أتت بسبب علمنا وإذا أتتهم السيئة وهى الضرر تشاءموا بموسى (ص) ومن معه والمراد نسبوا لهم سبب الضرر وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه "وقال قوم فرعون لموسى (ص)مهما تجيئنا به آية لتخدعنا بها فما نحن لك بمصدقين وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين "فكانت نتيجة الطغيان المستمر رغم هذا العذاب هو أن أرسل الله لهم خمس أنواع من العذاب وهى الطوفان وهو فيضان النهر المغرق للزرع والبيوت والجراد وهو حشرات طائرة تتغذى على المحاصيل كلها والقمل وهو حشرة تؤذى الإنسان فى جسمه والضفادع وهى دواب برمائية لها أصوات مزعجة والدم وهو سائل أحمر يعكر الماء ورغم هذا ظلوا فى تكذيبهم وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا"وكان مما اتفقوا عليه أن القوم قالوا لفرعون هل تترك موسى وقومه ليعيثوا فسادا فى البلاد ويترك عبادتك وأربابك فقال سنذبح أولادهم ونستخدم إناثهم وإنا لهم غالبون فقال موسى (ص)لقومه لما أذاهم قوم فرعون مرة أخرى استعينوا بالله وتمسكوا بطاعة حكم الله إن الأرض لله يملكها من يريد من خلقه والنصر للمطيعين فقالوا له لقد أضررنا من قبل أن تجيئنا ومن بعد ما أتيتنا فقال لهم موسى (ص)عسى إلهكم أن يدمر كارهكم ويستخلفكم فى البلاد فيعرف كيف تفعلون وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحى نساءهم وإنا فوقهم قاهرون قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض فينظر كيف تعملون "ونتيجة كثرة العذاب لم يتحمل قوم فرعون ولذا سارعوا لموسى (ص) فقالوا له :يا موسى اطلب من خالقك بما عقد معك من ميثاق يا موسى لئن رفعت عنا هذه المصائب التى أرهقتنا لنصدقن أنك رسول الله ولنتركن معك بنى إسرائيل يذهبون حيث تشاء وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسرائيل "فدعا موسى (ص)الله فاستجاب له فكشف عنهم العذاب حتى موعد هم محددوه إذا هم ينقضون قولهم وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون "ورغم كل هذه المعجزات قالوا لموسى (ص) ما أتيتنا هو سحر عظيم وما عرفنا ما أتيت به فى دين الآباء السابقين حتى نؤمن به فقال لهم موسى (ص)خالقى أعرف بمن أتى بالصلاح من عنده وأعرف بمن تكون له الحسنى فى الاخرة إنه لا يفوز الكافرون وفى هذا قال بسورة القصص "فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا فى أبائنا الأولين وقال موسى ربى أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون "وخطب فرعون فى قومه فقال :يا أهلى أليس لى الأمر وهذه الأنهار التى تجرى من تحت قدمى أفلا ترون ؟هل أنا أفضل أم هذا الذى هو ذليل ولا يهم أن يفصح – يعيب على موسى (ص)عقدة لسانه –؟فلو كان رسولا لأنزل عليه سوار من ذهب أو أتى ومعه الملائكة وفى هذا قال بسورة الزخرف "ونادى فرعون فى قومه قال يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذى هو مهين ولا يكاد يبين فلولا ألقى عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين ".
صرح فرعون :
اشتهر فرعون بأنه ذو الأوتاد وهى المبانى العالية التى لها جزء فى باطن الأرض وقد خصصت هذه المبانى لعبادة فرعون فهى معابد وثنية دعا لبناءها باعتباره كما زعم إلها ومن هذا قوله لموسى (ص)بسورة الشعراء "لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين "وفى تلك المبانى قال تعالى بسورة الفجر "وفرعون ذى الأوتاد "وقد تم فى عهد فرعون بناء أخر ليس بغرض العبادة وإنما بغرض يثبت به فرعون أنه إله فعلا وهو الصرح حيث قال فرعون للناس وهامان وزيره واقف :يا أيها الناس ما عرفت لكم من رب غيرى فأشعل لى يا هامان على الطين فإبن به بناء مرتفع لعلى أصعد لرب موسى وإنى لأعتقد أن موسى من الكاذبين وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيرى فأوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا لعلى أطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه من الكاذبين "وقال بسورة غافر "وقال فرعون يا هامان ابن لى صرحا لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه كاذبا "وهذا يعنى أن الصرح بنى من الطين المحروق وقد تهدم الصرح بأمر من الله وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون "وقد ظل فرعون معتقدا أنه إله حتى اللحظة التى غرق فيها عندما اعترف بألوهية الله وحده ولذا كان يجمع الناس فيقول لهم :أنا إلهكم الأعظم وفى هذا قال بسورة النازعات"فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى ".
مؤمن آل فرعون :
لما أراد فرعون أن يقتل موسى (ص)قال للقوم :دعونى أقتل موسى وليطلب من ربه أن يحميه إنى أخاف أن يغير دينكم أو أن يظهر فى الدولة الإضطراب وفى هذا قال تعالى بسورة غافر "وقال فرعون ذرونى أقتل موسى وليدع ربه إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد"فلما بلغ موسى(ص) هذا قال إنى احتميت بربى وربكم من كل كافر لا يصدق بيوم القيامة وفى هذا قال بسورة غافر "وقال موسى إنى عذت بربى وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب " فكان فى قوم فرعون رجل مسلم مصدق بالوحى المنزل على موسى (ص)ولكنه يخفى إسلامه عنهم فقال للقوم ناصحا لهم :هل تريد قتل إنسان يقول خالقى الله وقد جاء بالمعجزات الظاهرات المؤيدة له من خالقكم ؟إن يكن موسى (ص)هذا لا يقول الحق فعليه ذنب فريته وإن يكن يقول الحق يأتيكم بعض الذى يحذركم منه إن الله لا يدل كل من هو مفرط فى الباطل لا يقول الحق وفى هذا قال تعالى بسورة غافر "وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب " ثم قال لقومه ناصحا يا أهلى لكم السلطة اليوم منتصرين على الناس فى الأرض فمن ينقذنا من عذاب الله إن أتانا ؟لما سمع فرعون هذا القول عزم على أن يستبد بالأمر دون أن يكون لأحد من أهله رأى مع رأيه فقال لهم ما أعرفكم إلا الذى أعرف وأعلم وما أدلكم إلا على طريق النجاة وفى هذا قال بسورة غافر "يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين فى الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " وقال المؤمن لقومه محذرا من اتباع رأى فرعون :يا أهلى إنى أشفق عليكم من عذاب يوم الجماعات وفى هذا قال بسورة غافر "وقال الذى آمن يا قوم إنى أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب "ثم أكمل قائلا :يا أهلى إنى أشفق عليكم من يوم مثل يوم الجماعات مثل عادة قوم نوح وعاد وثمود ومن أتوا بعدهم من الأقوام وما الله يريد هلاكا للناس بظلم وفى هذا قال بسورة غافر "مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد " ثم قال ناصحا لهم يا أهلى إنى أشفق عليكم أيضا من يوم النداء حيث تخرجون من الأرض سراعا للعذاب وفى هذا قال بسورة غافر "ويا قوم إنى أخاف عليكم يوم التناد "ثم أكمل نصحه قائلا :فى ذلك اليوم تحاولون الهرب من العذاب ولكن ما لكم من مهرب من عذاب الله ومن يضله الله فلن تجد له وليا مرشدا وفى هذا قال بسورة غافر "يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد"وقال مذكرا إياهم :لقد أتاكم يوسف (ص)من قبل موسى(ص) بالمعجزات الظاهرات فما زلتم فى تكذيب للذى أتاكم به فلما مات قلتم لن يرسل الله لنا من بعد يوسف رسولا أخر كذلك يضل الله من هو مفرط فى الضلال شاك فى الوحى الإلهى وفى هذا قال بسورة غافر "ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم فى شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب "ثم قال المؤمن لقومه يا أهلى أطيعونى هل أدلكم على طريق النجاة الذى دلنى الله عليه وفى هذا قال تعالى بسورة غافر "وقال الذى أمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد "ثم قال لهم مبينا لهم الفرق بين طريق الله وطريق فرعون :يا أهلى إن ما يرشدكم له فرعون هو متاع الحياة الدنيا الفانى وإن ما يرشدكم له الله هو متاع الأخرة الباقى الذى لا ينتهى وفى هذا قال بسورة غافر "يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هى دار القرار "ثم بين لهم حساب الله فقال من صنع ذنبا فلا يعطى إلا عقابا عليه ومن صنع عملا نافعا من الناس سواء ذكر أو أنثى وهو مصدق بوحى الله فأولئك يدخلون الجنة يعطون فيها الرزق بدون حساب وفى هذا قال بسورة غافر "من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب "ثم قال لهم لما دعوه لإتباع نفس طريقهم :يا أهلى مالى أرشدكم لما ينقذكم من عذاب النار وترشدونى لما يدخلنى النار وفى هذا قال بسورة غافر "ويا قوم ما لى أدعوكم إلى النجاة وتدعوننى إلى النار "ثم قال إنكم ترشدونى لتكذيب وحى الله وترشدونى إلى أن أعبد مع الله الذى لا أعرف عنه شىء وأنا أرشدكم إلى القادر على النصر الذى يستر ذنوب الإنسان وفى هذا قال بسورة غافر "تدعوننى لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لى به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار"وقال لهم لا كذب إن الذى ترشدونى إليه ليس له ملك فى الدنيا ولا فى الآخرة إن مصيرنا جميعا لله وأن المفرطين فى الضلال هم أهل النار وفى هذا قال بسورة غافر "لا جرم أنما تدعوننى إليه ليس له دعوة فى الدنيا ولا فى الأخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار "وقال لهم منهيا نصيحته :يا أهلى فى المستقبل فى الأخرة ستستعيدون هذا القول الذى أحدثكم به أنى أوكل أمرى لله إن الله يرى كل ما يفعله العباد وفى هذا قال بسورة غافر "فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد "ونتيجة لهذه النصيحة دبر القوم له مؤامرات للتخلص منه فأنقذه الله منها ونزل بقوم فرعون العذاب الشديد وفى هذا قال تعالى بسورة غافر "فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب "وقد أمن بموسى (ص)هذا الرجل وزوجة فرعون والسحرة وبعض بنى إسرائيل وقد أمنوا وهم يخشون أذى فرعون وكبارهم وذلك خوفا على دينهم وفى هذا قال بسورة يونس "فما أمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملائهم أن يفتنهم "وقال موسى (ص)لهم يا قوم إن كنتم صدقتم بوحى الله فعليه اعتمدوا إن كنتم مسلمين فقالوا له على الله اعتمدنا خالقنا لا تجعلنا اختبارا للقوم الكافرين وأنقذنا بقدرتك من القوم الظالمين وفى هذا قال بسورة يونس "وقال موسى يا قوم إن كنتم أمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين".
خروج موسى ببنى إسرائيل :
دعا موسى (ص)وهارون(ص)على قوم فرعون فقالا :خالقنا إنك أعطيت فرعون وقومه جمالا وأموالا فى الحياة الدنيا خالقنا ليبعدوا عن دينك المستقيم خالقنا ضيع أموالهم وقسى قلوبهم فلا يصدقوا بالوحى حتى يشاهدوا العذاب العظيم وفى هذا قال بسورة يونس "وقال موسى ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة وأموالا فى الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم "واستجاب الله لهما فقال لهما قد حققنا طلبكما فاستمرا على الصراط المستقيم ولا تسيروا فى صراط الجاهلين وفى هذا قال بسورة يونس "قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون "ودعا موسى (ص)الله فقال إن هؤلاء قوم كافرون فانتقم منهم وفى هذا قال بسورة الدخان "فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون "وأوحى الله لموسى (ص)فقال له خذ عبادى فامشى واخرج من مصر وسوف يسير وراءكم فرعون وجنوده فاضرب البحر بعصاك يكون لكم فيه طريق يابسا تسيرون فيه لا تخشون لحاقا ولا تخشى أذى وفى هذا قال بسورة طه "ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى فاضرب لهم طريقا يبسا لا تخف دركا ولا تخشى "وقال بسورة الشعراء "وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى إنكم متبعون "وقد أخبر موسى (ص)القوم بأمر الخروج من مصر ورتب أمره على أساس الخروج ليلا وأن يعرف الناس كيفية تنظيم المسير حتى لا تحدث فوضى وفى الليل خرجوا من مصر واتجهوا شرقا .
تعقب فرعون لبنى إسرائيل :
علم فرعون بخروج بنى إسرائيل فى الصباح فبعث فى القرى والمدن رسلا يجمعون أى يحشرون جنودا ويقولون للشعب :إن موسى وقومه جماعة قليلة العدد وإنهم يريدون الكيد لنا وإنا لآخذون منهم الحذر وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون "ولما اجتمع الجيش سار بهم فرعون جهة الشرق مصداق لقوله بسورة الشعراء "فاتبعوهم مشرقين "وسار فرعون خلف بنى إسرائيل بسرعة حتى أصبح كل فريق يرى الأخرى من على البعد وقال أصحاب موسى إنا لملحقون وفى هذا قال بسورة الشعراء "فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون "وفى تلك اللحظات نسى موسى (ص)وحى الله له بضرب البحر حتى يظهر الطريق فقال للقوم :لا لن يلحقونا إنى معى إلهى سيرشدنى لطريق النجاة وفى هذا قال بسورة الشعراء "قال كلا إنى معى ربى سيهدين "عند هذا أوحى الله له مرة أخرى :اضرب البحر بعصاك ينشق فكان كل شق كالجبل العظيم وفى هذا قال بسورة الشعراء "فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم "وعند هذا ضرب البحر بالعصى فظهر الطريق اليابس فى البحر فسار فيه بنو إسرائيل ومعهم موسى (ص)وفى هذا قال بسورة الشعراء "وأزلفنا ثم الأخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين "وعندما عبر القوم كلهم للضفة الأخرى سار فى نفس الطريق فرعون وجيشه ظلما وعند هذا أمر الله البحر أن يعود كما كان فانطبق على فرعون وجنوده فغرقوا وقبل أن يغرق فرعون بلحظة قال فرعون عندما أيقن من صدق موسى (ص)صدقت أن لا رب سوى الذى صدقت به بنو إسرائيل وأنا من المصدقين وفى هذا قال بسورة يونس "وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فاتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال أمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين "وقال بسورة طه"فاتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم "وقال بسورة الأعراف "فانتقمنا منهم فأغرقناهم فى اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين "عند هذا قال الله له: الآن تتوب وقد كفرت من قبل وكنت من المخربين فى الأرض ،اليوم نبقى جسدك لتكون لمن يأتى بعدك علامة بينة وإن كثيرا من البشر عن وحينا ساهون ،وقد بقت جثة فرعون ولم يبتلعها البحر كما ابتلع جنوده وقد شاهدها الناس بعد ذلك فمنهم من اتعظ ومنهم من لم يتعظ وفى هذا قال بسورة يونس "الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون "وقد دخل قوم فرعون النار يعذبون فيها ليلا ونهارا ويوم القيامة يدخلوا أعظم العذاب وهناك يتجادلون فيقول الضعاف للمتكبرين :إننا كنا نطيعكم فى الدنيا فهل أنتم حاملون عنا حظا من العذاب فيقول المتكبرون لهم إننا جميعا فى النار قد فصل الله بين الناس وفى هذا قال بسورة غافر "وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب وإذ يتحاجون فى النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد"
طلب بنى إسرائيل عبادة الأصنام :
لما نجا الله القوم من فرعون وقومه مروا بعد عبورهم على قوم يسجدون لأوثان لهم صنعوها فثارت فى نفوس بنى إسرائيل حاجة العودة لعبادة الأوثان التى كانوا يعبدونها فى مصر فقالوا :يا موسى اجعل لنا صنما كما للقوم أصناما فقال لهم موسى (ص)إنكم قوم لا تعقلون إن هؤلاء هالك ما هم فيه من عبادة الأصنام وأعمالهم حابطة عند الله وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون "وقال لهم موسى (ص)أغير الله أجعل لكم ربا؟إن الله قد ميزكم على الناس شرط أن توفوا بعهده كما أوفى بعهدكم وفى هذا قال بنفس السورة "قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين " .
طلب دخول الأرض المقدسة:
كانت وجهة بنى إسرائيل هى الأرض المباركة المقدسة وهى مكة بعد خروجهم من مصر حتى يعيشوا فيها كما قال الله لموسى (ص)من قبل وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فانتقمنا منهم فأغرقناهم فى اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها " ولذا قال لهم موسى (ص)يا شعبى فكروا فى نعم الله لكم حين جعل منكم رسلا وجعلكم ملوكا لا سلطة لأحد عليكم الآن إلا لأنفسكم وأعطاكم الذى لم يعطه أحد من الناس ،يا شعبى افتحوا الأرض المباركة التى فرض الله لكم ولا ترجعوا لكفركم فتعودوا خاسرين فكان ردهم هو :يا موسى إن فى الأرض المقدسة قوما أشداء وإنا لن نلجها حتى يتركوها فإن يتركوها فإنا والجون إياها فقال رجلان من الذين يخشون عذاب الله من الله عليهما وهما موسى (ص)وهارون(ص):اولجوا عليهم البلد فإذا هجمتم فإنكم منتصرون وبالله احتموا إن كنتم مصدقين بحكمه فقال القوم :يا موسى إنا لن نلجها دوما ما استمروا فيها فارحل أنت وإلهك فحاربا إنا هاهنا مقيمون ،فدعا موسى (ص)الله فقال إلهى أنى لا آمر إلا نفسى وأخى لا يأمر إلا نفسه بالقتال فافصل بيننا وبين الناس الكافرين فأوحى الله له :إن الأرض المقدسة حرام دخولها عليهم أربعين سنة يضلون فيها فى الأرض فيا موسى لا تحزن على الناس الكافرين وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وأتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإن دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قال رب إنى لا أملك إلا نفسى وأخى فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون فى الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين ".
المعيشة فى التيه :
فى أرض التيه وهى صحراء جرداء لم يكن للقوم وسائل يعيشون منها وهى الأكل والماء والوقاية من الشمس فطلب موسى (ص)لهم السقيا وهى الماء فقال الله له :ضع عصاك على الحجر وهو الجبل فوضعها فكانت النتيجة خروج 12 عين أى نهر ماء كل نهر فى مكان بعيد عن الأخر فعرف كل سبط مشربهم وهو نهرهم الذى يشربون منه الماء وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم "وأنزل لهم الطعام اليومى وهو طعام واحد هو المن وهو السلوى وهو طائر كما يقال ولذا قالوا كما بسورة البقرة "لن نصبر على طعام واحد "وظلل الله عليهم الغمام وهو السحاب حتى لا تحرقهم أشعة الشمس وقال لهم :كلوا من طيبات ما رزقناكم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم " ونتيجة أكل القوم للمن أى السلوى يوميا فقط فى كل الوجبات ملوا منها فقالوا لموسى (ص)لن نطيق أكلا واحدا فاطلب من إلهك ينبت لنا مما تخرج الأرض من بقولها وقثائها وفاكهتها وعدسها وبصلها وهى المحاصيل العادية فقال لهم أتغيرون الذى هو قريب بالذى هو نافع انزلوا مصرا – لأنها الجهة الوحيدة المفتوحة لهم وأما الأرض المقدسة فمحرمة عليهم – فإن لكم ما طلبتم وطبعا لم يقدروا على الذهاب لمصر لخوفهم من أن يقتلهم أهلها وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ".
الميقات :
طلب الله من موسى (ص)أن يعتكف فى الجبل مدة30يوما وفى هذا قال بسورة الأعراف "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة "فذهب موسى (ص)لهارون(ص)وقال له :كن خليفتى فى رئاسة القوم واعدل بينهم ولا تطع حكم الكافرين لأنى ذاهب للميقات 30ليلة كما أخبرتكم من قبل وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "وقال موسى لأخيه هارون اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " وتركه موسى (ص)وطلع الجبل وأوحى الله له فقال له موسى (ص)إلهى اجعلنى أشاهدك عيانا قال لن تشاهدنى ولكن شاهد الجبل الأخر فإن بقى بموضعه فسوف تشاهدنى فلما ظهر أمر إلهه للجبل الشرقى أصبح مهدوما ووقع موسى (ص)مغميا عليه فلما تيقظ قال طاعتك عدت لدينك وأنا أسبق المصدقين فقال له الله يا موسى إنى اخترتك من الناس لأحكامى أى وحيى فأطع ما أعطيتك وكن من المطيعين ،وقد كتب فى الألواح وهى التوراة فى كل قضية حكم أى تفسير حكم لكل قضية وقال له فيها أطعها بإيمان واطلب من ناسك أن يعملوا بأحسنها سأعرفكم مقام الكافرين سأبعد عن آياتى الذين يحكمون فى البلاد بالظلم وإن يعرفوا كل حكم لا يصدقوا بها أى إن يعرفوا حكم الحق لا يطيعوا حكمى وإن يعرفوا حكم الكفر يطيعوه حكما ذلك بأنهم كفروا بأحكامنا وكانوا عنها ساهين والذين كذبوا بأحكامنا ويوم القيامة ضاع عملهم هل يحاسبون إلا بعقاب ما كانوا يفعلون وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرنى أنظر إليك قال لن ترانى ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين قال يا موسى إنى اصطفيتك على الناس برسالاتى وكلامى فخذ ما أتيتك وكن من الشاكرين وكتبنا له فى الألواح من كل شىء موعظة وتفصيلا لكل شىء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأوريكم دار الفاسقين سأصرف عن آياتى الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغى يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الأخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون "وقد أراد اختبار القوم فزاد المدة عشرة أيام فأصبحت 40 ليلة وفى هذا قال بسورة الأعراف "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة " .
فى أيام الميقات حدث السقوط المدوى للقوم حيث كان السامرى ينفخ فى نفوس القوم الكفر فقال لهم أن موسى ضحك عليهم لأنه لم يعد بعد إنتهاء الثلاثين ليلة فصدقوه إلا قليلا منهم هارون (ص) فقال لمن صدقوه :هاتوا الذهب الذى أخذتموه من قوم فرعون لأصنع لكم إلها عجلا ذهبيا فأعطوه ما معهم من أوزار القوم وهى حليهم فصنع لهم عجلا جسدا له خوار أى صوت حيث أضاف له قبضة من تراب كان قد أخذها من أثر جبريل(ص) الذى كان يمشى عليه وقال لهم :هذا ربكم ورب موسى فنسى وفى هذا قال تعالى بسورة طه"ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامرى فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقال هذا إلهكم وإله موسى فنسى "ولما علم هارون (ص)بالأمر ذهب لهم وقال يا شعبى لقد وقعتم فى خطأ عبادة العجل وإن إلهكم الرحمن فأطيعونى أى اتبعوا قولى وفى هذا قال تعالى بسورة طه"ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعونى وأطيعوا أمرى "فقال القوم له :سنظل له عابدين حتى يعود لنا موسى وفى هذا قال تعالى بسورة طه"قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى " وقد سأل الله موسى (ص)فى الميقات كما السبب فى بعدك عن قومك بسرعة ؟فقال الرجل :هم يتبعون دينى وأسرعت لك إلهى لتقبل منى فقال الله له إنا قد ابتلينا شعبك من بعد مجيئك لنا وأغواهم السامرى وفى هذا قال تعالى بسورة طه "ما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثرى وعجلت إليك ربى لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامرى " ،ولما انتهى الميقات عاد موسى (ص)للقوم ثائرا غاضبا فقال لهم :قبح الذى فعلتم من بعدى ذهابى للميقات أتركتم حكم إلهكم ،ثم رمى الألواح على الأرض وفى هذا قال بسورة الأعراف "ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتمونى من بعدى أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح "ثم قال لهم :يا شعبى ألم يعطكم الله الوعد الحسن فهل زاد عليكم العهد أم شئتم أن ينزل الله بكم غضبه فعملتم على عصيان أمرى ؟وفى هذا قال بسورة طه "فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدى "فقال القوم له:ما عصينا أمرك من عندنا ولكننا جمعنا أحمالا من حلى قوم فرعون فوضعناها كما أمر السامرى فأخرج لنا عجلا عبدناه وفى هذا قال بسورة طه":قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامرى "وعند هذا جاء هارون (ص)فأمسك موسى (ص)بشعره يجذبه نحوه وقال :ما الذى صدك حين وجدتهم كفروا ألا تطيعنى فهل خالفت حكمى ؟ وفى هذا قال بسورة الأعراف "وأخذ برأس أخيه يجره إليه "وقال بسورة طه"قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمرى "فقال له هارون(ص)يا ابن والدتى لا تمسك بلحيتى ولا بشعر رأسى إنى خفت أن تقول جعلت القوم شيعا ولم تنتظر قولى وفى هذا قال بسورة طه "قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتى ولا برأسى إنى خشيت أن تقول فرقت بين بنى إسرائيل ولم ترقب قولى "وقال له :إن القوم عرفوا ضعفى وأرادوا قتلى ولم يفعلوا فلا تفرح فى الأعداء ولا تساوينى بالقوم الكافرين وفى هذا قال بسورة الأعراف "قال ابن أم إن القوم استضعفونى وكادوا يقتلوننى فلا تشمت لى الأعداء ولا تجعلنى مع القوم الظالمين "فقال موسى (ص)للسامرى :ما حكايتك يا سامرى ؟فقال :شاهدت الذى لم يشاهده أحد منهم فأخذت قبضة يد من تراب من أثر الرسول الخفى فاحتفظت بها وهكذا وسوست لى نفسى فقال له موسى (ص)فارحل فإن عذابك فى الحياة أن تقول لا لمس لجلدى وإن لك وقتا لن تنقضه وشاهد ربك الذى استمررت له عابدا لنوقدن عليه ثم لنغرقنه فى البحر إغراقا وهذا يعنى أن عقاب السامرى هو أن يسقط جلده إذا لمسه أحد ولذا عليه أن يقول دوما للناس لا مساس وفى هذا قال تعالى بسورة طه "قال فما خطبك يا سامرى قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لى نفسى قال فاذهب فإن لك فى الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذى ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه فى اليم نسفا "وقال موسى (ص)داعيا الله رب اغفر لى ولأخى وأسكنا فى جنتك وأنت أحسن المعطين ،وبين الله له أن كل من عبد العجل سيصيبه ذل فى الدنيا وجهنم فى الأخرة وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "قال رب اغفر لى ولأخى وأدخلنا فى رحمتك وأنت أرحم الراحمين إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة فى الحياة الدنيا وكذلك نجزى المفترين "وقال موسى (ص)للقوم :إنكم أهنتم أنفسكم بعبادتكم العجل فعودوا إلى دين خالقكم فاذبحوا بعضكم هذا أفضل لكم عند خالقكم وهذا يعنى أن التوبة من الشرك كانت هى أن يذبح القوم بعضهم حتى يدخلوا الجنة وفى هذا قال بسورة البقرة "وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خيرا لكم عند بارئكم " ولكن الله نسخ حكم التوبة بالقتل لحكم الإستغفار فتاب عليهم لما استغفروه وفى هذا قال تعالى بنفس الآية "فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم "وعندما ذهب الغضب عن موسى (ص)حمل الألواح وفى كلامها الظاهر هدى ورحمة لمن يخاف الله وفى هذا قال بسورة الأعراف "ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفى نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ".
طلب القوم رؤية الله :
رغم ما حدث من كفر القوم وتوبتهم عادوا للكفر ثانية فطلبوا من موسى (ص)أن يروا الله جهرة أى عيانا وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة "فطلب الله منه أن يختار من القوم سبعين رجلا للميقات فاختاروا سبعين منهم فلما ذهبوا للميقات أخذتهم الرجفة وهى الصاعقة فأماتتهم عدا موسى (ص)الذى قال :إلهى لو أردت دمرتهم من قبل وإياى أتدمرنا بما عمل المجانين منا إنى هى إلا بليتك تعذب بها من تريد وترحم من تريد أنت ناصرنا فاعفو عنا وانفعنا وأنت أحسن العافين وقدر لنا فى الحياة الدنيا حسنة وفى القيامة رحمة إنا عدنا لدينك فقال الله له :عقابى أنزله بمن أريد ونفعى شمل كل مخلوق فسأفرضه للذين يطيعون أى يتبعون الحق والذين هم بأحكامنا يصدقون وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "واختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياى أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هى إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا فى هذه الدنيا حسنة وفى الأخرة إنا هدنا إليك قال عذابى أصيب به من أشاء ورحمتى وسعت كل شىء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون " ثم بعد موتهم بعثهم الله مرة أخرى للحياة حتى يشكروه وفى هذا قال بسورة البقرة "فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ".
الميثاق :
رفع الله جبل الطور فوق القوم كأنه سحابة تظللهم فاعتقدوا أنه ساقط عليهم وقال الله لهم :خذوا ما أعطيتكم من الوحى فاتبعوا بقوة أى أطيعوا ما فيه لعلكم تتقون فقالوا سمعنا وأطعنا فى الظاهر ولكنهم فى أنفسهم قالوا سمعنا وخالفنا وهم يحبون عبادة العجل فى نفوسهم وفعلا خالفوا الميثاق فيما بعد وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما أتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم "وقال "وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما أتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك "وقال بسورة الأعراف "وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة" .
الإيمان بمحمد (ص):
طلب الله من القوم الإيمان بمحمد الرسول النبى الأمى (ص)الذى يلقونه مسجلا فى آيات التوراة وفى هذا قال تعالى لموسى (ص) بسورة الأعراف"الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا فى التوراة "والكتابة هى "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوهم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة "كما قال بسورة الفتح .
أذى القوم لموسى (ص):
اتهم القوم موسى (ص)بتهمة ما فكانت النتيجة هى أن الله برأه مما قالوا أى أظهر أنه غير مدان بما قالوا وكان عند الله رجلا مباركا وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب "لا تكونوا كالذين أذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ".
قصة البقرة :
وجد قتيل فى أرض القوم لم يعرف قاتله فذهبوا لموسى (ص)وطلبوا منه معرفة القاتل فأوحى الله أن يقول لهم :إن الله يوصيكم أن تنحروا بقرة فقالوا له :هل تجعلنا أضحوكة لك؟فقال لهم أحتمى بطاعة الله أن أكون من الكافرين فقالوا له اطلب من إلهك أن يعرفنا ما حقيقة البقرة فقال لهم إنه يقول إنها بقرة لا كبيرة ولا صغيرة وسط بين هذين فاعملوا ما توصون به فقالوا له اطلب من إلهك أن يعرفنا ما طلاؤها قال إنه يقول إنها صفراء اللون تفرح المشاهدين فقالوا له اطلب من إلهك يعرفنا ما حقيقتها إن البقر تماثل عندنا وإنا إن أراد الله لمرشدون فقال لهم إنه يقول إنها بقرة ليست سهلة لا تحرث الأرض ولا تروى الزرع سليمة لا لون أخر بها فقالوا له الآن أتيت بالحقيقة الظاهرة فجلبوا البقرة ونحروها وما كان القتلة يريدون هذا فأخرج الله ما كتموه فقال موسى (ص)لهم اضربوا القتيل بأجزاء منها فضربوه فحيا وأخبرهم بمن قتلوه وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هى قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء لونها تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هى إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون وإذ قتلتم نفسا فادرءتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحى الله الموتى ".
قصة قارون :
إن قارون كان واحد من قوم موسى (ص)وهم بنو إسرائيل أعطاه الله من الكنوز وهى الأموال ما إن أوزانه لتثقل على الجماعة ذات القوة فلا يقدروا على رفعها من على الأرض فكانت النتيجة أن طغى وتكبر على ناسه فقالوا له لا تفسد إن الله يكره المفسدين واطلب فى الذى أعطاك الله الجنة بإنفاقه فى الخير ولا تترك متاعك الحلال فى الحياة الأولى وأعطى كما أعطاك الله ولا تطلب الظلم فى البلاد إن الله يعاقب الظالمين فقال لهم لقد جمعت هذا المال بمعرفتى وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وأتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما أتاك الله الدار الأخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد فى الأرض إن الله لا يحب المفسدين قال إنما أوتيته على علم عندى " وطلع قارون لقومه وهو متزين بذهبه فقال الذين يفضلون الدنيا: يا ليت ملكنا شبه ما عند قارون إنه لصاحب غنى كبير وأما الذين أعطوا المعرفة فقالوا لهم :العذاب لكم جنة الله أفضل لمن صدق وفعل حسنا ولا يدخلها إلا المطيعون فكانت نتيجة طغيان قارون هى أن زلزل الله به وبقصره الأرض فمات خاسرا لم ينصره أحد وقال محبوا الدنيا البارحة إن الله يكثر الرزق لمن يريد من خلقه ويقلل لولا أن الله تفضل علينا لزلزل بنا الأرض إنه لا يفوز الكافرون وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فخرج على قومه فى زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون إنه لذو حظ عظيم وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن أمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذى تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون ".
العصيان الثانى لأمر دخول الأرض المقدسة :
بعد تحريم الأرض المقدسة أربعين سنة دخلوها بقيادة موسى (ص)وهارون (ص)وقد قيل للقوم ادخلوا هذه البلدة فتمتعوا فيها حيث أردتم تمتعا واولجوا البلدة مطيعين وقولوا حطة أى اغفر لنا كل الذنوب نغفر لكم كل خطاياكم فكانت النتيجة أن دخلوا البلدة وبدلا من أن يقول الكل حطة قال بعضهم قولة غيرها مخالفين حكم الله فكانت نتيجة المخالفة أن بعث الله على المغيرين للقولة عذاب من السماء أهلكهم به وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا قولا غير الذى قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون "وأما المطيعين لقول الله فعاشوا حكاما للأرض المقدسة .
مظاهرة اليهود على بعضهم :
فرض الله فى ميثاق القوم :لا تقتلوا بعضكم ولا تطردوا بعضكم من بلادكم فاعترفوا بالميثاق وهم ينظرون وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم وأنتم تشهدون "ولكنهم خالفوا الميثاق فقتلوا بعضهم وطردوا بعضهم من بيوتهم وساعدوا الغير على طرد بعضهم من بيوتهم وإذا كان إخوانهم المطرودين أسارى عند العدو دفعوا المال ليفدوهم حتى يصبحوا أصحاب فضل عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ثم أنتم تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " .
أصحاب السبت :
كانت قرية يعيش بها بعض بنى إسرائيل على البحر فاختبرهم الله بأن أمر الحيتان ألا تأتى لساحلهم إلا يوم السبت فقط وبدلا من أن يغيروا نشاطهم الوظيفى اصطادوا بعضهم فى يوم السبت المحرم فيه العمل فقال جمع منهم للواعظين للصيادين لماذا تنصحون ناسا الله مدمرهم أو معاقبهم عقابا أليما فقال الواعظون معذرة لربكم ولعلهم يرجعون للحق،ومع هذا لم يتراجعوا وظلوا يصطادون أيام السبت فأنزل الله على الصائدين عذاب أليما هو تحويل أجسامهم لأجسام قردة طوال وقت حياتهم وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "وسئلهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بئيس بما كانوا يفسقون فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين " .
قصة الرسل الثلاثة :
بعث الله لأهل قرية رسولين فدعوهم لعبادة الله وحده فكذبوا برسالتهم فبعث رسول ثالث مناصر لهما فقالوا للقوم :إنا إليكم مبعوثون من قبل الله فقال القوم ما أنتم سوى ناس شبهنا وما أوحى الله من حكم إن أنتم إلا تفترون على الله الباطل فقالت الرسل :الله يعرف إنا إليكم لمبعوثون وما علينا سوى التوصيل الأمين للوحى فقال القوم إنا تشاءمنا بكم لئن لم ترجعوا لديننا لنقتلنكم وليصيبنكم منا عقاب مؤلم فقال الرسل عملكم عليكم عقابه إأن أبلغتم بل أنتم ناس كافرون ،وأتى من أبعد مكان فى البلدة رجل يسير فقال للقوم أطيعوا الرسل أطيعوا من لا يطالبكم بمال وهم راشدون ،وما لى لا أطيع الذى خلقنى وإلى جزائه تعودون ،هل أعبد من سواه أرباب؟إن يردن الله بأذى لا تنفعنى شفاعتهم نفعا ولا ينجون من عذاب الله ،لو اتبعتهم إنى إذا لفى كفر واضح ،ثم قال للرسل إنى صدقت بحكم خالقكم فاسمعون ،فلما مات الرجل قالت له الملائكة :يا ليت ناسى يعرفون لما عفا عنى إلهى وجعلنى من المنعمين ولكن القوم استمروا فى كفرهم فأرسل عليهم جند أى عذاب هو الصيحة من السماء فإذا هم هالكون وفى هذا قال تعالى بسورة يس "واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شىء إن أنتم إلا تكذبون قالوا ربنا يعلم إننا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم أإن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون وما لى لا أعبد الذى فطرنى وإليه ترجعون أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن شفاعتهم شيئا ولا ينقذون إنى إذا لفى ضلال مبين إنى أمنت بربكم فاسمعون قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومى يعلمون بما غفر لى ربى وجعلنى من المكرمين وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون " .
قصة أهل الكهف :
إن أهل الكهف كانوا من آيات الله العجيبة فلقد ذهب الفتية وهم الرجال للكهف للإختباء فيه فقالوا :إلهنا أعطنا من عندك نفعا وهيىء لنا من أمرنا رشدا فكانت النتيجة أن ضرب الله على آذانهم والمراد أنامهم فى الكهف وهو الغار سنين كثيرة وبعد هذا أحياهم مرة أخرى والسبب ليعرف أى الفريقين عد ما ناموا من السنين وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيىء لنا من أمرنا رشدا فضربنا على آذانهم فى الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أى الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا "فلما أمنوا قالوا:إلهنا خالق السموات والأرض لن نعبد من سواه ربا لقد قلنا إذا باطلا ثم قالوا لبعضهم :هؤلاء ناسنا عبدوا من سواه أرباب لولا يجيئون عليهم ببرهان واضح فمن أكفر ممن نسب إلى الله باطلا وإذا تركتموهم وما يطيعون من سوى الله فاذهبوا إلى الغار يعطكم إلهكم من نفعه أى يهيىء لكم إلهكم فى أمركم نفعا ،ولما ناموا فى الكهف كانت الشمس تتباعد عن كهفهم جهة اليمين حتى لا تصيبهم فى بداية النهار وإذا مالت للغروب كانت تسقط عليهم بأشعتها الضعيفة جهة الشمال وهم فى جانب الكهف والإنسان لو شاهدهم لظنهم أحياء متيقظين والله يحركهم على أجنابهم يمينا وشمالا وكلبهم ماد ذراعيه أمام الباب وهو معجزة فالناس حافظ الله عليهم بالحركة والكلب حافظ عليه بالثبات ولو شاهدهم الإنسان لجرى هربا من منظرهم ولامتلأ منهم خوفا ولما أحياهم الله قاموا فلما نظر لبعضهم تساءلوا :كم نمتم ؟فقال بعضهم يوما أو بعض يوم ولم يصدقوا قولهم لأن منظرهم دلهم على عكس ما قالوا فقالوا إلهكم أعرف بما نمتم فأرسلوا واحد منكم بنقودكم هذا للبلدة فليشاهد أيها أطهر طعاما فليجيئكم ببعض منه وليتخفى ولا يعلمن بكم أحدا إنهم إن ينتصروا عليكم يقتلوكم أو يرجعوكم لدينهم ولن تفوزوا إذا دوما ،وهكذا لقاهم الناس ليعرفوا أن قول الله واقع وأن القيامة قادمة لا ريب فيها فلما ماتوا مرة أخرى اختلف الناس فيما يصنعون بهم فقال فريق منهم :ابنوا عليهم بنيانا أى افنوهم فى قبر إلههم أعرف بهم فقال الذين انتصروا فى الأمر لنتخذن عليهم مسجدا وقد بنوا لهم مسجدا وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيىء لكم من أمركم مرفقا وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم فى فجوة منه "و"وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم فى ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا "ويبين الله لنا أن الناس انقسموا فى عدد أهل الكهف لمن يقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ولمن يقولون خمسة سادسهم كلبهم وهى أقوال كاذبة وأما القول الصادق فهو أنهم سبعة وثامنهم كلبهم لأنه وصف القولين الأولين بأنهم رجم بالغيب وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم "وكانت مدة نوم أهل الكهف 309 سنة وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "ولبثوا فى كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا "
الألوف حذر الموت :
فى إحدى القرى كان يعيش ألوف الناس وحدث سبب للموت فيها فمات بعضهم منه ولذا قام الكثير من أهل البلدة بالخروج وهى الهجرة من البلاد خوفا من الموت فلما خرجوا قال الله لهم :توفوا فتوفوا وبعد هذا بعثهم للحياة مرة أخرى حتى يعرفهم أن الموت لا يهرب منه وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال الله لهم موتوا ثم أحياهم "وقد ذكرنا هذه القصة هنا لأن القوم ذكروا أنها حدثت لبعض بنى إسرائيل وكذلك القصة التالية .
الميت الذى عاد :
سار رجل فى الأرض فمر على بلدة ليس بها ناس بها مبانى خالية فقال كيف يعيد الله ناس البلدة بعد هلاكها ؟فكانت النتيجة أن توفاه الله لمدة 100سنة ثم أحياه فقال له الملاك كم نمت فقال يوما أو بعض يوم فقال له بل نمت 100عام فشاهد طعامك وشرابك لم يتبدل وشاهد حمارك الذى تحول لتراب ولنجعلك معجزة للناس وشاهد عظام الحمار كيف نخلقها ثم نغطيها باللحم فلما عرف قدرة الله على البعث قال أعرف أن الله على كل شىء قدير وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها قال أنى يحى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شىء قدير ".

اجمالي القراءات 20386