نحو برنامج تلفازي عن الدراسات القرءانية المعاصرة

عمر الشفيع في الثلاثاء ١٨ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


 بدأت حركة التقدم نحو القرءان العظيم ــ أو الرجوع إليه ــ في التبلور في كتابات المهتمين و نقاشاتهم بتقديم رؤى لتطوير أفراد الأمة وجماعاتها ومجتمعاتها وأبرز أهل هذه الرؤى القرءانية المستنيرة هم علماء طبيعة و شريعة من هذه الأمة، منهم من حط بهم ترحالهم الثقافي والفكري في بيئة التجديد القرءاني بعد شرود عنها فساعدتهم أفكارهم السابقة في الجرأة على الإبداع ومنهم من تربوا في هذه البيئة أصلاً ولكنهم تجاوزوا كثيراً من العوائق المانعة من الإجتهاد والتجديد. وأصبح هؤلاء وأولئك من أهل التجديد الذي يحاول أن يكون شاملاً فينظر إلى المسائل في كلياتها المعرفية ويفحصها متتبعاً مصدرها و مسيرتها و مصيرها. ويزداد عدد هؤلاء المفكرين الذين اتجهوا إلى المصدر الأول ــ القرءان العظيم ــ كليةً أوجزئياً ولكنهم متفرقون لا يقرؤون لبعضهم البعض ولا تجمعهم ورش عمل في موضوعات يثرونها بنقاشات من زوايا نظر متعددة ولا يجمع بينهم ــ في الغالب ــ جامع إلا بعض دوريات قليلة مثل مجلة الدراسات القرءانية التي تصدر في لندن.

إطلالة على البرنامج

ما يراد تقديمه هو برنامج حول الدراسات القرءانية المعاصرة لتعريف جمهور الناس بجهود الباحثين و المفكرين في هذا المجال الواسع وفتح الفرصة أمام هؤلاء الباحثين والمفكرين ليعرفوا بعضهم البعض حتى يستفيدوا من آرائهم ونقاشاتهم مع بعضهم البعض ومع الجمهور ليطوروا مناهج مستمدة من القرءان العظيم تفيد الناس في فهم هذا القرءان والإتجاه نحوه إيماناً صادقاً و علماً مجدياً و عملاً صالحاً وهذا هو جماع الدين. والأمر المهم أن الإنسان العادي يمكن أن يتعود على النظر في القرءان بكل جرأة إبتداءً من مستوى الحرف ثم مستوى اللفظ ومستوى الآية ومستوى السورة وإنتهاء بمستوى الكتاب.

المقاصد المتوخاة
أولا ــ الإسهام في إخراج الدراسات القرءانية المعاصرة إلى الجمهور الناطق بالعربية سواء كانت لغة أم أو لغة ثانية. وذالك بتقديم البرنامج بصيغة حوارية تقربه إلى هذا الجمهور أو التقديم بمستويين: أحدهما مستوى جمهوري عام و الآخر مستوى جمهوري متخصص في بعض المرات القليلة. و الدراسات القرءانية المعاصرة تتمايز عن علوم القرءان التقليدية في أنها تهتم بجوهر القرءان في نصه وخطابه وتشريعه وقيمه وتحاول أن تطور مناهج فهم للقرءان مستمدة من تدبر الخطاب في سياقه تدبراً ترتيلياً و/أو توحيدياً على عكس علوم القرءان التي كانت غالباً ما تهتم بالشكل الخارجي للقرءان في تاريخه وناسخه ومنسوخه ومكيه ومدنيه وتفرض بعض المناهج (من فلسفية و صوفية و ...) على طريقة تفسيرها الطولي التجزيئي للقرءان. ولكن بعض الدراسات المعاصرة لها أيضاً عيوبها في فرض بعض المناهج الأيديولوجية على النص القرءاني و مهمة هذا البرنامج كشف هذه العيوب.


ثانيا ــ تقديم معظم المناهج التي استخدمت في الدراسات القرءانية المعاصرة من شريعية (إجتماعية و إنسانية و تاريخية) وطبيعية (كونية وفيزيائية وغيرها) وخاصة المناهج اللسانية كون القرءان نص وخطاب عربي مبين. والأهم أن يكون المنهج مستمداً من القرءان العظيم ذاته مثل منهج التشابه الذي يبحث في صياغات اللفظ المختلفة في كل القرءان ومنهج التعالق الذي يبحث في ــ أولا ــ كل ما يتعالق باللفظ من أدوات أو أسماء أو أفعال وكيف تضيف دلالات فرعية تقدم مشاهد مختلفة لإضاءة الدلالة المحورية للفظ و ــ ثانيا ــ كيف يتعالق رمز الحرف ومعنى الكلمة وإيقاع الآية وفاصلتها وقضية السورة ولغتها مع قيم القرءان و مقاصده (تدبر توحيدي).


ثالثا ــ كل طرق تدبر القرءان المستمدة منه يمكن تقديمها في هذا البرنامج بواحد من منهجين أحدهما منهج التدبر الترتيلي و الآخر منهاج التدبر التوحيدي. أما المنهج الترتيلي فهو ينظر إما إلى السورة بإعتبارها وحدة قائمة بذاتها يدرس موضوعها و قضيتها و لسانها و موسيقاها أو ينظر في موضوع محدد في القرءان العظيم مبنىً و معنىً بالنظر إليه حسب الترتيب الفرقاني (تبعا لمناسبات التنزيل) أو الترتيب القرءاني (كما في المصحف الحالي)؛ أما المنهاج التوحيدي فينظر في قيم القرءان (الدين القيم) و مقاصده و يربطها بالموضوع المراد دراسته أو تقديمه.


رابعا ــ إخراج الفهم العالمي للقرءان العظيم بأنه كتاب لكل الناس الذين من حقهم قراءته ونقده والتفاعل معه إيجاباً و سلباً وليس لأتباع النبي محمد وحدهم. وأن هذا القرءان العظيم قد يُسِّر للناس هدياً في مرحلة تيسيره الأخيرة أي القرءان العظيم الذي نزل على قلب محمد وبلسانه بعد مراحل القرءان الحكيم في أم الكتاب والقرءان المجيد في اللوح المحفوظ والقرءان الكريم في الكتاب المكنون.


خامسا ــ التعريف بالعلماء المعاصرين في مجال الدراسات القرءانية من كل العالم الإسلامي والعالم الغربي سواء الناطقين بالعربية أو بغيرها و خاصة علماء الهند و إيران و جنوب شرق آسيا كل حسب الحقل الذي ينطلق منه.

وهذه الحقول من الصعب أن نحصرها وهي بطبيعتها متداخلة ولكن يمكن فصلها فنياً وإدراج أهم مباحثها هنا:


1.مبحث المعرفة و الفلسفة:

الحقل المعرفي هو مجال النظريات الكلية و المقاصد التوحيدية التي تحتاج إلى تفكر فلسفي متجدد في فقه الفلسفة والمعرفيات (الإبستمولوجيا) بغرض استشراف النظرية المعرفية القرءانية التي تضبط حركة تكوين المناهج المعرفية، ويساعد هذا الحقل أيضا في النظر إلى القرءان في علاقته بالإنسان والعالم.


2. مبحث الإنسان و المجتمع:

يتحدث القرءان كثيراً عن الإنسان فرداً وجماعةً ويربط بين الشريعة والطبيعة في علاقة تجادلية مستمرة تدور بين عالمي الأمر والخلق. ويبين أيضاً أصل الإنسان وخلقه وتطور المجتمع وتغييره بالإضافة إلى ذكر قاعدة التجديد المستمرة دائماً في الحياة والتنبيه على أنها مرتبطة بالإلتباس. والعلوم الإنسانية والإجتماعية من قانون و إجتماع و سياسة وغيرها هي دائرة هذا الحقل الواسع.


3. مبحث اللسان و العلامة:
إن كان اللسان جله عبارة و قليله إشارة فاللغة تمتلئ بالإشارة وخاصة عندما لا تكون لساناً معبراً بالألفاظ. والقرءان لسان يتصف بالإعراب والإبانة ولكنه مليء بالإشارة والمسكوت عنه، وهو أصلاً علامة (الرحمن. علَّم القرءان. خلق الإنسان) و يمتلئ بالعلامات والعلم فيه هو فك رموز هذه العلامات. والأهم هنا تمييز لسان القرءان محدود الجذور و الصياغات عن لسان العرب في كل مستويات اللسانيات تصويتاً و تصريفاً و تركيباً و دلالةً و تداولاً (أنظر بحث التمايز بين لسان العرب ولسان القرءان).


4. مبحث التاريخ و الآثار.
5. مبحث الرقم و الإحصاء.
6. مبحث الطبيعة و الكون.
7. مبحث الفن والأدب.

أمثلة للحلقات الأولى
المجالات والحقول التي ذكرت في المقصد الخامس من مقاصد البرنامج يمكن شرحها وتوسيعها في محاضرة مستقلة وهنا بعض أسماء علماء ومفكرين وبعض المواضيع التي تصلح للحلقات الأولى. و بالطبع فإن كل ما تم ذكره قابل للنقاش والتطوير وأكون مسروراً و شاكراً لكل نقاش أو فكرة تطور هذا البرنامج حتى لو تغير هيكله النهائي ما دام يرتقي نحو الإحسان. وهنا بعض المواضيع التي تصلح للحلقات الخمسة الأولى وهي:


1. مشيئة الإيمان و الكفر (حرية الإعتقاد) في القرءان العظيم وعلاقة ذلك بالفكر السائد بين المسلمين وما يعرفه عنهم الآخرون.


2. رؤية القرءان في خلق الإنسان: التجادل بين الوثيقة الدينية والوثيقة العلمية وطرح التجديد المعاصر في هذه القضية الشائكة.


3. الوصية و الميراث في القرءان العظيم: ما هي الإمكانيات التأويلية لآيات الوصية والميراث وهل هذا قانون إنساني عام أم هو خاص بأتباع النبي محمد وحدهم؟


4. الحكمة و الكتاب والآيات: علاقة النبوة في تجربتها (النبوة مرتبة) بالرسالة في منهاجها (الرسالة وظيفة).


5. حوار مع عالم دراسات قرءانية منصف من غير أتباع النبي محمد وما أكثر هؤلاء العلماء في الغرب والشرق.
أما العلماء الذين هم أهل للحوار في هذا البرنامج فهنا أمثلة لهم فقط.
1. محمد شحرور
2. أحمد صبحي منصور
3. نيل روبنسون
4. طه عبد الرحمن
5. عدنان الرفاعي
6. تحية عبد العزيز اسماعيل
7. نصر حامد أبوزيد
وعشرات غيرهم يمثلون كل الحقول المذكورة أعلاه.

 

 

اجمالي القراءات 13150