الرئيس المساعد

ابراهيم عيسى في الثلاثاء ٠٩ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

إبراهيم عيسي

لم يخلع هذا النظام برقع الحياء فهو لم يلبسه أبدًا!

يتاجر جمال مبارك بجولاته السياحية الدعائية في قري مفروض فيها حظر التجول لأن جناب سعادته وصلها، دعنا من فضيحة ومأساة الدويقة التي عرت حكم مليارديرات جمال مبارك وحكومة أصحابه وشلته ورجالته الذين جاء بهم لتكسير عظام الحرس القديم فكسروا عظم البلد!، لكن دعنا نسأل بصفته إيه يزور جمال مبارك هذه القري.. وهل أي أمين حزب وطني من حقه أن يرتع في البلد بمئات السيارات المدرعة وآلاف من جنود الأمن المركزي وعشرات اللواءات المرجوفين المتوترين لخدمة حراسة زيارة السيد النجل.. وهل من حق أمين المهنيين أو أمين الفلاحين أو أمين المخازن في الحزب الوطني اللف علي قري مصر مع خدمة تليفزيونية فجة مع مصاحبة راقصي التنورة في الإعلام الحكومي؟

هل من حق أي أحد آخر من أمناء الحزب بمن فيهم أمينه العام شخصيًا صفوت الشريف أن يجرجر وراءه وزراء مصر من شلة النجل يجلسون خلفه (أو بالأحري تحته) يطلبون رضاه وينتظرون نظرة عطف منه أو رمش حنية.. وهل وزراء مصر يهتمون أساسًا برضا أو تقدير أو منشغلين برأي صفوت الشريف فيهم.. وما الذي يمكن أن يفعله معهم وبهم؟ هل يتوددون إلي أمينهم العام ويقفون أمامه يدلون بتصريحات مسهوكة ويعدونه بإنجازات هائلة ويسمعون منه أحلامه علي أنها أوامر وتوجيهاته علي أنها تعليمات.. وهل يخافون من غضب الأمين العام أم يرتجفون ويشعرون بالذعر من غضب الأمين العام المساعد.. وهل يستطيع الأمين العام أن يطيح بهم من مقاعدهم ويرميهم خارج الوزارة ويضرب بيزنسهم وبيزنس عيالهم؟.. طبعًا لا، الذي يملك أعناق هؤلاء هو السيد النجل الأمين المساعد الذي يتصرف في البلد كأنه الرئيس التنفيذي أو الرئيس المساعد!

زيارات النجل تذكرني بالمؤتمرات الانتخابية التي شارك فيها في انتخابات مجلس الشعب في المرحلة الأولي عام 2005، والمذهل أن هذا النجل الذي يعيش في عالم مخملي وشرنقة من أصحابه وشلته لا يتعلم أبدًا ومن أين يتعلم.. وممن يتعلم؟، فهذه المؤتمرات التي حضرها وهي في الغالب 13مؤتمرًا للدعاية لمرشحين من أعضاء الحزب انتهت بفشل مخجل ومزرٍ فقد فشل هؤلاء المرشحون في الانتخابات إلي حد مفجع وانهزم الحزب الوطني في المرحلة الأولي مرحلة جمال مبارك وأحمد عز قبل أن يقرر الرئيس الاستعانة بالقوات المحمولة جوا من الحرس القديم، هذا الفشل الساحق لمؤتمرات جمال مبارك لم يعلمه شيئا بل لعله لم ينتبه له أصلاً؟

الناس في مصر لا تحب النجل!

قد يغرنه الفلاحون الذين يلتقي بهم في مؤتمراته البوليسية التي يديرها أمن الدولة، قد تغرنه ضحكة فلاحة أو دعاء فلاح إذا كانوا شخصيات حقيقية وغير قادمين من فيلم ترومان شو، لكن يبقي أن من حضر لهذه المؤتمرات فلاحون للتصوير فضلا عن أنهم ريفيون طيبون يكرمون الضيف خصوصًا لو كان مشهورا وبيطلع في التليفزيون سواء كان جمال مبارك أو طارق علام وسيندفعون نحو أيهما ويكلمونه عن الواد اللي عايزين له وظيفة والمدرسة اللي الفصول بتاعتها ح تقع والكهرباء اللي بتتقطع وغيرها من شكاوي المصري الفصيح (بلؤم مصري صميم يعرف الفلاح أن أي كلمة زيادة قد تتسبب في أذاه عند المأمور أو رئيس مجلس القرية أو المدينة فليتزم بما هو ممكن ويتجنب ما هو مستحيل وهو أن يقول الحقيقة).

لكن يبقي أن هذا النظام لايريد أن يحترم شعبه ولا نفسه وأن يرد علي التساؤلات حول صفة جمال مبارك التي تمكنه من أن يفعل ما يفعل دون أي حسيب ولا رقيب؟

رجل أعمال يملك ملايين يمزج بين الثروة والسلطة وبين بنوته لوالده الرئيس وبين محاولته وراثة الحزب والبلد كأنها من ممتلكات الوالد ولا يريد هذا النظام أن يجيب عن السؤال؟

بأي صفة؟

لماذا يعطي أحمد نظيف الأذن الطرشاء لسؤال النائب دكتور جمال زهران الذي تقدم بسؤال برلماني وبطلب إحاطة نهاية الشهر الماضي حول إهدار المال العام لتغطية زيارات جمال مبارك، ثم عاد وأعاده منذ أيام حيث رصد النائب تكلفة التغطية الإعلامية التي صاحبت الزيارة الأخيرة لجمال مبارك الأسبوع الماضي لقرية العصايدة بمحافظة الشرقية بعشرة ملايين جنيه، تتم إضافتها إلي تكلفة تغطية زيارته إلي معسكر «أبو قير» وقرية «ننا» ببني سويف، والتي تبلغ عشرة ملايين جنيه ليصل إجمالي ما تم إنفاقه إعلاميًا علي تغطية جمال مبارك في زياراته خلال أقل من شهر إلي عشرين مليون جنيه. وأشار النائب إلي أن مؤتمرات جمال مبارك وتصريحاته المنشورة في تلك الصحف لا تبدو أنها صادرة عن قيادة حزبية سياسية ولكنها تبدو صادرة عن شخص يحكم الدولة بالوكالة وأنه فوق الحكومة ومؤسساتها، فهو يفتتح المشروعات اغتصابا لسلطات الحكومة ويتحدث عن قوانين معينة يتم تقديمها وإعادة النظر فيها مثل قانون الضمان الاجتماعي،لكن أحمد نظيف لايرد، ولن يرد، فأحمد نظيف موظف لدي جمال مبارك ومسئولو البلد كله من كبيرهم لصغيرهم موظفون عند جمال مبارك والكل يتعامل معه علي أنه ولي العهد، أفندينا وابن أفندنيا، ولذلك فالمسألة محتاجة أحمد عرابي مش أحمد نظيف!

اجمالي القراءات 10036