مسجد لله يا مسلمين !!

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٦ - أغسطس - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً


الاسلام صالح لكل زمان ومكان لأنه دين القيم العليا الصالحة لكل زمان ومكان . الله تعالى يقول :" خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين . الأعراف 199". العفو هو الغفران والصفح والتسامح مع من يسىء اليك. العرف أو ألمعروف هو ما يتعارف الناس على أنه خير وعدل واحسان وحق ورفق ورحمة وسائر ما تتعرف عليه البشرية بفطرتها السليمة. الاعراض عن الجاهلين هو عدم الرد على جهلهم بجهل مماثل بل التغاضى عنهم .
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فريضة اسلامية يقوم عليها اصلاح المجتمع باستمرار حيث ان المعروف هو كل القيم العليا التى يتناصح افراد المجتمع جميعا بالتمسك بها ، و المنكر هو ما يتعارف الناس على انه رذائل وشرور وآثام يتناصح الناس فيما بينهم على الابتعاد عنها، هذا هو التعاون على البر والتقوى المنصوص عليه فى القرآن الكريم.اذن فالاسلام يتناقض مع الصورة البغيضة التى يقدمها عنه المتطرفون الارهابيون تحت دعوى السنة النبوية.
السنة الحقيقية للنبى محمد عليه السلام هى ارساله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين :" وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ."” الأنبياء 107" اذن فليس لقتل العالمين أو لارهاب العالمين.
فى ظلام العصور الوسطى كان هناك فقهاء مسلمون يتحدثون عن الفرق بين حقوق الله تعالى وحقوق العباد، يقولون ان حق الله تعالى هو فى أن نؤمن به وحده الاها ونعبده وحده لاشريك له ، وهذا الحق موعده يوم القيامة ويفصل فيه الله تعالى وحده. أما حقوق العباد – او ما يعرف الآن بحقوق الانسان - فلا تقبل التأجيل اذ لا بد من صيانة حق كل انسان فى الحياة والمال والعرض وسائر الحقوق . اولئك الفقهاء المستنيرون تعلموا هذه الاستنارة من القرآن الكريم وخالفوا من أجله ثقافة العصور الوسطى. وهذه الحقوق وجدت من يطبقها فى ظلمات القرون الوسطى مثل عمر بن عبد العزيز. أى ان صلاحية الاسلام لكل زمان ومكان ليست فقط فى انحيازه للفطرة السليمة النقية والقيم الانسانية العليا التى لا خلاف عليها، ولكن أيضا فى امكانية تطبيقها حتى لو كانت الثقافة السائدة فى العصر مناقضة لها.
عصرنا الحالى هو عصر الديمقراطية وحقوق الانسان والقيم الانسانية العليا ومع ذلك فقد اصبح الاسلام متهما بالتعصب والتزمت والارهاب بسبب المتطرفين وثقافتهم المناقضة للاسلام. أولئك المتطرفون لا يقبلون الا بالسيطرة على الآخرين واكراههم فى الدين.
قضيت عشرين عاما فى مصرأبشر فيها بالاسلام الحقيقى القرآنى الذى كان عليه خاتم النبيين ، وعانيت فيها من مطاردة الجاهلين ، تركت لهم جامعة الأزهر فظلوا ورائى من مسجد الى مسجد يطاردوننى فانقطعت فى بيتى اصلى مع أهلى فعوقب بعض اهلى بالاعتقال والتعذيب لأنهم يصلون معى داخل بيتى، فانقطعت عن الذهاب الى بلدى وبيتى.. أى أخرجونى من بيتى الذى بنيته فى قريتى ليكون بيتا ومسجدا.
جئت الى أمريكا بلد الحرية الدينية فوجدت المتطرفين قد سبقونى فى التحكم فى المساجد ووجدت نفسى فى نفس العزلة التى تعودت عليها. ولكن لايزال السؤال المؤلم يلح على عقلى: ألا يوجد لله تعالى مسجد حقيقى يمكن أن نذكر فيه اسم الله تعالى وحده ونبشر فيه بالقيم الاسلامية المنسية من العدل والسلام والتسامح والحرية وحقوق الانسان والديمقراطية، تلك الحقوق التى سبق بها القرآن العالم الحديث منذ 14 قرنا؟ ألا يمكن أن يوجد مثل هذا المسجد الاسلامى الحقيقى فى أمريكا بلد الحرية والديمفراطية والتسامح وحقوق الانسان ؟
ظل هذا السؤال يلح فى عقلى الى أن شجعنى على البوح به لقرائى صديقى الدكتور سعد الدين ابراهيم – رفيق النضال والكفاح ضد الطغيان . فى جلسة فى بيتى فى مدينة الاسكندرية مقاطعة فرجينيا الامريكية – كان معنا الكاتب الصحفى الصديق مجدى خليل أخذنا نستعيد فيها ذكريات الماضى وآمال المستقبل . تحدثت عن اضطرارى للصلاة فى بيتى وشكاوى القراء المسلمين المتنورين فى أمريكا من تخلف خطباء المساجد وجهلهم والصورة السيئة التى يقدمونها عن الاسلام . أخذنا الحديث الى ضرورة وجود مسجد يتعلم فيه المسلمون الاسلام الحقيقى البعيد عن التطرف وثقافة الارهاب والذى يمكن أن تنبت فيه نواة لمدرسة يتعلم فيها أئمة يبشرون بالاسلام الحقيقى بين المسلمين ليثبتوا للغرب التناقض بين الاسلام والتطرف. اقترح الدكتور سعد الدين ابراهيم أن أتوجه بهذه الفكرة الى القراء المسلمين فى كل مكان طالبا الرأى والمشورة، وهأنذا أفعل ..

ما رأيك عزيزى القارىء فى أن نقيم مسجدا فى مقاطعة الأسكندرية فى ولاية فرجينيا يكون قلعة للدفاع عن التعاليم الحقيقية المنسية للقرآن الحكيم وليكون فيه مدرسة يتعلم فيها ويتخرج أئمة مسلمون يواكبون العصر – عصر الديمقراطية وحقوق الانسان ؟ تعضيدكم لهذه الفكرة يمكن ان ينقلها الى حيز الامكان .. وانا فى انتظار رسائلكم ..

اجمالي القراءات 21743