"هل أتي على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا"

شريف هادي في الخميس ٢٢ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

لقد كتبت مقالتي في (الجنة أم في النار) ولم أضع علامة الاستفهام (؟) بعد اسم المقالة وذلك حتى أقرر أمرين صرحت بأحدهما وتركت الآخر ، أما ما صرحت به هو أنني أستغفر الله أن يكون هذا سؤالي ، إذا لم أضع علامة الاستفهام (؟) لأنني في الأصل لا أطرح هذا السؤال ، وما لم أصرح به وتركته لمشاعركم أنني ذكرت ست حالات إنسانية ألقيت عليها الضوء وكنت أحب أن تأخذ هذه الحالات إهتمامكم بالبحث والحديث ، والحالات على تنوعها وعلى تأثيرها في نفوسنا فإن كل نفس بشرية وطبقا لمعطياتها وخلفيتها الث&Tl;قافية والعلمية والتربوية ستتأثر بحالة منهم أكثر من تأثرها بباقي الحالات ، وهو ما ظهر واضحا تأثر أخي عمرو بحالة المدرس الذي أنقذ الأطفال ، ولكن في الحقيقة لقد صدمت صدمة عظيمة عندما طالعت التعليقات ، ووجد أن الأستاذ والأبن / شريف أحمد قد سارع بمداخلته ردا على (هل في الجنة أم في النار) رغم أنني حسمت الكلام في هذا الموضوع بالتصريح بأن ذلك ليس سؤالي ولا يعنيني وأنه يكفيني أن ذلك بيد رب العزة سبحانه وتعالى ، قال تعالى "انك من تدخل النار فقد آخذيته وما للظالمين من أنصار" ، وعرض في مداخلاته أدلته من القرآن والتي تستوجب الرد عليه نقطة نقطة لإستيضاح الأمر وتبين الحق ، ولكن ما حدث أن الأستاذ والأخ / زهير قام بالرد عليه متبنيا وجهة نظر أخرى دون الرد على ما أثاره الأبن / شريف ، وأنقسم المعلقون معسكرين على طرفي نقيض ، وضاعت المشاعر الإنسانية بين قذائف هذه المعركة الحامية ، والتي تم التطاول فيها على الكل دون استثناء حتى رماني أحدهم بالفتنة ، وذلك رغم محاولات من كل من الأستاذة والإبنة / داليا ، وكذلك الأستاذه والأخت / آية إلي رد المتحاورين إلي تلك المعاني السامية ردا جميلا ضاعت كلها أدراج الرياح ، وقد كانت لأخي الدكتور / حسن سبعة عشر مداخلة أراد أيضا أن يفض الاشتباك ولكنه صنف كطرف فيه ، لذلك كان لزاما علي أن أكتب هذه المداخلة لأضع النقط فوق الحروف – من وجهة نظري ، ككاتب للمقال – ولا ألزم غير نفسي ، وأرد على كل من الأستاذ / شريف والأستاذ / زهير وكلاهما في رأي المتواضع قد أخطأ .
الرأي الأول الذي يمثله الأستاذ الأبن / شريف أحمد:
أن جميع الأعمال الصالحة لن تنفع صاحبها إذا ما مات على الكفر ، وقطعا أنا أتفق معه على هذا الرأي أن الأعمال الصالحة لا تصلح وحدها سفينة لدخول الجنة بدون إقترانها بالأعتقاد الصالح وهو وحدانية الخالق سبحانه وتعالى ، قال تعالى" والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب"النور 39 ، وقال تعالى" قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا(103) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا(104)[سورة الكهف]
ولكن رغم إيماني بهذا الرأي إلا أن إستدلال الأستاذ الأبن / شريف أحمد به هنا في غير موضعه ، وقد قدم لنا عدة آيات ليؤكد بها رأيه ، وكلها في غير موضعها ، فقد بدأ بقوله تعالى (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة 217) ، ثم قوله تعالى (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا) (الفرقان 23) ، ثم قوله تعالى (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا) (طه 112) ، ثم عاد واستدل بقوله تعالى(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ...) (آل عمران 19) ، وقد وافقه أخي الكريم الدكتور عثمان فيما ذهب إليه وأستدل بقوله تعالى(ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما) ، وكذلك سار على نهجهما الأستاذ / طلعت المنياوي وأستدل بقوله تعالى {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً}النساء124
وأقول لهم جميعا لقد أخطأتم خطأ كبيرا ، لأن كل ما قمتم بالاستدلال به من آيات جاء في غير موضعه لأن كل هذه الآيات الكريمات تفترض (إيمان – كفر – ايمان) ، أو (علم وإقامة حجة – جحد – كفر) إو (علم – ايمان – شرك) ، أي أن الأساس في رد الأعمال أو قبولها عند الله هو إقامة الحجة والدليل عند الكافر على وجود الله والإيمان بوحدانيته إلا أنه رفض وصمم على الكفر ، أو أنه قبل بوجود الله سبحانه وتعالى وعلم أنه الخالق ولكنه عبد معه غيره تعالى الله علوا كبيرا ، قال تعالى"ولئن سالتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله قل الحمد لله بل اكثرهم لا يعلمون"لقمان25
ولذلك فإن الله عز وجل وضع لنا قاعدة قرآنية أصولية في قوله تعالى(...ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) الإسراء15 ، وقد وضع لنا الله عز وجل و سبحانه وتعالى عما يصفون تطبيقا لهذه القاعدة القرآنية في قوله تعالى " لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تاتيهم البينة" ، لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تاتيهم البينة" ، وفي قوله تعالى" ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية" ، وترى عظمة رحمة ربالعالمين قد تجلت في أنه وضع (من) التبعيضية في الكلام على أهل الكتاب ، ونحن كمسلمين أيضا من أهل الكتاب وتسري علينا سنن الأولين ، فمن كل أهل الكتاب يوجد (كفار) ومن كل أهل الكتاب يوجد (مؤمنين) ، فالكفار منهم هم شر البرية وليسوا وحدهم ولكن الله قرنهم بالمشركين ، لأن الصنفين بلغهم بالعلم اليقيني أن هناك إله هو (الله) سبحانه وتعالى ، فاستحبوا الكفر على الإيمان ، والشرك على التوحيد ، أما أولئك الصنف من الكفار الذين لم يبلغهم أمر الله وحكمه سبحانه وتعالى ، فهم في سعة من رحمة الله سبحانه وتعالى إلي أن يبلغهم بالعلم اليقيني أمر السماء باتباع الرسول ، وما كنت أود أن أطرحه في حق ضحايا الزلزال هو حدود العلم الذي تنتفي معه الجهالة وتقام به الحجة؟ ، وهل مجرد العلم بوجود الأديان كافي أم يجب وصول الدليل التفصيلي؟ ، وهل حاجز اللغة يعتبر أحد الحواجز التي تعيب العلم اليقيني؟ ، وما هي الشروط الواجب توافرها في من يقوم بمهمة التبليغ؟ وهل حال العرب والمسلمين من تخلف وجهل يمكنهم من إقامة حجة أمر السماء؟
ثم أن الله سبحانه وتعالى قال (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) ، فالله سبحانه وتعالى ألهم النفوس كلها وبالتساوي الفجور والتقوى ، فمن دساها لابتميز الفجور (خاب) ومن زكاها بتميز التقوى(أفلح) ، والسؤال الذي يفرض نفسه لكل من ضحى بنفسه بنبل وشهامة وأخلاق في هذا الزلزال هو ممن (دساها) أم ممن (زكاها)؟ ولو قلتم هو ممن (دساها) فقد عارضتم أنفسكم وجعلتم المبادئ النبيلة من إيثار الغير والشهامة والتضحية بالنفس من الفجور ، ولو قلتم من (زكاها) فقد حكمتم له بالفوز.
كما أن الله سبحانه وتعالى قال (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) ، وهؤلاء الناس بفطرتهم طيبين وقد شكروا نعمة ربهم بكل هذه الأمثلة التي ضربوها على العطاء والتضحية بالنفس ، وأعتذر لكم جميعا أن أضرب مثال عن الأعصار الذي ضرب أمريكا منذ سنتين ، وقد شاهدنا جميعا عبر وسائل الإعلام كيف تعامل الشعب الأمريكي مع هذا الإعصار ، وكيف انتشرت السرقة والقتل والنهب ، وكادت السلطات تفقد الزمام وظهرت جميع عقد ونقائص المجتمع الأمريكي ومشكلة السود خلال هذا الإعصار ، أما زلزال الصين وللعلم فإنهم 56 قومية مختلفة ظهروا جميعا على قلب رجل واحد منهم وتجلت كل معاني الإيثار والتضحية بالنفس ، ما لم أذكره في قصة الجندي الذي رفض الذهاب لدفن جثمان أبوه أنه مات بعد أقل من يومين أثناء جهوده لإغاثة بعض الضحايا ، وما تعلمته من الطفلة ذات السنوات الخمس التي طلبت من فتاة الإنقاذ الابتعاد حتى لا تموت مضحية بنفسها أنها نتاج مجتمع كامل وليس الأبوين فقط ، نتاج منزل ومدرسة ووسائل إعلام وقيم يراعيها هذا الشعب العظيم ، خلال هذه المدة القصيرة بعد أن ضربهم الزلزال تعلمت منهم ومازلت أتعلم الكثير ، كل المبادئ السامية التي قررها رب العزة في جميع دياناته السماوية رأيتهم يطبقوها بالفطرة السليمة ، لم تحدث حالات سرقة أو نهب ، الشعب كله يبكي ضحاياه ، كلما جمعت كمية من الإعانات وأفرح بالأرقام الستة التي جمعتها أجدهم وقد جمعوا ودفعوا مئات الملايين وتضائلت ارقامنا ، الأطفال يبكون في الشوارع وهم يحملون الشموع ، أوقفت أحدهم وسألته لماذا تبكي؟ أجاب من أجل أهليفي صي شوان سألته وهل تعرف أي من الضحايا أو زرتها من قبل ، فقال لا لم أزورها ولكنهم جميعا أهلي وقالت لي أمي يجب عليك أن تبدي مظاهر الحزن والخشوع ، فلو ضرب الزلزال منطقتنا فهؤلاء الضحايا هم أول من يمد لنا يد المساعدة هم أهلنا ، وقال لي أنه تبرع بمصروفه المدرسي لمدة العام الدراسي كله لأهله وأشترط على أبيه أن يدفعه دفعة واحدة وفي الحال ، لضحايا الزلزال ، وهو يحترم كلمته لأبيه ولن يأخذ ولو يوان واحد طول السنة وليس نادما على ذلك بل سعيد.
الخلاصة لا يستطيع أحد أن يجزم أن الرسالة وصلتهم وعندهم حاجز اللغة والعادات ، ولا يستطيع أحد أن يجزم أنه أقام الحجة عليهم أمام رب العالمين ، ولكنني أستطيع أن أجزم أن الحالات التي زكرتها لكم هي من قبيل شكر النعمة وتزكية النفس التي يفلح فاعلها ، والأمر في النهاية بيد رب العالمين ، وكل ما قصدته فتح حوار حول هذه البطولات لعلنا نتعلم منها فالنظرية عندنا في الكتب السماوية والتطبيق عندهم في الفطرة السليمة ، فلنقرن النظرية بالتطبيق.
ثم لي كلمة في أذن ابني / شريف أحمد ، أنت قلت بالحرف الواحد (ولكن هل فكرت في مكرهم وخداعهم؟؟) وقلت (فمنتجاتهم رديئة وفاسدة ولا تجد من يشتريها إلا العالم الثالث وخصوصاً المصريين...!!) ، وقد ردت عليك اختي الكريمة آية وقالت لك(بالنسبة للمنتجات الصينية والشرق أسيوية، هي فعلا منتجات لا تقارن بمثيلتها الأوروبية أو اليابانية ولكنهم يتبعون استراتيجية تجارية يطلق عليها Cost Leadership Strategy وهي غزو الأسواق بقوة سعر المنتج الضعيفة بمالقارنة بمنتجات الشركات الأخرى. أما الشركات الغربية عامة فتتبع استراتيجية مختلفة يطلق عليها Differentiation Strategy وهي عبارة عن غزو الأسواق بميزة لا تتوافر في منتجات الشركات المنافسة) ، وأقول رغم أنني أثمن كلام الأستاذة /آية عن النظريات الاقتصادية التي تحكم أنواع السلع في السوق ، فأنا أقسم بالله العظيم على كل ما شاهدت وعلمت خلال ما يقرب من عشر سنوات أن جميع السلع الصينية الرديئة التي تغزوا أسواقنا هي بناء على طلب المستورد ، وهو الذي يحدد مواصفاتها ويطلبها رديئة حتى يحصل على سعر منافس ، كما أقسم بالله العظيم أن أصحاب المصانع الصينية يقرون للمستوردين العرب والمصريين بأن هذه السلع رديئة ومن العيب بيعها للمستهلك النهائي ، ولكن بناء على طلب المستورد وإصراره فإنه يقبلون صنع السلعة وفقا للمواصفات التي يطلبها تطبيقا للنظرية الاقتصادية التي ذكرتها الأستاذة / آية ، ولكنهم لا يغشون وهو الشائع بينهم ، وهم ينتجون سلع مماثلة للأسواق الأوربية والأمريكية ولكنها أفضل جودة وأطول عمر ، وبعض هذه المصانع ترفض الآن رفضا باتا التعامل مع العرب ، كما أقسم بالله العظيم يمينا أسأل عليه أمام رب العالمين أن معظم التجار العرب والمصريين الغشاشين من أصحاب اللحى الطويلة أو ممن يصلون خمسا ، ويقسمون على كتاب الله ، حتى ان الصينين يشكون في صحة ديننا من أفعالنا ، وكل تاجر يأتي يحضر معه بعض الكتب الدينية باللغة الصينية من تلكم التي تتكلم عن حجاب المرأة ، وإنها لو خرجت من بيتها معطرة فهي زانية ، وفي نفس الوقت يطلبون من الصينيين عمل سلع رديئة يغشون بها المستهلك النهائي ، كما أنه لو حضر تاجرين أو أكثر فكل منهم يطلب من صاحب المصنع إعطاءه عمولة في الخفاء دون أن يعرف صاحبه ، وأقسم بالله العظيم أن هذه الحالات من كثرتها وتشعبها أصبحت ظاهرة إجتماعية جعلت الصينيون يكفرون بما نؤمن به ، فهل تظن يا بني شريف أحمد أن أصحاب المصانع الصينية في النار ، وأصحاب اللحى من المستوردين الغشاشين الذين بأفعالهم يصدون عن سبيل الله سوف ينعمون بالجنة مع الحور العين والغلمان المخلدون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الرأي الثاني يمثله الأستاذ / زهير الجوهر:
وقد لخصه في جملة واحدة عندما قال(الاسلام الذي تتحدث عنه الآيات القرآنيه هو ليس اسلام التنظيرات العقليه والمناسك و العبادات , أنما هو السلوك الصحيح بغض النظر عن العقيده) ، وليسمح لي أن أسأله من أين أتيت بهذا الكلام الخطير من كتاب الله أو حتى من أي من الرسالات السماوية؟
أستاذ زهير ، لا يمكن أن نغض النظر عن العقيدة ، فلو فسدت عقيدة إنسان فسدت أعماله ولا تنسى قول الله سبحانه وتعالى " والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب"النور 39 ، فمهما عمل فعمله سراب ، وهباء منثورا ، وهو من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهو يحسب انه يحسن صنعا .
أخي زهير ان الآيات القرآنية التي تقرن الإيمان بالعمل الصالح أكثر من أن تحصى في مقالة واحدة أو حتى دراسة تحليلية واحدة ، نعم قد يعمل الكافر (الذي أقيمت عليه الحجة) أو المشرك خيرا والله سبحانه وتعالى سيوفيه جزاءه في الدنيا ، ولكنه سيحاسب على رفضه الإنصياع لأمر الله سبحانه وتعالى ، ولا تنسى أن الله خلقنا لمهمة واحدة وهي تتجلى في قوله تعالى " وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون(56) ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون(57) [سورة الذاريات] ، أما عمارة الدنيا منذ أن خلق الله آدم إلي أن يرث الأرض ومن عليها فهي احدى وسائلنا التي نعبده بها بناء على أمره لنا ، فلو لم ننفذ المهمة الأساسية التي خلقنا الله من أجلها رغم علمنا بها ، وتبليغنا بالمهمة من الرسل المرسلة والكتب القائمة بيننا فلا حجة لنا على الله بعمل صالح مهما كان ، الحجة الوحيده عندي والرخصة التي ليست لها قرين من الرخص هو عدم وصول التبليغ والرسالة له ، وفقا لما اقتضت مشيئة الله سبحانه وتعالى ورحمته بعباده أنه ما كان معذبا أحدا حتى يبعث رسول.
أما عن تفريقكم بين كفر العقيدة وكفر السلوك ، فأنا أتفق معكم على هذه التفرقة ولكن بشرط واحد أن كفر العقيدة هو أساس طريق سوء الخاتمة وعتمة العاقبة ، أما عما ذكره الاستاذ / شريف أحمد أنه لا يوجد كفر سلوك وسألك في أي كتاب تقرأ ، فدعني أرد عليه في كتاب الله سبحانه وتعالى يا أستاذ شريف ألم تسمع قول الله العلي القدير " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما" النساء93 ، هل رأيت يا أستاذ شريف فعل القتل هو من كفر السلوك وليس العقيدة ، فحكم الله يمتد أثره ليشمل كل قاتل ، مؤمنا عقيديا كان أو كافرا ، ألا يعد هذا الفعل كفر سلوك؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ولن أزيد شرحا فقد تولى المهمة عني أخوة أفاضل لا أزكيهم على الله وأخص بالذكر منهم الدكتور عثمان ، والدكتور حسن ، وأخي الفاضل شريف صادق ، ويعلم الله كم أحب وأحترم ثلاثتهم.
ودعني أتعرض للإجابة على أسئلتك يا أستاذ شريف أحمد
السؤال الأول: هل يكون المسلم عنصرياً عندما يمتثل لأمر ربه فيسلم له ويؤمن بنبيه محمد صلي الله عليه وسلم ويؤمن بالقرآن ككتاب سماوي مهيمن علي ما سواه؟؟
الإجابة: طبعا لا يكون عنصريا أبدا إذا تمسك بدينه وامتثل لأمر الله سبحانه وتعالى ، ولكنه يكون عنصريا إذا ظن أن قتل الآخر هو أسرع طريق للجنة ، وإذا ظن أن دينه يأمره أن يشعر بالتميز عن الآخرين والاستعلاء عليهم ، لا يكون المسلم عنصريا إذا أمتنع عن أكل لحم الخنزير لأنه حرام وفقا لشريعته ، ولكنه يكون عنصريا إذا أمتنع أن يجالس من يأكلون نفس اللحم لأنه ليس حراما وفقا لشريعتهم ، لا يكون المسلم عنصريا إذا حرم الخمر على نفسه إتباعا لأمر الله سبحانه وتعالى ، ولكنه يكون عنصريا إذا تعرض بالسباب لمن يشربها من أصحاب العقائد الآخرى والتي لم تحرم وفقا لمعتقداتهم ، ارجوا أن تكون المعلومة وصلت واضحة.
السؤال الثاني: هل لكي يدخل الإنسان الجنة أن يعمل صالحاً فقط بغض النظر عن الإيمان بالله، فيكون ملحداً إن أراد، أو مسيحياً إن أراد، أو بوذياً إن أراد؟؟..... وهل تسمي كل ذلك بالمسلمين؟؟.... وإن كانت الإجابة بنعم، إذن فما هو معني الإسلام في نظرك؟؟...!!
الإجابة: لا يكفي العمل الصالح وحده لدخول الجنة ، ولكن يجب أن يقرن بالإيمان بالله سبحانه وتعالى ، إلا أن يستفيد الإنسان برخصة رب العالمين أنه لن يعذب إلي أن يبعث رسول ، فلو أراد الإنسان أن يختار غير الإيمان بالله فهو حر في اختياره ولكنه لن يقبل منه يوم القيامة ، ذلك على العموم ولكن على التعيين فلا يجوز أن تقول أن فلان ابن فلان هو من أهل النار لأنه استحب العمى على الإيمان فهذا من إطلاقات رب العالمين وحده سبحانه وتعالى ، كما أسمح لي أن اسألك لماذا أضفت المسيحية بين العقائد الباطلة ، المسيحية يا بني ديانة سماوية وجعل الله سبحانه وتعالى لها شرعة ومنهاجا ويجب أن تنافس مع أهلها في فعل الخيرات فهم خارج نطاق من كفرتهم ، ولكن هذا لا يعفيهم أن منهم من كفر وهو حسابه على الله وليس كلهم ، كما أن المسلمين أنفسهم منهم من كفر وحسابهم أيضا على الله.
السؤال الثالث: هل يكون الله تعالي (وحاشاه سبحانه) عنصرياً حينما يعاقب غير المسلم بينما يعفو ويغفر للمسلم؟؟ هذا علي الرغم من أنه حذر في كتابه بأنه لن يقبل غير الإسلام؟؟.... وإن كان الذين لا يتبعون القرآن بعد نزوله مسلمين، إذن فلم أنزل الله تعالي القرآن؟؟
الإجابة: هذا السؤال يا بني فيه أساءة أدب مع الله تعالى الله سبحانه علوا كبيرا ، فلا يجوز أن تنسب أي من صفات النقص لله سبحانه وتعالى حتى ولو في باب الإنكار والرفض فترك ذلك أولى ، والله سبحانه وتعالى هو الحق والعدل والرحمن والرحيم والعفو والغفور ، وله سبحانه كل صفات الكمال والجمال والإجلال والعظمة ، أما عن سؤالكم عن الإسلام فلي شرح سابق أرجوا أن تعود له يفرق بين الإسلام العقيدي وهو التوحيد وفي ذلك يكون الرسول (من المسلمين) ، والإسلام كديانه لها شرعة ومنهاج وفي ذلك يكون الرسول (أول المسلمين) برجاء الرجوع لها ففيها الرد الكافي.
السؤال الرابع: هل تنكر أن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله (بدون استثناء) واليوم الآخر والعمل الصالح هو الطريق الوحيد لدخول الجنة؟؟
الإجابة: هناك طريق آخر هو رخصة عدم بعث الرسول ، وفقا لما شرحنا في هذه المقالة
السؤال الخامس: وأخيراً.... فما هي العنصرية التي وجدتها في تعليقي وتعليق أخي طلعت، وأخيراً.... ما العنصرية التي تتهم بها ربك وخالقك؟؟، وهل تريد أن يري الناس ربهم حتي يؤمنوا به حتي يقتنعوا ولا يدخلون النار كما قلت في تعليقك؟؟
الإجابة: العنصرية التي وجدتها في كلامك أنك أردت أن تقلل من الأعمال العظيمة لضحايا زلزال الصين وقارنتهم بالحيوانات في أفعالهم الطيبة ، وأغلقت في وجوههم أبواب رحمة بك سبحانه وتعالى ، ورخصته لهم ولغيرهم بأن تفعيل عمل كل آيات العذاب والعقاب لا يكون إلا ببعثة رسول ، ولا يستطيع أي منا أن يحدد من هو الذي في الجنة ومن يكون في النار ، والله سبحانه وتعالى يقول رحمتي وسعت كل شيء ، والكافر شيء وسعته رحمة الله حتى ولو كان ذلك في الدنيا دون الآخرة ، فكيف وقد وسعته رحمة الله لم نسعه في عقولنا ونفوسنا وساوينا بينهم وبين الحيوانات مع أنه قد يكون في رخصة بعث الرسول ، وأكتفي بهذا أما باقي السؤال ، فكما قلت فيه أساءة أدب مع الله سبحانه وتعالى أرجوك أن تستغفر الله منها.
وأخيرا أقول لكل من الأستاذين الفاضلين شريف أحمد وزهير الجوهر ، إن الله سبحانه وتعالى لا يرضى بالإفراط أو التفريط ، ولكننا أمة وسطا وشهادتنا على الناس شهادة حق بإتباعنا أخلاق القرآن ومعاملة الناس بخلق حسن وأن نقول لهم حسنا ، وأن نجيرهم ونتفاعل معهم ، ولا ننصب من أنفسنا قضاة عليهم ، كما لا يجب أن نتنازل عن مبادئ ديننا الحنيف إرضاء لهم ، أو تحريف عقائدنا لتتفق وما يعتقدون فكلا الطريقين شر لا يجب الخوض فيه ، ولكن وجب علينا التوازن وإقران القول بالفعل حتى لا يمقتنا رب العزة سبحانه وتعالى ، وما زال باب النقاش مفتوح لنناقش أفعال الضحايا الطيبة وخصالهم الحميدة ، ويمكننا أن نناقش من منظور قرآني رخصة عدم بعث الرسول التي تنجي من العذاب ، وكلمة في أذن شريف أحمد (إحذر الوقوع في مخالفة شروط النشر فلن أسمح)
وأشكر أخي الدكتور عمرو إسماعيل ، وكل من علق على المقالة حتى لا أنسى أي من الأسماء الكريمة ، واستغفر الله سبحانه وتعالى لي ولكم جميعا ولكل من سبني أو اتهمني في ديني أو عقيدتي ، وأوصيكم وإياي بتقوى الله في السر والعلن
والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
شريف هادي

اجمالي القراءات 30847