الاعجاز العلمى فى القرآن الكريم ـ الحلقة الخامسة
هو الذى يسيركم فى البر والبحر

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٩ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة
هذه هى الحلقة الخامسة من مسلسل (الاعجاز العلمى فى القرآن الكريم )
سبق نشر أربع حلقات : وهى :
( المنهج القرآنى للفكر الاسلامى :الليل والنهار فى الاعجاز العلمى ) ( جدلية الاعجاز العلمى للقرآن الكريم ) ( منكرو الاعجاز العلمى وقضية التدرج العلمى ) ثم ( الاعجاز العلمى ومعجزات داود وسليمان عليهما السلام )
ونقدم هنا الحلقة الخامسة .. ويجرى تجهيز بقية الحلقات بعونه جل وعلا..

أولا

1 ـــ فى فترة الشباب كنت أجرى فى أحد شوارع القاهرة فالتوت قدمى وأحسست بألم هائل وعجزت عن جر ساقى ، وقضيت عدة أيام لا أتحرك إلا بساق واحدة . وأنظر إلى ساقى التى كانت تحملنى فأصبحت أحملها وأقارن بينها وبين الساق السليمة فلا أرى فارقا ظاهرا بينهما . واتأمل حالى قبل إلتواء قدمى حين كنت أجرى وأقفز بنفس هاتين الساقين ، وأتعجب من كل هذا الألم وكل هذا العجز الذى تسبب فيه إلتواء عصب لا أعرفه فى القدم .... فكرت فى النعمة التى كنت أنعم بها وأنا أمشى بساقين سليمتين . وتذكرت أن هناك بشرا مثلى مصابين بالشلل وفقدان البصر والسمع ... وأحسست بكفران النعمة . وأننا نعجز عن إحصاء نعم الله تعالى "وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ : إبراهيم 34 / النحل 18 " وأننا نرفل فى نعم الخالق عز وجل ولكن لا نحس بها إلا إذا فقدناها ... كانت محنة إلتواء القدم تلك فرصة للتفكير أنتهيت إلى أننا فى الحقيقة حين نقفز ونلعب ونسير ، فإننا لا نسير بأنفسنا ولكن بمقدرة أودعها فينا الخالق عز وجل . وهوالقادر على أن يسلبنا هذه المقدرة مؤقتا أو دائما . وفهمت جانبا من قوله تعالى "هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ: يونس 22".
2 ـــ وسألت نفسى عن حكمة التساوى بين تسيير الرحمن لنا فى البر وفى البحر!! فنحن لا نحتاج إلى وسائط فى المشى والسير فى البر، اللهم إلا إذا كنا نريد مضاعفة السرعة ، فاستعملنا الدواب ثم الدراجة ثم السيارة ...الخ . ولكن البر لا يمكن السير فيه إلا بوسائط نقل . إذن لماذا ساوى الله تعالى بين التسيير فى البر والتسيير فى البحر.
القضية هنا لا تتوقف على عوامل داخلية فى جسد الأنسان من إلتواء قدم أو أصابتها بالشلل .. وإنما تتوقف على النظام البديع فى الكون القائم على حسابات الجاذبية وعلاقة الزمان بالمكان بالحركة .. وأستسمح القارىء عذرا فى أن أضرب له هذا المثل .
تخيل أن حضرتك تسير داخل قطار وأن هناك قملة تسير على رأس حضرتك ... القملة هنا تتحرك بسرعة مناسبة لها فى مكان محدد لها هو ما بين القفا إلى الرأس مثلا ، ولكنها – أى القملة – لا تدرى أن المكان الذى يحملها هو الأخر يتحرك فى مجال أوسع هو القطار ، أى أن القملة تتحرك فى مجالين هما حضرتك والقطار الذى يسير بسرعة ما من محطة ما إلى أخرى .
ولكن هل انتهت القصة إلى هذا الحد ؟!.
كلا لأن القطار نفسه يتحرك بك وبغيرك مع حركتين . الأولى داخل الأرض وهى تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة ، والثانية مع الأرض وهى تدور حول الشمس مع كواكب المجموعة الشمسية مرك كل 365 يوما تقريبا .
والشمس نفسها بما يدور حولها من كواكب ومنها الأرض – التى تحمل القطار الذى به حضرتك – هذه الشمس بكل توابعها من كواكب وأقمار وكويكبات تنطلق إلى مدار هائل فسيح هو مدارها حول مجرة درب التبانه. التى تحوى بلايين النجوم . ثم أن مجرة درب التبانه بكل ما تحويه من نجوم تنطلق بسرعة لا نعرفها ولا نتخيلها لتدور حول مركز الكون . ثم عرفنا أن هناك كونا آخر غير كوننا يسير عكس الأتجاه ويتناقض فى كل تركيباته مع كوننا ، أى أننا فى كل دقيقة ننتقل من مكان إلى مكان فى المجموعة الشمسية ، وفى نفس الوقت ننتقل من مكان إلى مكان حول مركز المجرات . والكون الهائل الذى لا نعرف عنه إلا مجرد إشارات ..
أى أننا فى كل دقيقة وثانية وأقل من الثانية نتعرض لموجات ونتداخل مع عوالم غير مرئية فى إنتقالنا عبر هذه الأمكنة وتلك المسافات وتلك السرعات . أى أن القضية أننا لم نعد نسير فى البر أو فى البحر .. القضية أن الله تعالى هو الذى يسيرنا بقوانينه التى تتحكم فى الجسد الإنسانى وفى الهواء المحيط بالأرض والجاذبية التى تحفظ نظام الكون برغم تداخل وتعقد المكان والزمان والسرعات .

ثانيا

1 ـــ لست متخصصا فى علم الفلك وبالتالى يستطيع المتخصصون إعادة ما كتبته أو تصحيحه والإتيان بحقائق علمية يزداد بها المؤمن إيمانا ويستطيع المتخصصون شرح العلاقة بين الحياة على الأرض وموقعها المحدد حول الشمس . فلو اقتربت من الشمس أو ابتعدت عنها تاركة مجالها المحدد لما كانت هناك حياة على الأرض ولما استطاع الأنسان أن يسير بقدميه وبوسائط أخرى فى البر والبحر ..
2 ـــ ولكن العادة أن ينسى الأنسان النعمة التى يرفل فيها ، سواء كانت نعمة الصحة وسلامة الأعضاء والحواس والعقل ، أو نعمة ذلك الكون الذى سخره الله جل وعلا له. ولنا وقفة قادمة مع التسخير فى النسق القرآنى وصلته بالأعجاز العلمى فى القرآن الكريم .
ولكن كما قلنا فإن الإعجاز العلمى يتراءى بين آيات القرآن الكريم فى معرض الهداية ... والله تعالى حين يذكرنا بأنه جل وعلا هو الذى يسيرنا فى البر والبحر لا يكتفى بما فى ذلك من إشارات علمية مركزه – عرضنا لبعضها بمعلوماتنا الهزيلة – وإنما يجعل رب العزة من تلك الأشارات العلمية مقدمة للوعظ والتنبية .
فالعادة أن ذلك الأنسان المغرور بالنعمة التى يتقافز بها فى البر والبحر – ومؤخرا فى الجو- تراه أيضا غافلا عن المنعم جل وعلا ، أى يمارس كفران النعمة بالعصيان فى حركته وبالجحود فى عقيدته ...
ولكنه عندما يفقد النعمة أو حين تتحول تلك النعمة إلى نقمة ينتبه ويصرخ ويعود إلى فطرته التى نسيها ويتضرع إلى الله تعالى يطلب النجاة ..
ولنتخيل معا السفينة العملاقة تيتانك التى غرقت فى المحيط الأطلنطى فى بدايات القرن الماضى . وكيف أنها كانت تمثل – قوتها - أروع ما ابتكره البشر فى السفن العابرة للمحيطات ووصل غرورهم إلى أن درجة تأمينها فى إبحارها يجعلها تستغنى عن قوارب النجاه ونتخيل ما كان عليه المسافرون من غرور وحبور وفرح ومجون .... ثم اصطدمت بجبل ثلجى فتحول صراخ المجون إلى صراخ جنون وتحول الغرق فى النعيم إلى غرق فى الجحيم .
ولا شك أن إستغاثتهم كانت تعلو بالدعاء لله تعالى , ولكن من نجا منهم عاد إلى سيرته الأولى ونسى ما يدعو إليه ...
هى حالة إنسانية عامة أن يرجع الأنسان إلى فطرته ويصرخ داعيا الله تعالى طالبا النجاة إذا أصابه مرض "وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ : الزمر 8 "، " فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ :الزمر 49 " ، " وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ : يونس 12 "
ونفس الحال مع الانسان إذا تعرض للغرق .
ومن هنا بدأت الأية الكريمة بجملة مركزة من الإعجاز العلمى تقول " هو الذى يسيركم فى البر والبحر " ثم جاءت تكملة الأية لتعطى مشهدا سينمائيا موحيا بالصوت والصورة والحركة والإنفعالات ، يقول تعالى "هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ : يونس 23،22 " ونتوقف سريعا مع تلك الصور بالتحليل .
المشهد الأول : يتكون من لقطات متتابعة خارجية وداخلية ، فى الخارجية ريح طيبة تحمل السفينة تجرى بها فوق صفحة بحر هادىء ، واللقطة الداخله لمسافرين يمارسون شتى مظاهر الفرح ...
ثم فجأة يأتى المشهد الثانى من لقطات خارجية حيث أنقلبت الريح الوديعة إلى ريح عاصف فتحول الموج الهادىء لموج هادر ثائر يلطم السفينة ويقتحم منافذها وهنا تأتى اللقطات الداخلية للمسافرين تصورهم فى حالتين : الأولى إحساسهم أنهم " أحيط بهم " أى حاصرتهم المياه وهددهم الغرق ، وعجزت وسائلهم عن بلوغ شاطىء النجاة ثم تأتى الحالة الثانية بعد إدراك العجز وهى اللجوء للخالق عز وجل والرجوع للفطرة والدعاء بإخلاص وتفرغ ودموع ورجاء قائلين جميعا "لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِين " أى تضرع مرتبط بعهد وميثاق إن حدثت النجاة وعاشوا ستتغير حياتهم من كفران النعمة إلى شكر للمولى عز وجل يتجلى فى تصحيح الإيمان وتصحيح السلوك ....
ويأتى المشهد الثالث عن الناجين وقد نسوا المحنة وعادوا إلى نكران النعمة ، واحترفوا البغى وهم لا يعلمون أن بغيهم على أنفسهم لأنهم مآخذون يوم القيامة بكل ما كسبت أيديهم ، وما ظلمهم الله تعالى ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وهذا هو المشهد الأخير الذى يأتى بالنهاية ...
وهكذا فى آيتين جاء إعجاز علمى وجاء تصوير سنمائى وكلاهما يهدف إلى الهداية ،وكما قلنا فالقرآن الكريم ليس كتابا فى العلوم الطبيعية –بالرغم من دلائل الإعجاز العلمى التى نراها - وليس كتابا فى الدراما – بالرغم من القصص والأمثلة التى يضربها لنا الله عز وجل فى كتابه الكريم - وليس كتابا فى التاريخ – بالرغم من ذكره لوقائع تاريخية حدثت فى الماضى - أو حتى فى التشريع – بالرغم من التشريعات التى تنظم المجتمع الإسلامى - وإنما يستخدم القرآن الكريم كل هذه النواحى فى إطار دعوته للهداية وإلى عبادة الله وحده التى هى الغرض الأساسى الذى من أجله بعثت الرسل .
ولكن .. هل استوعبنا كل دلالات قوله تعالى " هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ "؟
لقد توقفنا بمعلومات هزيلة عن بعض الملامح المادية للتيسير ويبقى الجانب المعنوى للتفسير.
وللتوضيح فلنفترض أن حضرتك تسير فى الطريق وفى نفس الشارع يسير شخص أخر .... وكلاهما ـ وكل المخلوقات والدواب ـ يسيرها الله عز وجل ـ هذا من الناحية المادية الفسيولوجية ـ ولكن الهدف من سيرك وسير الشخص الأخر هو الجانب المعنوى أو النفسى ، وهذا يرجع إلى كلا منكما . فلنفترض أنك تسير ذاهبا إلى المسجد لتصلى بينما يسير رفيقك إلى المرقص ليلهو ويلعب ، وربما تسيران معا الى بنك ما ، أنت لتودع بعض المال وهو ليسرق ما تطوله يده ، أى أن الهدف من السير يرجع للأنسان نفسه هو الذى يقرر أن يتحرك نحو الخير أو فى إتجاه الشر ، والله سبحانه وتعالى تركه حرا فى أن يستخدم جسده وما سخره الله تعالى له فى حركته نحو الخير أو الشر .
بل أكثر من ذلك لنفترض أن رفيقك الذى يسير بجانبك قد أرغمك على السير بجانبه لكى تقوما بسرقة البنك وإن لم تفعل سيقتلك أو يقتل أعوانه أهل بيتك . هنا ـ وفقا لشرع الله تعالى ـ فلا عقوبة عليك إن سرقت طالما كنت مجبرا ، لأن المسئولية لا تتحقق إلا بالحرية والله تعالى يقول " وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا : الأحزاب 5 " .
ومن أجل هدايتك أنزل الله سبحانه وتعالى ذلك الكتاب الحكيم القرآن الكريم وقد نثر فيه من الحقائق العلمية مع التشريعات والقصص والحوار، ومنها أنه تعالى قام بتجميع وتلخيص آلاف الحقائق العلمية فى عبارة واحدة تقول " هو الذى يسيركم فى البر والبحر"ثم أعقبها بتصوير درامى مذهل عن حالة إنسانية تتكرر لبشر حين يتعرضون لخطر الغرق فيتذكرون الله تعالى ، ثم إذا أنجاهم عادوا لغيهم وبغيهم .... ويحذرهم الله تعالى من سوء المصير يوم القيامة .
أنت حر الإرادة ولست مجبورا بل أنت " مُخًير" وعليك إن أردت الفلاح فى الدنيا والأخرة أن تحسن قيادة السيارة التى تركبها نفسك ، وهى جسدك لتحصر حركته فى الخير...
وفى النهاية بعد قراءة هذا المقال أنت حر فى أن تؤمن بإعجاز القرآن العلمى أم لا .
والله جل وعلا المستعان

اجمالي القراءات 23666