قبل أن أتطرق إلى هذا الحديث المخجل الذي جعله الرواة سببا من أسباب نزول آية قرآنية ،أود التذكير بأن سبايا أوطاس كن نساء مشركات، وقد حرم رب العزة نكاح المشركات على المؤمنين وحرم نكاح المؤمنات للمشركين! قال جل جلاله: " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " !إنها آية واضحة لا لبس فيها!
كيف إذن ياعباد الله يخرج علينا بشر يجعلون سبب نزول الآية التي سنأتي على ذكرها وتكون محور تدبرنا هي رغبة المؤمنين في اغتصاب سبايا أوطاس؟
أخذ المسلمون الكثير من السبايا يوم حنين وأوطاس، وكانوا يكرهون نساء السبي إذا كن ذوات أزواج، فاستفتوا رسول الله في ذلك فنزلت {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يريد ملكت أيمانهم من اللاتي سبين ولهن أزواج كفار فهن حلال للسالبين والنكاح مرتفع بالسبي، قال أبو سعيد: أصبنا سبايا يوم أوطاس ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية فاستحللناهن.
حديث يهز عرش الرحمان لكمية الكذب والافتراء والإهانة لله عز وجل ولكتابه.إهانات تقشعر لها الأبدان.
إذا كان بو إسرائيل قد قالوا لموسى ﴿ وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها﴾ ...فإن مرتزقة أوطاس تحرجوا من غشيان نساء متزوجات فقالوا ادع لنا ربك ليحل لنا الاغتصاب والوقوع على المشركات والأدهى أن اللعنة لم تحل عليهم ولا الذلة والمسكنة والصغار، بل إن الله "معاذ الله" قد استجاب لغرائزهم الحيوانية في التو واللحظة!!!
بل الأقبح والأنكى في ماتحمله طيات هذا الإفك هو أنهم أحسن أخلاقا من رب العزة تعالى عن ذلك علوا كبيرا. ولسان حالهم يقول، نحن نسموا بان نقع على نساء متزوجات فادع لنا ربك ليرخص لنا ما عافته أخلاقنا وترفضه فطرتنا.وإذا بالرخصة تصل في الحال حتى لايدوم انتظارهم طويلا.
فتنزل الآية مصدقة لرغباتهم الحيوانية الدنيئة،
فتمعنوا في هول هذه الأقاويل يا أولي الألباب: لما سبا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس قلنا : يا نبي الله ، كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن ؟ فنزلت هذه الآية ( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) . فطريقة السؤال في حد ذاتها تنم عن خبث كبير، فإذا كنتم محرجين ولديكم أخلاق، لماذا تسألون أصلا؟
إنما في قلوبهم مرض حتى أنه يخيل إليك أن النبي عليه السلام هو الذين بادر بمقترح اغتصاب السبايا فكان ردهم عليه: "يا نبي الله ، كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن ؟
فنزلت الآية مباشرة بافتعال من النبي الذي ينتزع الوحي من إلهه حسب أهواء أصحابه.
مع أن آية تحريم نكاح المشركات واضحة وضوح الشمس في وضح النهار حيث قال سبحانه وتعالى: "وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" (البقرة الآية 219).
أمآلآية التي قالوا إنها نزلت في سبايا أوطاس فلايمكن تدبرها إلا على ضوء الآية السالفة الذكر في المقدمة ثم الآية 219 من سورة البقرة.
سبايا أوطاس مشركات ، لذا فنكاحهن غير وارد أصلا.
والمعروف أيضا أن نساء العرب كن ذوات صلف وعز وكبرياء، والحرة منهن لا ترضى الهوان فما بالك بالمتزوجات منهن؟
ولنعد الآن إلى الآية التي تعنينا هنا وهي : حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُمۡ وَعَمَّٰتُكُمۡ وَخَٰلَٰتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِيٓ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ وَحَلَٰٓئِلُ أَبۡنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنۡ أَصۡلَٰبِكُمۡ وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا (23) ۞وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۖ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ أَن تَبۡتَغُواْ بِأَمۡوَٰلِكُم مُّحۡصِنِينَ غَيۡرَ مُسَٰفِحِينَۚ " هذه الآية أتت في سياق طويل من التحريم، وجاءت معطوفة على كل الجمل القرآنية التي تفيد ذلك ،وتقديرالقول هو ، حرمت عليكم المحصنات من النساء أي المتزوجات من النساء إلا ماملكت أيمانكم من هؤلاء النساء إن هن آمنّ ، فإن آمنّ فهن بذلك يصبحن فتيات مؤمنات محرمات شرعا على أزواجهن المشركين ، فيقع إذ ذاك الطلاق تلقائيا من المشركين بمجرد دخولهن إلى الإسلام وإن لم يؤمن فهن محرمات على المؤمنينن أصلا سواء كن متزوجات أو أبكارا بموجب الآية الكريمة" "وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ". فالقرآن لا يمكن بتره وجز أعناق آياته لتتلاءم مع أهواء أقوام لم يقدروا القرآن حق قدره وهم ان شاء الله من الخاسرين.
وختام القول أن بعد باسم الله الرحمان الرحيم: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾.