نقد مقال نظرات في حديث توسل الضرير

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٠٩ - يونيو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نقد مقال نظرات في حديث توسل الضرير
استهل صاحب المقال بالقول أن القبورية يستشهدون على إباحة التوسل بالخلق بحديث الضرير فقال:
"كثير ما يتشدق أهل البدع باستحلال التوسل بالذوات استناداً بحديث الضرير وكأنهم غفلوا أو تغافلوا عن استقراء الحديث , وتفهم أحكامه
ولذلك أحببت أن أعرج لإيضاح المغزى من ذلك الحديث .
أسأل الله العلي العظيم أن يوفقني بإيضاح ما غفل عنه عباد القبور ."
وأورد المؤلف نص حديث الضرير فقال:
"نص الحديث :
مسند الإمام أحمد بن حنبل ج4/ص138
17279 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر انا شعبة عن أبي جعفر قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف ان رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله ان يعافيني قال ان شئت دعوت لك وان شئت أخرت ذاك فهو خير فقال ادعه فأمره ان يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء اللهم اني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد اني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه في"
وتحدث المؤلف عن خواطره عن الحديث فقال :
"نظرات في حديث الضرير
أعلم هداك الله أنه اذا كان الثابت توسلهم أي الصحابة بدعاء النبي حين كان حياً وتوقفهم عن التوسل بدعاء غيره من بعده :
فلا يعود ثم حاجة الى تقدير مضاف لأن معنى التوسل والاستشفاع في عرف الصحابة ولسانهم هو التوسل بالدعاء لا بالذات ولا بالجاه , ومن كان عنده ما يثبت توسلهم بالذات فليأتنا به ."
الرجل هنا يقول أن توسل الصحابة كان بدعاء النبى(ص) وليس بذات النبى(ص) أو جاهه
وأعاد المعنى وهو أن التوسل يكون بالعمل الصالح ومنه الدعاء فقال :
"ان النبي هو الذي تعلمنا منه هذه الإضافة حين قال : " إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها : بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم " (رواه البخاري 2896)
وعلمنا أن الدعاء هو المقصود حين قال له " إن شئت دعوت لك " فقال الرجل " بل أدعه " ولكن المصرين على التوسل بالذوات لا يعلمون وإنما يتجاهلون ."
ولأن الرجل يصدق بالحديث فقد بنى عليه أن الأعمى توسل بدعاء النبى (ص) فقال:
"وتوسل الأعمى بدعاء النبي هو أمر مشروع لتوافر الأدلة عليه ولا بد من الوقوف في قصة الأعمى على فوائد مهمة :
1-أن الأعمى ذهب الى النبي ليطلب منه الدعاء ولو كان التوسل بالذوات مشروعاً لم يكن ثمة حاجة للذهاب اليه إذا كان يكفيه أن يتوسل به من غير أن يذهب اليه . فيقول " اللهم إني أسالك بنبيك " لكنه ذهب وطلب منه أن يدعوا له .
2-أن النبي وعده بالدعاء له فقال " إن شئت دعوت لك " فألح عليه الأعمى بالدعاء قائلاً " بل أدعه " وهذا وعد من الرسول بالدعاء للأعمى , علقه على مشيئته , وقد شاء الأعمى بقوله " بل أدعه " ويقتضي أنه دعا له , وهو خير من أوفى بما وعد , ويؤكد ذلك أيضاً قول الأعمى في دعائه الذي علمه الرسول أن يدعوا به " اللهم فشفعه في " أي اقبل دعاءه في . والشفاعة معناها دعاء كما قال في لسان العرب " الشفاعة كلام شفيع للملك في حاجة يسألها لغيره . والشافع : الطالب لغيره , يتشفع به الى المطلوب يقال تشفعت بفلان الى فلان " . وبهذا يثبت الأمر كان يدور على دعائه لا ذاته أو جاهه ."
ولا وجود لما يسمى جاه أشخاص كالأنبياء (ص) ويخالف هذا أن لا واسطة بين الله والناس نتوسل بها إليه بدليل أنه عاب على الكفار جعلهم وسطاء يقربونهم من الله وفى هذا قال تعالى بسورة الزمر "ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى "كما أن ليس لدى أحد جاه عند الله فالكل سيان فى أن أحد لا ينفع أحد مصداق لقوله تعالى "لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم "ولو كان عند محمد(ص)جاه أو غيره لأخرج عمه أبو لهب من النار ولم يفضحه فى كل زمان فى القرآن بسورة المسد وهذا لم يحدث
3- أن النبي أمره أن يتقرب إلى الله بعدة وسائل منها التوسل إليه بالعمل الصالح وهو " احسان الوضوء " " وإتيان ركعتين " يدعوا الله عقبهما أن يستجيب دعاءه في أن يقبل دعاء النبي له وهذا هو معنى قوله " وشفعني فيه " أي أدعوك أن تتقبل دعاء النبي لي .
4-وهذه العبارة لا يفقهها المبتدع بل لا يريدون أن يفقهوها لأنها تنسف بنيانهم من القواعد وتكشف وتكشف أن التوسل كان بدعاء النبي وبالعمل الصالح لا بذات النبي فإن شفاعة النبي للأعمى مفهومه عندهم ولكن معنى شفاعة الأعمى لنبي كما قال " وشفعني فيه " ؟ علماً بأن معنى الشفاعة في اللغة : الدعاء إن معناها " اللهم اقبل دعائي في استجابة دعاء نبيك لي . ولا يمكن لأحد بعد موت الرسول أن يقول :
" اللهم اقبل شفاعته في " فهذا مذهب باطل لا يزعم أحد أن دعاء النبي حصل له وهو في قبره .
5-فاللغة والشرع يشهدان بصحة ذلك . ولكن ماذا نفعل في أناس تجنوا على اللغة والشرع ؟ ولنتأمل هذين الحديثين فعن أنس وعائشة عن النبي قال : " ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه " وفي رواية ابن عباس " ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه " فمعنى شفعهم الله فيه أي قبل دعاءهم له . فيصير معنى " شفعني فيه " أي اقبل دعائي بأن تستجيب دعاءه ."
وتلك الأحاديث في شفاعة المسلمين في الميت تناقض كتاب الله والخطأ المشترك هو شفاعة المصلين فى الميت له حيث يدخلونه الجنة وهو ما يناقض أنه يدخلها بعمله مصداق لقوله تعالى بسورة الأعراف "ونودوا أن تلكما الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ".
ثم قال :
6- أن علماء الحديث كالبيهقي ذكروا هذه الحادثة ضمن معجزات الرسول وهو سر في حصول هذه المعجزة التي لم نسمع بعد موته مثلها بين الصحابة ولا بعدهم الى يومنا هذا السر هو دعاء النبي .
7-أن الصحابة من أصيبوا بالعمى بعد موته كابن عباس وابن عمر , ولم يعهد أنهم استعملوا هذ الدعاء , بل تركوا التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوسلوا بدعاء العباس وغيره وليس ثمة تفسير لذلك إلا افتقاد شرط دعاء النبي وإلا فجاهه عند الله عظيم حيا أو ميتا هكذا فهم الصحابة التوسل : تركوا التوسل به اجماعاً كما في قصة عمر يوم أجدبوا وسألوا الله بدعاء عمه العباس . فالثابت المروي عن جماعتهم في ترك التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته أصح سنداً مما نقل نقل عن فعل أحد أفرادهم مما يعارض ذلك .
وكل هذه المعاني التي ذكرت دالة على وجود شفاعة بذلك . وهو دعاؤه عليه السلام له أن يكشف عاهته , وليس ذلك بمحظور , غاية الأمر أنه توسل من غير دعاء بل هو نداء , والدعاء أخص من النداء , إذ هو نداء عبادة شامله للسؤال بما لا يقدر عليه إلا الله تعالى وإنما المحظور السؤال بالذوات لا مطلقاً بل بمعنى أنهم وسائل إلى الله سبحانه بذواتهم , وأما كونهم وسائل بدعائهم فغير محظور , وإذا اعتقد أنهم وسائل إلى الله بذواتهم فسأل منهم الشفاعة للتقريب إليهم فذلك عين ما كان عليه المشركون الأولون ( جلاء العينين 455)
8-أن قوله " يا محمد اني توجهت بك الى ربي " أي أتوجه بدعائك الذي وعدتني به حين قلت " إن شئت دعوت لك ". وهذا ما فعله الرجل فإنه توجه الى النبي وطلب منه أ يدعو له .
9-فهو يُشهد الله أنه توجه الى نبيه ليسأله الله له وكأنه يقدم هذه الشهادة بين يدي سؤاله ربه ومثل هذا كثير في الدعاء كقوله تعالى " ربنا اننا آمنا فاغفر لنا " وتقديم أصحاب الغار عملهم الصالح بين يدي دعائهم لله .
وهذا التوجه هو حكاية حال , يحكي فيه أنه توجه وذهب الى النبي فطلب منه أن يدعوا ربه . ولم يسأله في غيابه كما يفعل أهل البدع
.10- وهؤلاء يفهمون من قوله صلى الله عليه وسلم " إئت الميضاء " وكأنه معناه عندهم اذهب إلى بيتك . ولم لا تكون الميضاة قريبة منه كما يفهم من سياق الرواية , وليس هناك دليل على أن الأعمى ذهب إلى مكان آخر وصلى ثم دعى بهذا الدعاء ؟!
وبتقدير أن يكون كلامه من بعيد .يكون التوجه خطاباً لحاظر في قلبه وليس استغاثة كما نقول في صلواتنا " السلام عليك يا أيها النبي " وكما يقول أحدنا اليوم ( بأبي أنت وأمي يا رسول الله ) وكما قالت فاطمة حين مات ( وا أبتاه : أجاب رباً دعاه ) . ودليل قوله في نهاية الدعاء "اللهم شفعه في " أي اقبل دعاءه في .
11- فأما التوجهه الذي يفهمه المبتدعة أي التوجه الى النبي الى جهة قبره بعد موته كما علمهم شيوخ طريقتهم ومن ذلك الصوفي محمد الصيادي الرفاعي حين قال "أن من أصابته ضراء فليتوجه نحو قبر الرفاعي ويخطو ثلاث خطوات ويسأل حاجته ( قلادة الجوهر 434) . وهذا من سنن النصارى .
12-أما سنة نبينا فقد كان يستقبل القبلة في دعائه ويسأل الله وحده , ويقول في دعاء الاستفتاح في الصلاة " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما كان من المشركين ان صلاتي ( والدعاء صلاة ) ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين " فالتوجه الى الله بالدعاء هو ملة الحنيفية , ودعوة الناس والتوجه الى مقابر الانبياء والأولياء هو ملة الشرك فإن توجه بدعاء النبي وهذا حق وهذا ما حدث حقا فقد توجه الى النبي ليدعوا له فوعده بذلك . ولذلك قال في آخر دعائه " اللهم فشفعه في " أي اقبل دعاءه في .
والجل يحكي ما فعله وليس في صيغة كلامه ما يستدل به على جواز قول المشركين " شيء لله يا رسول الله "وقول المالكي :
فبالذي خصك بين الورى برتبة عنها العلى تنزل
عجل بإذهاب الذي أشتكي فان توقفت فمن ذا نسأل
والدليل على ذلك أن ننظر ماذا قال الأعمى بعد قوله " يا محمد "؟
هل قال أغثني أعد بصري ؟
نعم , لقد قال ( يا محمد ) لكنه لم يسأله , والمبتدعة اذا قالوا ( يا محمد ) يقولون أغثنا أمددنا , تعطف تكرم تحنن علينا بنظرة .......ألخ .
فإن كان سأله بعد قوله : " يا محمد " فقد قامت حجت المبتدعة , وإن كان لم يسأله فقد قامت الحجة عليهم . فالحديث حجة عليهم لا لهم .
وليس كل خطاب لغير حاظر استغاثة به , وإلا فقد خاطب عمر بن الخطاب الحجر الأسود قائلاً "والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع , ولولا إني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك " رواه البخاري ومسلم."
وحديث الضرير لا يصح فهو لم يحدث ولا قال النبى(ص) منه كلمة والخطأ الأول فيه هو أن الدعاء يشفى العمى وهو يخالف أن الله أمر بالتداوى كما أنه وصف بعض الأدوية كعسل النحل فقال بسورة النحل "يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس "فهل وصفها لنتركها أو لنستعملها أليس هذا عجيبا ؟ثم إذا كان الدعاء يشفى فلماذا شرع الله العلاج ولماذا خلق الأدوية؟
والثانى هو حضور ألأعمى للنبى(ص) دون أن يكون معه موجه مرشد للمكان وهو امرصعب الحدوث
والثالث أمره بالوضوء وصلاة ركعتين ولو كان النبى(ص)لقال له مثلا هيا معنى فتوضأ وصلى ولكن امره بالوضوء والصلاة دون توجيهه لمكان الوضوء وتوجييه لمكان الصلاة كما تقتضى الرحمة
الرابع وهو ألأهم أن الرجل طلب من النبى (ص)الدعاء فقال" ادعه" وقال له القائل دعوت لك وهو ما ناقض القائل فيه نفسه فهو لم يدعو للضرير وإنما أمره أن يدعو بنفسه وهو قوله فأمره ان يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء اللهم اني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد اني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه في"
إذا الحديث هو استهبال واستغفال ممن ألفوه لمن يقرئونه فيصدقونه
اجمالي القراءات 1164