هل مفهومنا للدين مفهوم فاشى؟

عمرو اسماعيل في الجمعة ١٠ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

عندما أنظر حولى فى مجتمعاتنا العربية وحتي علي هذا الموقع الكريم أحيانا .. بل وعندما أنظر لنفسي والأقربون مني .. أرى نمطآ واحدا من القكر هو الغالب بصرف النظر عن المستوى الأجتماعى و الأقتصادى و حتى الثقافى لأصحابه ... اذا اعتبرنا أن التعليم يعبر عن مستوى الثقافة. فكر أحادى الأتجاه لا يقبل الآخر و يدعى أنه على حق دائما لأن مرجعيته هى الله .. فكر لايمكن وصفه إلا أنه فكر فاشى أذا اعتبرنا أن الفاشيه هى ببساطه أعتبار الفرد أو المجتمع نفسه أنه الأفضل سواء بسبب الدين أو الجنس أو لون البشرة. فكر يضعنا فى تناقض مع المجتمعات الأخرى وتجلعها تتحالف علينا مثلما تحالف الجميع ضد هتلر حتى قضوا عليه تماما. والغريب أن هذا الفكر منتشر بين جميع طبقات المجتمع حتى بين الذين لا يمارسون الدين سلوكا فى نادى الجزيرة و مارينا مثلما هو فى امبابة و عين شمس حيث المساجد دائمآ ممتلئه. فكر يفرز أسامة بن لادن فى المجتمعات الخليجية المنغلقة و عمرو خالد و أمثاله فى مجتمات نادى الجزيرة فى القاهرة أو مثلها فى لبنان .. الفرق بينهما فقط فى طريقة اللباس رغم أن كلاهما يعيش فى نفس الماضى و يستشهد بنفس ألأشخاص و نفس القصص ويؤمن أنه على حق و الآخربن على خطأ .. والإثنان يدعيان أن مرجعيتهما واحدة هى الأسلام؟ وإذا كان التطرفُ من طبائعِ البشرِ وليس من طبائعِ المسلمين (إذ أنه وجد تاريخيا في كل الأديان وفي ظل كل الحضارات والثقافات) فإن الحقيقة تبقى متجسدةً أن التطرف يظهر بأسوأ صوره فى مجتمعاتنا وهذا يدفعنا الى أن نسأل أنفسنا السؤال الذى نحاول أن نتجنبه شعوريا أو لآشعوريا السؤال المطروح فى جميع وسائل الأعلام العالمية وليست الغربية فقط. هل الأسلام فعلا دين فاشى وأنه لافرق فى الحقيقة بين المسلمين المتطرفين أتباع بن لادن وبين من يمثلهم أو يخاطبهم عمرو خالد؟ الحقيقه كما أراها و لا أدعى اطلاقا أننى على صواب تماما أن مفهومنا الحالى و الغالب للاسلام هو مفهوم فاشى نتيجته الحتميه هو الصدام مع الحضارات الأخرى و ليست الغربية فقط كما تنبأ صامويل هانتيجنتون منذ عشر سنوات.
وحتى يأتى اليوم الذى نؤمن فيه بأنَ الدينَ مصدرآ للأخلاقِ والقيمِ الرفيعة أما النظمُ السياسية والاقتصادية والاجتماعية فتتغير مع الزمن وأنه من حق أى أنسان ان يؤمن بما يشاء طالما لا يجبر ألآخرين على معتقداته أو يهين معتقداتهم و نترك لله جميعا أن يحكم بيننا فى الآخرة , فسيظل مفهومنا للدين مفهوم فاشى مهما حاولنا أن نثبت العكس.
هل ننسى أو نتجاهل أن صلواتنا و خطب شيوخنا تنقلها مكبرات الصوت و الفضائيات الى العالم أجمع و فيها ندعو الله أن ينتقم لنا من كل من يخالفنا فى معتقداتنا وان ييتم أبنائهم ثم نسأل أنفسنا السؤال الساذج لماذا يعادوننا... ألم نصدر علنا فتاوى القتل فى كل من قال رأيا مخالفا للمألوف من معتقداتنا أو مما اصطلح عليه أنه معلوم من الدين يالضرورة هذا المصطلح المطاط الذى خلط بين ما هو دينى و ما هو دنيوى وكان السبب فى تفريق مثقفينا عن زوجاتهم و حتى فى محاولة قتل كاتب عظيم مثل نجيب محفوظ مهما اختلفنا مع بعض كتاباته والقبض علي أي ممن يحمل فكرا دينيا مختلفا مثل القرآنيين وغيرهم وتوجيه تهمة ليس لها أي معني يسمونها ارزدراء الأديان ... أن مصطلح إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة ما هو إلا مصطلح مطاط ليس له إلا نتيجه واحدة وهي وأد الفكر والتقدم و هو و مثله من مصطلحات الحجر الفكري بحجة الثوابت والخطوط الحمراء ما اوصلنا الى ما نحن فيه من تخلف حضارى لأن حرية الفكر هى الوسيلة الوحيدة للتقدم مهما صاحبها من شطط و الدين الأسلامى نفسه كان تمردا على ما هو معلوم من الدين حينئذ بالضرورة.
ونحن ما لم نواجه انفسنا بصراحة قد تكون مؤلمة سنكون مسئولين تماما عن استعداء العالم علينا و عما سيصيب الأسلام .. ذلك الدين العظيم من اضرار .. ذلك الدين العظيم الذى هو براء من كل ثقافة العنعنة التى أفرغته من محتواه ... إن الأسلام الحقيقى هو أول من اسس مبادىء حقوق الأنسان قبل أى فكر غربى يعشرة قرون على الأقل..
يا سادة يا من لا يعجبكم رأي أهل القرآن ويدخلون علي هذا الموقع للتشتيت أقول : دعونا نختلف ... ولكن بطريقة حضارية ..فالاختلاف والتعددية الثقافية والفكرية بل والدينية هما أجمل مافي الحياة ..الاختلاف هو سنة الله في خلقه .. وهو الطريق الوحيد للتقدم لأنه يضع لنا بدائل يمكن الاختيار بينها بحرية .. لا يوجد شيء اسمه ما هو معلوم من الدين بالضرورة (في رأيي المتواضع) ولا ماهو معلوم من السياسة بالضرورة ولا من القومية بالضرورة .. لو أراد الله أن نكون جميعا علي قالب واحد لفعل وعلي دين واحد ومذهب واحد لكان له ما أراد .. فلا رد لإرادته ..
لنا الله

اجمالي القراءات 9327