لماذ القرآن وحده؟ (الجزء الثاني)

شريف هادي في الإثنين ٠٦ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

كتبت مقالتي المعنونة لماذا القرآن وحده؟ ونشرتها كدعوة هادئة للحوار ، ولكن لم اكن اتصور ان لغة الحوار قد وصلت الي هذا المستوى المتدني في عالمنا العربي لاسيما حوار بين مرتادي الانترنت والمتصور انهم الأعلى ثقافة بين العرب فماذا عن الأدنى ثقافة؟ كيف ستكون لغتهم مع بعضهم البعض؟ ، خاصة أن بعضهم يضع حرف (الدال) قبل اسمه ولا أعرف ان كانت تلك (الدال) دالة على ثقافة وعلم في فرع من فروع المعرفة أم دالة على عظيم إحاطة بلغة السوقة والعامة ومعرفة بأنواع السب واللعن؟ وان كان&ml;ت أقرب للمعنى الثاني وأسألوا ذلك (الدال) شاكر محمد والذي كانت مداخلاته أكبر دليل على مستوى الانحطاط الذي وصل إليه عالمنا العربي في ظل ملوك وروؤساء استحلوا سحل ثلث الرعية من أجل أفقار باقي الرعية ، وشيوخ وقف الزمن في روزنامتهم على عصور الظلام والتقليد ، وعامة استمرأو الذل والخنوع ، فأصبح الدين نصوص يرددونها مهما تعارضت مع بعضها البعض وحركات يؤدونها شكل بلا مضمون وأخذوا من الدين القشور.
صلاة يقيموها وما أقاموها فلم تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي فما أخذوا منها غير بعض الحركات الرياضية ونسوا قوله تعالى " اتل ما اوحي اليك من الكتاب واقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون " العنكبوت 45 ، وزكاة يؤدوها وما أدوها لا تخلوا من المن والأذى ونسوا قوله تعالى " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها اذى والله غني حليم" البقرة 263 ، وصيام ليس لهم منه إلا الجوع والعطش وقد اقترفوا فيه كل أنواع المعاصي فأصبح الصيام شر لهم وخالفوا قوله تعالى" ... فمن تطوع خيرا فهو خير له وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون" البقرة 184 ، وحج آتوه رجالا وعلى كل ضامر ولم يأتوه فليس لهم منه إلا عناء السفر ومشقة الطريق فقد ألبسوه بالرفث والفسوق والجدال ونسوا قوله تعالى " الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون يا اولي الالباب " البقرة 197. فاصبحنا مسخ بين الأمم وبادت حضارتنا بعدما سادت وأصابنا غضب من الله واحتقار من الناس.
قد لا يعلم الكثير أني أحمل درجة الدكتوراة في القانون ، ولكنني لا أسبق بها اسمي لسببين الاول قوله تعالى " ... هو اعلم بكم اذ انشاكم من الارض واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى" النجم 32 ولا يخفى عليكم ما في هذه (الدال) من تزكية ، والثاني ان كتاباتي في الدين وليست في القانون فلا يحق لي استخدام لفظ الدكتوراة والتي قد يظن البعض انها في الدين وما في ذلك من تدليس على العامة أرفضه.
معظم الردود والتعليقات جائت بالسب واللعن والتحقير ، ولم يكلف أحدهم نفسه بالرد الموضوعي على ما جاء بالمقالة اللهم إلا الرجل العفيف محمد تقي الدين والذي يستحق منا كل اشادة فبرغم اختلافه معنا إلا انه التزم لغة الحوار المؤدب وكتب بموضوعية ويستحق الرد أيضا بموضوعية ، وكذلك نقل لنا (الدال) شاكر محمد مشكورا مقالة الاستاذ الدكتور يحيى هاشم حسن فرغل في جريدة الشعب ووضعها تحت كل مقالاتي ظنا منه انها مقالة مفحمة لايمكننا الرد عليها على ما فيها من أخطاء - كما سنبين بإذن الله – لا يقع فيها طالب مدرسة فضلا عن استاذ دكتور.
وقبل أن أبدأ اشير إلي مداخلة لذلك (الدال) شاكر محمد تنم عن جهل مدقع نحمد الله الذي عفانا منه فكتب ردا على قولنا (القرآنيون يحبون النبي ويشهدون انه رسول الله) وقال بالحرف الواحد (والا اليهود والنصارى يعلمون علم اليقين انه رسول بل يعرفونه اشد من معرفتهم لابنائهم هل اصبحوا بعلمهم هذا مسلمين هل سيغفر لهم على علمهم هذا ام سيعذبون بعلمهم واذا شئت فاقرأ سور المنافقون) لقد نسي هذا (الدال) أو تناسى قولنا (يحبون) فالاخرين يعرفونه معرفتهم لأبنائهم بل أكثر ولكنهم لا يحبونه بل يحسدونه واسمع قوله تعالى " ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى ياتي الله بامره ان الله على كل شيء قدير" البقرة 109 ، ولكنهم والمنافقون لا يحبون النبي ولا يحبون المؤمنين وتدبر قوله تعالى" هاانتم اولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله واذا لقوكم قالوا امنا واذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم ان الله عليم بذات الصدور" آل عمران 119 فهو إذا استدلال فاسد في غير محله نلتفت عنه ولا نعيره اهتمام.
واخيرا أعتذر لكم عن هذه المقدمة الطويلة اللازمة ، مؤكدا على ان كل سباب ولعن العالم أجمع لن يثنيني عن الجهر بما أؤمن ، كما لن يجرني لذات المستنقع ، وذلك لأنني أحب الرسول صلى الله عليه وسلم (حبيبي وقرة عيني) فأتمثل أخلاقه فلم يكن عليه الصلاة والسلام سبابا ولا لعانا بل كان كما قال رب العزة " على خلق عظيم" القلم 4
أسماء الأضداد:ـ
1- قال الاستاذ الدكتور يحيى ما نصه (تسمية بعض منكري السنة بالقرأنيين هو من أسماء الأضداد أراد أصحابه ذلك أم لم يريدوا ، وذلك من حيث إن إنكارهم للسنة هو طريقهم إلى " حلمهم " في إنكار القرآن نفسه) هنا تقمص الاستاذ الدكتور يحيى دور الله – تعالى الله علوا كبيرا – واطلع نفسه على ما يدور في قلوب ونيات بعض المسلمين (القرآنيين) وادعى علمه بأن (حلمهم) هو انكار القرآن نفسه ، وهنا يحق لنا أن نسأل سؤال: كل من سميتموهم قرآنيين يقولون نحن خدمة القرآن وسدنته ، فكيف عرفتم أن حلمهم هو انكار القرآن؟ "أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا؟.
2- ثم نأتي لقول الدكتور يحيى (وندخل إلى الموضوع من حيث نبين أولا المقصود باسماء الأضداد التي تكاد " لاتغطي" عورة هؤلاء المنكرين ونكشف - فيما نكشفه من هؤلاء المنكرين - خبثهم في التخفي وراء هذه الخاصة من خصائص اللغة فهم " قرآنيون ؟! ": يطلقونها هكذا أمام السذج ليُفهموهم منها ما ليس فيهم من الإيمان بالقرآن ولكنهم من وراء وراء يستعملون الكلمة في أندية كهنتهم للدلالة على المقصود أصلا من اتجاههم في إنكار القرآن وإنكار السنة جميعا يقول بعض الباحثين (تشكل الألفاظ العربية المشتركة المعاني مع ماصدر لها من شروح ودار حولها من مناقشات جزءاً مهماً من تراثنا اللغوي والأدبي) أعود واكرر لم نسمي أنفسنا قرآنيين بل نحن مسلمون حنفاء على ملة ابينا ابراهيم ، ولكن انتم الذين اطلقتم علينا لفظ قرآنييون وهو شرف لا ننفيه وتهمة ندعيها ، وأقول للدكتور يحيى أنت تقول (يستعملون الكلمة في اندية كهنتهم للدلالة على المقصود اصلا من اتجاههم في انكار القرآن) هل لك ان تضرب مثالا لقولك أم هو كلام مرسل لا يستحق عناء الرد عليه؟ والحقيقة انت الذي تريد ان تفتن السذج وتبعدهم عن دعوة الحق بالرجوع للقرآن وحده وتنزيه الرسول من الاحاديث الموضوعة والكاذبة
3- ثم نأتي لأسماء الأضداد ، القرآن لا ولم ولن يكون من أسماء الاضداد يا دكتور ، وقد أجهدت نفسك في تعريف اسماء الاضداد بأنها الاسماء التي تحمل المعنى وضده ، والقرآن لا يحمل إلا معنى واحد فقط هو ذلك الكتاب الذي نزل على محمد ، لعلي نسيت أنك من اتباع البخاري الذي ادعى في صحيحة أن داوود عليه السلام كان لديه قرآن يقرأه عندما يستوي على دابته ، وانك من اتباع الحاكم الذي ذكر في مستدركه أن الشيطان طلب من رب العزة أن يكون له قرءان فقال الشعر.
4- ثم انت تستدل بابن الانباري وبالدكتور احمد محمد معتوق على وجود المشترك اللفظي وان اسماء الاضداد نوع من المشترك اللفظي قد يعيب اللغة أو لا يعيبها (وقد خرجت عن موضوع الاخذ بالقرآن كمصدر وحيد للتشريع) ولكن لا بأس دعني أرد عليك بكتاب الله ، لقد ذكرت كلمة (بصير) والتي قد تعنى الأعمى وقد تعني المبصر الذي يرى ، نعم بعض علماء اللغة وأهلها يستخدمونها على هذا النحو ، ولكن ذلك لا يلزمنا بل يلزمنا استخدام القرآن للكلمة ، والقرآن لم يستخدمها إلا بمعنى واحد فقط وهو من لديه بصر يشاهد الاشياء ، واسمع قوله تعالى " قال رب لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا(125) قال كذلك اتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى(126)طه ، فقد استخدمت بمعنى واحد وهو الذي يرى وعكسها الأعمى ، فهل يلزمنا كلامك أم يلزمنا القرآن؟ ومن هنا نرى ان الكلام عن المشترك اللفظي واسماء الاضداد في هذا الموضوع بالذات هو جهل مشترك بالدين واللغة نحمد الله الذي عفانا منه.
موضوع السنة ومفهومها
يقول الدكتور يحيى (فإذا انتقلنا إلى قضية السنة عند " القرآنيون " وجدناها من الموضوعات القديمة الجديدة التي يحوم حولها أعداء الإسلام قديما ، وحديثا : يحاول العلمانيون أخيرا أن ينفذوا منها إلى هدم الشريعة ثم هدم الإسلام برمته ، وهم بإنكارهم للسنة جملة بغير تفرقة فيها بين ما هو صحيح في نسبته للرسول وما ليس صحيح النسبة ينكرون القرآن أصلا ، ومن ثم يكفرون بالإسلام كفرا بواحا) ، وهنا أقول نزولا على رغبته ومن وافقه في اعتباره دكتور فهو حقا دكتور في الجهل بإعتبار الجهل فرعا من فروع المعرفة ، وذلك لأنه أعتبر أن (السنة) مرادف (الحديث) مع انهما مختلفان في المعنى ، والقرآنييون يؤمنون بالسنة ويرفضون أن يكون الحديث ناسخ للقرآن أو منشئ لأحكام لم ترد في القرآن وذلك لظنية الحديث وقد أعترف هو نفسه بقوله (بين ما هو صحيح في نسبته للرسول وما ليس صحيح) فهل يستطيع هو أن يجمع كل ما هو صحيح وأن يجزم بكل ما ليس صحيح؟
ولكي نناقش القضية بشيء من التخصص يجب أولا تعريف كلمة سنة لغة وفقها ثم نناقش ما يقبله القرآنيين مما يرفضونه حتى تنجلي الحقيقة ، ويعرف الجميع أننا نسير على منهج علمي يمكننا تأصيله وتنظيره.
معنى السنة
السنة لغة هو الشريعة والطريقة ، ودائما ما تشتمل على الالزام ، يقول القائل (سن مجلس الشعب قانونا) أي فرض وقرر وشرع قانونا ، وبما انه شرع وفرض فإن ذلك يشتمل على الالزام ، وقد تأتي السنة بمعنى القانون الكوني الذي لا يمكن تبديله يقول القائل (الموت من سنن الحياة) فهو من قوانين الحياة التي لا يمكن تبديلها ، الشمس تشرق من المشرق وتغرب في المغرب من السنن الكونية ، وهكذا.
السنة عند رجال الدين تختلف بين الفقهاء والمحدثين ، فعند الفقهاء السنة هي ما دون الفرض من الأحكام (يدخل فيها المندوب والمباح)، وعند المحدثين هي كل ما جاء في كلام وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وتكون بذلك (واحدة من أدلة الاحكام الشرعية) وعلى هذه الحالة فهي تندرج تحت الواجب والمندوب والمباح والمكروه والحرام
السنة في القرآن
قال تعالى" قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وان يعودوا فقد مضت سنة الاولين " الانفال 38
وقال تعالى" لا يؤمنون به وقد خلت سنة الاولين" الحجر 13 ،
وقال تعالى" سنة من قد ارسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا " الاسراء 77
وقال تعالى " وما منع الناس ان يؤمنوا اذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم الا ان تاتيهم سنة الاولين او ياتيهم العذاب قبلا" الكهف 55
وقال تعالى " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان امر الله قدرا مقدورا" الاحزاب 38
وقال تعالى" سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا " الاحزاب 62
وقال تعالى " سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا" الفتح 23
ذكرت كلمة سنة في القرآن عشر مرات في سبع آيات وكلها تعني القانون الألاهي الذي وضعه الله وطبقة على الأمم السابقة والانبياء السابقين وتم تطبيقه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهز التطبيق على الامم اللاحقة لأنه لن تجد لسنة الله تبديلا ، وهنا يكون استخدام كلمة سنة بمعناها اللغوي هو الاقرب لفهم القرآن من استخدامها بمعناها عند علماء وفقهاء ومحدثين الدين السني.
ويحق لنا هنا أن نسميه (الدين السني) لأنه أخترع شيئا لم يكن موجودا من قبل ، وهو بذلك يكون ابتدع في الدين ما ليس فيه ، فالرسول (ص) كان يتكلم بالقرآن ومن القرآن ، وكان ينتظر التنزيل حتى يفتي في دين الله ، وهناك مئات المواضع في كتاب الله ((( يسألونك))) (((قل))) وقال تعالى " بالبينات والزبر وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون " النحل 44 أي نزلنا إليك القرآن لتبين للناس (اليهود والنصارى) ما نزل اليهم (الكتب السابقة) لعلهم يتفكرون فيعلمون انه الحق من ربهم ، إذا استخدام لفظ السنة جاء في غير محله عند فقهاء الدين الارضي مبتدعين في دين الله ما ليس فيه
فيكون قول الدكتور يحيى (وهم بإنكارهم للسنة جملة بغير تفرقة فيها بين ما هو صحيح في نسبته للرسول وما ليس صحيح النسبة ينكرون القرآن أصلا ، ومن ثم يكفرون بالإسلام كفرا بواحا) قولا مرسلا على خلاف الحقيقة يستحق الاهمال.
ونصل لقول الدكتور يحيى (والمقصود بالسنة هنا أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته)نحن لا نسمي هذه سنة بل نسميها أحاديث الرسول ، ولنطلق عليها لفظ سنة مجازا لتقريب المعنى ، وحتى لا يقول جاهل كيف تصلون؟ وكم عدد الركعات؟
وقبل أن نبدأ بالشرح نقول أن من عجائب الامور أن المتواتر من الحديث لا يتعدى ثمانية وعشرين حديثا على أفضل الفروض ونحن نؤمن بها ، أما أحاديث الآحاد ظنية الثبوت للرسول فهي كل الاحاديث الباقية ، فكيف يكفرنا بتركنا للظني؟ وقبولنا لليقيني والله تعالى يقول " وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن وان هم الا يخرصون" الانعام 116 ، ويقول سبحانه وتعالى" وما يتبع اكثرهم الا ظنا ان الظن لا يغني من الحق شيئا ان الله عليم بما يفعلون" يونس 36 ، نعم يا ربي انهم يتبعون أحاديث ظنية الثبوت كما أقر بذلك علماءهم ثم يجعلونها ناسخة لأحكام القرآن ومكملة لها وقاضية على القرآن – تعالى الله عن ذلك اللغو علوا كبيرا – وقد صدق فيهم قولك الحق " وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله"
ونأتي للشرح فنقول – بتوفيق الله – ان الله سبحانه وتعالى قال "لكل جعلنا شرعة ومنهاجا" المائدة 48 ، والشرعة هي النص ، والنص هو القرآن ، والمنهاج هو التطبيق والتطبيق هو السنة بما فيها (الحديث) فكل ما جاء في السنة تطبيقا لنصوص القرآن كالامر بالصلاة فإننا نأخذ به ، فتكون كيفية صلاتنا كصلاة باقي المسلمين وكذلك الزكاة والصيام وباقي الاحكام في القرآن التي جائت مجملة وفسرها فعل الرسول (ص) وقوله وتقريره.
وذلك لا يدل على نقص في القرآن – حاشا لله – يحتاج للسنة لتكمله ولكنه يدل على تطبيق أحكام القرآن ومنها الأمر بطاعة الرسول ، ويرى الباحث أن الامر لم يأتي في القرآن ولو مرة واحدة بطاعة النبي ، ولكنه جاء دائما بطاعة الرسول ، والرسول هي وظيفة النبي ، وهي تبليغ الرسالة فنطيعه في تبليغها ونشهد له بأنه بلغها كاملة ، وأدى أحكامها فأديناها بالطريقة التي أداها بها ، أدعوا الله ان يفتح قلوبا غلفى وعقولا تحجرت عن فهم وتدبر كتاب الله مكتفية بالتبرك بالبول وارضاع الكبير
ونأتي لقول الدكتور يحيى (وهم اليوم أربعة أصناف .
صنف يتطرف برفض السنة كلها وهؤلاء نوع من العلمانيين المرتدين الخارجين عن الملة بالكلية
وصنف من المسلمين يأخذون بها جميعا ولكنه يتطرف فلا يفرق بين ما هو فرض ومندوب ، وحرام ومكروه من الأحكام الخمسة . وهؤلاء إنما يحتاجون إلى شيء من الفقه والتعليم
وصنف من بعض العلماء يرى أن فيها ما هو للتشريع فيأخذ به وما ليس في التشريع فلا يأخذ به ولهم في ذلك شبهات مردودة .
وصنف هم جمهور المسلمين يأخذون بالسنة كلها وأنها كلها تشريع يتفاوت حكمه بين الفرض والمندوب والتحريم والكراهة والإباحة وهذا ما عليه علماء المسلمين غالبا .)
نقول ان فهمه لمعنى السنة مرادف لمعنى الحديث ، ونراه تطرف في تكفير وتضليل من رفضه كله على ما فيه من موضوع وغريب كما أن كله تقريبا ظني فيما عدا بضع وعشرون حديثا ، وتساهل فيمن قبله كله دون فرق بين درجات الحكم الشرعي وهي في الحقيقة عبارة مبهمة تدل على عظيم جهل بالدين ، فأين هذه الفرقة التي تأخذ بالسنة كلها دون تفريق بين ما هو فرض و ما هو مندوب وما هو حرام وما هو مكروه؟ فالدكتور يتكلم عن فرقة مستحيلة كالغول والعنقاء ، وأعتبر من رد بعص الحديث صاحب شبهة مردودة ، ولله الأمر من قبل ومن بعد فأي شبهة مردودة على من رفض ارضاع الكبير ، وهل يقبل لزوجته ذلك؟ ، ثم قال جمهور المسلمين يأخذون بالسنة كلها ، فهل ترى ان الجمهور على قبول التقام الرجال لأثداء النساء وكلهم على ان الرسول قال (ايما رجل وامرأة توافقا فعشرة بينهم ثلاث) فلو توافق رجل من المسلمين مع اختك ايها الدكتور العظيم فستقبل عشرة بينهما ثلاث؟ ثم لماذ الجمهور على قبول ذلك كله ولسان حاله يخالفة؟ ستقول تأويلا لا إنكارا وأقول لك ما الفرق إذا أخذنا بالحديث على خلاف بل على عكس ظاهرة؟
ثم استدلالك (بالامام) الشعراني صاحب الطبقات وهو متهم عندنا أيما اتهام فقبلته انت إماما وهو يكفر بالله ويخالف القرآن ويقول بعصمة الاولياء وبالابدال والنقباء وجعل مع الله آلهة أخرى تدبر معه الامر – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا – لا لشيء إلا لأنه قبل بالحديث كله وزاد فيه فكان يقول (حدثني قلبي عن ربي) على ما في ذلك من مفاسد ، أنصحك أيها الاستاذ الدكتور يحيى ومن وافقك نصيحة مسلم مخلص أن تراجع عقيدتك وتنقيها مما علق بها من حب الاشخاص مهما كان في افعالهم واقوالهم شرك بالله.
أما قول الاستاذ الدكتور يحيى (أما أنها جماعة القرآنيين فما أبعدها عن صحة هذه التسمية وما أبعدها عن القرآن جملة وتفصيلا إنها إذ تزعم أنها تكتفي بالقرآن ولا تتقيد بالسنة لا تلتزم بالسنة ولا بالقرآن معا ، لأنها لوا التزمت بالقرآن لالتزمت بالسنة نزولا عند قوله تعالى :{ وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسولٍ إِلّا ليُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَموا أَنْفُسَهُمْ جاءوكَ فاسْتَغْفَروا اللَّهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسولُ لَوَجَدوا اللَّهَ تَوّاباً رَحيماً } 64 النساء)
لابأس لكي نعيد الشرح في تبسيط وقد قلناها مرارا وتكرارا ولكن أعيتكم جميعا الحيلة في الرد علينا ، قلنا أن القرآن ونصوصة هو الشرعة والنصوص التي أنزلها رب العزة ، وأن أداء الرسول ويشتمل على أقواله وتقريراته هو (((المنهاج))) الذي يفسر لنا كيف نؤدي الاوامر القرآنية أوامر (((الشرعة))) وهي أتت لنا من فعل الرسول ثم الصحابة ثم ما تلاهم من قرون كابرا عن كابر ، وقد قال تعالى " لكل جعلنا شرعة ومنهاجا " المائدة 48 والشرعة هو النص المنزل ، والمنهاج هو أداء الرسول ، ولذلك في جميع أوامر الطاعة جائت بلفظ (((الرسول))) ولم تأتي بلفظ النبي ، لأن الرسول هو النبي عندما يؤدي وظيفته ، أما أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم خارج نطاق أداء الوظيفة المنوطة به (((الرسالة))) فهي أقوال وأفعال مرتبطة بزمانه ومكانه لا تتعداهما ، وقد أكد صلى الله عليه وسلم هذا المذهب بقوله (أنتم أعلم بامور دنياكم)
ومن عظيم جهل الاستاذ الدكتور يحيى هاشم حسن فرغل قوله (وعلى كل حال فالتسمية بأهل السنة والجماعة لا تعني عند أحد من أهل السنة والجماعة أنها – أي السنة - حكر عليهم أو أن غيرهم من الفرق الإسلامية الأخرى من المعتزلة والشيعة والخوارج على السواء يرفضونها أصلا أو لا يأخذون بها بشكل عام ، وهذه الفرق إنما تختلف في بعض أمور السنة من حيث قبول بعض المصادر أو بعض الأسانيد دون الأخرى ، أما المنكرون للسنة جملة وتفصيلا فهم قد اختاروا لأنفسهم ما اختاروه من الجمع بين فضيحة إنكار القرآن ، وفضيحة نبذ الإسلام بالكلية والاصطفاف في صفوف المرتدين ، وفضيحة الجهل جميعا كما سبق أن قدمنا في أول المقال لا يبرئهم من هذه الفضائح تسترهم بأسماء الأضداد.)
فهو أولا أعتبر أن جميع الفرق إسلامية لا يفرق بينها لكون كل فرقة منهم أخذت بمصدر من مصادر الحديث ، وهو قطعا عظيم جهل مقترن بغباء مركب نحمد الله أن عفانا منه ، فكيف مثلا يعتبر غلاة الشيعية كالفرقة العبيدية من جموع المسلمين على ما أخذوا به من اسقاط الشعائر (كالصلاة والصيام والزكاة والحج) عن آل بيت النبي وعمن أحب آل بيت النبي ، فكان من هذه الفرقة نساء تسمى النوابات يتصدقن بفروجهن على من لا يقدر من شباب المسلمين ، وكيف أعتبر غلاة الخوارج من جموع المسلمين على ما كان منهم من تكفير المسلم بالصغيرة واللمم ، وقال (انما تختلف في بعض امور السنة) على ما هو معروف من رفض الشيعة لكل كتب الحديث عند أهل السنة والجماعة ولهم مصادرهم الخاصة كالكافي والقليني ، وما رأيه في حديث غدير خم؟
ثم أخيرا نراه يؤكد ما ذهب اليه في أول المقالة من تستر القرآنيين بأسماء الاضداد وذلك مردود عليه ، بأن القرآن الكريم كتاب رب العالمين ليس من أسماء الاضداد ، ثم أن لفظ قرآنيين لم نطلقه على أنفسنا فنحن مسلمين حنفاء لرب العالمين ، ولكن غيرنا أطلقه علينا يظن من جهله المركب أنه رمانا بنقيصة ، ولكنه شرف لا نرده عنا ، فنحن لسنا جماعة ولم نطلق على أنفسنا أي أسماء حتى يرمينا هذا الدكتور بغباء يحسد عليه بأننا نتستر خلف أسماء الاضداد وهي كلمات يطلقها ولا يفقه معانيها وقد صدق فيه قول رب العالمين "كالحمار يحمل أسفارا" ، وما زال مصمما على أن يرمينا بما ليس فينا من انكار القرآن – حاشا لله – ونبذ الاسلام والاصطفاف في صفوف المرتدين – نعوذ بالله – وهو بذلك عن جهل وغباء يرفض حديث رسول الله الذي رواه علي الرضا قال حدثني ابي موسى الكاظم عن ابيه جعفر الصادق عن ابيه محمد الباقر عن ابيه علي زين العابدين عن ابيه شهيد كربلاء (الحسين) عن ابيه علي المرتضى قال حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال حدثني جبريل عليه السلام قال: حدثني رب العزة سبحانه وتعالى ، قال: كلمة (لا إله إلا الله) حصني فمن قالها دخل حصني ، ومن دخل حصني أمِنَ من عذابي ، بل ويرد الكثير من الاحاديث النبوية التي تتكلم عمن قال (لا إله إلا الله) ومن في قلبه حتى مثقال ذرة من إيمان ، فهذا الغبي ومن وافقه يكفرنا لرفض بعض الاحاديث المنسوبة لرسول الله ظلما وعدوانا ثم يقع هو في المحظور الذي افترضه ويرد أحاديث رسول الله بتكفيره لنا ، فأي جهل مركب أكثر من هذا الجهل وأي غباء لا أمل فيه أكثر من هذا الغباء ، والحمد لله الذي عفانا.
ونعتذر للقارئ الكريم عن بعض الكلمات القاسية الموجودة في مقالتنا ولكننا نتبع قوله تعالى" لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم وكان الله سميعا عليما"النساء 148 وهذا الدكتور ومن وافقه ظلمنا ظلم بين بسبنا وتكفيرنا ، ونحن لا نكفره ولكن نعامله بالمثل و ليعلم الناس ان لدينا الرد المنطقي على كل من هاجمنا ، وليعلم أولئك الذين ظلمونا أي منقلب سينقلبون
أخي الاستاذ الكريم / محمد تقي الدين سيكون ردنا علي مداخلتك المعنونة (الشريعة) في مقالة قادمة ان شاء الله
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
شريف هادي

اجمالي القراءات 17892