هل كان إبراهيم عليه السلام مُتسرعا ؟؟

عثمان محمد علي في الإثنين ١٤ - نوفمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

هل كان إبراهيم عليه السلام مُتسرعا ؟؟
إيه الحكاية ؟؟
كتب لى أخ عزيز بعد نشر مقالى عن تشريعات زواج النبى عليه السلام وخصوصيتها يقول أن أحد الباحثين المشهورين على مواقع التواصل الإجتماعى قال كلاما عن نفس الموضوع مُغايرا وأن تحديد دائرة الزواج للنبى عليه السلام كانت لأسباب سياسية ،ثم لجلب الشرف لبعض القبائل ليدخلوا في الإسلام بمجرد المُصاهرة مع النبى عليه السلام ............
وأقول :::::
هذا بكل تأكيد كلام جانب صاحبه ذلك الباحث الصواب فيه .فليس في الإسلام تشريعات للنبى عليه السلام من أجل مواقف سياسية المواقف السياسية يصنعها طُلاب الدنيا والجاه والسلطان والمال والثروة والإسلام ونبى الإسلام ليس من هذه الدائرة .
ثم أن تحديد دائرة زواج النبى عليه السلام إقتصرت على (بنات عمه وخاله وعمته وخالته اللاتى هاجرن معه ،وإمرأة مؤمنة ثم ممن يمن الله عليه بهن من ملك اليمين )وفقط ..
فأين شرف المُصاهرة للقبائل الأخرى في هذاوهم ليس لهم ناقة ولا جمل في الموضوع ؟؟ ....
وأثناء مُشاهدتى لفيديو ذلك الباحث فوجئت به يتقول على القرءان وعلى نبى الله إبراهيم عليه السلام ويصفه بانه كان مُتسرعا .ويستشهد بقول الله جل جلاله (ان ابراهيم لاواه حليم )..وقال أم معنى (أواه) تعنى المُتسرع ....
وهنا أقول له :
لقد وقعت في خطأين : الأول:أنك كما تقول إعتمدت على القواميس العربية لفهم معنى (أواه ) ..
والثانى :أنك لم تعرض فهمك هذاعلى سياق الأيات القرءانية التي وردت فيها ،ولا على حقائق القرءان الكريم في قصصه عن إبراهيم عليه السلام لتتعرف على شخصيته.
فالقرءان العظيم له مفاهيم ومعان خاصة به وبمصطلحاته تُفهم من خلال سياق آياته ولا تُفهم من المعاجم والقواميس اللغوية .فالقرءان العظيم هو (اصدق القول ) و(اصدق الحديث ) بما فيه معانيه ومفهوم مُصطلحاته لأنه كتاب مُنزل من عند رب العالمين الحكيم الخبير ، وأن القواميس العربية لاحقة عليه ويجب أن تكون محكومة به وليست حاكمة عليه .
ولو عدنا لسياق الأيات لوجدنا أنها وردت في (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ) فلو فكرنا قليلا وسألنا هل يستقيم أن يكون معنى الأية أن إبراهيم عليه السلام مُتسرعا وجاءت بين حليم بمعنى لديه من الصبر والحلم والتسامح ما يحعله أن يوصف بأنه حليم ، ثم أنه أواه بمعنى مُتسرعا ، ثم مُنيب ،اى كثيرالتوبة والعودة والدعاء والإنابة إلى الله جل جلاله حتى وصفه رب العزة بأنه (مُنيب ) ؟؟؟
بالطبع لا ... لأنه لا يمكن أن تكون (اواه ) هنا بمعنى (مُتسرعا ) ولكنها تعنى توضيحا وتكملة لصفة الحلم أي كثير تأنيب الضمير ،اى أن (نفسه اللوامة)غالبةعليه اكثر بكثير الاف المرات من نفسه الأمارة بالسوء . ومن هُنا فإن معنى (اواه ) تعنى كثير الحلم والخشوع والخوف والتضرع إلى الله ،وليس معناها أنه (مُتسرع ) حتى لو قالت كُل قواميس اللغة عكس هذا . فالقرءان العظيم يشرح بعضه بعضا ويُكمل ويُتمم ويُبين بعضه بعضا .
ثانيا:: لوعرجنا سريعا على عناوين قصة حياة إبراهيم عليه السلام في القرءان (وكُلنا يعرفها )وأخذنا مُلخصها في آية واحدة مدحه وشرفه رب العزة جل جلاله فيها في قوله تعالى (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) وفى قوله تعالى (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ).. أي إبراهيم الذى وفى ونجح في كل الإختبارات والإبتلاءات التي تعرض لها ،ونجح ووفى في تلبيغه لرسالته للعالمين والتي جعلها رب العزة ملة لنا وجعله إماما للناس جميعا فهل يكون مُتسرعا ؟؟؟؟؟؟؟؟ أعتقد لا وألف لا ومليون لا.
ومن هُنا فليس معنى (اواه ) في قوله تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ )أنه كان مُتسرعا .فمن قال أو يقول بهذا فقد أخطأ وجانبه الصواب ويحتاج إلى مراجعة تفكيره فيها مرات أخرى ،ويحتاج إلى فهم مُصطلحات القرءان العظيم من القرءان الحكيم وبالقرءان الحكيم وحده وليس من معاجم وقواميس اللغة العربية .ففيها كوارث ومخالفات خطيرة في شرحها لا تتوافق ولا تتطابق مع مفاهيم ومعانى مُصطلحات القرءان العظيم،وفى هذه الحالة لابد أن تعلو معانى مصطلحات القرءان عليها وليس العكس.
وأهمس في أذن ذلك الباحث ومن على شاكلته وأقول لهم :: ليس كل من رفض الروايات والأحاديث أصبح باحثا قرءانيا ،ولكن لكى يكون باحثا قرءانيا فعليه أن يمشى خلف ودُبر آيات القرءان وشروحها وحقائقها القرءانية ويتبعها ولا يرفع نفسه عليها ليقول للناس ولنفسه ( انا هُنا انا هُنا ) ،وليجعل من نفسه طالب علم تجريبى في معمل حقائق القرءان وينتظر ماذا ستقول له حقيقة التجربة ( الآية ) التي يتدبرها ويلتزم بها ولا يتقول عليها ولا يتلاعب فيها ،لكى لا يُصبح كافرا بالقرءان دون أن يدرى مُعاجزا لأياته ولا فرق بينه وبين (أبا جهل ) أو (البخارى) و من يسيرون على دروبهم ومسالكهم في الدين.
هدانا الله جميعا لنور القرءان العظيم .
اجمالي القراءات 1586