إستعداد الشرق الأوسط لطوفان التغيير

شادي طلعت في السبت ٢٤ - سبتمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً



إقتربت ساعة طوفان سيجتاح الشرق الأوسط.
ولا عجب فثمن الرضى بالهوان والضعف باهظ، وذاك حال العرب منذ نكستهم، على مدار عدة قرون مضت.
وقد سبق وأن نوهت إلى أن قدوم الرئيس الأمريكي/ جو بايدن، سيستهدف أنظمة بعينها في الشرق الأوسط، لأنها تعمل بما يخل بالمبادئ الأمريكية في مجال حقوق الإنسان، كما سبق لهم أن ساندو الرئيس ترمب، والذي كان بقاؤه يمثل خطرا على الأمة الأمريكية جمعاء، وحكام تلك الأنظمة هم كل من :

الرئيس التركي/ رجب أردوغان.
الرئيس المصري/ عبدالفتاح السيسي.
ولي عهد السعودية/ محمد بن سلمان.
ولي عهد أبو ظبي/ محمد بن زايد.
رئيس وزراء إسرائيل/ بنيامين نتنياهو.

ثم أعقبت حديثي بأن تلك الأنظمة مجبرة على نبذ خلافاتها، وعليها أن تتوحد في مواجهة الطوفان الأمريكي القادم، إن أرادت البقاء.
ثم عدت وذكرت .. أن أمريكا لن تواجه تلك القوى مجتمعة، وإنما ستوفق أوضاعها مع أحدهم، ليسهل عليها مواجهة باقي الأنظمة ...
وقد حدث ما توقعته بداية، وتصالحت مصر وتركيا، وكذلك تصالحت دول المقاطعة الأربعة مع دولة قطر.

ثم صدقت توقعاتي بشكل أكبر، إذ سقط رجل السياسة الإسرائيلي القوي/ بنيامين نتنياهو ...

................................

ثم كتبت مؤخرا، أنني سأنتظر لقاء الرئيس/ جو بايدن بالرئيس/ رجب أردوغان.
وكم كنت محقا، وصاحب رؤية ثاقبة لمشهد بدا ضبابيا للعديد من السياسيين المتحكمين بمقاليد في أنظمتهم !.

................................

والآن أرى أن ساحة ملعب الشرق الأوسط، باتت على علم بقرب الطوفان القادم، بعدما بدت بوادره في الظهور بعدما حدث التالي :

أولا/ سقوط رئيس وزراء إسرائيل .. بنيامين نتينياهو

إذ ليس سقوطه بالأمر السهل، فقد كان أحد أعمدة إستقرار أنظمة الشرق الأوسط جمعاء، وكان أكثرها قوة وصلابة، وذلك لنفوذ بلاده في الداخل الأمريكي، لذا يعد سقوطه نذير خطر لغيره من أنظمة الشرق الأوسط.

ثانيا/ التوافق فيما بين الرئيس بايدن والرئيس أردوغان

إذ التقى كلاهما يوم ١٤ يونيو ٢٠٢١م، ولم يكن اللقاء بالعابر ليمر مرور الكرام.

ذلك لأن بايدن كان يصر أثناء حملته الإنتخابية على دعم المعارضة التركية لإسقاط أردوغان من خلال الإنتخابات !.
إلا أن تلك التهديدات قد تبخرت، ليحل محلها صداقة قوية مبنية على التالي :

- تبادل المصالح بين البلدين.

- إلتزام تركي بالمبادئ الأمريكية.
لقد طمأن بايدن، أردوغان من جهته، وأخذ الثاني الأمان من أي مكر أو غدر أمريكي، وحظي بفرصة لم يحظى بها أي نظام آخر في الشرق الأوسط.

وكان من نتائج هذا اللقاء :

- أن توسع تركيا من أذرعها العسكرية في العالم لتصل إلى أفغانستان، وهو أمر ذو تكلفة باهظة لكن ستدفعها أمريكا لتركيا.

- كما أن أردوغان هو من سيواجه روسيا، على أراضي دولة ليبيا، نيابة عن حلف الناتو.
وتلك الخطوة سترسخ المصالح المشتركة بين تركيا وأمريكا بشكل أكبر، كما أن الطموح التركي، يسعى لمثل تلك التحالفات، التي توسع من تمدده في الخارج، فتلك كانت بداية الإمبراطورية العثمانية إبان تأسيسها.

- أن تبقى تركيا في دولة ليبيا، ولا تغادرها .. لأنها ستكون حائط الصد ضد العدو الحالي لأمريكا وهي دولة (روسيا).
ومع أن البقاء التركي في ليبيا، يهدد مصر التي هي حديثة الصلح مع تركيا، سنجد أن الأخيرة لن تفرط في تمدد أذرعها لأجل مصر أو غيرها، لأنها تنظر إلى مصر على أنها إحدى ولاياتها المنشفة !.

- كما إحتفظ أردوغان بأذرعه في الداخل العراقي والسوري.

................................

أما عن أنظمة الشرق الأوسط التي لم تسوي ملفاتها مع أمريكا :
فهي أنظمة كل من الإمارات، والسعودية، ومصر، ولكل نظام منهم ملفات شائكة مع أمريكا تتمثل في التالي :

١- غياب الديمقراطية.
٢- إنتهاكات حقوق الإنسان.

* أما عن غياب الديمقراطية، فهذه الأنظمة مطالبة بإثبات تغيير ملموس، من خلال إنتخابات حرة ونزيهة على كافة الأصعدة، وهو أمر ليس باليسير، لأن مردوده قوي لدرجة أنه قادر على إحداث صدع يهدد بقاء كل نظام على حده.

* أما عن إنتهاكات حقوق الإنسان، فتلك الأنظمة أيضا مطالبة الآن بإحداث إصلاحات سريعة في هذا الملف المتدهور لديهم.
وعلى السعودية، والإمارات، ومصر، أن يفرجوا عن المعتقلين في السجون، وعليهم كذلك أن يكفوا عن بناء السجون.

والسرعة مطلوبة في هذا الشأن بسبب القرارات الأمريكية الأخيرة والمتمثلة في التالي :

القرار الأول/ عودة أمريكا إلى الإتفاف النووي الإيراني.

القرار الثاني/ إنسحاب القوات الأمريكية من الخليج العربي.

إن تبعات هذين القرارين السياسيين تعنيان التالي :

** دعم إيران ماديا، وتعويضها عما لحق بها من خسائر مادية، منذ فترة حكم الرئيس ترمب، مما سيعود على القوات المسلحة الإيرانية بالنفع من خلال زيادة التسليح والقوة.

** إطلاق العنان لإيران لأن تفعل ما تشاء في منطقة الخليج، ولا سيما أن شهية إيران تجاه الأراضي السعودية لازالت مفتوحة منذ عقود، ليس بسبب الحنين إلى المجد الصفوي القديم، ولكن إنتصارا للمذهب الشيعي، الذي غاب عنه حكم (أرض الحرمين)، وهنا مكمن الخطورة على السعودية.

وفي حالة تحقق تلك الفرضية، وحدثت حرب في الخليج، فإن سقوط مملكة البحرين سيكون مسألة وقت.

بينما ستظل دولة قطر في مأمن من خطر إيران، إذ يوجد بها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في العالم، كما تحظى بحماية قوات تركية، ولها علاقات دبلوماسية قوية مع إيران.

وكذلك ستبقى دولة عمان صاحبة المواقف الحيادية من الجميع، في مأمن من خطر إيران.

كما لن تتضرر دولة الكويت، والتي تعلن صراحة موقفها من قضية الصراع العربي الإسرائيلي، لصالح فلسطين، وإسرائيل كما نعلم، هي الخصم الدائم لإيران، وموقف الكويت هذا مقدر عند إيران.

أما بالنسبة لدولة الإمارات، فإنها لن تضحي بعلاقاتها القوية مع إيران لأجل السعودية، لذا لا أتوقع أن تدخل في مواجهة مباشرة، لأنها ستختار الأقوى (إيران).
إلا أن الأمر هنا سيتوقف على مدى رضاء إيران عن الإمارات .. لسبب علينا أن نتذكره ولا ننساه وهو :
أن الإمارات على علاقة وطيدة مع إسرائيل، مما قد يجعل إيران لا تعتد بأي علاقات معها، بل ومن المحتمل أن تضعها في نفس المرتبة التي تضع فيها المملكة السعودية، كخصم وليس حليف.

................................

التوقعات القادمة :
بعد زيارة ولي العهد محمد بن سلمان للرئيس السيسي، خلال شهر يونيو 2021م، ونشر صورتهما بدون الزي الرسمي، فإنهما قد أدركا أن مصيرهما واحد، وأن الوقت الآن (وقت الوحدة لا الفرقة) .

ذلك أن نظام دولة الإمارات، سيعمل على المصالحة مع إيران إن حدثت الأزمة، كما ذكرنا آنفا، إلا أن هذا التوجه يعد سلاح ذو حدين، ومن وجهة نظري .. (لا مأمن للنظام الإيراني) ، بيد أن سياسة الإمارات ستأخذ هذا المنحى، ثم تنتظر ما تسفر عنه الأيام.

................................

وبالتالي ستبقى مصر والسعودية في المواجهة مع المتغيرات الجديدة، خاصة بعدما تغض أمريكا الطرف عن الشرق الأوسط وما يحدث وسيحدث فيه.

- فالمملكة السعودية تواجه خطر إيران.

- ومصر تواجه خطر شح المياه بسبب سد النهضة.

................................

نتائج التعاون المصري السعودي القادم :

سيكون للتعاون بين مصر والسعودية قرارات داخلية وعسكرية، أرى أنها قد تكون هامة.

بداية : ما أتوقعه من قرارات داخلية في كلا الدولتين سيكون متشابه إلى حد كبير ...

- سيخطو كل من النظامين المصري والسعودي خطوات نحو الإصلاح في ملف حقوق الإنسان، بخطى أسرع من ذي قبل، وسوف نجد كلاهما يفرج عن العديد من المعتقلين السياسيين، كما سيصدر كل نظام العفو عن المحبوسين على ذمة قضايا سياسية.

- كما ستعود منظمات المجتمع المدني إلى العمل، وسيفتح باب التمويلات في مصر من جديد في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.

أما التوقعات على الصعيد العسكري :

- أتوقع أن ترسل مصر قوات عسكرية على أعلى مستوى، إلى السعودية، في أكثر من منطقة حدودية، في الشمال الشرقي للسعودية، وقد يتخلل التعاون العسكري، مناورات مشتركة فيما بين البلدين، لكن لا أعتقد أن تكون في منطقة (مياه الخليج) !.

أما التوقعات حول الإصلاح الديمقراطي :

- أرى أن كل دولة سترجئ هذا الملف، لأنه الأصعب في الشكل والموضوع، ولن يفتح إلا في حال ظهور ثمار نتيجة العمل على إصلاح ملف حقوق الإنسان.

................................

أما عن التوقعات حول رد الفعل المصري تجاه قضية سد النهضة :

- أرى أن مصر ستظل مستمرة في السير نحو طريق التفاوض فيما يخص ملف السد.
لأن أمريكا لن تسمح بقصف السد مهما حدث، خاصة بعد أن حملت الرئيس المصري، المسئولية الكاملة عما وصل إليه الحال في الشرق الأفريقي الآن.
وطبيعي أن عدم قصف سد النهضة، سيعطي لأثيوبيا قيمة كبرى داخل أفريقيا، ولا شك أنه سينال من تاريخ مصر الأفريقي.

- بيد أنني ... أتوقع أن يقصف النظام المصري سد النهضة، في حالة واحدة، وهي توغل القوات الإيرانية داخل الأراضي السعودية، سواء قبل بدء الملء الثاني للسد أو بعده.

وفي هذه الحالة قد يحقق النظام المصري مكاسب على أكثر من صعيد، محلي، وقاري، ودولي.

أسأل المولى الحكمة والهدى

شادي طلعت
اجمالي القراءات 1458