قراءة في كتاب الإثبات بشهادة النساء منفردات

رضا البطاوى البطاوى في الأربعاء ١٥ - يونيو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة في كتاب الإثبات بشهادة النساء منفردات في الشريعة الإسلامية وتطبيقاتها في المحاكم الشرعية في قطاع غزة
الكتاب من إعداد اثنين هما ماهر حامد محمد الحولي ومازن عبد القادر أحمد وادي وهو يدور حول القضايا التى تثبت بشهادة النساء فقط كما قال الاثنان في المقدمة :
"المقدمة
أما بعد فالشهادة هي أحد الأمانات اللفظية التي استرعانا الله تعالى عليها، وطلب منا أداؤها، فقال تعالى [واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء]
وكان شهادة النساء منفردات فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه – غالبا- هي إحدى تلك الأمانات التي استرعاها الله تعالى، خاصة وأن هناك حالات ومواضع لا يستطيع الرجال النظر إليها، ويتوقف فيها الحكم على الشهادة فكان لا بد من إفراد النساء بها، وإلا ضاعت الحقوق وظهر الباطل وانتهكت الأموال واختلطت الأنساب."
وفى المبحث الأول استعرضا المعنى اللغوى والاصطلاحى لكلمة الإثبات فقالا:
"المبحث الأول حقيقة الإثبات ومشروعيته
المطلب الأول: حقيقة الإثبات
أولا: الإثبات لغة:
الإثبات من ثبت، يثبت، ثباتا، وثبت وهي تأتي على معان منها:
1 - شدة الحفظ، فيقال رجل ثبت، أي حافظ وثقة .
2 - التأكيد، فيقال أثبت الحق، أي أكده .
3 - إقامة الدليل على صحة الادعاء ، أو البرهنة على وجود واقعة معينة .
وبالنظر في التعريفات اللغوية المتقدمة يمكن القول بأن التعريف الثاني والثالث هما أقرب إلى تعريف الإثبات في الاصطلاح خاصة أن الإثبات إقامة الدليل والتأكيد على الحق.
ثانيا: الإثبات اصطلاحا:
عرف الإثبات عند فقهاء المسلمين ورجال القانون، ومن الخير ذكر تعريف الإثبات عند الفقهاء ورجال القانون.
أ) الإثبات عند الفقهاء
لم يرد تعريف مصطلح الإثبات عند قدامى الفقهاء، وكانوا يطلقون مصطلح الإثبات على إقامة الحجة أو الدليل على الشيء وقد عرفه الجرجاني فقال "الإثبات هو الحكم بثبوت شيء لآخر" ، وهذا التعريف هو المعنى العام للإثبات.
أما المحدثون من علماء الشريعة الإسلامية فقد عرفوا الإثبات بتعريف خاص، واختلفت عباراتهم فيه في حين وتقاربت في حقيقة معناه وقد اقتصرت على التعريف التالي:
الإثبات هو (تقديم الدليل المعتبر شرعا أمام القضاء على حق أو واقعة ترتب عليه آثاره الشرعية) "
وبعد ذلك تحدثا عن شرح التعريف المختار كما تحدثنا عن معنى الإثبات عند الفقهاء وعند القانونيين وهو كلام لا لزوم والمفروض هو الاكتفاء بما هو معروف لدى الناس وهو إقامة الحجة أو البرهان على الدعوى فقالا:
"شرح التعريف:
تقديم الدليل: جنس في التعريف يعني به تقديمه إلى من يقتنع به، ويشمل الدليل العلمي، والتاريخي، والدليل العام أمام القضاء وغيره.
والدليل هو: الحجة أو البراهين الشرعية التي يقدمها الخصوم للقاضي للنظر في الخصومة والدليل جنس في التعريف يشمل كل الأدلة سواء كانت بينة شخصية، أم بينة خطية، أو قرينة، أو بعلم القاضي، وسواء كانت دليلا ماديا أو معنويا.
المعتبر شرعا قيد يخرج فيه تقديم الدليل الغير مشروع في نظر الشارع كالأدلة العرفية المخالفة للشريعة .
أمام القضاء: قيد خرج به تقديم الأدلة أمام غير القاضي، وهو ضروري لبيان أن الإثبات لا يكون منصبا إلا على واقعة متنازع فيها بين الناس .
على حق أو واقعة وهو محل الإثبات.
والحق هو (اختصاص يقر به الشرع سلطته على شيء أو اقتضاء أداء من آخر تحقيقا لمصلحة معينة)
يترتب عليه آثار شرعية: قيد يخرج به إثبات أمور طبيعية أو عادية فلا يترتب عليه حق كإثبات طلوع الشمس.
الإثبات عند رجال القانون:
تقاربت تعريفات رجال القانون لمصطلح الإثبات وقد اقتصرت على التعريف التالي:
"الإثبات هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب عليها آثارها)
ومن خلال شرح تعريف الإثبات عند الفقهاء يمكن فهم تعريف الإثبات عند رجال القانون.
وبالنظر إلى تعريف الإثبات عند الفقهاء ورجال القانون نجد أن علماء الشريعة الإسلامية، وعلماء القانون متفقون على حقيقة الإثبات، مع الاختلاف في الصيغة."
وفى المطلب الثانى تحدثا عن مشروعية الإثبات فقالا:
"المطلب الثاني: مشروعية الإثبات
إن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية في تشريع القضاء كهيئة مستقلة، هو إظهار الحق والإعانة عليه، وقمع الباطل سواء أكان الباطل ظاهرا أم خفيا.
وعليه فإن الشريعة الإسلامية قد أوجبت إيصال الحقوق إلى أهلها، ومن الأسباب التي تعين على إيصال الحقوق إلى أهلها بداية توثيق الحقوق، وإثباتها عند التجاحد، وإلا ادعى رجال دماء أناس وأموالهم، وقد بين ذلك ابن عباس رضي الله عنهما فيما يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لدعا رجال أموال قوم ودماءهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر"
وقد علق ابن حزم الظاهري على الحديث فقال: "لو أعطي كل امرئ بدعواه ما ثبت حق ولا باطل، ولا استقر ملك أحد على أحد" وقد أكدت آية الدين مشروعية الإثبات، فقد قال الله تعالى [يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا ياب كاتب أن يكتب كما علمه الله] فهذه الآية تدل دلالة واضحة على مشروعية الإثبات في جميع الأمور وإن ذكر الدين والأموال على مشروعية الإثبات في جميع الأمور وإن ذكر الدين والأموال، ويقاس عليها جميع الحقوق، وإلا أدى ذلك إلى ضياع الحقوق والدماء والأموال.
وقد قال الله تعالى [واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء} وهذه الآية طلبت التوثيق بالشهادة والشهادة أحد وسائل الإثبات التي تؤدي إلى حفظ الحقوق.
فالإثبات هو (المعيار في تميز الحق من الباطل والسمين من الغث، وهو الحاجز أمام الأقوال الكاذبة والدعاوى الباطلة)
والشريعة الإسلامية اهتمت بتوثيق الحقوق سواء كانت حقوق عامة، أو خاصة، أو حقوق لله تعالى، أو حقا للعباد، أو حقوق مالية أو عائلية.
ويؤكد محمد الزحيلي أن للإثبات أهمية كبيرة فيقول " إن وظيفة الإثبات يومية ودائمة على مر الزمان والعصور، ويلجأ إليه الأفراد في كل نزاع، ويستخدمه القاضي في كل قضية ونكتفي أن نلقي نظرة سريعة إلى إحدى المحاكم لنر مئات الأشخاص وآلاف الدعاوى توقف سلبا أو إيجابا على الإثبات) "
والإثبات كما هو موجود في نصوص الوحى موجود في القانون الوضعى وفيه قالا:
"والإثبات ليس مشروعا فقط بالكتاب والسنة بل هو أساس في المرافعات في القانون المدني، ولا تقتصر أهميته على القانون المدني فقط، بل تنتل إلى سائر أنواع القانون الأخرى، وخاصة القانون الجزائي وقانون العقوبات، فمن المعلوم أنه لا يجوز توجيه عقوبة على شخص إلا بعد إذنابه وفعله جريمة تستحق العقوبة، فإن لم تثبت هذه الجريمة بالأدلة فإنه لا يجوز توجيه العقوبة، ومن هنا تتبين أهمية الإثبات، فيقول محمد حسين منصور (فلا تقتصر أهمية الإثبات على الحقوق المالية وحدها، بل تمتد لتشمل سائر أنواع الحقوق ويحمل الإثبات مكانة هامة ليس في القانون المدني وحده بل في سائر فروع القانون الأخرى، وإلى جانب المصلحة الفردية التي يحققها الإثبات فإنه يحقق مصلحة عامة اجتماعية، حيث يؤدي تنظيم الإثبات إلى حسم المنازعات ومنع الإدعاءات الكيدية والكاذبة، وتوفير أسباب الاستقرار في الجماعة "
وكل هذا الكلام تحصيا حاصل وكان الأولى بالرجلين هو تقديم وسائل إثبات كل جريمة أو دعوى في الوحى فالمسلم لن يستفيد شىء من الكلام عن أهمية الإثبات وتعريفه ولكن الفائدة في تعريفه بأدلة إثبات كل جريمة أو دعوى في الوحى
وفى الجزء الهام من البحث وهو شهادة النساء منفردات في بعض القضايا قالا :
"المبحث الثاني
الإثبات بشهادة النساء منفردات
اتفق الفقهاء في الأصل على جواز مشروعية الإثبات بشهادة النساء منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال غالبا، وهذا قول الحنفية، والمالكية، والشافعية، الحنابلة، والظاهرية .
ويوجد قول شاذ للإمام زفر، وليس عليه دليل، ولم يذكر في كتب الأحناف، بل أفرده ابن حزم في المحلى .
وقد دل على مشروعية شهادة النساء منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال غالبا جملة من الأحاديث، منها:
1. قوله -: (شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه) .
2. عن حذيفة (أن رسول الله - أجاز شهادة القابلة) .
وجه الدلالة: في هذين الحديثين دلالة واضحة على مشروعية أداء الشهادة من النساء منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال غالبا، ومن ذلك الشهادة على الولادة والاستهلال، ونحوها من عيوب النساء التي تحت الثياب من بكارة وثيوبة .
3. عن علي قال: (شهادة القابلة جائزة على الاستهلال) .
4. عن الزهري قال: (مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء، وتجوز شهادة القابلة وحدها في الاستهلال، وامرأتان فيما سوى ذلك) .
وقد أجمعت الأمة ـ على خلاف زفر ـ على مشروعية شهادة النساء منفردات فيما لا يطلع عليه غيرهن من الرجال ـ غالبا ـ من عورات النساء مما تحت الثياب وعلى البكارة والثيوبة ."
وحكاية شهادة النساء منفردات في بعض القضايا المتعلقة بالنساء هو قول مخالف للوحى فالشهادة لمن شهد الواقعة رجل أو امرأة فالولادة مثلا قد يحضرها الزوج أو الأب أو الأخ ومثلا الرضاعة يشهدها رجال البيت أحيانا كما تشهدها نساء البيت وأما فض البكارة من عدمه فلا يثبت بشهادة نساء عاديات وإنما بشهادة طبيبة وأحيانا فض البكارة وعدمه قد لا يثبت عنة الزوج فالمسألة تحتاج لطبيب أيضا كما تحتاج لفحص وبحث من القاضى فلا شهادة الطبيب تثبت شىء ولا شهادة الطبيبة تثبت شىء لأن المسألة قد تكون مجرد تشهير وعناد بين الزوجين فقد تمتنع المرأة عن الرجل ولا تمكنه من نفسها لغرض في نفسها وقد يمتنع الرجل عن المرأة لغرض في نفسه
وتحدثا عن نصاب النساء في القضايا تلك فقالا:
"المبحث الثالث نصاب شهادة النساء منفردات
المقصود بالنصاب:
نصاب الشهادة هو ما تنتصب عليه، أو يتوقف عليه وجودها الشرعي .
اختلف العلماء في نصاب شهادة النساء منفردات على خمسة أقوال:
القول الأول: نصاب شهادة النساء منفردات امرأة واحدة وهذا قول الحنفية، والمشهور لمذهب الإمام أحمد وقالوا: اثنتان أحوط .
القول الثاني: نصاب شهادة النساء منفردات امرأتان، وهو قول المالكية، ورواية عند الإمام أحمد .
القول الثالث: نصاب شهادة النساء منفردات ثلاث نسوة، وهو قول عثمان البتي.
القول الرابع: نصاب شهادة النساء أربع نسوة، وهو قول الشافعية، والظاهرية ، واستثنى الظاهرية الرضاع، فقالوا: تقبل فيه امرأة واحدة .
القول الخامس: نصاب شهادة النساء في الرضاع فقط امرأة واحدة، وهو قول الحسن البصري، وابن عباس، والظاهرية، ولم أجد لهم أدلة .
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول القائلين بأن نصاب شهادة النساء منفردات امرأة واحدة بالسنة، والأثر، والمعقول.
الاستدلال بالسنة:
1. ما روي عن ابن أبي مليكة قال حدثني عقبة بن الحارث، أو قال: سمعت منه: (أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فقال: فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما، فذكرت ذلك للنبي - فأعرض عني، وقال: تراجع فتنحى، فذكرت ذلك له، وقال: فكيف، وقد زعمت أنها قد أرضعتكما؟ فنهاه عنها)
وجه الدلالة:
في هذا الحديث دلالة واضحة على جواز التفريق بين الرجل وامرأته بسبب الرضاع وذلك إذا شهدت المرضعة، وشهادة المرضعة تكفي لوحدها .
2. ما روي عن حذيفة: (أن رسول الله (ص) أجاز شهادة القابلة) .
وجه الدلالة:
في هذا الحديث دلالة واضحة على أن الولادة من عورات النساء فلا يشهد عليها إلا امرأة واحدة .
3. قال -: (شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه) .
وجه الدلالة:
النساء اسم جنس يشمل أدنى ما يدل عليه، فعلى ذلك تكون شهادة المرأة الواحدة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه ـ غالبا ـ امرأة واحدة إذ شهادتها من قبيل الإخبار .
الاستدلال بالمعقول من وجوه:
1. اشتراط العدد في الشهادة أمر غير معقول المعنى، إذ إن الشهادة خبر يحتمل الصدق والكذب، وشهادة النساء لم يثبت بها العدد إلا في حالة مخصوصة نص عليها القرآن، وهي شهادة الرجل والمرأتين في الأموال، والديون، فقال تعالى:" فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء} ويبقى النص على ما هو عليه، وتبقى شهادة النساء منفردات على أصل القياس القائل بعدم التعدد .
2. شهادة الرجال أقوى من شهادة النساء؛ وذلك لأن النساء ناقصات عقل ودين ونقصان عقلها أدى إلى اعتبارها نصف شهادة الرجل، ولكن حالة الضرورة التي تتمثل في وجود مواضع لا يستطيع الرجال النظر إليها ـ غالبا ـ؛ لذا أجيزت شهادة النساء وحدهن، وكانت شهادتهن من قبيل الإخبار، والإخبار يجوز بواحدة .
واعترض المالكية على استدلال الأحناف بحديث عقبة بن الحارث، بأنه حجة لنا لا لكم، إذ إن المرأة الواحدة لو كانت كافية لحكم الرسول (ص)بالتفريق من أول مرة، إذ إن التنفيذ واجب عند اكتمال الحجة؛ خاصة وأن هذه القضية هي استباحة للفرج؛ ولكن الحكم هنا كان مبناه على قاعدة (إذا غلب على الظن تحريم شيء كان هذا الشيء محرما) .
واعترض المالكية والشافعية على حديث حذيفة، بأنه حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به، وإن سلمنا به على أنه يجوز للمرأة الشهادة على فعل نفسها لا على قبول شهادة واحدة فيما لا يطلع عليه غير النساء، وهذا على الجواز .
واعترض على قول الحنفية، بأن شهادة النساء هي من باب الإخبار، والرواية بأن هناك فارقا بين الشهادة والخبر، فالخبر يتساوى فيه المخبر والمخبر له في الالتزام والانتفاع، بينما الشهادة لا يتساوى فيها الشاهد والمشهود له والمشهود عليه .
واستدل المالكية ومن معهم القائلين بأن نصاب شهادة النساء امرأتان بالمعقول من وجهين.
الأول: أن كل جنس ثبت بشهادة على انفراد كان نصابه اثنان كشهادة الرجال، فكذلك شهادة النساء منفردات يكون النصاب فيها امرأتان على انفراد .
الثاني: شهادة الرجال أقوى وآكد من شهادة النساء ومع ذلك فلم يقبل الرجل الواحد، وذلك أولى أن يكون نصاب شهادة النساء منفردات اثنتين من النساء .
واعترض على الوجه الأول من المعقول بأنه معارض لحديث حذيفة، إذ فيه سقوط العدد، وهو جاء لتخصيص النظر في مواضع لا ينظر إليها الرجال، فكذا تسقط العلة التي يقاس فيها بين شهادة النساء والرجال .
وأجيب عليه، بأن حديث حذيفة لا يصح الاحتجاج به وإن سلمنا به، فإن معناه يجوز للقابلة الشهادة على فعل نفسها، وليس له دلالة على أن المرأة الواحدة تكون شاهدة في عورات النساء وعيوبهن .
استدل عثمان البتي على أن نصاب شهادة النساء منفردات هو ثلاث نسوة بأن الله سبحانه وتعالى ضم شهادة الرجل والمرأتين في المواضع التي لا ينفرد بها النساء، فمن باب أولى أن تضم ثلاث نساء في المواضع التي ينفردن بها .
واعترض عليه، بأنه قياس غير مطرد، إذ إنه قاس النساء منفردات فيما يطلعن عليه على النساء، والرجال فيما يطلع عليه الرجال غالبا .
واستدل الشافعية، وابن حزم على مذهبهم القائل، بأن نصاب شهادة النساء منفردات أربع نسوة بالكتاب، والسنة، والمعقول."
وكل هذه الأقوال والاستدلال عليها هو باطل فقد يكون هناك ألف من النسوة كاذبات وقد تكون واحدة صادقة فالقاضى لا يحكم حسب القلة أو الكثرة وإنما يحكم بصدق الشهادة من بطلانها بدراسته لها
في كل القضايا الشهادة مطلوبة ولكن حكم القاضى لا يكون بالشهادات إلا بعد دراستها ومعرفة صادقها من كاذبها ومقارنتها بالأدلة ألأخرى وهناك قضية شهيرة في الوجى اجتمع فيها النبى(ص) والمؤمنون فيها على اتهام برىء وتبرئة متهم فنزل عليهم وحى الله ناهيا إياهم عن ذلك فقال :
" إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما "واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما "ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء "
وهناك قضية أخرى وهى مقتل يوسف(ص) فقد شهد عشرة على مقتله ومع شهادتهم كانت كاذبة لم يصدقها الأب وفى هذا قال تعالى :
"وجاءو أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"
الشهادة إذا ليست بكثرة أو بقلة وإنما بسلامة الدليل وحاول الباحثان إثبات العدد عن طريق القرآن فقالا:
"الاستدلال بالكتاب:
قال تعالى: " واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء}
وجه الدلالة:
في هذه الآية دلالة واضحة على أن المطلوب في الاستشهاد رجلان، فإن لم يوجد فرجل وامرأتان، فالله سبحانه وتعالى جعل المرأتين تقومان مقام الرجل الثاني، فإذا قامت امرأتان مقام رجل عند الاجتماع فيما ينظر فيه الرجال ـ غالبا ـ، فنصاب الشهادة فيما لا يطلع فيه الرجال وتنفرد به النسوة أربع نسوة، كل اثنتين تقومان مقام رجل واحد .
واعترض عليه بأن شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد في حالة اجتماع النساء والرجال فيما يطلع عليه الرجال ـ غالبا ـ، وهذه العلة غير موجودة، إذ إن الرجال لا يطلعون على عيوب النساء وعوراتهن ـ غالبا "
وقضية المرأتين ليست بسبب نقص في العقل أو في الدين وإنما بسبب خلقى وهو أن آلام الطمث والولادة والنفاس تؤثر على عمل ذاكرتهن لأن الإنسان مشغول بألمه عن أى شىء أخر
والقضية هنا محددة وهى الشهادة في الاستدانة وليس في قضية أخرى ومن ثم لا يصح أن تكون شهادة المرأتين في القضايا ألأخرى مكان رجل وإنما كما سبق القول يشهد من حضر الواقعة رجلا أو امرأة
والرجلان مصران على حكاية النقص في الدين والعقل واستدلا برواية ما أنزل الله بها من سلطان وفيها قالا:
"الاستدلال بالسنة:
ما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - قال: (يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقالت امرأة منهن جرأة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار، قال: تكثرن اللعنة، وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن، قالت: يا رسول الله وما نقصان العقل والدين؟ قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، هذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين) .
وجه الدلالة:
في هذا الحديث دلالة واضحة على أن شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد، فإذا انفردن فتكون كل امرأتين مقابل رجل واحد فيصبح نصاب شهادة النساء منفردات أربع نسوة .
واعترض عليه بنفس ما اعترض عليه من الاستدلال بالقرآن الكريم، بأن هناك فرقا فيما يطلع عليه الرجال ـ غالبا ـ وما لا يطلع عليه الرجال ـ غالبا ـ."
وقد غاب عمن وضعوا الحديث أن هناك زيادة في الدين للنساء ليست للرجال وهى :
الحمل والولادة والرضاعة ومع هذا اعتبروا الطمث كنقصان ولم يعتبروا الحمل والولادة والرضاعة كزيادة
وتحدثنا عما سمياه معقولا فقالا:
"الاستدلال بالمعقول من وجوه:
1. شهادة النساء أضعف من شهادة الرجال، وذلك لأن النساء لا يقبلن في مواضع، ويقبل الرجال في نفس هذه المواضع، ومع ذلك فلا تجوز شهادة رجل واحد في تلك المواضع، فمن باب أولى ألا تقبل شهادة الواحدة من النساء مع ضعفها فيما تنفردن بالشهادة عليها، فيجب أن يكون العدد أربع نسوة في سائر الحقوق .
ويمكن الاعتراض عليه بأنه لا يصح قياس انضمام المرأة مع ضعفها على المرأتين مع الرجل، وذلك لأن الرجل والمرأتين يقبل في حالة ما يطلع عليه الرجال ـ غالبا ـ، أما شهادة النساء منفردات فهي من الشهادات التي لا يطلع عليها الرجال ـ غالبا ـ.
واستدل الحسن البصري ومن وافقه على أن نصاب شهادة النساء منفردات لا يكون إلا في الرضاع امرأة واحدة بالسنة، بما روي عن ابن أبي مليكة، قال: حدثني عقبة بن الحارث أنه تزوج بنت أبي إهاب، فقال: جاءت أمة سوداء، فقال: قد أرضعتكما، فذكرت ذلك للنبي - قال: فتنحى، قال: فذكرت ذلك له، فقال: كيف وقد زعمت أنها أرضعتكما، فنهاه عنها) .
وجه الدلالة:
في هذا الحديث دلالة على أن شهادة المرضعة جائزة، ولم يرد دليل آخر يجيز شهادة النساء منفردات .
واعترض عليه، بأنه ليس فيه دلالة على أن شهادة المرضعة جائزة، ولا يجوز غيرها من شهادة النساء، بل كل ما يدل عليه جواز شهادة المرضعة على فعل نفسها .
سبب الخلاف:
بعد النظر في أدلة الفقهاء يمكن القول بأن سبب الخلاف راجع إلى أن النصوص الواردة في شهادة النساء منفردات من استهلال وفي الرضاع، هل تدل على أن النصاب واحدة من النساء أم يجوز العدد؟
فإن كان يجوز العدد: فهل شهادة النساء منفردات فيما يطلعن عليه ـ غالبا ـ تقاس على شهادة الرجال والنساء فيما يطلع عليه الرجال ـ غالبا ـ، فمن قال بأنها لا تقاس قال بأن نصاب شهادة النساء منفردات امرأتان قياسا على شهادة الرجلين عند الانفراد، ومن قال بأنها تقاس قال بأن النصاب أربع نسوة، قياسا على شهادة الرجال مع النساء فيما يطلع عليه الرجال ـ غالبا ـ.
الرأي الراجح:
بعد النظر في أدلة الفقهاء واستخلاص سبب الخلاف، يمكن القول بأن الرأي الراجح هو ما ذهب إليه المالكية ومن وافقهم بقبول امرأتين فيما لا يطلع عليه غيرهن؛ وذلك لأن أحكام شهادة النساء منفردات تختلف عن أحكام شهادة النساء مع الرجال فيما يطلع عليه الرجال ـ غالبا ـ ولأن شهادة امرأتين تعتبر حجة كاملة، خاصة وأن الأحناف يقولون بأن النصاب امرأة واحدة والأحوط اثنتان، ولأن النصوص الواردة في شهادة النساء لا تفيد تخصيص شهادة النساء بامرأة واحدة، بل غاية ما تدل عليه جواز شهادة المرأة على فعل نفسها؛ وهذا الرأي موافق لمقاصد الشريعة الغراء"
وترجيح وجود امرأتين مطلوب في الرضاعة ولكن كما سبق القول الرضاعة يحضرها الرجال كما يحضرها النساء ومن ثم كل من حضر واقعة شهادته مطلوبة وكما سبق القول الشهادة ليست بالكثرة أو بالقلة وإنما الشهادات يدرسها القاضى وهو من يقرر صحتها من بطلانها
وتحدث الرجلان عن القضايا التى تثبت بشهادة النساء فقط فقالا:
"المبحث الرابع
ما يجوز إثباته بشهادة النساء منفردات وتطبيقاتها في المحاكم الشرعية بقطاع غزة
المطلب الأول: ما يجوز إثباته بشهادة النساء منفردات
- اتفق الفقهاء على أنه يجوز الإثبات بشهادة النساء منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال ـ غالبا ـ من عورات النساء وعيوبهن التي تحت الثياب، عدا زفر .
- واختلفوا في قبول شهادة النساء منفردات في أحكام الأبدان، والأموال، والحدود، والقصاص على قولين:
القول الأول: لا تجوز شهادة النساء في الحدود، والدماء، والقصاص، وأحكام الأبدان، والأموال، وهذا قول الجمهور من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة .
القول الثاني: تجوز شهادة النساء في أحكام الأبدان، والأموال، والحدود، والدماء، والقصاص، وهذا قول ابن حزم الظاهري .
الأدلة:
أدلة الجمهور: استدل الجمهور بالكتاب، والسنة، والأثر، والمعقول.
الاستدلال بالكتاب:
استدلوا بآيات كثيرة منها قوله تعالى:" لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء}
وجه الدلالة:
في هذه الآية دلالة على أن حد الزنا لا يقبل فيه أقل من أربعة رجال ، ويقاس عليه جميع الحدود والقصاص، بجامع أنها تسقط بالشبهة.
الاستدلال بالسنة:
1. قال -: (شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه) .
وجه الدلالة:
في هذا الحديث دلالة واضحة على أن شهادة النساء منفردات تجوز فيما لا يطلع عليه الرجال ـ غالبا ـ من عورات النساء، وأما الحدود فهي مما ينظر ويطلع عليها الرجال ـ غالبا ـ
2. ما روي عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله(ص) (ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة) .
وجه الدلالة:
في هذا الحديث دلالة على عدم إقامة الحد في حالة الشبهة؛ إذ إن شهادة النساء لا تخلو عن شبهة؛ لأن المرأة قد تنسى وتضل، فيسقط الحد بالشبهة، فكان للإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة .
الاستدلال بالأثر:
ما روي عن الزهري، أنه قال: (مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء، وتجوز شهادة القابلة وحدها في الاستهلال وامرأتان فيما سوى ذلك)
وجه الدلالة:
في هذا الأثر دلالة على أن السنة الثابتة من عصر الرسول - والخلفاء، بأن شهادة النساء في العورات والعيوب التي لا يطلع عليها الرجال ـ غالبا ـ والنساء لا يطلعن على الحدود؛ لأن الرجال مما يطلعون عليه .
الاستدلال بالمعقول:
شهادة النساء لا تخلو عن شبهة، والحدود والقصاص تسقط بالشبهات، فلا يجوز شهادة النساء فيها؛ لأن المرأة قد تنسى وقد تضل .
أدلة القول الثاني:
واستدل ابن حزم على جواز شهادة النساء منفردات في الحدود، والقصاص، وأحكام الأبدان، والأموال، بالكتاب، والسنة، والمعقول.
الاستدلال بالكتاب:
قال الله تعالى: " وأشهدوا إذا تبايعتم} ، وقال تعالى: - وأشهدوا ذوي عدل منكم}
وجه الدلالة:
في هاتين الآيتين دلالة واضحة على أن المطلوب في إثبات الحقوق هو استشهاد رجلين، وهذا تخصيص بها، ولا فرق بين رجلين أو امرأتين، فالنصوص عامة، ولم يرد ما يخصصها
يمكن الاعتراض عليه، بأن الزنا من الحدود، وقد ورد في ذلك قوله تعالى: - لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم ياتوا بالشهداء} فقد طلبت هذه الآية استشهاد أربعة شهداء، ولفظ الشهداء يدل على أن المطلوب الرجال، وليس النساء، ويقاس على حد الزنا باقي الأحكام.
الاستدلال بالسنة:
ما روي عن الأشعث بن قيس: (أنه كانت بينه وبين رجل من حضر موت خصومة .... فقال له رسول الله - شاهداك أو يمينه ..... ) .
وجه الدلالة: أن الرسول - طلب من الأشعث شاهدين، ولم يذكر له صفة الشاهدين، ذكرين أم أنثيين أم رجل وامرأتين، وهذا يدل على أنه لو جاء الأشعث بامرأتين لقبل الرسول - منه ذلك
ويمكن الاعتراض عليه، بأن هذا الحديث عام خصص بقول الرسول (ص) (شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه) .
الاستدلال بالمعقول:
قياس الحدود والقصاص على الأموال والديون في جواز شهادة النساء فيها بجامع أن كلا منها حق .
ويمكن الاعتراض عليه، بأن هناك فارقا بين أحكام الأموال، والحدود، والقصاص، فأحكام الأموال لا تسقط بالشبهة، بينما أحكام الحدود والقصاص تسقط بالشبهة.
سبب الخلاف:
بعد النظر في أدلة الفقهاء يمكن القول، بأن سبب الخلاف راجع إلى السؤال التالي:
هل تعتبر شهادة النساء منفردات من باب الضرورات التي تدعو إليها الحاجة في المواضع التي لا يطلع عليها الرجال ـ غالبا ـ أم هي كباقي الشهادات؟
فمن قال إنها من باب الضرورات في المواضع التي لا يطلع عليها الرجال ـ غالبا ـ جعلها خاصة فيها، ومن قال بأنها ليست في المواضع التي لا يطلع عليها الرجال ـ غالبا ـ وأنها كباقي الشهادات أجاز شهادة النساء منفردات في الحدود والقصاص.
الرأي الراجح:
بعد النظر في أدلة الفقهاء واستخلاص سبب الخلاف، يمكن القول، بأن الرأي الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور من جواز شهادة النساء منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال ... ـ غالبا ـ؛ وذلك لقوة أدلتهم وسلامتها من الاعتراض، ولأن شهادة النساء من باب الضرورات، والضرورات تقدر بقدرها ولا تتجاوز ما ورد به النص، ولعل الإمام ابن حزم رحمه الله خفي عليه الحكمة من اشتراط أربعة رجال في حد الزنا، وهي استشواف الشارع الحكيم للستر وإسقاط الحد، وهذا الرأي موافق لمقاصد الشارع"
كل هذا الكلام هو مجرد كلام في غير محله فالقوم لم يذكرا قضية محددة يقبل فيهم شهادة النساء وحدهن ولا الرجال وحدهم سوى قضية الزنى ومن ثم لا يوجد شىء اسمه شهادة النساء منفردات أو الرجال منفردين إلا إذا كان من حضر الواقعة رجال فقط أو نساء فقط كما في قضية شهادة النسوة في قضية يوسف(ص) عندما قلن " ما علمن عليه من سوء"
صحيح أنها قضية في مجتمع كافر ولكن الاستدلال هنا هو أن بعض الوقائع قد يحضرها نسوة فقط وقد يحضرها رجال فقط كما في قضية مقتل يوسف (ص)
وتحدثا عن تطبيقات المحاكم الشرعية في غزة لذلك فقالا:
"المطلب الثاني: التطبيقات القضائية في المحاكم الشرعية بقطاع غزة.
نص قانون الأحوال الشخصية الصادر في عام 1336 هـ المطبق في محاكم الشرعية بقطاع غزة على بعض الصور التي تجيز شهادة المرأة ومنها:
(إذا أنكر الزوج دعوى المرأة عليه بالعنة ، وادعى الوصول إليها قبل التأجيل أو بعده يعين الحاكم امرأتين ممن يوثق بهن للكشف عنها، فإن كانت ثيبا من الأصل أو بكر، وقالتا هي ثيب يصدق الزوج بيمينه، ولو ادعت المرأة زوال بكارتها بعارض، فإن حلف سقط حقها، وإن نكل عن اليمين أو قالتا هي بكر، فإن كان ذلك قبل التأجيل يؤجل سنة، كما مر في المادة السابقة، وإن كان بعد التأجيل تخير المرأة في مجلسها، فإن اختارت الفرقة يفرق بينهما، وإن عدلت واختارت الزوج أو قامت أو أقامها أحد من مجلسها قبل أن تختار بطل اختيارها) ."
والقانون هنا فادح فالعنة لا تثبت بقول رجل ولا امرأة وإنما المختص بها أولا هما الطبيب والطبيبة فكما سبق القول قد لا تمكن الزوجة زوجها منها لفضحه بتهمة العنة والعكس قد لا يقترب الرجل من المرأة لفضحها بتهمة الزنى مع غيره قبل الدخول
فالطبيب يكشف على الرجل ويطلب منه الاستمناء والقاضى شاهد لدخوله حجرة بجوارهم يستشكفها القاضى قبل الدخول والطبيبة تكشف على المرأة لرؤية غشاء البكارة فإذا ثبت أنه أمنى وأنها سليمة فهناك قضية أخرى لا علاقة لها بالعنة
ومن ثم لا يمكن إثبات العنة بوجود غشاء البكارة فقط خاصة مع وجود معلومة طبية عن وجود غشاء بكارة يسمى الغشاء المطاطى لا يتمزق إلا بعد كثير من مرات الجماع
وتحدثا عن قضية أخرى فقالا:
"كما نص قانون الأحوال الشخصية على أنه: (إذا ادعت الزوجة المنكوحة الولادة، وجحدها الزوج تثبت بشهادة امرأة مسلمة حرة عدلة، كما لو أنكر تعين الولد، فإنه يثبت تعينه بشهادة القابلة المتصفة بما ذكر) ."
هذا الكلام مخالف تماما لكتاب الله فالطفل أيا كان لا يمكن إنكاره إلا بإثبات الزنى بالأربعة شهود على المرأة أو بحلف الزوج أربع مرات على زنى زوجته وإقرارها بالزنى وإما إذا أنكرت الزنى فالولد هو ابن للزوج ويثبت نسبه به وهذا هو تطبيق لقوله تعالى :
"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدروأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين"
وأما شهادة القابلة فلا قيمة لها في تلك القضية وحتى ما يسمونه بتجلي الحمض النووى فهو خداع من البشر للبشر لا يثبت به نسب ولا غيره ومن اخترعوه في الغرب اخترعوه لكسب أموال الناس بالباطل والمحاكم الأمريكية لم تعترف به لأن الباحثين اعترفوا بإمكانية وجود ثمانية حالات من كل مليون يمكن أن تتشابه أحماضهم النووية تماما
وقالا:
"وأيضا نص قانون الأحوال الشخصية على أنه: (إذا ادعت معتدة الطلاق الرجعي أو البائن، أو معتدة الوفاة الولادة لأقل من سنتين من وقت الفرقة، وجحدها الزوج أو الورثة فلا تثبت إلا بحجة تامة، ما لم يكن الزوج أو الورثة قد أقروا بالحبل، أو كان الحبل ظاهرا غير خاف، فإن جحدوا تعين الولد، ويثبت بشهادة القابلة كما مر) ."
وهذا الكلام مخالف للطب والشرع تماما فأقصى مدة للحمل هى عشرة شهور إن بقى الجنين حيا لأن الحالات التى اكملت الشهر العاشر ونجت نادرة جدا وبعدها يكون حملا من زنى وقد حدد الله الحمل والرضاعة بثلاثين شهرا وطبقا له لا يمكن أن يتجاوز الحمل الفعل وهو الثقيل ستة أشهر والحمل الخفيف وهو غير معتبر في الثلاثين شهرا هو ثلاثة أشهر
اجمالي القراءات 1669