نظرة إلى قصة هاجر
نظرة إلى قصة (هاجر)

رضا عامر في الأحد ٠٥ - يونيو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

قصة هاجر
تأملتُ قول الله جل وعلا (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) الصافات (102). كلمة (معه) تعنى أنه كان ملازما لأبيه طيلة هذه السنين أي أن نبى الله إبراهيم لم يفارق ولده منذ أن رزقه الله به حتى أتاه ذلك المنام يأمره أن يذبحه. وهذا يتعارض أشد ما يكون التعارض مع التفسير السائد للآية الكريمة (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ). هذا التفسير الذى يقول ان نبي الله إبراهيم ترك رضيعا وسيدة في جوف الصحراء بدون أي سند أو معين على الحياة من طعام أو ماء أو حتى ظلّ يُستظلّ به. ويفسرون هذا التصرف الذى يمكن أن يوصف على مستوى العقل البشرى بأنه غير منطقي على أقل تقدير. يقول التفسير ان الله جل وعلا قد أمره بذلك مع أنهم فى قصص التراث يقولون إنه فعل هذا بناء على طلب زوجته الأولى لغيرتها الشديدة.
المؤكد أن ذلك لم يكن بناء على أمر الهي حيث نص القرآن الكريم على أن إبراهيم فعل ذلك من نفسه (ربنا إنى أسكنت) أى انه فعل ذلك باختياره. فمن غير المنطقي أن يفعل نبي الله عملا كهذا إلا أن يكون عن أمر الهي صريح كما في الأمر بالذبح.
واضيف إلى هذا سؤالا منطقيا آخر وهو كيف لسيدة وطفل رضيع أن يقيموا الصلاة.؟؟
أما عن تفسير ذريتي فمن الارجح أن يكون بمعنى اتباعي وعشيرتي. قال تعالى : ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ آل عمران (34) ، وقال : ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ الإسراء (3) ، وقال: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ يس (41) وقال :
أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٖ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡرَٰٓءِيلَ وَمِمَّنۡ هَدَيۡنَا وَٱجۡتَبَيۡنَآۚ إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُ ٱلرَّحۡمَٰنِ خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَبُكِيّٗا۩ (58)
وهذا الموضوع مرتبط بموضوع آخر هو هل نبى الله إسماعيل هو أبو العرب والذى أثاره عميد الأدب والفكر الدكتور طه حسين فى كتاب فى الشعر الجاهلى. فى القرآن الكريم لا يوجد علاقة بين النبى إسماعيل وأرض العرب إلا أنه صاحب أباه عندما أقاما القواعد من البيت. ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
[ البقرة: 127]
وفى سورة يس ينص القرآن الكريم على أن العرب لم يرسل إليهم نبى قبل النبى محمد عليه الصلاة والسلام
﴿ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ﴾
[ يس: 6]
يقول رب العزة جل وعلا فى سورة الزخرف وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31). وبالرغم من وضوح المعنى فإن كُتّاب التراث كعادتهم خالفوا القرآن الكريم واهتموا بتعظيم شأن النبي من ناحية أسرته ونسبه من قريش، فلأمر ما اقتنع الناس بأن النبي يجب أن يكون من صفوة بني هاشم، وأن يكون بنو هاشم صفوة بني عبد مناف، وأن يكون بنو عبد مناف صفوة بني قُصي، وأن يكون قُصي صفوة قريش، وقريش صفوة بنى مُضر، ومُضر صفوة عدنان، وعدنان صفوة العرب، والعرب صفوة الإنسانية".
اجمالي القراءات 2320