الفارق بين ( السِّلم ) و ( السَّلَمَ أو السَّلْمِ )
الفارق بين ( السِّلم ) و ( السَّلَمَ أو السَّلْمِ )

أسامة قفيشة في الأحد ٠٧ - نوفمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً

الفارق بين ( السِّلم ) و ( السَّلَمَ أو السَّلْمِ )
نبدأ بكلمة السَّلام ,
و السَّلام من أسماء و صفات المولى جل و علا , يفيد في معناه الأمن و الاطمئنان ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) 23 الحشر ,
و نسبةً لهذا الاسم وردت كلمة ( دار السَّلام ) و التي تعني دار الأمن و الاطمئنان ( لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) 127 الأنعام ,
و منها ( سُبل السَّلام ) و التي يفيد نفس المعنى أي سُبل الأمن و الاطمئنان ( يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) 16 المائدة ,
و عليه كانت كلمة التحية أو الترحيب أو الوداع تبدأ بهذا الاسم العظيم ( السَّلام ) شعاراً و عنواناً للأمن و الاطمئنان كم في قوله جل وعلا ( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) 33 مريم , و أيضاَ في قوله ( فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ) , كما تأتي تلك التحية بدون أل التعريف حاملةً لنفس المعنى كما في قوله ( سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) 24 الرعد , و أمثله كثيرة على ذلك و كلها بنفس المعنى ,
و منها أيضاً ( أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ ) أي أعلن لكم الأمن و الاطمئنان و الشرط أنه لم يقاتل و لم يكن معتدياً ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) 94 النساء , و هنا يجب الانتباه بأن من ألقى السَّلام لا يعني أنه انقاد صاغراً مستسلماً , وهذا المعنى سنذكره لاحقاً في هذا المقال لنعلم الكلمة و اللفظ الذي يفيد هذا المعنى تحديداً , و من الجدير أيضاً التفرقة بين التحية و بين الإعلان عن طلب الأمن و الاطمئنان , فإن كان السلام مرفقاً ب ( على ) فالمقصد هو إلقاء التحية , و إن كان مرفقاً ب ( إلى ) فالمقصد هنا طلب الأمن و الاطمئنان .
السِّلم , بكسر السين :
و السِّلم بكسر السين يعني طلب حالة الأمن و الاطمئنان , و يراد به المعنى الايجابي الجيد و فيه دليل قوة و اعتزاز و هو أمرٌ محمود , و لم ترد سوى مره واحده بقوله جل وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) 208 البقرة ,
أما السَّلَمَ أو السَّلْمِ , بفتح السين :
و السَّلَمَ أو السَّلْمِ بفتح السين يعني أيضاً طلب حالة الأمن و الاطمئنان , و لكن يراد به المعنى السلبي السيئ و فيه دليل ضعف و هوان و ذل و هو أمرٌ ليس بمحمود , و فيه مهانة و استسلام و انصياعٌ بالقوة , و قد ورد هذا المعنى ست مرات و هي :
1 . في قوله جل وعلا ( إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ) 90 النساء ,
2 . و قوله ( سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّواْ إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُواْ فِيهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّواْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا ) 91 النساء ,
3 . و قوله ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) 28 النحل ,
4 . و قوله ( وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ) 87 النحل ,
5 . و في قوله ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) 61 الأنفال ,
6 . لذا فقد نهى الله جل وعلا المؤمنين من الخنوع و الذل في استجداء و طلب الأمن و الاطمئنان من غيرهم , لما فيه من ذلٍ و خنوع فقال جل وعلا ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) 35 محمد , فالسَّلم عكس السِّلم تماماً و الذي دعا إليه المؤمنين و حثهم بالدخول فيه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) .

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا
سبحانك إني كنت من الظالمين

اجمالي القراءات 7689