ماذا تريدون أن تغيروا يا اهل القرآن
حديث الاسبوع

زهير قوطرش في الخميس ٠٥ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً



ماذا تريدون أن تغيروا ياأهل القرآن؟.


صديقي من الليبرالين الوطنين ،والذين يطمحون الى تغير هذا الواقع العربي الذي يصفه دائما أنه قد وصل الى أدنى مستويات التخلف الفكري والحضاري . هو يبالغ في بعض الاحيان ،ولكنه يملك ذخيرة ثقافية كبيرة وتجربة في العمل النقابي والسياسي ، أحب الجلوس معه ،واحب ايضاً استثارته في بعض المواضيع . حتى ينفعل... بحيث تتكلم يداه أكثر مما يتكلم فمه ....العصبية والانفعال على مايبدوا من مواصفات الانسان العربي ،وهذه الصفة أكتسبها بالوراثة ك&Ucicirc;يره من ابناء هذه الامة ،نتيجة حالات الاستبداد والظلم التي مرت بها الاجيال على مر العصور. أخبرته بعد أن أصبحت مشاركاً متواضعاً في صفحة اهل القرآن أن يضطلع على محتويات الصفحة على الانترنيت علّه يشارك بارآئه ، ويغني هذا المنتدى بافكاره الليبرالية... وبعد بضعة ايام، أخبرني هاتفياً أنه يود لو ان نلتقي ،فلديه الكثير مما يريد  أن نناقشه معاً. رحبت به واتفقنا على الموعد... النقاش والحوار صفة إنسانية وعلى ما أعتقد أن أدم عليه السلام تحول الى الانسان الكامل بعد ان اصبح مخلوقاً اجتماعياً، يفكر ويتخيل ويحاور ويجادل بواسطة اللغة والتي ساهمت بدورها في حمل المعرفة بين الاجيال المتعاقبة بحيث تراكمت هذه المعارف بشكلها النسبي الصاعد باستمرار نحو المعرفة المطلقة .لم يكذب صديقي الخبر وجائني في الموعد المحدد. وباشرني بسؤاله الغريب.
ماذا تريدون أن تغيروا يا اهل القرآن؟ ومن أنتم؟ ألا يكفي عالمنا العربي والاسلامي طوائف ومذاهب تقليدية!!! وهل نحن بحاجة الى المزيد؟
أبتسمت..... وسألته ان يكون هادئاً،وأن لاينفعل كا لعادة، وما ان هدأ حتى طلبنا فنجان القهوة ،للقهوة تأثير كبير على مشاعرنا نحن ابناء الشرق ،فهي تنشط وتزيد لدينا الحس الوطني والعقدي...ويصبح للنقاش بصحبتها متعة خاصة.
بعد ذلك طلبت إليه أن يسمعني الى النهاية ، دون ان يقاطعني ،كي أشرح له موقف أهل القرآن ، والدور الذي يقومون به من أجل تصحيح مسار الأمة ، لأننا لسنا في برنامج الاتجاه المعاكس .. وبعد الانتهاء سمحت له بخمس دقائق فقط إن كانت عنده اسئلة كي أجيبه عليها..اندهش من هذا الكرم العربي الاصيل....
رتبت الافكار التي ساطرحها قدر الامكان ،وبدأت حديثي أليه....
ياصديقي الغالي وايها الليبرالي. الملتزم . نحن لسنا بطائفة ولا مذهب،وليست لنا أهداف سياسية معينة، ولا أهداف مصلحية فردية، ولا طمعاً في مكاسب ومغانم.... نحن افراد يجمعنا حتى اختلافنا الدائم ،والبحث الدائم في كتاب الله، ليس لدينا مرشدا عاما ولا لجنة مركزية، ولا خلايا مستيقظة ،وخلايا نائمة..نعمل وننشر أفكارنا في وضح النهار . والآن دعني اضع أسئلتي واجيب عليها كي تتضح الفكرة.
ما هو هدف اهل القرآن؟ الهدف الذي نسعى أليه جاهدين ،هو الانتقال من محيط النقل الى فضاء العقل،ومن مربع التحنط الى ديناميكية التغير،ومن عالم العنف الى جفرافيا وكوكب اللآعنف ، ومن لوم الأخرين وتحميلهم مسؤولية تخلفنا ،الى لوم أنفسنا أولاً ،وحتى وإن كان للأخرين نصيباً في تأخرنا وتخلفنا .
كيف سيتم التغير وكيفية التغير؟
سيتم التغير من خلال العودة الى كتاب الله،وجعله اماماً لنا في هدايتنا لما فيه صالح دنيانا واخرتنا. وأن نتبع الرسول (ص) من خلال تطبقيه العملي للرسالة واسقاطها على الواقع، ودراسة سيرته الذاتية ،وتطبيقاته العملية التي استندت كلها الى كتاب الله كمرجعية، وتجربته في نشر الدعوة في مكة مع تطبيقاته الدعوية السلمية، وبعد ذلك المرحلة المدنية وبناء الدولة المدنية دولة المواطنة الحقة ،وعلاقاته مع دول الجوار. ومن ثم سيرة أصحابه الذين اتبعوا القرآن كمنهج ،وتعاملوا مع النص القرآني من خلال تفاعله مع الواقع.ورفضهم تدوين الحديث ، واصراهم على أن لاكتاب ولا حديث يعلوا على كتاب الله وحديث الله.
كيفية التغير؟
القرآن الكريم هو المنهج والمرجعية الدائمة الى يوم الدين ، الذي يدلنا من خلال القوانين الربانية ،التي تعمل في الافاق وفي انفسنا وما هي إلا سنن الله في هذا الكون،وما علينا إلا أن نتدبرها وندرسها ونقوم بتطبيقها واسقاطها أرض الواقع ، الله عز وجل يقول لنا ويعلمنا :(إن الله لايغير ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).أهل القرآن تدبروا هذا القانون الرباني ، ودرسوا وتدارسوا من خلال التواصل ما في هذه الامة من جهل وتخلف وظلامية وفهموا أن فيه ثلاث معاني أساسية. المعنى الأول أنه قانون أجتماعي وليس فردي، ونحن نعلم أن الفرد قد يغير نفسه ولكن هذا لايعني ألياً أنه سيغير واقعه، بل قد يحدث العكس.لهذا فاننا نسعى من خلال التغير الفردي الى تعميم المعرفة وإعادة دراسة الماضي والتراث ونقده لكي يتلائم والعصر الذي نعيش فيه ونشر ذلك وتعميمه من خلال الوسائل المتاحة لنا لتصل الى أكبر عدد من المهتمين والعامة بلغة بسيطة ومفهومة،وبذلك نكون قد زرعنا وعلى رب العالمين مساعدتنا وتغير ما فينا!!!..المعنى الثاني لهذا القانون الرباني أنه أنساني ،ينطبق على كل الناس، على كل الدول... لهذا نسعى جاهدين الى توضيح أهدافنا الى الخارج لكي نتعاون في احداث التغير السلمي من خلال تبادل المعارف وتوضيح المواقف لأن الدين واحد والرسالة جاءت الى الناس أجمعين ونحن حملة الرسالة كمسلمين بعد خاتم الرسل والانبياء. اما المعنى الثالث والأهم هو سعينا الى التغير الثقافي،بمعنى تغير نظام الفكر ، وأنت تعلم ياصديقي أن المجتمعات هي نوعين .مجتمع القوة ،ومجتمع الفكر.مجتمع القوة هو ما تناضل أنت من أجل تغيره ،انه صورة لمجتمعاتنا العربية والاسلامية ، يقوم على الأكراه،واستخدام القوة بواسطة السلطة الامنية ،ويقوم على الارهاب وتكميم الافواه،ويخاف من الفكر الحر والمتنور،ويخاف من الذين يريدون تصحيح المسار،ويخاف من اهل القرآن كما حدث مثلاً الآن في مصر من اعتقال لبعض الأخوة بمباركة المؤسسة الدينية،وبالتالي هذه الانظمة يتولد فيها الكراهية الفردية والجماعية،ويتولد فبها النفاق والشرك.والميل لاستخدام العنف والقوة لتدمير الأخر.وفي الكثير من الاحوال يصدرون الاحكام بالموت وينفذونها على اصحاب الفكر الحر والمتنور، من قبل المؤسسة الدينية النقلية وكأن الله أعطاهم صفة الحاكمية ليصدروا الاحكام بالكفر والارتداد ،وهذا ماحدث مثلاً لفرج فودة من قتل، ونصر حامد أبو زيد والدكتور أحمد منصور، والدكتورة نوال السعداوين من تهجير. وأخرين مثلهم في العالم العربي والاسلامي .وغيرهم ممن يقبعون في السجون مناضلين من اجل بناء مجتمع الحرية والعدالة ...لهذا نسعى الى تعميم ثقافة مجتمع الفكر ،الذي يقوم على الاقناع الذي يولد الطاعة المشروطة ،وتقود المجتمع الى الحب والاحترام مجتمع المواطنة ،ونشر الحب والتسامح والسلام والاحسان والمساواة ،والعمل على تكريم حرية الانسان في التفكير والتعبير، المكفولة في كتاب الله ، الذي يدعوا الى الحوار والجدل للوصول الى الحقيقة لا الى العنف والقوة واحترام عقائد الأخرين والتعايش معها بسلام من اجل بناء مجتمع المواطنة. ونؤمن أن علينا أن نتغير نحن في الدرجة الاولى. لأنه في القانون الرباني يوجد فاعلان ، فاعل التغير الاول بالأنفس هم البشر والله يقول لنا أنا لاأغير..تغيركم له الأولوية ، ويكننا أن نقرأ التاريخ على وجهين مرة من صنع الله ومرة من صنع البشر. البشر يصنعون تاريخهم ...لهذا نحن أهل القرآن ومن هذا المنطلق نعمل على أن نغير من ثقافتنا نغير مالصق في التراث الاسلامي من الوهم والخرافات، وما تقول البعض على لسان نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ،هذا التغير هو الهدف الذي نسعىالى الوصول إليه ومن ثم نعرض على الأخرين ارائنا وفكرنا لنساعدهم على تغير أنفسهم  بالأقناع، حتى يغير الله ما فينا من جهل وتخلف ونعود كما أراد الله لنا ان نكون وكما شاء لعباده المخلصين أن يكونوا.
هؤلاء هم ياعزيزي أهل القرآن ،هم كما هم على مر العصور ،وسيبقون هكذا الى يوم الدين،
سألته بعد ذلك : هل لديك سؤال؟ بابتسامة قال لي الله معكم ،وليوفقك خطاكم.هذا ما نحن بحاجة إليه، ولكن الطريق طويلة ،وأنتم بدأتم بالسير عليها تتبعون خطى من سبقكم من أهل القرآن.

اجمالي القراءات 16885