اجتهاد مرتجل للتأمل بالجمالية الفريدة للقرآن العظيم
الفنية الجمالية للقرآن بين الشكل والموضوع مقارنة بالقضاء والحديث

أبو أيوب الكويتي في الأربعاء ٠٨ - يوليو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

يتميز القرآن الكريم ويتفرد بصفات وملامح شكلية وموضوعية تستوجب على المؤمن بهذا الكتاب العظيم التأمل ليزداد ايمانا بتفوق القرآن السماوي على أي منتج بشري أرضي

نعطي على ذلك مثالا لتوصيل المراد

القضاء: حسب خبرتي القانونية المتواضعة فالقضاء يستوجب لقبول الدعوى استيفاء الاطار الشكلي ومن ثم يتم النظر في الموضوع ومن ثم الحكم بما يراه القاضي حقا ... الاطار الشكلي والموضوعي هنا من ضمن الادوات التي يستخدمها القاضي للتوصل الى الحكم ... يلاحظ هنا وجوب استيفاء الأساس بقبول الدعوى شكلا ومن ثم يتم البناء على هذا الأساس المتين حتى الوصول الى الاحكام ... فالبناء هنا يأتي من أسفل الى أعلى درجات التقاضي

الحديث: الحديث الذي يؤمن به اغلب المحمديون يشكل حالة فريدة ... فالبناء هنا كذلك يأتي تصاعديا من الأسفل الى الأعلى ... فالشكل الذي نجده في القضاء يقابله هنا السند و الموضوع في القضاء يقابله هنا المتن ... الا ان الغريب في الأمر هو أن الأساس الشكلي هوالطاغي على الأخذ والايمان بالحديث ... بمعنى انه لو صح السند من وجهة نظر بعض المخرجين والمؤمنين بتلكم الأحاديث فليس بالضرورة فساد الموضوع أو المتن ولو كان ذلك المتن ينافي الفطرة ويتعارض مع العقل والقرآن ... الحديث يعتبر حالة فريدة حيث يتم تحصين السند أو الشكل بإضفاء هالة من القدسية على الرواة كخط دفاع أول وأخير لتجنيب المتن من النقد العلمي

القرآن العظيم: القرآن حالة شديدة العظمة حيث ان البناء فيه يتم من الأعلى الى الأسفل وأدواته أكبر وعميقة وتتطلب جهد أكثر لفهم هذه الحالة الفنية الفريدة الجميلة ... نحن هنا نحاول أن نتأمل ونتدبر والمجال مفتوح لمن يريد أن يزيد على تلكم الأدوات الفنية الجمالية..

فمثلا القرآن من أدواته الموضوع والشكل ونزيد على ذلك الاعجاز ... فعلى العكس تماما وبأعجاز وبشكل مدهش يتم بناء الأساس القرآني من الأعلى الى الأسفل (من السماء الى الأرض) مدهش اليس كذلك ؟

نرى أن الموضوع (الآيات) هو المهيمن والمسيطر على الشكل والاعجاز بل أن الشكل والاعجاز يعتبرون من أدواته ولكن ذلك يستوجب تبحرا و تدبرا وعقلا سليما وذلك التدبر به مستويات كما بين لنا  الدكتور أحمد أدوات الباحث من قبل ...

 يتوجب هنا لفت الانتباه للاطار الشكلي للقرآن العظيم ...  فقد نزلت تلكم الآيات (الموضوع) من الله رب العزة جل في علاه على البشرية وكان الاطار الشكلي هنا يتضمن الروح الأمين ومحمد عليه السلام ... يلاحظ هنا على العكس من الحديث انه يكفي ان تقول قال الله عز وجل الآية لكي يتمكن المؤمن من معرفة السند أو الشكل فلا يحتاج من قارئ القرءان في كل مرة أن يذكر السند أو الشكل فاسم الله العظيم يكفي ((لا اله الا الله))... 

فلا يحتاج القارئ ان يقول قال الله عن الروح الأمين عن محمد عليه السلام كذا وكذا ... يكفي أن تقول قال الله تعالى وهنا العظمة الربانية السماوية ... على العكس من الحديث لابد من أن تتلوا السند وتسنده الى رواة قبل الاتيان بالموضوع والا فسد المتن او الموضوع هذا ان تم الالتفات اليه اصلا فيكفي تزكية الرواة للأخذ بالحديث وان عارض القران بشكل صارخ مثل احاديث المهدي المنتظر على سبيل المثال التي تكفر بآيات الله بأن محمدا عليه السلام لا يعلم الغيب

أخيرا من أدوات القرآن التي لا تجدها في القضاء أو الحديث أو أي منتج أرضي بشري أو حتى جني لو اجتمعت عليه الجن والانس هو الاعجاز ... فمن ادوات القران ودرره الخفية والجلية الاعجاز وتحدي الانس والجن أن يأتوا بمثل هذا الكتاب العظيم ومعجزات اخرى كثيرة تدعوا مريدها فقط للتدبر والنهل من منهولها لكن شرط التدبر السليم والحكم غير المسبق والمشي دبر الآيات وتوفر المؤهلات والأدوات البحثية والنقدية للباحث وذلك على عدة مستويات من التدبر وكل يشيل وينهل من بديع القرآن على قدره ولا يكلف الله نفسا الا وسعها والتدبر الطيب يبقى والتدبر الخبيث يزهق ويذهب هباء منثورا

الحديث لا يوجد به هذا التدبر والدعوة من المؤلف للاجتهاد فان اجتهدت فانت تعمل العقل على صحيح النقل وياويلك فانت تقترب من الخطوط الحمراء فلذلك وجب خلق هاله من القدسية على الرواة وعلى اله اسمه محمد غير محمد الموجود في القرآن

الخلاصة: الله عز وجل يدعونا للتدبر والايمان بالموضوع أو الآيات والايمان بتلكم الايات يستوجب بالضرورة الايمان بالشكل أي الايمان بالروح الامين مبلغا للوحي والايمان بمحمد عليه السلام رسولا مبلغا لآيات ربه أما الاعجاز فيدعوك ربك ان تتدبر بقلب سليم وسوف يهديك باذن الله الى السراط المستقيم

أخر الكلام خير الكلام ... قال الله تعالى :((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين)) صدق الله العلي العظيم

اجمالي القراءات 2595