الفرق بين المنزلتين

يوسف ترناصت في الأربعاء ٠٨ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

    لا شك ان الايمان بالجنة والنار يعد من صميم هذا الايمان، وهما الجزاء الأخروي الخالص لنتائج أعمالنا فمن كانت أعماله حسنة معززة بالايمان فنصيبه الجنة ومن كانت أعماله سيئة فنصيبه النار، والقرءان الكريم به العديد من الآيات التي تتحدث عن الجنة والنار وصفاتهما واصحابها ودرجاتهما والأكل واللباس وجميع الآيات تؤكد على ان هناك خلود في النار او خلود في الجنة وليس هناك توسط وليس ممن تتساوى حسناته مع سيئاته، وليس هناك من يدخل النار ثم يدخل الجنة او العكس.

   ومصير الانسان بالدخول الى الجنة او النار فهو بيده، فهو الذي يصنع مصيره بأعماله، يقول عز وجل في سورة الاسراء الآية 19 :"ومن أراد الءاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا"، لذلك فالدخول الى الجنة ليس بالأماني يقول عز وجل في سورة البقرة الآيتين 80 و81 : "وقالوا لن تمسنا النار الا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله وعده أم تقولون على الله ما لا تعلمون × بلى من كسب سيئة وأحطت به خطيئته فأولئك أصحب النار هم فيها خلدون". وهذه الآية جاءت في أهل الكتب ولإزالة الشك يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء الآية 75 :" ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا" فالأماني من فعل الشيطان ليلهي الانسان عن الطاعة حتى يموت بدون توبة باعتقاده بوجود الشفعات والوسطات، ذلك من فعل الشيطان حيث جاء في سورة النساء الآية 69 : " ولأضلنهم ولأمنينهم..."، ويقول عز وجل : "ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين"(سبأ - 20).

   ومن الآماني ايضا ان ينتظر الانسان ان يؤتيه الهدى من الله ولا يبتغي لذلك اي سبيل ولا يجاهد لمعرفة الطريق الصحيح المؤدي الى الجنة لذلك فالأمر يتوقف على مشيئة الانسان فهو الذي يصنع مصيره سواء في الدنيا او الآخرة يقول الله عز وجل في سورة السجدة الآية 13 : " ولو شئنا لءاتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين"، لذلك فالله اعد الجنة لمن يسعى اليها واعد النار كذلك لمن يسعى اليها "فريق في الجنة وفريق في السعير"، فالأمر يتطلب بذل جهد والسعي بالفوز بالجنة "واللذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" يقول عز وجل في سورة آل عمران الآية 133 : " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جهدوا منكم ويعلم الصبرين"، والآية  من سورة البقرة تقول : " ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما ياتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم الباساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب".

   وعملنا سواء كان صالح او سيء فانه لايضر الله شيئا ولا ينفعه فهو الغني والعزيز فعملنا ينفعنا نحن اذا كان صالح ويضرنا نحن اذا كان سيء " فمن اهتدى فلنفسه ومن ظل فعليها" وعملنا الصالح يقربنا الى الله ونستأنس به في الدنيا والآخرى ونرضى به ويرضا بنا "رضي الله عنهم ورضوا عنه"، فالجزاء إذن من جنس العمل عند الله الذي لا يظلم أحدا يقول سبحانه في سورة الأعراف الآية 43 : " ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهر وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"، الآية 32 من سورة النحل : " الذين تتوفاهم الملئكة طيبين يقولون سلم عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون"

    كما ان دخول الجنة لا يكون الا بعمل الانسان الخالص الصالح الذي يصنعه بيده لا بعمل انسان آخر لذلك فالجنة لا يدخل لها بالشفاعة ولا بالوساطة و لا حتى بالقوة - ومن يكون يومئذ اقوى من الله عز وجل -، يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة البقرة الآية 48 : " واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون" ، يقول في الآية 25 و26 من سورة الفجر : " فيومئذ لا يعذّب عذابه أحد × ولا يوثق وثاقه أحد "، فعدالة الله عدالة تامة مائة بالمائة، يقول سبحانه وتعالى في مشهد من مشاهد يوم الآخرة : " فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون".

   وحيث ان الدخول الى الجنة فهو الفوز اما الدخول الى النار فهي الخسارة يقول عز وجل عن الفوز في سورة آل عمران الآية 185 :" كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور"، كما يقول عز وجل في سورة الحشر الآية 21 : " لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون"، والفوز بالجنة فهو ليس بفوز عادي فهو فوز عظيم وما أعظمه فوز " أعد الله لهم جنت تجري من تحتها الأنهر خلدين فيها ذلك الفوز العظيم"، الأية 5 من سورة الفتح تقول " ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنت تجري من تحتها الأنهار خلدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما".

   أما عن الخسارة فيقول عز وجل في سورة الزمر الآية 15: " فاعبدوا ما شئتم من دونه قل ان الخسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيمة ألا ذلك هو الخسران المبين"، فالخسارة هنا خسارة للنفس وللأهل سواء أكان الأهل بدورهم في النار ام كانوا في الجنة ، في حين ان أصحاب الجنة يلتقون بأهلهم الصالحين حيث يصور القرءان هذا الموقف في الآية 23 من سورة الرعد : " جنات عدن يدخلونها ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب " والآية 8 من سورة غافر : " ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم انك انت العزيز الحكيم ".

  إذا فالجنة الموعودة هي خير نزلا : "أما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون" (السجدة 19)، فين حين أن جهنم هي شر نزلا : "أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم".

 فما الفرق إذن بين المنزلتين :

1 - في صفات الجنة.

=   اولا يجب تعريف الجنة ليسهل علينا بسط صفاتها الموجودة في القرءان الكريم، فكثيرا ما يورد لفظ الجنة في القرءان للدلالة على البستان او الحديقة ، فقد جاء في الآية 266 من سورة البقرة :" أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين لكم الآيات لعلكم تتفكرون"، وجاء في سورة البقرة الآية 35 : " وقلنا ياءادم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظلمين"، كما جاء في سورة الفرقان الآية 7 و 8 : " وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا × أو يلقى اليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظلمون ان تتبعون إلا رجلا مسحورا" وجاء في سورة الاسراء الآية 90 و91 : " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا × أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا".

 =  لذلك فالجنة الموعودة في الآخرة قريبة من هذه المواصفات لكن ليست مثلها فهي أحسن بكثير ولا يمكن تخيل ذلك، ففي الجنة :

  •  الأنهار: فدائما ما يوصف القرءان الكريم بأن الجنة تجري من تحتها الأنهار يقول عز وجل في سورة آل عمران الأية 15 : " أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنت تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين"، وقد أعطى عز وجل بعض الأمثلة لأنهار الجنة فهناك أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من عسل مصفى وأنهار من خمر لذة للشاربين.
  • الثمار والفواكه واللحوم : فثمار الجنة متعددة ومتنوعة وعند الطلب ودائمة؛ يقول عز وجل في سورة الرعد الآية 35 : " مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهر أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكفرين النار"، الاية 31 من سورة النحل : " جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين"، الآية 31 و32 من سورة النبأ : " إن للمتقين مفازا × حدائق وأعنبا × وكأسا دهاقا"، الآية 25 من سورة البقرة : " وبشر الذين ءامنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشبها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون"، الآية 20 و21 من سورة الواقعة : " وفكهة مما يتخيرون × ولحم طير مما يشتهون"، الآية 32 و33 من سورة الواقعة : " وفاكهة كثيرة × لا مقطوعة ولا ممنوعة "، الآية 68 من سورة الرحمان : " فيهما فاكهة ونخل ورمان" و الآية 52 من نفس السورة : " فيهما من كل فاكهة زوجان"، وتقول الآية 22 من سورة الطور : "وأمدادنهم بفاكهة ولحم مما يشتهون".
  • الثياب والحلي: فلباس أصحاب الجنة الحرير الأخضر والحلي والأساور من الذهب واللؤلؤ والفضة فقد جاء في سورة فاطر الاية 33 : " جنت عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير"، والآية 31 من سورة الكهف : " أولئك لهم جنت عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكءين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا"، والآية 23 من سورة الحج : " إن الله يدخل الذين ءامنو وعملوا الصالحات جنت تجري من تحتها الأنهر يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير"، والآية 21 من سورة الإنسان :" عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ".
  • الأزواج المطهرة: او ما يسمى بحور العين ، فأصحاب الجنة يرزقهم ربهم أزواج مطهرة غاية في الجمال تقول الآية 25 من سورة البقرة : " وبشر الذين ءامنوا وعملوا الصلحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشبها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون"، والآية 15 من سورة آل عمران :" قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد" والأية 57 من سورة النساء : " والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا"، الآية 54 من سورة الدخان : " كذلك وزوجنهم بحور عين "، والآية 20  من سورة الطور : " متكءين على سرر مصفوفة وزوجنهم بحور عين "، الآية 22 و23 و24 من سورة الواقعة : " وحور عين × كأمثال اللؤلؤ المكنون × جزاء بما كانوا يعملون "، والآية 48 من سورة الصافات : " وعندهم قصرت الطرف عين × كأنهن بيض مكنون".
  • الولدان : الآية 17 من سورةالواقعة : " يطوف عليهم ولدان مخلدون"، والآية 19 من سورة الإنسان : " ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا"، والآية 24 من سورة الطور : " ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون".
  • القصور والغرف والأفرشة والأرائك : والقصور تكون حصرا للمقربينوالسابقون الأولون يقول عز وجل للنبي في الآية 10 من سورة الفرقان : " تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا"، كما ان في الجنة غرف تقول الآية 58 من سورة العنكبوت : " والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين"، والأية 37 من سورة سبأ : " وما أموالكم ولا أولدكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من ءامن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات ءامنون"، والآية 20 من سورة الزمر : " لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد"، كما في الجنة الأفرشة والزرابي والأرائك والسرر تقول الأية 54 من سورة الرحمن : " متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان"، الآيات 13 و14 و15 و16 من سورة الغاشية : " فيها سرر مرفوعة× وأكواب موضوعة × ونمارق مصفوفة× وزرابي مبثوثة"، الآية 31 من سورة الكهف : " أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكءين فيها على اللأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا"، والآية 56 من سورة يس : " هم وأزواجهم في ظلل على الأرائك متكءون"، والآية 13 من سورة الإنسان : " متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا" والأيتين 23 و35 من سورة المطففين : " على الأرائك ينظرون".
  • السكينة والطمأنينة والراحة : ففي الجنة الراحة التامة والسكينة حيث سيزول القرح والظمأ والجوع والخوف والبرد والحرارة والغل ...، يقول عز وجل في سورة الانسان الآية 13 : " متكءين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا"، الآية 57 من سورة النساء : " والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ولهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا"، الآية 23 من سورة إبراهيم : " وأدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام"، الآية 46، 47 و48 من سورة الحجر : " أدخلوها بسلام ءامنين × ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين × لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين"، الآية 62 من سورة مريم : " لا يسمعون فيها لغوا إلا سلما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا"، الآية 25 و26 من سورة الواقعة : " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما× إلا قيلا سلما سلما"، الآية 35 من سورة النبإ : " لا يسمعون فيها لغوا ولا كذاب.

=  ومساحة الجنة شاسعة ولا يمكن تخيل ذلك فعرضها كعرض السموات والأرض فكما لا يمكن تخيل شساعة الكون المترامي الأطراف، لا يمكن تخيل شساعة الجنة كذلك يقول الله سبحانه وتعالى في الآية 133 من سورة آل عمران : " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين"، والآية 21 من سورة الحديد : " سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين ءامنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم".

= ومن صفات الجنة الخلد فهي خالد مؤبدة فكثيرا ما يقرن عز وجل الدخول الى الجنة بالخلود، فهي الحياة الكاملة الدائمة التي أصلا خلقنا من أجلها يقول عز وجل في سورة العنكبوت الآية 64 : " وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الءاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون"، فالدنيا زائلة ونحن عابري السبيل فيها ونحن نزرع فيها الثمار الحسنة لنجنيها في الآخرة ونصيبنا فيها مؤقت ولا يدوم ولا ينفعنا الا العمل الصالح وما يشعر بأهمية الدار الآخرة الا الكافر باليوم الآخر ولا يستعد له لارتباطه وتعلقه بالحياة الدنيا حيث يصور عز وجل هذا الموقف في الآية 23 و24 من سورة الفجر : " وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى × يقول ياليتني قدّمت لحياتي".

  فتلكم كانت هي صفات الجنة فهي معرّفة الآن لنا، فيوم القيامة سنراها على تلك الشاكلة لكن لا يمكن تخيلها الآن لأنها أجمل بكثير يقول الله عز وجل في سورة محمد الآية 6 : " ويدخلهم الجنة عرفها لهم".

2 - في صفات جهنم.

   نتسائل مقارنة مع نعيم الجنة عن عذاب جهنم الخالد ، فالإنسان خالد خالد فالخلد في الجنة أفضل لذوي العقول، ان الله كما وعد المؤمنين الصالحين التقاة بالجنة وعد الكافرين الفاجرين العصاة بنار جهنم خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب، فما هي إذن صفاة جهنم ؟ :

  أ -  ففي جهنم ألوانا متعددة من العذاب :      

  فعذاب جهنم أليم حيث يشعر المعذب بالألم الشديد ، تقول الآية الكريمة : "وللكافرين عذاب أليم " وتقول الآية 174 من سورة البقرة : " إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم" ، الآية 91 من سورة آل عمران : " إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين"، الآية 18 من سورة النساء : " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما"، الآية 138 من سورة النساء : " بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما".

  وحتى يشعر المعذب بالعذاب فان الألم التي يشعر به يبقى يطارده الى الأبد ولا يخفف أبدا ولا تمنح له أي مهلة او نظرة، تقول الآية 86 من سورة البقرة : " أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون " ، الآية 172 من سورة البقرة والآية 88 من سورة آل عمران : " خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون" ، الآية 85 من سورة : " وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون"، الآية 36 من سورة فاطر : " والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور"، وتأتي الآية 39 و40 من سورة الأنبياء لتوضح بشاعة الموقف حيث تقول : " لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون × بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطعون ردها ولا هم ينظرون ".

  وتأتي الآيات تصف الموقف؛ : "وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب" ويأتي الرد من خزنة جهنم : ''قالوا أولم تأتيكم رسلكم" فيأتي التعقيب ''بلى" فترد خزنة جهنم "قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال''(الآية 49 و50 من سورة غافر)

  والعصاة والكافرين بعصيهم وكفرهم واستهزائهم بالله جل وعلا يتلقون عذابا شديدا لأن الله ينتقم منهم : " متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون"، : " ..إن الذين كفروا بأيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتفام "

  وبالاظافة الى ان العذاب أليم فهو محرق يحرق الجلد فهو فعلا نار تقول الآية 181 من سورة آل عمران : " لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق" ، الآية 22 من سورة  الحج : " كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق"، الآية 10 من سورة البروج : " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق".

  وعندما تحترق جلود المعذبين تبدل تلقائيا ليزداد الشعور بالألم تقول الآية 56 من سورة النساء : " إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ".

  وزيادة على الألم والحريق فالمعذبين في نار جهنم يتلقون الاهانة بذلك العذاب فهو عذاب مهين وهناك العديد من الآياتن التي تشير الى ذلك ونخص بالذكر الآية 14 من سورة النساء : " ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين "، فالعاصي يتلقى العذاب المهين والكافر ايضا يتلقى العذاب المهين تقول الآية 57 من سورة الحج : " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين ".

  وحيث ان موقف العصاة والكافرين يوم القيامة كله اهانة فهم يتلقوم الاهانة واللعنة الغضب أصلا في حياتهم الدنيا وهم لا يشعرون بذلك تقول الآية 93 من سورة النساء : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما "، الآية 106 من سورة النحل : " من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم "، الآية 152 من سورة الأعراف حينما اتخذ بني اسرائيل العجل من بعد ما ذهب موسى لميقاث ربه : " إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين".

  كما يتلقى الكفار والعصاة الإهانة عند الوفاة تقول الآية 93 من سورة الأنعام : " ...ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون.."، الآية 50 من سورة الأنفال : " ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق"، كما يتلقون الإهانة وهم يعرضون على جهنم تقول الآية 20 من سورة الأحقاف : " ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون".

 ونأتي الى الخاصية الأساسية وهي خاصية الخلد ذلك أنه من يدخل جهنم لا يخرج منها اطلاقا وليس هناك من يدخل ويعذب بقدر ذنوبه ثم يخرج منها او سيشفع فيه أحد او ينصره ،فمن يؤمن بذلك فهو يكفر بآيات الله الصريحة التي تنص على صفة الخلود ، فالكافر الذي يموت وهو كافر والعاصي الذي يموت علي عصيانه يخلد في نار جهنم الى ابد الأبدين لا خروج منها وسنتعامل مع هذا الموضوع بكل دقة حتى تتضح الصورة :

 فالميزان الإلهي يوم القيامة مختلف بشكل كبير فكفة الميزان اما ان تثقل وجنة خالدة واما ان تخف وجهنم خالدة وليس هناك تساوي بين الكفتين يقول عز وجل في سورة المؤمنون الآية 102 و103 : " فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون × ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون".

  وفي سورة الأعراف الآية 8 و9 : " والوزن يومئد الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون × ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بأياتنا يظلمون "، والآيات 6 و7 و8 و9 و10 و11 من سورة القارعة : " فأما من ثقلت موازينه × فهو في عيشة راضية × وأما من خفت موازينه × فأمه هاوية × وما أدراك ما هية × نار حامية ".

   وان عدالة الله رحيمة جدا، لذلك من يأتي بالحسنة يكون له عشر أمثالها ومن يأتي بالسيئة لا يجزى الا مثلها (الآية 160 من سورة الأنعام)، فكثرة الحسنات (المعززة بالإيمان) تضاعف عشر مرات واذا كانت السيئات قليلة تغلب كفة الحسنات على حساب كفة السيئات، كما وان الحسنات يذهبن السيئات تقول الآية : " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من اليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين"، كما ان التوبة الصادقة من المعاصي (السيئات) المعززة بالعمل الصالح والإيمان تمحي كل السيئات مهما كبرت وعظمت تقول الآية 70 من سورة الفرقان : " إلا من تاب وءامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما " ، فالسيئات تختفي تماما ولا يبقى الا العمل الصالح المعزز بالإيمان فثتقل كفة الميزان ويكون المصير هو الجنة الأبدية يقول عز وجل في الآية 7 من سورة العنكبوت : " والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن ما كانو يعملون ".

    اما الأعمال الصالحة والحسنات الغير معززة بالإيمان التي يبغتى فيها غير وجه الله فلا تقبل (مثلا شخصا يقوم بعمل صالح يقول لوجه الانسانية او للرياء..ولا ينوي بذلك التقرب الى الله) فهذه الأعمال تحبط ولا يقام لها أي وزن بالاظافة الى انها قد يكون فيها شرك او كفر يقول عزوجل في الآية 103 و104 و105 من سورة الكهف : " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا × الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا × أولئك الذين كفروا بأيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " لا تأخذ في الميزان ولا يقام لها اي اعتبار فيكون المصير حتما الى نار جهنم الّأبدية، كما تقول الآية 65 من سورة الزمر : " ولقد أوحي اليك والى الذين من قبلك لأن أشركت ليحبطن عملك ولا تكونن من الخاسرين ".

    أما المؤمن العاصي الذي يقترف السيئات ويدمنها مع علمه بذلك وانه سيعاقب عليها يوم القيامة وان الله حظره منها فانه ان مات على معصيته ولم يتب قبل لحظة قبض الروح فانه يكون مصيره جهنم الأبدية ولا يدخل جهنم بقدر ذنوبه كما يقال، وذلك لسبب بسيط هو ان ادمانه لهذ السيئات لم يترك له الوقت للقيام بالأعمال الصالحة فيظل مدمن السيئات الى ان يأتيه الموت تقول الآية 27 من سورة يونس : " والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "، فجزاء السيئة السيئة تقول الآية 90 من سورة النمل : " ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون الا ما كنتم تعملون " ، وتقول  الآية 80 و81 من سورة البقرة : " وقالوا لن تمسنا النار الا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون × بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " فمن يكسب السيئة وتحيط به اي لا تترك له مجالا لعمل الحسنات ويظل مدمنا عليها بدون توبة فمصيره جهنم خالدا فيها أبدا.

    لذلك فمن يدخل جهنم لا يخرج منها أبدا وهو وعد من الله لا يمكن ان يخلفه : "وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم.." ويقال لهم وهم يساقون الى جهنم " قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها.." وهم يعذبون في دائرة وحقب غير متناهية : " أنها عليهم مؤصدة في × عمد ممددة " .." لبثين فيها أحقابا..".

   فمن يدخل جهنم فانه لا خروج منها أبدا تقول الآية الكريمة 167 من سورة البقرة : " وقال الذين اتبعوا لو ان لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار "، كما تقول الآية 37 من سورة المائدة : " يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم "، وتقول الآية 35 من سورة الجاثية : "ذلكم بأنكم اتخذتم ءايت الله هزوا وغرتكم الحيواة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون"

  والصبر في الخلود في نار جهنم لا يجدي ولا طائل منه يقول عز وجل في الآية 16 من سورة الطور : " اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم.."، تقول الآية 175 من سورة البقرة : " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار".

 ــــ  وجهنم نفسها لها صفاة :

- وقود جهنم : فالنار عندنا في الدنيا يلزمها وقود لتشتعل وقد تطور وقودها عبر الزمن فكانت تشتعل بالحجر والاحتكاك ثم تطور الى ان اصبحت تشتعل بالغاز، لكن نار جهنم شيء آخر فوقودها هم أصحاب جهنم أنفسهم بخلدهم فالنار فماداموا فيها فالنار مستمرة في الاشتعال يقول الله عز وجل في الآية 10 من سورة آل عمران : " إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار"، والآية 24 من سورة البقرة : " فإن لم تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين" ، الآية 6 من سورة التحريم : " يأيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ..." كما أن نار جهنم لها شرارة كنار الدنيا لكن في الآخرة شيء آخر : " انها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر".

- جهنم شديدة الحرارة : تقول الأيتين 24 و25 من سورة النبأ : " لا يذقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا "، تقولالآية 19 من سورة التوبة موضحة الموقف : " فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ".

  و خلافا لمساحة الجنة التي تبلغ عرض السموات والأرض فان جهنم ضيقة ومغلقة الأبواب ومحيطة بالمعذبين" عليهم نار مؤصدة "، " ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها " تقول الآية 54 من سورة العنكيوت : " يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين× يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون"، والآية 49 من سورة التوبة : "ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين"، وتقول الآية 16 من سورة الزمر :"لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده ياعباد فاتقون".

  ونتسائل عن معيشة أصحاب النار :

   فمعيشة أصحاب النار ليست كحياة أصحاب الجنة فهم يتعذبون في دورة لا تنتهي بعدما يتلقون العذاب الأليم وألوانا أخرى من العذاب فيتعطشون للأكل والشرب ثم يعودون الى الجحيم مرة اخرى تقول الآية 44 من سورة الرحمن "يطوفون بينها وبين حميم آن"؛

  فأصحاب جهنم يأكلون من شجر الزّقوم تقول الآية 62 و63 و64 و65 و66 من سورة الصافات : "أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم × إنا جعلناها فتنة للظلمين × إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم × طلعها كأنه رءوس الشياطين × فإنهم لءاكلون منها فمالءون منها البطون" ، فهي شجرة يأكلون منها أصلها في الجحيم (تنبث من الجحيم نفسه) وطلعها أي ثمارها كأنه رؤوس الشياطين يعني شيء مفزع ، ومع ذلك بجوعهم سيأكلون منها حتما ليشبعوا "فإنهم لءاكلون منها"..."فمالءون منها البطون"، كما تقول الآيات 43 وما بعدها من سورة الدخان : " إن شجرة الزقوم × طعام الأثيم × كالمهل يغلي في البطون × كغلي الحميم "، فطعام الشجرة يغلي في بطونهم كغلي الحميم والحميم هي النار السائلة (كالبركان أو اللافا)، وتقول أيضا الآية 52 و53 من سورة الواقعة : " لءاكلون من شجر من زقوم × فمالءون منها البطون ".

  أما عن شراب أصحاب الجحيم فهو الحميم (النار السائلة المغلية) تقول الآية 54 من سورة الواقعة : " فشاربون عليه من الحميم × فشاربون شرب الهيم"، الأية 67 من سورة الصافات : " ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم "، وتقول الآية 29 من سورة الكهف توضح : " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين نار أحاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا "، وتقول الآية 4 من سورة يونس : " إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده ليجزي الذين ءامنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون "، فمقارنة مع شراب الحميم فان الجنة بها أنهار متعددة من الأشربة وغاية في اللذة فالفرق عظيم جدا تقول الآية 15 من سورة محمد : " مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ".

   فهي دورة من العذاب فبعد تناولهم الوجبة الساخنة يجز بهم في قاع الجحيم ويأخذون حماما ساخنا من ماء الحميم : "...ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم "(أ 68 س الصافات)، " خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم × ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم × ذق إنك أنت العزيز الكريم "(أ 47 و48 و49 س الدخان)، ".. يصب من فوق رؤوسهم الحميم × يصهر به ما في بطونهم والجلود"، ( الحج 19 و20).

   وهم يساقون بالقوة في دورة العذاب مكبلين بالأغلال والسلاسل والأصفاد تقول الآية 70 و71 و72 من سورة غافر : " الذين كذبوا بالكتب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون × إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون × في الحميم ثم في النار يسجرون "، ولا مهرب يومئذ من ملائكة العذاب الغلاظ الشداد.

  أما عنثياب أصحاب النار فهي من النار نفسها تقول الآية 19 من سورة الحج : " هذان خصمان أختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار...".

 ــــ لا موت في جهنم ولا حياة :

  ربما يتمنى الكفار والعصاة الموت للتخلص من عذاب جهنم الأليم والشديد والمحرق حيث سيجدون ان الموت راحة لهم لكن الأمر عكس ذلك يقول عز وجل في الآية 17 و18 من سورة إبراهيم : "من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد × يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ "، كما أنهم لا يحيون فيها تقول الآية 13 من سورة الأعلى : "ثم لا يموت فيها ولا يحيى".

اجمالي القراءات 4031