المصريون الذين إتخذوا الشيطان وليا من دون الله جل وعلا

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٣ - يوليو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

المصريون الذين إتخذوا الشيطان وليا من دون الله جل وعلا 

مقدمة :

1 ـ فى مصر نكتة شائعة تقول : إن 99% من الظلم يعيش فى مصر ، وأن الباقى 1% يتجول فى العالم ، وأنه شعر بالغربة فعاد الى موطنه الأصلى مصر . ومعروف أن الشيطان هو مصدر الظلم والشّر ، بالتالى طبقا لهذه المقولة فإن الشيطان وذريته من الشياطين مستقرون بمصر يجدون فيها عملا مستمرا لا يتوقف ولا ينقطع . ولكن هناك نكتة مصرية أخرى تقول : ( رؤى الشيطان فى مصر مهاجرا منها، فقيل له : " لماذا تترك مصر وطنك الحبيب ؟ . فقال : " زهقت منها ، المصريون نكّارون للجميل ، أظل أساعد المصرى فى جمع أمواله بالحرام حتى إذا صار ثريا قال : " هذا من فضل ربى " ، وينكر أننى صاحب الفضل عليه ).!

2 ـ مصر أكبر سجن فى العالم ، ومع ذلك ففى مطار القاهرة لافتة ضخمة تحمل الآية الكريمة : ( ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ ﴿٩٩﴾ يوسف ). هذا مع أن المستضعفين فى مصر ( 99 % من عدد السكان ) يقولون مقالة أصحاب الجحيم عن الجحيم : ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ﴿١٠٧ المؤمنون) .

3 ـ للظلم فى مصر أساس دينى أسّسه الشيطان فيها من قديم الأزل . لذا يتشارك المصريون حتى الآن فى ظلم بعضهم البعض ، المؤظف المطحون فى أى مصلحة حكومية  يتفنّنن فى تعذيب الناس وهم يتكدسون فى طوابير أمامه يمارس سُلطته عليهم ، والموظف الحكومى فى أجهزة الأمن والسجون وغرف التعذيب يمارس وظيفة تعذيب الأبرياء بكل إخلاص ، والأقلية الحاكمة تتفنّن فى تعذيب الأغلبية بقرارات فوقية وتعقيدات بيروقراطية وأوامر بالإعتقال وبرفع الأسعار ،  مع ترسانة قوانين لا أول لها ولا آخر يمكن بها سجن أضعاف أضعاف المصريين بأى تهمة وبدون تهمة ، ثم تمديد قوانين الطوارىء . الأقلية تأمر والأغلبية تنفّذ. والظلم يغلف الحياة المصرية ، وهم مع ذلك أكثر الناس تدينا سطحيا ، تتكاثر طوابيرهم فى الصلوات فى الجمعة وغيرها ، وتتحول الى مظاهرات فى صلاة العيدين ، وتنتشر مظاهر التدين من الحجاب والنقاب واللحى والثياب والعبارات الدينية خصوصا تقديس إلاههم ( محمد ) ، والمساجد الشيطانية لا يزال عددها فى إزدياد ، إبتداء بمسجد عمرو بن العاص ، وليس آخرها مسجد الفتاح العليم .

4 ـ هذا الدين الفاسد الشيطانى الأرضى صناعة مصرية خالصة قديمة تليدة  ، نشير  سريعا للسمات العامة للدين الشيطانى المصرى المؤسس على الظلم ، ظلم الناس وظلم رب الناس   : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ﴿١٣﴾ لقمان ) .

أولا :

 الدين الفرعونى : تحالف الدين الأرضى مع الفرعون  :

1 ـ وسوس الشيطان للمصريين القدماء من بداية إقامتهم فى مصر . بدأت الإقامة فى مصر حول النيل فى قرى متفرقة من حوالى 70 قرنا من الزمان . زعيم عصابة فى كل قرية أطمعه الشيطان فى تملك القرية بمعاونة رجل دين فى معبد ، ثم بدأ فى التحرش بالقرى الأخرى ، والأقوى يضم الى ملكيته القرى الأخرى وينشر تقديس آلهته ومعابدها ، ووصل الأمر الى تكوين دولتين إحداهما فى الجنوب والأخرى فى الدلتا . و من حوالى 3150 قبل الميلاد تمكن مينا نعرمر ( نارمر ) من توحيد القطرين، وبدأ بهذا تاريخ مصر الفرعونية المركزية الموحدة ، وإستمر حتى الآن .

2 ـ هى نفس الدولة الاستبدادية المركزية التى يتعانق فيها الكهنوت الدينى مع الاستبداد السياسى ، ويمتلك الفرعون المستبد ذلك الدين ( الشيطانى ) وبه يملك الأرض وما عليها ومن عليها .

3 ـ من مظاهر هذا الدين الفرعونى الشيطانى تأسيس المعابد الضخمة والفخمة . ومن عجب أن الحضارات القديمة الأخرى ذات آثار ( دنيوية ) من القصور والملاعب والمسارح ولكن الآثار المصرية الفرعونية هى معابد ومدافن ، لا تزال تحتفظ بمعظم رونقها مع مرور عشرات القرون ، وطبيعى لم يكن من أنشأها من عوام الناس بل الفراعنة ، واليهم تنتسب تلك المعابد دليلا على تعانق الاستبداد مع الكهنوت .

4 ـ  وهذا التحالف بين الفرعون والكهنة سمح بنوع من تقاسم السلطة بينهما ، وفى ضعف الفرعون يطمح الكهنة فى السلطة وعزل الفرعون ، وعندما يعلو نفوذ الفرعون يصبح هو الإله والكهنوت معا ، كما حدث من فرعون موسى .

5 ـ والعادة أن يدفع المصريون المستضعفون الثمن . كانوا ولا يزالون .

 ثانيا :

معرفة المصريين بالله جل وعلا مع عبادة الألهة والأولياء

1 ـ الشيطان يتلاعب بالبشر ، لا يستطيع إلغاء الفطرة ( لا إله إلا الله ) ولكنه يستطيع تغييرها لتكون عبادة الله وعبادة غيره معه ، وبهذا يكون الشيطان هو المعبود لدى المشركين بجانب رب العزة جل وعلا . فعل هذا الشيطان مع كل الأمم التى أرسل الله جل وعلا لها الأنبياء ، ولا شك أن الله جل وعلا أرسل لمصر القديمة رسلا قبل يوسف وموسى وهارون ، والقصص للأنبياء لم يذكر كل الأنبياء . وما جاء فى القصص القرآنى عن مصر يؤكد معرفة المصريين بالله جل وعلا مع تمسكهم بآلهتهم .

2 ـ فى قصة يوسف عليه السلام

 2 / 1 : كان يوسف عليه السلام رسولا للمصريين وقد بدأ دعوته في السجن ، وحين سأله رفيقاه إن يفسر لهما رؤياهما لم يبادر بالتفسير ، وإنما قدم نفسه وعقيدته لهما ثم أخذ يحاورهما في عبادة الأسماء ويدعوهما إلي عبادة الله الواحد الذي لا إله غيره : ( يوسف 36 ـ )، أى كانوا يعرفون الله جل وعلا ويعبدون معه آلهة أطلقوا عليها اسماء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان. ولا يزال هذا ساريا حتى الآن .وواصل يوسف دعوته حين أصبح له نفوذ وسلطان ولكن المصريين تمسكا منهم بآلهتهم ضاقوا به وأعرضوا عنه ، وفيما بعد كان مؤمن آل فرعون يذكر قومه بإعراضهم عن يوسف حين دعاهم لإخلاص دينهم لله وحده مع علمهم بأنه رسول الله اليهم : (غافر  34 )
 2 / 2 : كان يقولون اسم الله جل وعلا في الحديث العادي وخصوصا عند المفاجآت ، فالنسوة من الطبقة المثقفة كن يصحن عند الدهشة (حاش لله)(يوسف 31 ، 51)   

 2 / 3 : كانوا يعرفون الله والملائكة . والنسوة في عصر يوسف قلن حين رأينه " حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ " (يوسف 31 ) ،  

3 ـ  فى قصة موسى عليه السلام وفرعون :

3 / 1 : موسي حين بدأ دعوته ذكّرهم باسم الله الذي يوقرونه وأستحلفهم بالله ألا يرجموه  ( الدخان 18 ـ ) .أي كانوا يعرفون أن الله هو ربه و ربهم .
3 / 2  ـ وعلى نفس النسق من التذكير بالله والتخويف منه كان مؤمن آل فرعون يعظ قومه بما يعرفون وممن يخافون ويخشون :  ( غافر 28 ـ )

3 / 3 : أيقنوا بصدق دعوة موسي ولكنهم جحدوها إصرارا منهم على عقائدهم الثابتة منذ آلاف السنين (النمل 13 ).

3 / 4 : فرعون تندر علي موسي قائلا "فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ "( الزخرف 53 ). أي كانوا يعرفون الله والملائكة ، ولكنهم كانوا متمسكين بعبادة الآلهة الأخرى مع الله.

3 / 5 : وعندما اختبرهم الله جل وعلا بالمحن كانوا يفزعون إلي موسي ليطلب من الله أن يكشفها عنهم معترفين بقدرته جل وعلا (الأعراف 134 ـ )
3 / 6 : وعند الغرق تذكر فرعون فطرته فأعلن إسلامه فى الوقت الضائع :(يونس 90 ـ )  

4 ـ ما ذكره رب العزة عرفته الدراسات الحديثة فى علم المصريات . يقول أرمان في كتابه " ديانة مصر القديمة " ومما يبعث علي الدهشة أن المصريين كثيرا ما تحدثوا ـ علاوة علي آلهتهم المعنية ـ عن إله عام ويحدث ذلك في الأدب عندما يفكرون في تلك القوة التي تتحكم في مصائر الناس فمثلا يقولون . " ما يحدث هو أمر الله ، " صائد الطيور يسعى ويكافح ولكن الله لا يجعل النجاح من نصيبه " " ما تزرعه وما ينبت في الحقل هو عطية من عند الله "،" من أحبه الله وجبت عليه الطاعة"، " الله يعرف أهل السوء"،" إذا جاءتكم السعادة حق عليكم شكر الله،". ثم يقول "أرمان" :" وهناك فقرة وردت في كتاب قديم من كتب الحكمة تقول : إن الله خفي ولذلك وجب علي الناس تقديس صورته كبديل له "، ثم يعقب (أرمان) بقوله: " هؤلاء القوم الذين كان هذا هو شعورهم وحديثهم لم يكونوا بمنأى عن العقيدة الحقة ، ولو أنهم في الواقع تعلقوا أيضا بدينهم الموروث وبقوا عبادا أمناء لآلهتهم "

ثالثا :

وجود أقلية من المصريين المؤمنين بأنه لا إله إلا الله  

1 ـ في عصر يوسف عليه السلام : نرى  موفقا فريدا لامرأة العزيز وهى تقر بالذنب تائبة مستغفرة على أعين الناس وسط شهود من الأعداء والأصدقاء والشامتين ، وهو موقف إنساني قلّ أن يصدر من امرأة ذات مكانة في قومها وبكامل حريتها واختيارها ، إلا إذا كان ذلك دليلا على إيمان عميق يشع من خلال كلماتها (يوسف 51 : 53 ) .

2 ـ تطرف فرعون موسى فى الكفر قوبل بإيمان عميق بأنه لا إله الا الله . مثل :

2 / 1 : السحرة الذين سارعوا بالإيمان حين ألقى موسي عصاه فأكلت حياتهم. أعلنوا إيمانهم تحديا لفرعون ولم يأبهوا بالصلب وتقطيع الأطراف ( طه 70 : 73 ) . 

2 / 2 : الأمير الفرعونى الذي آمن ، ومن موقعه داخل قصر فرعون أخذ يدعو للتوحيد ويجادل قومه ويرد كيدهم عن موسي :  ( غافر 28  ـ ).

2 / 3 : وعلى سرير فرعون كانت زوجته موحدة مؤمنة مما يوحي بأن هناك في معقل الشرك المتطرف كان يوجد إيمان متمسك بالحق . وقد جعلها الله مثلا لكل المؤمنين ذكورا وإناثا :( التحريم 11).

2 / 4 ـ  ومن المرجح  وجود تيار سري من الإيمان وخلايا من المؤمنين ، داخل وخارج القصر الفرعوني، ومنه ربما كان تحرك ذلك الرجل الذي جاء من أقصي المدينة يسعى لينقذ موسي ويحذره . ( القصص 20 ).

2 / 5 : يوجد فى مصر الآن بعض أهل القرآن الذين يؤمنون بالله جل وعلا وحده ولا يقدسون بشرا ولا حجرا ، ولكنهم تحت الإضطهاد ..

أخيرا

فى كتابنا ( شخصية مصر بعد الفتح ) تعرضنا للدين الشيطانى المصرى السائد وكيف يقوم بتغيير وتمصير الدين الالهى ، فعل هذا مع رسالة موسى وبنى اسرائيل فى عهد موسى ثم رسالة عيسى والنصارى بعده، إذ وضع الدين المصرى بصماته عليها .  وعرضنا لتصدير الدين المصرى شرقا وغربا وشمالا الى اوربا ، وتأثيره فى المسيحية وفى العرب الجاهليين ، حتى أطلقوا إسم الدين المصرى ( جبت ) على مصر ، فأصبح سكان مصر ( جبت أو قبط ) وأطلقت أوربا على مصر إسم ( إيجبت ).  وذكر رب العزة تأثر اليهود فى عصر النبى محمد عليه السلام ب ( الجبت والطاغوت )( (52) النساء ) .وتأثرهم بالدين المصرى فى عبادة ( عزير ) ، وهو الإله المصرى ( أوزيريس ) وتسلل الينا فى خرافة ( عزرئيل ) ملك الموت ، وكيف أن رب العزة أرجع عبادة عزير عند اليهود وعبادة المسيح عند النصارى الى الذين كفروا من قبل ( التوبة 30 ) يعنى المصريين القدماء . ووصلت عبادة ( عزى ) ( إيزيس ) الى العرب باسم ( العُزّى ) مع الثالوث الشهير ، وكيف أنها اسماء سموها هم وآباؤهم ( النجم 19 : 23) مثلما قال يوسف للمصريين من قبل:(يوسف 39 ) . وكتبنا عن الإله المصرى المشهور ( آمون ) وكيف أصبح إسمه مذكورا لدى المحمديين والمسيحيين واليهود، ينطقونه فى صلواتهم وفى دعائهم قائلين : ( آمين ).ويدافع شيوخ الشيطان عن عذاب القبر ونزول المسيح والمسيح الدجال والمهدى المنتظر وهم لا يعلمون أن اصولها فرعونية . وقلت فى أحد كتبى عام 1984 أن الشيطان يحمل الجنسية المصرية . ولهذا أسميه ( شوشو ). هل عندكم مانع ؟

2 ـ فى عصرنا الحالى وفدت الوهابية السنية المتعصبة من ( نجد ) فى الجزيرة العربية الى مصر فقام الإخوان ( المصريون ) بنشرها فى مصر وحول العالم ، وأضافوا اليها مهارة التلون والنفاق وسياسة الوجهين . بالمال السعودى والجهد المصرى إنتشرت الوهابية تنشر الارهاب الدموى فى العالم ، ولم تنجُ منه مصر . والفرعون العسكرى يستغل الوهابية لصالحه ، ينشرها عبر شيوخه فى الاعلام والتعليم والأزهر ، بينما يواجه نشطاءها بالقتل والسجن والتعذيب . والصراع محتدم بين الفرعون والطامحين للسلطة من الوهابيين ، والمصريون المستضعفون ضحايا لإرهاب الوهابية وإرهاب العسكر .

3 ـ ويتعذر الاصلاح فى مصر، لإن الاصلاح فيها لا بد أن يأتى من الفرعون الحاكم . فهل يمكن وجود ( فرعون مصلح )؟

4 ـ ولهذا يظل الظلم سائدا فى مصر ويظل المصريون ( يتظالمون ) فيما بينهم  وهم يتزاحمون فى المساجد .

5 ـ  وتظل مصر الوطن المفضل للشيطان . يكفى أن فيها ملايين المساجد والكنائس والمعابد ، ولا يوجد فيها مسجد يُذكر فيها إسم الله جل وعلا وحده ...

6 ــ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم .!!

اجمالي القراءات 3852