الله سبحانه وضع الأساس للإسلام وليس الأركان
مقدمة:
ما هى مقومات أساس البناء السليم ؟ علماء الأمة سموا هذا الأساس أركان... وكلمة أركان هى عبارة أربع زوايا تحمل البناء وهذه الأركان يجب أن تقوم على أساس متين سليم خالى من العيوب حتى يصلح للإستعمال وبأمان .
وحين سموا هذا اركان الإسلام فهو تعبير خاطئ ، هذه الأركان ليست أركان الإسلام ولكن هى جزء من أركان الإيمان وايضا لأن هذه الأركان يجب أن تقام على اساس متين أولا ثم ترفع الأركان التى يتم عليها البناء.
الله سبحانه وضع الأساس للإسلام وليس الأركان فسماه " كلمة سواء " إذا عرفنا ما هى كلمة سواء وهى بالدرجة الأولى تشير إلى إستواء وتسوية يقام عليها دين الله الحنيف والذى من المفترض أن تكون متوافق
عليها من جميع أتباع الكتب السماوية " التوراة والإنجيل والقرءآن" .
الكلمة السواء
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ (1) وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً (2) وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ (3). فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْبِأَنَّا مُسْلِمُونَ" آل عمران 64 .
نفهم من سياق هذه الآية الكريمة أن الشروط لكى تكون مسلما حنيفا يجب أن تنطبق عليك الشروط الثلاثة المذكورة فى الآية أعلاه وهم : 1- أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ ، 2- وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً ، 3- وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ . فإن لم تنطبق عليك هذه الشروط أو أعرضت عنها أوبعضها : فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْبِأَنَّا مُسْلِمُونَ " بمعنى أنك ليس من المسلمون المعنيين فى هذه الآية الكريمة.
هذه الآية تعتبر قاعدة قرءآنية موجهة إلى أتباع التوراة والإنجيل و القرءآن، لحل مشاكلهم والنزاعات القائمة بينهم .
1- الخطوة الأولى : أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ
كل الكتب السماوية تقر بأن الذى يستحق العبادة هو الإله الخالق الواحد وأنه هو الرب الواحد الأحد الذي يستحق السمع والطاعةَ .
نقرأ فى القرءآن الكريم : أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (سورة البقرة 133)
إيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "الفاتحة 5. والآيات كثيرة ..
2- الخطوة الثانية: وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً
هذه الخطوة الثانية والتى جاءت متضامنة مع الخطوة الآولى ولكن بأسلوب النفى لزيادة التأكيد فقال سبحانه : لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهاً آخَر " الإسراء 22.
الخطوة الأولى والثانية يتفق عليها معظم أتباع الكتب الثلاث بغض النظر عن بعض التفسيرات، ولكن المشكلة الحقيقية تبدأ حين تطبيق الخطوة الثالثة.
3- الخطوة الثالثة : " وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ "
الخطوة الثالثة هى لُب المشكلة لأنهم جميعا يتناسون أويتجاهلون لسبب أو آخر هذه الخطوة الثالثة وبسببها إختلفت الأمة وإنقسمت وتناحرت وفى بعض الأحيان تصل إلى القتل المتعمد. لن يعترفوا بأنهم عبدة علماؤهم ومشايخهم ورهبانهم وأحبارهم الذين هم السبب الأول فى غرس الطاغوت فى أذهان وقلوب العامة فكانت النتيجة فرق ومذاهب ومدارس وجماعات كلها تعبد هذا الطاغوت الموروث إتخذوا هؤلاء مشرعين من دون الله سبحانه فإتبعوهم ودافعوا عنهم بالمال والنفسوالنفيس.
وتناسوا قول الله تعالى:
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " (سورة التوبة 31
فهؤلاء ليس مسلمين لرب العالمين وقد بين الله وأكد على ذلك فى القرءآن الكريم الذى هو هدى للناس فقال عز من قائل :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) (سورة آل عمران
نلاحظ أن الكلمة السواء لم يذكر فيها أى إسم لنبى أو رسول أو حتى مؤمن صالح، هذا يدل على أن الله سبحانه وتعالى لم يربط الدين بأى شخص ويكون الدين كله لله خالصا لا شريك معه باى صورة من الصور أو بأى شكل من الأشكال. ولكنهم شخصنوا الدين وكل حزب وكل فرقة وضعت شخص ما أى أن كان كنبى أو رسول وحتى وضعوا بعض البشر العاديين مع الله سبحانه يشرعوا لهم ويفتوا لهم ويتبعونهم وأدخلوا فى ذهن الناس أن هذا هو التدين السليم المعصوم من الخطأ فنتج عن ذلك فرق ومذاهب لا حصر لها وكلها تكفر بعضها البعض وفى داخل كل منها تضارب وإختلافات وصل الحد إلى التكفير وفى بعض الأحيان إلى القتل.
المقصود من الكلمة السواء أن تكون رسالات الله هى الركيزة التى يبنى عليها التدين بالإسلام السليم وليس فى أقوال البشر أى قداسة فالرسالات هى أهم بكثير من الرسل والأنبياء فما بالكم بأشخاص مجرد أنهم إجتهدوا فأصابوا وأخطؤا.
وفى نفس الوقت يحاولوا بكل الطرق والأشكال إلى إبعاد الناس عن رسالات الله سبحانه ووضعوا فى أذهان العامة أن إتباع السلف وما كتبوه هو الدين السليم ونسوا ما جاء فى كتاب الله الكريم - القرءآن - من تحذيرات نذكر منها البعض عل سبيل المثال لا الحصر:
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (سورة المائدة 104
قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا:
ما وجدوا عليه أباءهم هو مجرد إجتهاد شخصى منذ ثلاث عشر قرنا، فهل من الحكمة أن نظل عاكفين على أقوال بشر فسروا القرءآن الكريم بمفهومهم الشخصى ووفق معايير أكل عليها الدهر وتغيرت المفاهيم والعلم عما كان منذ ثلاثة عشر قرنا. وألأدهى من ذلك أن الله وصف هؤلاء الذين كتبوا هذه الأسفار والكتب وصفهم بلا يعلمون ولا يهتدون، فكيف نتبع ما جاء عن أشخاص قال عنهم ربهم أنهم لا يعلمون ولا يهتدون فهل ذلك من الحكمة فى شيء .
هذا يعنى أن آباؤهم ليس لديهم العلم وهم ليس مهتدون ، إذن كيف نتبع ما جاؤا به من أحاديث وروايات التى لا تهدى إلى شيئ، وإفتروا على الله ورسوله الكذب ، والله سبحانه قرر أن ما يقولون وما يفعلون مبنى على الظن .
وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ " (سورة يونس 36
فكيف إستطاعوا خداع الناس وتحويل التدين إلى أساطير وروايات متبعين فى ذلك اقاويل منهج بنى إسرائيل فلنقرأ قول الله فى ذلك :
يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (سورة آل عمران 78
يا أهل الحديث لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون؟ وتنسون الكلمة السواء.
وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85) (سورة النمل
أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ؟... ياأهل العنعنة وقيل وقال وسمعنا وروى...
ماذا ردكم يا سادة يا كرام ... كيف يكون موقفكم يوم التغابن والذى قال عنكم رسول الله الكريم :
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (25:30
القرءان الكريم الذى فيه آيات بينات ومفصل يوضح لنا نتيجة إتباع ما وجدنا عليه آباءنا ويوضح أيضا عدم فهم معنى الكلمة السواء بمتطلباتها الثلاث التى ذكرت فى الآية الكريمة أعلاه فيقول سبحانه:
وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (17:46
وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (39:45
وإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ " (سورة الحج 72
أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .... هذا هو مصير من يتبع ما ألفينا عليه آباءنا الذين لا يعلمون ولا يهتدون ... فتخلصوا من هذه الأسفار والكتب والعنعنة التى فرقت الأمة شيعا وأحزابا والله سبحانه حذرنا من ذلك:
وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) (الروم 31 - 32
إتباع ما ألفينا عليه آباءنا يقودنا إلى الشرك ويكون مصيرنا النار وعدها الله الذين كفروا واشركوا فتخلصوا من هذا التراث الذى لا يصلح فى القرن الواحد والعشرون وتخلصوا من التدين الأرضى وإتبعوا الكلمة السواء التى تحل الخلافات وكل المشاحنات حول أشخاص ومعتقدات ما أنزل الله بها من سلطان .
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ " (سورة غافر 44
وصدق الله العظيم...