نموذج كيوبلر والصبر في القرآن

لطفية سعيد في الأربعاء ١٢ - ديسمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

عن تقبل الصعاب يكون حوارنا اليوم .. أولا ما الصعاب التي نقصد أو بعض الأمثلة لها ؟

الإنسان في حياته حتما  يواجه صعوبات عدة تتراوح في درجة صعوبتها و تتفاوت في حدتها ما بين فقد عزيز تارة،  أو الابتلاء بمرض عضال أو حادثة أليمة تارة اخرى .. واحيانا يكون التخلي عنك من قبل عزيز أنت في أمس الحاجة إليه  مسببا لحدوث المرض العضال نفسه .. يتباين كل شخص عن الآخر في قدر تحمله أوفي قدر محاولته السيطرة على مشاعره عندما تواجهه هذه الصعوبة  أمام الآخرين ،و لكن هذا لا يعني أن الشخص الذي يستطيع السيطرة على نفسه أقل شعورا بالألم من غيره ، بل هو فقط استطاع أن يؤجل مشاعره إلى وقت يخلو  فيه بنفسه !! ولا أطيل عليكم في المقدمة فقد عقدت مقارنة بسيطة بين دراسة لطبيبة سويدية لمراحل الحزن.. تسمى نموذج كيوبلر مع نموذج قرآني يختصر كل مراحل الدراسة إلى مرحلة واحدة ..وبكل إعجاز نسجد لآياته الكريمة تصديقا وتسليما .. و سأترككم أولا مع الدراسة التي أجيرت لمراحل الحزن الخمسة عندما تلم بالإنسان مصيبة ما .. قامت بها الطبيبة النفسية السويدية ( إليزابيث كيوبلر روس) في كتابها الصادر عام 1969، وقد نقلت لكم ما قرأت عن هذا : (نموذج كيوبلر روس المعروف بـِ مراحل الحزن الخمسة (بالإنجليزية : Kübler-Ross model, Five Stages of Grief) هوَ نموذَج يَصِف خمس مراحِل للطريقة التي بتعامَل الإنسان مع الحزن الناتِج عن المصائب، خاصّة لو كان الشخص قد شُخّص بمرض قاتل أو عانى من خسارةٍ كارثية.

عرضت النموذج للمرة الأولى طبيبة النفس السويدية إليزابيث كوبلر روس في كتابها الصادر عام 1969 تحت اسم عن الموت والوفاة، والتي استوحتها من عملها مع مرضى العضال وقد وجه الكتاب الوعي العام إلى أهمية التعامل بحساسية أكثر مع الأفراد المصابين بالأمراض القاتلة

مراحل الصدمة النفسية الخمسة

  • الانكار -- "أنا بخير"، "لا يمكن أن يحدث هذا، ليس لي.": الإنكار عادة ما يكون مجرد دفاع مؤقت للفرد. هذا الشعور عامة يُستبدل بالوعي الشديد بالمواقف والأفراد التي سَتُترك بعد الموت.

  • الغضب -- "لم أنا؟ هذا ليس عدلاً"، "كيف يحدث هذا لي؟"، "من المُلام على ذلك ؟": ما أن يدخل الفرد المرحلة الثانية حتى يدرك أن الإنكار لا يمكن أن يستمر، بسبب الغضب الذي ينتاب الفرد يصبح من الصعب جداً رعايته لما يكنه من مشاعر ثورة وحسد.

ـ المساومة -- "فقط دعني أعيش لرؤية أطفالي يكبرون."، "سأفعل أي شيء من أجل أن تعود لي": المرحلة الثالثة تحتوي على الأمل بأن الفرد يمكنه فعل أي شيء لتأجيل الموت أو الفقد. عادة ما تتم المفاوضة مع قوى عليا (الإله مثلاً).

  • الاكتئاب -- "سأموت على أي حال، ما الفائدة من اي شيء سأفعله؟"، "لقد رحلترحل، لماذا أستمر بعدهبعدها؟": يبدأ الفرد في المرحلة الرابعة في فهم حتمية الموتالفقد ولهذا يصبح المرء أكثر صمتاً ويرفض مقابلة الزوار ويمضي الكثير من الوقت في البكاء. تسمح هذا المرحلة للفرد بقطع نفسه عن الأشياء الأشخاص المحبوبة له. من غير المنصوح به أن تتم محاولة إبهاج الفرد الذي يمر بهذه الحالة لأنها حالة يجب أن يمر بها ويتعامل معها.

  • التقبل -- "ما حدث حدث ويجب أن أكمل الطريق"، "لا فائدة من المقاومة، من الأفضل أن استعد لما سيأتي": تمد المرحلة الأخيرة الفرد بشعور من السلام والتفهم للفقد الذي حدث القادم. عامة سيفضل الفرد في هذه المرحلة أن يُترك وحيداً، بالإضافة لذلك قد تنعدم لديه مشاعر الألم، وتعد هذه المرحلة نهاية الصراع مع الفقد.) إلى هنا انتهت الدراسة

ـ  أما القرآن فقد قرانا في آياته الكريمة نموذجا معجزا اختصر كل المراحل إلى مرحلة واحدة بدأ من حيث انتهت الدراسة فقد عرفنا من الدراسة خمس مراحل للحزن ..من إنكار وغضب ومساومة واكتئاب  .. و كان (التقبل ) أخر تلك المراحل.. عندما يتقبل الإنسان ما حدث له ويبدأ بالتصرف بعقلانية وتسليم .. فقد قدم لنا القرآن وصفة معجزة لمن أراد أن يسيطر على نفسه سماها القرآن (الصبر) وقد قرنها (بالصلاة).. حتى تؤتي ثمارها .. وهي في إمكان الخاشعين من العباد.. ميسرة لهم ..فكل امرئ يمكن أن يكون ضمن الخاشعين بشرط أن يقرن الصلاة  بالصبر.. وهو فقط بالطبع من يظن نفسه ملاقي ربه وراجع إليه :

(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ( البقرة 46)

والابتلاء شيء مقصود كنوع من الاختبار على وجود الصبر ..  وحددت الآية أنواعا من الابتلاء: الخوف والجوع ونقص من الثمرات والنفس .. وقد جعل رب العزة  الصلوات من ربهم جزاء لهذه الفئة الصابرة .. ووصفهم بالمهتدين .. قال تعالى :


(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ( 155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ( 156أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157 البقرة)

وبعد لا ننسى أن ذكر الله سبحانه بمعناه الواسع يطمئن القلوب : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)



ودائما، صدق الله العظيم

اجمالي القراءات 9203